“بما أنّ ثلاثة مديرين قد تعاقبوا على هذا المكان، فقد نُفِدَت الميزانيّة المُخصَّصة للتّشغيل منذ زمن.”
كان وجهه المعبّر عن الأسف بنبرةٍ جامدة، وقحًا بلا خجل.
شحبت ملامح ديانا.
“إن رغبتِ، يمكنني أن أقدّم لكِ المدير الأخير الذي تولّى الكازينو. لكن لا أظنّ أنّه سيكون ذا نفع، على الأرجح مشغولٌ بالبحث عن مكانٍ يختبئ فيه.”
“أن تُطلب منّي إعادة ترميم هذا المكان من دون مال! هذا غير معقول!”
بدأ هذا الطّلب السّخيف يتسلّل إلى جلدها شيئًا فشيئًا.
‘لا تتحدّث بهذه البساطة عن شيءٍ بهذه الصّعوبة!’
“من الظّاهر للعيان أنّ هناك أماكن عدّة بحاجة إلى إصلاح. أليس هناك ما تبقّى من الميزانيّة؟ ولو قليلاً؟”
“أبدًا.”
سحب إيان أحد الكراسي من حوله بصوتٍ مسموع.
وما إن اتّكأ عليه، حتّى تناثر الغبار العالق عليه في الهواء.
“فكّري في الأمر. صحيح أنّ الكازينو قد أصبح كالسّوق المهجور، لكن هل يُعقل أن نوقف التّشغيل لمجرّد هذا؟”
ماذا يعني بذلك؟
“السبب الحقيقيّ لإغلاق كازينو القصر الملكيّ هو أنّ الموزّع كان متواطئًا مع أحد اللاّعبين.”
“……عفوًا؟”
“في البداية، عندما أوكلتُ الأمر لأحد مرؤوسيّ، كان المكان على الأقل يبدو مقبولًا إلى حدٍّ ما. ولكن بما أنّ الزّبائن من النّبلاء الأجانب، فالإدارة لم تكن سهلة.”
أخرج إيان علبةً صغيرة مربّعة الشّكل من جيبه.
أخرج منها سيجارًا بنيًّا، وأدخل إصبعه في أداةٍ غريبة.
تأخّرت ديانا قليلًا في إدراك أنّها قاطعة سيجار.
“لذلك عيّنتُ مديرًا متخصصًا بالإدارة. بدا عليه الجِدّ في البداية، لكنّه لاحقًا بدأ يسرق الميزانيّة ويُدَوِّن الحسابات كما لو أنّه يكتب على خرقة ممزّقة.”
تشقّق.
كان صوت قطع طرف السّيجار واضحًا على نحوٍ غريب.
ما الذي يعنيه بذلك؟
في كلّ مرّة تتحرّك فيها أصابع هذا الرّجل النّاعم، يسقط جزءٌ صغيرٌ من السّيجار المقصوص بلا قوّةٍ إلى الأرض.
ديانا شعرت بأنّ قاطعة السّيجار هذه تحمل رهبةً لا تفسير لها، فجمد تعبيرها.
“ثمّ طردته فورًا وجلبتُ آخر، لكنّه بدوره بدأ يسرق قطع الأثاث القيّمة من الكازينو شيئًا فشيئًا. وعندما استبدلها بأغراض عتيقة، تحوّل المكان إلى هذا الحال.”
“……”
“وأخيرًا، وبعد أن فكّرت طويلًا، اخترتُ شخصًا آخر. ولكن يبدو أنّ الموزّع قد شارك في التّلاعب بالنّتائج. لا أعلم إن كان ذلك باتّفاقٍ مع المدير أم لا.”
“هذا إذًا هو السبب الحقيقيّ لإغلاق الكازينو.”
العدالة.
إنّ مبدأ الشّفافيّة أهمّ من الدّيكور الرّث أو الميزانيّة المفقودة في الكازينو.
عندها فقط أدركت ديانا أنّ الرّجل الذي توسّل لإيان في حفل الحديقة هو نفس المدير الأخير الذي أدار الكازينو.
‘أرجوك! فقط امنحني وقتًا إضافيًّا… في المرّة القادمة، بالتّأكيد…!’
كان ذلك الرّجل هو المدير الأخير.
تذكّرت بوضوح كيف كان يتوسّل إلى إيان بعد فشله في القبض على الموزّع المتورّط في التّلاعب.
‘ربّما ينتهي بي المطاف في نفس موقفه.’
وما إن أدركت ذلك، حتّى شقّ صوت قاطعة السّيجار أُذنيها من جديد.
شعرت بقشعريرة تسري على ظهرها.
“سأمنحكِ شهرًا واحدًا.”
الرّجل الذي يرتدي الظّلال كأنّها عباءة ابتسم في الظّلام.
إيان أخذ ينظر إلى أطراف السّيجار المقصوصة ويضعها داخل العلبة.
“من الأفضل أن يُعاد افتتاح الكازينو خلال هذه المدّة. أمّا ما عدا الميزانيّة، فسأحاول تقديم أقصى ما أستطيع من دعم.”
“أنتَ تعلم أنّه لو كانت هناك ميزانيّة، لما احتجتُ إلى أيّ دعمٍ آخر، أليس كذلك؟”
“وأنا واثقٌ من أنّكِ لن تطلبي منّي ما لا أملكه.”
نبرته القاطعة وضعت حدًّا للكلام.
“وماذا إن لم أستطع؟”
“انظري إلى هناك.”
ابتسم إيان ابتسامةً باردة، وأشار إلى أحد أركان الكازينو.
“اكتشفتُ حديثًا أنّ خلف جدران المبنى توجد فراغات أكثر ممّا كنتُ أظنّ.”
“……”
“حتى لو اختفى شخص أو اثنان بداخلها، لن يلاحظ أحد.”
هل تودّين التّجربة؟
بدلًا من أن يسألها، ابتسم كالثّعلب.
كذبةٌ واضحة لا لبس فيها. فهو ابن دوق، ويملك بالتّأكيد وسائل أكثر سهولة لإخفاء جثّة.
لكن القشعريرة التي أصابتها لم تستطع إنكارها.
‘هل جننتُ؟’
تهديده كان بارعًا لدرجة تُثير الغثيان، ما جعل ديانا تكتفي بالتّحديق به صامتة.
“أتساءل، يا آنسة ديانا، بأيّ وسيلة ستُخرِجين نفسكِ من هذا المأزق.”
“……”
“أنا متشوّقٌ جدًا لمعرفة ذلك.”
وقف إيان من مقعده.
فتات السّيجار تحت قدمه قد سُحِق حتّى لم يعد يُرى شكله الأصليّ.
“فلنعد الآن.”
داخل الكازينو السّاكن، ظلّ إيان واقفًا يحدّق بها، ولا زالت ابتسامته الباردة مرسومة على وجهه.
—
داخل العربة في طريق العودة، عمّ الصّمت كأنّه كان متّفقًا عليه.
والأصحّ، أنّ إيان تحدّث عن عدّة أمور، لكنّ صمت ديانا هو ما خلق هذا الهدوء التّام.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 17"