### الفصل التاسع
كان شعورٌ بالضيق يعتري داليا، لكنْ بما أنّها نجحتْ في تهدئة جنون بايرون، فقد بات من المؤكّد أنّه لن يُستدعى المزيد من المخلوقات الشيطانية بعد الآن.
“لا يهمّ كثيرًا، أليس كذلك؟”
واصلتْ داليا قراءة الكتاب بنهمٍ.
بجوار الجملة التي قرأتْها لتوّها، كانت هناك ملاحظة صغيرة مكتوبة بخطٍ يختلف عن خطّ الكتاب نفسه.
<من الناحية الإحصائية، يبدو أنّ المرء يستطيع استخدام نصف قوّته فقط.>
“هل كتبها شخصٌ آخر؟”
كانت تلك الملاحظة هي كلّ شيء.
ربّما كتبها شخصٌ سبق له استدعاء مخلوقٍ شيطاني.
أثناء قراءتها الشرح التالي، تفاجأتْ داليا بما كُتب في بداية الصفحة الأخيرة.
<المخلوق الشيطاني الذي يُستدعى إلى عالم البشر يمكن أن يُستدعى أمام المستدعي في أيّ وقتٍ بناءً على إرادته، حتّى لو كان بعيدًا.>
“يُستدعى؟ هل هذا يعني أنّني أستطيع استدعاء بايرون في أيّ وقتٍ ومن أيّ مكان؟”
تمتمتْ داليا لنفسها وهي تقرأ الكتاب مستلقيةً، ثمّ شعرتْ بألمٍ في ذراعها فاستدارتْ لتستلقي على ظهرها.
وضعتْ الكتاب جانبًا، ونظرتْ إلى نقوش السقف، تتأمّل الجملة الأخيرة التي قرأتْها.
“هل حقًا إذا أردتُ، سيظهر بايرون أمامي؟”
‘لا، مستحيل.’
مدّتْ داليا يديها للأمام وقالت:
“استدعاء! وكأنّ بايرون سيظهر هكذا…”
قبل أن تُكمل جملتها، لمعت عيناها بضوءٍ ذهبيّ.
أغمضتْ داليا عينيها بذعرٍ.
فجأةً، شعرتْ باهتزاز السرير **تشلنغ**.
فتحتْ عينيها بسرعةٍ من شدّة المفاجأة، فوجدتْ وجه بايرون أمامها مباشرةً.
تقابلتْ أعينهما.
شعرتْ داليا بأنفاسه القريبة جدًا، فأصابها الذعر.
كان قربه المفرط ربّما بسبب استدعائها له وهي مستلقية على السرير، فهبط فجأةً فوقها.
كان يستند بذراعيه لمنع جسده من ملامستها، ونظرتْ إليه عيناه بنظراتٍ حارّةٍ ومشتعلة.
غاصتْ في عينيه الرماديتين العميقتين، كأنّها ستُسجن بداخلهما.
ظلّتْ تحدّق بعينين متسعتين دون أن تتمكّن من النطق بكلمةٍ واحدةٍ.
كانت تلك اللحظة التي تقابلتْ فيها عيناهما قصيرةً جدًا، لكنّها بدتْ وكأنّها ساعاتٌ طويلة، تمرّ ببطءٍ وسرعةٍ في آنٍ واحد.
توقّف الوقت كما لو كان مجمّدًا، حتّى نطق باسمها فانساب الزمن من جديد.
“داليا.”
كان نطق اسمه لها من فمه حلوًا للغاية، كأنّها تذوّقت قطعة سكّر.
رغم قتامة عينيه الرماديتين، بدتْ نظراته حلوةً ومغرية، فشعرتْ داليا وكأنّها عاجزةٌ عن الحركة.
ابتسم بايرون وهو يراها مأخوذةً، ابتسامةً كأنّها ابتسامة وحشٍ يغري فريسته، فاضطربتْ حواسّها.
“هل اشتقتِ إليّ؟”
عند هذا السؤال، استعادتْ داليا روحها التي كادتْ تُفقد من الذهول، فأجابتْ بسرعةٍ:
“آه، ليس الأمر كذلك…!”
“لمَ لمْ تُخبريني، داليا؟ لو فعلتِ، لتركتُ كلّ شيءٍ وهرعتُ إليكِ.”
ابتسم بايرون ببريقٍ ساحرٍ وهو يُرجّع خصلات شعر داليا المبعثرة خلف أذنيها بحرصٍ.
انثنى ذراعه الذي كان يستند إليه على السرير ببطءٍ.
مع اقتراب وجهه أكثر، صرختْ داليا في ذعرٍ:
“العمل أولًا، أليس كذلك؟!”
كان القرب بينهما الآن أشدّ، لدرجةٍ أنّ أيّ حركةٍ قد تجعل شفتيهما تتلاقيان.
“همم.”
شعرتْ داليا بحرارة أنفاسه القريبة، فاحمرّ وجهها خجلًا.
ضحك بايرون بهدوءٍ وهو يراها تكاد تُدمع من شدّة الخجل، ثمّ لامس أنفه أنفها بلطفٍ **طق**.
“لن ألتهمكِ.”
رفع بايرون رأسه ببطءٍ وتحرّك إلى الجانب.
نهضتْ داليا من السرير بسرعةٍ وجلستْ إلى جانبه، تنظر إليه وهو يجلس بجوارها.
“بهدوءٍ.”
ابتسم بايرون لها، ثمّ لاحظ الكتاب المفتوح بجانبها.
“كنتِ تقرئين الكتاب؟”
“نعم!”
أجابتْ بحماسٍ مبالغٍ فيه، فتجعّد جبين بايرون قليلًا كأنّ شيئًا لم يُعجبه.
“داليا، أنا لستُ رئيسكِ في العمل، أنا زوجكِ.”
“ماذا؟”
لم تفهم كلامه، فمالت رأسها متسائلةً، فضحك بايرون بوهنٍ وقال:
“لا، لا بأس. سنتقرّب ببطءٍ.”
نهض بايرون من السرير ومدّ يده لها.
لم تستطع داليا أن تتجاهل إشارته، فأمسكتْ يده ونهضتْ من السرير.
وقفا وجهًا لوجه، فسألها:
“كنتِ تقرئين عن الاستدعاء؟”
أومأتْ داليا برأسها وقالت:
“كُتب أنّ المخلوق الشيطاني المستدعى يمكن استدعاؤه مجدّدًا بإرادة المستدعي، لكنّني لم أصدّق ذلك فجرّبتُ فجأة…”
“آه، إذن هذا سبب استدعائكِ لي؟”
أومأتْ برأسها بخجلٍ، وكتفاها مطويان.
رجّع بايرون خصلةً من شعرها خلف أذنها مرّةً أخرى كما فعل من قبل.
“ظننتُ أنّكِ اشتقتِ إليّ فشعرتُ بالحماس، أليس كذلك؟”
ارتجفتْ داليا من حلاوة همسه في أذنيها، كأنّهما تذوبان.
ضحك بايرون بمرحٍ وهو يرى ارتباكها، ثمّ أمسك يدها بقوّةٍ أكبر.
“استدعيني متى شئتِ. فإنّ نداءكِ سيظلّ دائمًا مبهجًا بالنسبة إليّ.”
لم تكن مجرّد كلمات.
شعرتْ داليا بوضوحٍ بسعادةٍ غامرة تنبعث منه.
كما فاجأتها مشاعره التي شعرتْ بها بالأمس، لكنّ القلق كان أقوى هذه المرّة.
‘هل يمكن أن يشعر هو أيضًا بمشاعري؟’
“ما رأيكِ أن نتناول العشاء معًا الآن؟”
لم تستطع داليا أن تسأله، فاكتفتْ بإيماءةٍ بالموافقة على سؤاله.
* * *
كان هذا أوّل عشاءٍ يجمع داليا وبايرون منذ وصولها إلى دوقية إندلين.
على عكس نيتها في تناول وجبةٍ بسيطة، تحوّل الأمر إلى مأدبةٍ فاخرة بفضل بايرون ولورين.
أُضيئت الثريا في غرفة الطعام ببريقٍ ساطع، وزُيّن المقعدان الرئيسيّ والجانبيّ على الطاولة الطويلة بأبهى حلّةٍ للمأدبة.
عندما دخلتْ داليا غرفة الطعام مع بايرون، اتّجهتْ بحدسٍ إلى المقعد الجانبيّ، لكنّ بايرون قادها إلى المقعد الرئيسيّ وسحب الكرسيّ لها.
“هنا.”
“لكن…؟”
في المآدب، كان المقعد الرئيسيّ مخصّصًا دائمًا لربّ الأسرة.
بفضل التفاصيل المذكورة في العمل الأصليّ، لم يكن من الصعب عليها قبول هذه القواعد أو التصرّف بناءً عليها.
لكنّ تصرّف بايرون المفاجئ أربكها.
تردّدتْ داليا ولم تجلس، فأمسك بايرون كتفيها بلطفٍ وقادها للجلوس.
“أنتِ سيّدتي، أليس كذلك؟”
عندما ظلّتْ متردّدةً، جلس بايرون بسرعةٍ إلى جانبها وقال:
“إن شعرتِ بالإزعاج، فليكن هذا لليوم فقط. إنّها مأدبتنا الأولى معًا.”
أومأتْ داليا بتردّدٍ، فرفع بايرون يده.
حمل الخدم المقبّلات ووضعوها أمامهما.
نظرتْ داليا إلى الطعام المزيّن بأناقةٍ وحاولتْ طرد أفكار العمل الأصليّ من رأسها.
شعرتْ بنظرات بايرون فأمسكتْ الشوكة بسرعةٍ وبدأتْ الأكل.
خوفًا من أيّ حوارٍ قد ينشأ، ركّزتْ داليا على الطعام فقط.
لكنّ نظراته ظلّت ملتصقةً بها بإصرارٍ.
لم تنفكّ تلك النظرات حتّى قدّم الطبق الرئيسيّ.
عندها فقط رفعتْ داليا رأسها لتنظر إلى بايرون.
على عكسها، لم يمسّ مقبّلاته ولا طبقه الرئيسيّ، كلاهما ظلّا كما هما.
الوحيد الذي أفرغه كان كأس الشمبانيا المسكرة أمامه.
بينما كانت تتفحّصه، لاحظتْ أنّ وجهه يبدو أكثر إرهاقًا من الأمس.
ومع ذلك، كان وسيمًا بشكلٍ ساحر.
شعره الأسود المبعثر بعفويّة، حاجباه الكثيفان المعقودان قليلًا، أنفه الأنيق، وشفتاه الأكثر عمقًا وجاذبيةً من النبيذ أمامها.
رغم الظلال الداكنة تحت عينيه، كانت عيناه الرماديتان تلمعان ببريقٍ مبهر.
لم تستطع داليا أن تشيح بنظرها عنه.
بينما كانت تتأمّله مأخوذةً، لاحظ بايرون نظراتها فمالت رأسه متسائلًا:
“هم؟ هل هناك شيءٌ تريدين قوله؟”
لم تستطع أن تقول إنّها كانت تحدّق به لجماله، فتردّدتْ قليلًا ثمّ سألته عن حاله:
“هل أنتَ لم تنم؟”
عند سؤالها، اتّسعت عينا بايرون ثمّ ضيّقتا وهو يبتسم بسعادةٍ لا يخفيها.
“هل تقلقين عليّ؟”
اقترب منها أكثر، مبتسمًا بإشراق، فاحمرّ وجه داليا دون أن تدري.
كان شيطانًا بالتأكيد.
لا بدّ أنّه شيطانٌ يمتلك موهبة سحر البشر بوجهه.
“أنا بخير. فقط، هناك الكثير من العمل.”
استند بايرون إلى ذقنه، مستمتعًا بقلقها عليه.
توقّفتْ داليا لحظةً عند قوله إنّ لديه الكثير من العمل، ثمّ سألته بحذرٍ:
“هل هذا بسببي؟”
في العمل الأصليّ، لم تكن داليا وبايرون قد تزوّجا برغبتهما.
كان أتباع بايرون هم من قلقوا على الخلافة فبحثوا عن عروسٍ له، بينما جاءتْ داليا بنفسها بعد أن عجزتْ عن رؤية والدها يعاني من ضغوط دوقية إندلين.
لم يكن هذا الزواج رغبةً مشتركةً ولا لمصلحة العائلة.
في مثل هذه الظروف، وبعد أن زال جنون بايرون وعادت الدوقية إلى مسارها الصحيح، ربّما أصبح وجود داليا عائقًا.
فبمجرّد أن استعاد ربّ الأسرة وعيه، أصبحت الزوجة التي جاءت من زواجٍ لم يُرغب فيه، والتي لا تملك سوى جمالها من عائلة هيكتول الفقيرة، عبئًا.
ربّما بدأت أصواتٌ في العائلة تطالب بإبطال الزواج.
ظهر القلق واضحًا على وجهها، فاقترب بايرون بكرسيه منها.
* * *
المترجمة:«Яєяє✨»
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 9"