1
### الحلقة الأولى
“ها، سأجنّ.”
تأكّدتُ وأنا جالسةٌ متكئةٌ على الباب أنّه لا يُسمع أيّ صوتٍ من الخارج، ممّا يعني أنّ المطاردين ربّما مرّوا دون أن يجدوا أثري.
أطلقتُ زفرةَ ارتياحٍ، ثمّ أجهدتُ ساقيّ لأنهضَ من مكاني.
كان القماش الذي يتدفّق على جسدي ناعمًا بشكلٍ مبالغٍ فيه.
فستان النّوم الذي أُلبستُه لليلة الأولى كان رقيقًا وخفيفًا، مثاليًّا لإغراء أحدهم.
بالطّبع، لم يكن هذا الفستان خياري.
لا بدّ أنّ داليا قد ارتدته قبل أن أنتقلَ إلى جسدها.
“لماذا، حتّى لو انتقلتُ إلى جسدٍ آخر…!”
لماذا كان عليّ أن أنتقلَ إلى شخصيّةٍ مصيرها الموت؟
قبل ساعةٍ واحدةٍ فقط، لقيتُ حتفي في حادثٍ غير متوقّع، وعندما فتحتُ عينيّ، وجدتُ نفسي هنا.
فور أن استيقظتُ، أدركتُ أنّني انتقلتُ إلى روايةٍ بائسةٍ لا أتذكّر حتّى عنوانها.
والعجيب أنّني، بينما أتذكّر لحظة موتي وتفاصيل الرّواية الأصليّة بوضوح، لا أستطيع تذكّر أيّ شيءٍ عن حياتي السابقة قبل موتي.
مهما حاولتُ أن أتذكّر، كلّما ازداد وضوح ذكريات الرّواية الأصليّة وذكريات صاحبة هذا الجسد فقط.
“سأجنّ.”
كلّما تذكّرتُ، أصبح مصير الموت القريب أكثر وضوحًا، ممّا جعلني أشعر بالإحباط إلى درجة الجنون.
عندما أخفضتُ رأسي، لمحتُ خصلاتٍ ذهبيّةً تنساب برفقٍ بين يديّ.
داليا إندلين.
لفترةٍ وجيزةٍ، كانت داليا تحمل اسم عائلة إندلين الدّوقيّة، لكنّها شخصيّةٌ ثانويّة تموت مع بداية الرّواية الأصليّة.
ومن يقتلها؟ البطل الرّئيسيّ، الدّوق بايرون إندلين.
تبدأ الرّواية الأصليّة بموت داليا.
داليا، التي زُوّجت قسرًا بحجّة وراثة العائلة، تُقتل في الليلة الأولى بعد زواجها على يد البطل الرّئيسيّ، بايرون، الذي فقد عقله في نوبة جنون.
ثمّ تُنسى داليا تمامًا من النّاس، كما لو أنّها لم تكن موجودةً أصلًا.
في النّصف الثّاني من القصّة، تدخل البطلة الرّئيسيّة، التي كانت مُعتقلةً ومُقيّدةً بسبب جنون بايرون، إلى مكتبة الدّوقيّة عن طريق الصّدفة، فتستدعي شيطانًا.
تستخدم البطلة الشّيطان الذي استدعته لتهدئة جنون الدّوق بايرون، ثمّ يتأكّدان من مشاعرهما تجاه بعضهما وتنتهي القصّة بنهايةٍ سعيدة.
بعد أن تذكّرتُ الرّواية من بدايتها إلى نهايتها، قرّرتُ داليا أن أبذل قصارى جهدي لأعيش.
قرّرتُ أن أكون أنا من تستدعي الشّيطان الذي كان من المفترض أن تستدعيه البطلة الأصليّة لتهدئة جنون الدّوق.
بالطّبع، هذا سيُفسد الرّواية الأصليّة، لكنّ الأولويّة الآن هي أن أنجو بنفسي.
“أن أموتَ ثمّ أموتَ مرّةً أخرى بعد ذلك؟ هذا ظلمٌ كبير!”
نظرتُ داليا بحذرٍ إلى محيطها.
هذا المكان المليء بالكتب كان مكتبة الدّوق إندلين، حيث أجرت البطلة الأصليّة طقس الاستدعاء.
تذكّرتُ داليا بسرعةٍ الجزء المتعلّق بطقس الاستدعاء الذي نفّذته البطلة في الرّواية.
كانت ذكرياتي واضحةً بشكلٍ لافت، خاصّةً بسبب الوصف الدّقيق لموقع الكتاب وشكل دائرة الاستدعاء.
“في المكتبة، على الرّف السّادس من الجهة اليمنى عند الدّخول، في الطّابق السّادس، الخانة السّادسة.”
خشيتُ أن تدخل الخادمات اللواتي ربّما يبحثن عنّي إلى المكتبة، فتحرّكتُ بسرعة.
“وجدته!”
لحسن الحظّ، كان الكتاب الذي يحتوي على دائرة الاستدعاء موجودًا كما هو.
أخرجتُ كتابًا مغلّفًا بقماشٍ مخمليّ أسودَ دون عنوان، وفتحته.
ظهرت عدّة دوائر استدعاء مرسومة برسوماتٍ غريبةٍ وكتاباتٍ بلغةٍ غير مفهومة.
“قالت إنّها تشبه شكل النّفل.”
لحسن الحظّ، لم تكن دوائر الاستدعاء كثيرةً، فوجدتُ بسهولةٍ تلك التي تشبه النّفل.
على الرّغم من وضوح ذاكرتي، لم أستطع قراءة الكتابات الموجودة على دائرة الاستدعاء.
“قالت إنّها لغةٌ قديمة.”
لكنّ ذلك لم يكن مشكلة.
تذكّرتُ بوضوح الكلمات التي نطقتها البطلة، لذا سيكون كافيًا أن أردّدها كما هي.
نظّمتُ الدّائرة المرسومة بشكلٍ يشبه النّفل بعناية، وتنحنحتُ.
“همم.”
كانت الكلمات التي يجب أن أقولها للاستدعاء محرجةً بعض الشّيء.
نظرتُ داليا حولها بحذرٍ، ثمّ ردّدت الكلمات التي قالتها البطلة الأصليّة أثناء الاستدعاء.
“أتوسّل إليك بشدّة، استجب لاستدعائي. أنصت إلى استغاثتي وامنحني إجابتك التي أحتاجها!”
‘أرجوك، فلتنجح! أرجوك!’
هل وصلت رغبتي الحارّة؟
بدأت الكتابات على دائرة الاستدعاء تدور كما لو أنّها ترقص، ثمّ استمرّت في الدّوران بسرعةٍ مذهلة.
“أرجوك…!”
ثمّ، فجأةً، بدأت دائرة الاستدعاء تتلألأ بلونٍ ذهبيّ.
“مهلاً؟ ذهبيّ؟”
صُدمتُ داليا وهي ترى دائرة الاستدعاء الذهبيّة.
ذهبيّ؟!
كان من المفترض أن تتلألأ دائرة استدعاء البطلة الأصليّة بلونٍ أزرق داكن.
لقد حدث خطأٌ ما.
تضخّم اللون الذهبيّ تدريجيًّا، وبدأ يبتلع داليا التي شعرت باليأس.
أغمضتُ داليا عينيها بقوّة أمام اللون الذهبيّ اللامع الذي يضيء العالم بأسره، رغمًا عن إرادتها.
– خطوة –
سمعتُ صوت خطواتٍ عند أذني الحسّاستين بعد إغماض عينيّ.
صوت خطوات في مكتبةٍ كانت خاليةً تمامًا؟
هل نجح الاستدعاء فعلًا؟
ربّما، من يدري، حتّى لو لم يكن الشّيطان الذي استدعته البطلة الأصليّة، ربّما استدعيتُ شيطانًا يمكنه مساعدتي.
فتحتُ داليا عينيها بسرعةٍ وهي مليئةٌ بالأمل.
لكنّ فرحتها لم تدم طويلًا.
شعرتُ داليا برغبةٍ في الانهيار على الفور.
قالت البطلة الأصليّة إنّ دائرة الاستدعاء الزرقاء الدّاكنة أخرجت أرنبًا صغيرًا تحدّث إليها.
أرنبٌ صغيرٌ وظريف جدًّا.
لكن، أين ذهب الشّيطان الذي يشبه الأرنب الذي استدعته البطلة الأصليّة؟ بدلًا منه، وقف رجلٌ ضخمٌ وقال لداليا:
“من أنتِ؟”
بصوتٍ أجشٍّ خشن، جلستُ داليا في مكانها، تنظر إلى الرّجل في ذهول.
“لا، لماذا خرجتَ أنتَ من هناك…؟”
كان الرّجل هو البطل الرّئيسيّ في الرّواية، وزوج داليا الجديد، الدّوق بايرون إندلين.
بايرون إندلين.
رجلٌ يحمل دماء الشّياطين بقوّة، فيغرق أحيانًا في نوبات جنونٍ يفقد فيها صوابه، لكنّ قوّته الهائلة جعلته يقضي على غابة الوحوش، ممّا أكسبه إعجاب النّاس كبطلٍ رئيسيّ في الرّواية.
شعرٌ أسودٌ داكنٌ كما لو أنّ الظّلام نفسه قد هبط، وعينان رماديّتان عميقتان قادرتان على أسر النّاس بنظرةٍ واحدة.
نظرةٌ مليئةٌ بالقتل، ملابسٌ ممزّقة، ودمٌ يقطر من يديه.
كان تمامًا كما وُصف في الرّواية عندما يغرق في الجنون.
بأجواءٍ حادّةٍ كأنّها ستقطّع كلّ من يقترب، نظرتُ داليا إليه دون أن تتمكّن من التّنفّس.
ثمّ، عندما بدأ يقترب بخطواتٍ بطيئة، استعادتُ وعيي.
كان يقترب بتعبيرٍ غامض، كأنّه ملاك الموت الذي يأتي لمعاقبتي لمحاولتي تغيير الرّواية.
هل يعاقبني لأنّني تجرّأتُ على السّعي وراء ما كان من المفترض أن تقوم به البطلة، ولتلاعبي بالرّواية؟
مع صوت خطواته المتقدّمة – خطوة، خطوة – ارتجفت شفتا داليا من الخوف.
خطوة، خطوتان.
شعرتُ وكأنّ صوت خطواته هو عقارب السّاعة التي تقترب من الموت، فتراجعتُ داليا بغريزةٍ إلى الخلف.
ثمّ، بدا أنّ خطوات بايرون البطيئة بدأت تتسارع.
صرختُ داليا مذعورةً:
“لا تقترب!”
مع صرختها المرعوبة، توقّفت خطوات بايرون فجأة.
فوجئتُ داليا وفتحت عينيها على اتّساعهما.
نظر بايرون إلى داليا وعبس بوجهه.
كانت نظرته تعبّر عن استياءٍ ما.
لم أتمكّن من إخفاء ارتباكي وقلتُ:
“لا، أقصد… إذا اقتربتَ هكذا…”
عندها، بدأ بايرون يتقدّم نحوي مرّةً أخرى.
مع نظرةٍ أكثر شراسةً من قبل، صرختُ داليا مرّةً أخرى من الخوف:
“توقّف!”
مع صرختي الثّانية، توقّفت خطوات بايرون كما لو أنّه آلةٌ تعطّلت.
ظهر الارتباك والدّهشة بوضوحٍ على وجه بايرون وهو ينظر إليّ.
أدركتُ داليا أنّه لم يعد بإمكانه الاقتراب بعد أن قلتُ “لا تقترب” و”توقّف”.
حينها، أدركتُ الحقيقة.
لم يفشل الاستدعاء، بل الشّيطان الذي استدعيته هو بايرون نفسه.
الشّيطان المستدعى لا يمكنه رفض عقد مع السّاحر، ولا يمكنه قتله مهما حدث.
إذًا، بايرون لن يتمكّن من قتلي مهما حدث.
أطلقتُ داليا زفرةَ ارتياحٍ مطمئنّة، لكن فجأة، رفع بايرون زاوية عينيه وابتسم.
“اسمكِ؟”
بوجهٍ يشبه قاضيًا صاعدًا من الجحيم، سألني عن اسمي، فتوسّلتُ دون وعيٍ ألّا يقتلني.
“لا، لا تقتلني… أرجوك…”
كان ذلك غريزيًّا.
على الرّغم من علمي بأنّ الشّيطان المستدعى لا يمكنه قتل السّاحر، توسّلتُ داليا أن أبقى على قيد الحياة.
نظر بايرون إليّ بنظرةٍ غريبةٍ لفترة، ثمّ أمال رأسه وكأنّه متعجّب.
“لماذا؟”
بدت هيئته وكأنّه يقول إنّه سيتابع الرّواية كما هي إن لم أخبره باسمي، فارتجف جسد داليا بالكامل.
في هذه اللحظة، بدأتُ أتساءل إن كانت الرّواية بائسةً أم مرعبة.
في اللحظة التي استعددتُ فيها للصّراخ “توقّف” إذا اقترب، فوجئتُ بردّ فعله.
فجأة، ركع بايرون على ركبةٍ واحدةٍ، خفض مستوى عينيه، وابتسم لي ببريقٍ وقال:
“لماذا أقتل سيّدتي، هاه؟”
“ماذا…؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "1"