4
فتحَ إيان فمه.
يبدو أنّه أدركَ الأمر أخيرًا.
“أنتِ…!”
“إذا أرَيتني ذلك مرّةً أخرى، سأحتفظ بالسرّ.”
في الماضي، لم تكنْ أميليا تعرف تفاصيل المحادثات عن الزواج، لكنّني الآن أعرف، فكان بإمكاني التهديد.
مددتُ إصبعي الصغير و أنا أعده بحفظ السّر.
تنهّدَ إيان وعلّق إصبعه بإصبعي.
“هاه، حسنًا، سأريكِ.”
“آه!”
صفّقتُ بحماسٍ، فتنهّد إيان مرّةً أخرى.
أمسكَ إيان قبضته اليُمنى بخفّة، ثم فركَ إبهامه وسبّابته معًا، و فتح كفّه.
“إنّها… جميلةٌ حقًّا.”
اشتعلتْ نارٌ ساحرةٌ من يده التي كانت خالية.
كان لهبًا رائعًا يشبه إيان، يسرق أنظار الجميع.
“لديّ شيءٌ مثل هذا أيضًا. انظر!”
توقّفت عينا إيان عليّ.
حاولتُ إبهاره بإظهارِ قوّتي بأناقة.
“آه!”
لكن، تحوّلت قطرة ماءٍ قفزت فجأة من يدي إلى تيّار، فأطفأت لهب إيان.
تجمّدتْ الأجواء في لحظة.
“……”.
يدُ إيان، التي كانتْ تشتعل بالنّار قبل قليل، أصبحت مبللةً بالماء.
من شدّة ارتباكي، تحرّكتْ عيناي الكبيرتان يمينًا و يسارًا .
لكن…
“بف!”
سمعتُ ضحكة إيان فوقَ رأسي وأنا في حيرة.
نظرتُ إلى إيان، الذي كانَ أطول منّي برأسٍ كامل.
خلفه، كانت الشمس تغرب، وأشعتها تتّجه نحوي.
“لديكِ قدرةٌ رائعةٌ أيضًا.”
مسحَ إيان عينيه، وكأنّه بكى من شدّة الضّحك، ثم ابتسمَ لي بحرارة.
“حتّى لو أخطأتُ، يمكنكِ حمايتي.”
في تلكَ اللحظة، شعرتُ بالارتياح من كلمات إيان.
آه، هكذا كنتَ تعيش هذهِ الأيّام.
كنتَ قلقًا طوال الوقت من أن تؤذي أحدًا بقوتك الثمينة.
“هذا…”
بينما كنتُ أمسكُ يد إيان لأكمل كلامي،
“أميليا!”
“يا إلهي! ليا! ما الذي حدث؟”
“يا للهول!”
تدفّق الجمهور فجأة.
كانوا يحملون الجواهر التي نثرتها لتهيئة الطريق.
…لكنهم سيعيدونها، أليس كذلك؟
لا، هذا ليس المهم.
“ليا، اخرجي بسرعة! هل أصبتِ؟ هل أنتَ بخير، سيدي الأمير؟”
نظرتُ إلى إيان مرّةً، متجاهلةً كلام والدي.
يبدو أنّ إيان كانَ يفكّر في كيفية تبرير الأمر أمام عيني والده، الدّوق فيسبيرد.
لكن، يا إيان، السّقوط في الماء لن يكون شيئًا.
لأنّ لديّ خطتي الأخيرة.
“أبي! انظر إلى هذا!”
ضممتُ كفّيّ ثم فتحتهما لأُظهر يديّ.
تجمّعت أنظار الضّيوف البارزين عليّ.
لكن سرعان ما تحوّلت تلكَ الأنظار إلى مكانٍ آخر، ليس إلى تيّار الماء الأزرق الذي خرج من يدي.
“يا إلهي!”
“تلك النار!”
ردًّا على تيّار الماء من يدي، اشتعلت نارٌ رائعةٌ من يد إيان بحدّة.
“…إنّها نار فيسبيرد!”
صرخَ أحد النبلاء.
بدت عينا إيان متفاجئتين قليلًا من اللّهب الكبير الذي خرج َمن يده.
نظرتُ إليه و رسمتُ ابتسامةً راضية.
طريقةٌ لإعلام العالم بقوّته دون خرق وعدي معه.
إيان الحالي، الذي لم يتلقَ بعد تدريب الوريث، لا يعرف ذلك.
‘الزّوجان المرتبطان بالقدر اللذان شاركا تجربة قدراتهما معًا، سيظلان يتفاعلان مع بعضهما لاحقًا حتمًا.’
هذا عرضُ زواجي، يا إيان.
تحتَ اسم الرفيق المرتبط بالقدر، هذا عزمي لحمايتكَ هذه المرّة.
سنتزوّج قبلَ عامين من الماضي.
أنتَ و أنا، يجب أن نبدأ تدريبًا خاصًّا من الآن لتطويع مهاراتنا الضعيفة.
‘آه آه!’
‘أميليا!’
حتّى لا نصل إلى الهلاك مرّةً أخرى.
أنا مَنْ سأحمي زوجي!
مَنْ يلمسُ زوجي الآن سيلقى حتفه!
***
“أليست القدرة تنتقلُ إلى الابن الأكبر فقط؟”
“لكن تلكَ النّار هي بالتأكيد نار فيسبيرد!”
الشيء الأوّل الذي حاولتُ تغييره في هذه الحياة
كانَ تعجيل زواجي من إيان.
لأجله، كشفتُ عن قوّته للعالم مبكرًا.
“ما الذي يحدث؟”
أخفّض النبلاء المتحدّثون أصواتهم ، لأنّهم لاحظوا نظرات الدّوق بجانبهم.
“سمعة عائلة فيسبيرد في خطر.”
نظر الدّوق ببرود إلى ابنه المبلل و قال.
كانَ واضحًا أنّ الدوق يودّ طرح أسئلةٍ كثيرةٍ على إيان، لكنّه كان يتحكّم بنفسه لتجنّب الإشاعات.
حين حاولتُ التحدّث دفاعًا عن إيان، تقدّم إيان أمامي.
“الخطأ خطأي.”
أوه، هل ستتصرّف ببطولةٍ هكذا؟
لكن لا فائدة! انظر إلى عيني الدّوق فيسبيرد المرعبتين!
رفعتُ يديّ و تلوّيتُ.
“لا! سموّ الأمير أنقذني من السّقوطِ في الماء!”
“كما هو متوقّع من فيسبيرد.”
وافقَ النّبلاء على كلامي.
كانَ فضولهم حول كيف أشعل الابن الثاني النار أمرًا ثانويًّا.
لكن إرضاء الدّوق لكسب منفعةٍ كان شأنًا آخر.
لم يستطع الدّوق توبيخ ابنه الذي أنقذ ابنةً نبيلة، فأغلق فمه.
إيان، الواقف بجانبي، همسَ بصمتٍ و شفتيه مغلقتين.
“ما الذي تفعلينه؟”
“……”.
“هل تعرفين ماذا فعلتِ للتوّ؟”
رددتُ عليه بنفس الطريقة، مغلقةً شفتيّ.
إيان البالغ 12 عامًا كانَ مختلفًا عن إيان المستقبليّ.
كانَ من المؤكّد أنّه مرتبكٌ من كشفِ قدرته فجأة، لكنّ كلامه و سلوكه كانا مختلفين عن إيان المستقبليّ، الذي كانَ يقتل نفسه يوميًّا.
يبدو أنّه، لأنّه لم يخفِ قدرته لوقتٍ طويل، لم تتعمّق صراعاته بعد.
كانَ إيان الصغير واثقًا.
منذ لحظة لقائنا الأولى، كانَ هنا الفتى المتألّق الذي لا يمكن نسيانه بجماله.
“يا سيّدتي! ضعي هذا بسرعة، ستُصابين بالبرد! و سيدي الأمير أيضًا…”
جاءت الخادمات بمناشف كبيرة و قامت بلفّي انا و إيان بها.
نظر إيان إليّ و أنا ملفوفةٌ بالمنشفة الكبيرة.
“يا للهول، انظري إلى خدّيكِ الورديّين المحمرّين. يبدو أنّكِ تشعرين بالبرد. ألستِ تشعرين بالبرد؟”
فحصتْ الخادمة جسدي بعنايةٍ و هي تمسحه.
كانَ إيان يراقب كلّ حركاتي بعناية تحت يدي الخادمة.
كانت نظرته نظرةً لا يمكنني فهم ما تفكّر به.
نظرتُ إليه باستغراب، فتجنّب إيان عينيّ وهو يتذمّر.
“قلتِ إنّكِ ستحتفظين بالسرّ، لكنّ الجميع عرفَ الآن.”
“همم… لم يكن ذلك مقصودًا، لكنّه حدث. أعتذر، سموّ الأمير فيسبيرد!”
قلّدتُ حركة الانحناء، فضحكَ إيان بسخريةٍ وكأنّه لا يُصدّق.
إيان البالغ 12 سنة كان ألطفَ ممّا توقّعت.
الآن و أنا أنظر إليه، يبدو قليلًا… وقحًا أيضًا.
“آه، لقد تبلّلنا تمامًا. يجب أن نغيّر ملابسنا بسرعة.”
اقترب والدي و رفعني بين ذراعيه.
حاولتْ الخادمات منعه خوفًا من تبلّله، لكنّه ضحك و قال إنّه بخير.
“سنلتقي مجدّدًا، سموّ الأمير.”
لوّحتُ لإيان بيدي.
محتفظةً بنظرته نحوي في قلبي.
***
“آه، يا ابنتي! في يومٍ سعيدٍ كهذا، ما الذي حدث؟”
وضعني والدي أمام نارِ الموقد، فتجمّعت الخادمات لتجفيف شعري و جسدي المبللين.
كان والدي و والدتي قلقين من إصابتي بالبرد، فلم يتوقّفا عن لمسِ وجهي.
تشوّهت خدّاي الممتلئان تحت أيديهما القلقتين.
أمي، أبي…
هذا لن يمنعَ البرد إذا كنتُ سأصاب به…..
“هل أصبتِ؟ يا إلهي، كم كنتُ خائفة!”
حبّ والديّ لابنتهما لا يمكن إيقافه.
لكن المهمّ الآن ليس هذا!
لإتمام خطتي، أضأتُ عينيّ بعزم.
“أبي!”
لاستهداف والدي، المغرم بابنته، تشبّثتُ بساقه.
ثم رفعتُ رأسي، لمعتْ عيناي الكبيرتان بحيث لا يستطيع رفضي.
“آه، يا ابنتي، هل أنتِ متألمة؟”
“لا!”
ليس هذا…
أشرتُ لوالدي بيدي لينخفض، و فتحتُ ذراعيّ.
فانحنى والدي لتصبحَ عيناه في مستواي.
“اسمع…”
كأنّني أشارك سرًّا، اقتربتُ يدي الصغيرة من أذنه و همستُ بهدوء.
“مَن يكون سموّ الأمير فيسبيرد؟”
“هم، للدوق الأكبر ابنان. الأمير الذي رأيتِه اليوم هو الأصغر.”
“كم عمره؟ إنّه طويلٌ هكذا!”
وقفتُ على أطراف أصابعي و مددتُ يديّ فوق رأسي.
ضحكت الخادمات اللواتي كنّ يجفّفنني، وكأنّني لطيفة.
“حسنًا…”
تذكّرَ والدي محادثته مع الدوق، وأغلقَ فمه بجديّة بينما كان الجميع يعملون.
بفضل جهود الجميع، جفّ جسدي، وألبستني الخادمات ملابس جديدة بسرعة.
“قال إنّ الفارق ثلاث سنوات، لذا يجبُ أن يكون الآن في الثانية عشرة.”
“واو، إذن لا يفصلنا سوى سنتين؟ ومع ذلك هو طويلٌ هكذا!”
“إذا أكلتِ كثيرًا، سوف تكبرينَ بسرعةٍ أيضًا، ليا.”
مسحَ والدي رأسي بحنان و قال.
أبي كاذب.
مهما أكلتُ، لن أصبحَ طويلةً مثل عائلة فيسبيرد!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"