“آنستي، ماذا بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟”
في خضمّ الرعب من الموت، لم أكن أسمع شيئًا، حتى وصلتني أخيرًا أصوات شخص ما.
رفعت رأسي، فوجدت أمامي شخصًا لا يُفترض أن يكون موجودًا.
“سيري…؟”
“يا إلهي! آنستي، لماذا تبكين؟ هل أنتِ بخير؟”
“لماذا سيري…؟”
فجأة، اجتاحني ضيق تنفّس، فانفتح فمي تلقائيًا.
“هاهـ… هاههـ…”
لم أتمكّن من حماية إيان، بل اندمجت مع انفجاره.
إيان، الذي أحتقر قدرته طوال حياته ولم يستخدمها أبدًا، فقد السيطرة عليها.
وذلك من أجل زوجته التي تجنّبها طوال حياته.
بما أن إيان لم يستخدم قدرته من قبل، فمن الطبيعي أنني، التي لم أحتضنه قط، لم أتمكّن من حمايته.
لكن…
“لم أتمكّن من حمايته… هيء… آههـ..”
“آنستي، ما الذي حدث؟ أخبريني!”
عينا إيان الحمراوان اللتان التقيتهما آخر مرة وسط النيران المتصاعدة.
عيناه اللتين كانتا تحاولان حمايتي بيأس، كانتا واضحتين في ذهني.
“يا إلهي، ليا! لماذا تبكين؟!”
انتفضتُ عند سماعِ صوتٍ آخر ورفعت رأسي.
عندما رأيت الوجه أمامي، لم أتمالك نفسي إلا وأنا أركض نحوها.
أمي.
أمي التي كانت تصلّي كل يوم من أجل ابنتها التي غادرت حضنها في سنّ صغيرة.
“ما هذا الذي يحدث؟ وفي صباح يوم ميلادكِ العاشر الذي انتظرناه بفارغ الصبر!”
يوم ميلاد…؟
…عشر سنوات؟!
نسيت دموعي ونظرت إلى أمي.
قبل أن أغادر إلى الشمال للزواج.
كانت هي، كما رأيتها آخر مرة.
“يا إلهي، كيف أصبح وجه كنز عائلة دايليروز هكذا؟ سيري، هل يمكنكِ إحضار منشفة مبللة؟”
مسحت أمي عينيّ المليئتين بالدموع بحركات معتادة.
“ما الذي حدث؟ أنتِ لستِ مريضة، أليس كذلك، ليا؟”
عندما ربتت عليّ، دفنت وجهي في حضنها.
<على أي حال، ألستم زوجين بالاسم فقط، دون أن تتشاركا الحب؟>
كان شعورًا دافئًا مختلفًا تمامًا عن لمسة جوزيف التي بدت كما لو أن مئات الحشرات تزحف عليّ.
بظهور أمي، تمكّنت من الابتعاد خطوة عن تلك الذكريات المرعبة.
“ليا، هل رأيتِ حلمًا سيئًا؟”
هززت رأسي يمينًا ويسارًا.
ابتسمت أمي براحة خفيفة.
مررت يدها بلطف لتثبّت شعري خلف أذني.
“كلا.”
أن يكون وجود إيان حلمًا…
كلا، ليس حلمًا، لا يمكن أن يكون حلمًا.
بل ربما هذه اللحظة هي الحلم الذي أراه لأنني لم أتقبّل الموت.
عانقت أمي وأنا أدفن ارتباكي.
كان حضنًا دافئًا اشتقت إليه لوقتٍ طويل.
“حسنًا، المهم أنكِ هدأتِ. اليوم يوم سعيد، أليس كذلك؟ انظري إلى الخارج.”
رفعتني أمي وهي تعانقني.
رأيت من النافذة أناسًا يتحرّكون بنشاط.
“نحن نزيّن الحديقة بأشياء تحبّينها فقط. هل تريدين رؤية الفستان والحذاء اللذين أعددتهما لكِ؟”
أشارت أمي بعينيها، فأظهرت سيري الفستان والحذاء الجديدين.
فستان وردي مزيّن برباطات وكشاكش رائعة.
حذاء مزيّن بكريستالات متلألئة.
‘كيف يمكن أن يكون الأمر متطابقًا لهذه الدرجة؟ حتى لو كان حلمًا.’
قرصت خدّيّ، فضحكت أمي.
“ليا، هل أنتِ سعيدة لهذه الدرجة؟ تريدين التأكّد إن كان حلمًا؟”
ابتسمت أمي بحنان وهي تداعب أنفها بأنفي، لكن…
كانت أفكاري الآن مشوّشة.
إذا كان هذا المكان حقيقيًا، وعدتُ إلى سن العاشرة.
كلا، حتى لو كان حلمًا.
إذا كنتُ قد عدت.
بلعت ريقي وأنا أترك خدّيّ الناعمين.
“أريد أن أستعد للحفل مع سيري الآن!”
كنت بحاجة إلى وقت للتفكير.
* * *
“يا إلهي، آنستي! يليق بكِ جدًا.”
أثنت سيري وهي تزيّن شعري.
“سيري… هل سيأتي الكثير من الناس اليوم؟”
يومُ ميلادي العاشر.
يوم لا يمكنني نسيانه أبدًا.
“بالطبع! إنه يوم ميلاد آنستي، فهذا متوقّع.”
“إذًا، ربما…”
أخذت نفسًا عميقًا وتابعت:
“هل سيأتي أحد من عائلة الدوق فيسبيرد؟”
تجمد وجه سيري للحظة ثم عاد ليبتسم.
“كيف تعرفين عائلة الدوق فيسبيرد، آنستي؟”
“لأنها العائلة الأكثر شهرة في الإمبراطورية…”
عبثت بأصابعي.
حاولت تمثيل دور طفلة لا تعرف شيئًا، لكن عندما ذكرت اسم عائلة الدوق فيسبيرد، شعرت بألم في صدري.
تذكّرت نظرات إيان الدافئة التي كانت تراقبني بلطف رغم المسافة بيننا.
قامته الطويلة التي تنظر إلى الجميع بإستخفافٍ، وجسده المشدود كأنّه منحوتٌ بدقةٍ لا مثيل لها.
وجهه الوسيم الذي أُعجبت به نساء الإمبراطورية.
وخاصة عيناه الحمراوان الجميلتان، اللتين كانتا دائمًا متألّقتين بنبل.
لكن في اللحظة الأخيرة، كان وجه إيان مشوّهًا بالذنب والألم وسط النيران العاتية.
“صحيح، إنها العائلة الأكثر شهرة ورقيًا. الحفلات التي يحضرها الدوق تكون عادة تلك التي تُنظّمها العائلة الإمبراطورية فقط. ويقال أن الحفلات التي يحضرها فيسبيرد تكون هي الأكبر والأهم في الإمبراطورية.”
رمشت بعينيّ الكبيرتين منتظرة كلامها التالي، داعبت سيري خدّي بحذر وابتسمت.
كانت تنظر إليّ كما لو كنت طفلة بريئة بأمنية لطيفة.
“لكن للأسف، المسافة بعيدة جدًا بين عائلة الدوق ومنزل الفيكونت. رغم أن آنستنا تبدو اليوم رائعة لدرجة تجعل حتى العائلة الإمبراطورية تندم على تفويتها!”
كانت كلمات سيري صحيحة.
عائلة الدوق ليست متفرّغة لزيارة ابنة فيكونت عادية.
لكنني أعرف.
من سيحضر إلى يوم ميلادي العاشر.
إذا كان هذا المكان حقيقة تكرّر الماضي.
ربما أستطيع… أن أنقذك، يا إيان.
* * *
عندما امتلأت الحديقة بالضيوف، نقر أبي بملعقة على كأس الشمبانيا لجذب الانتباه.
“الآن، اليوم هو يوم ميلاد ابنتي الحبيبة إميليا العاشر. أشكركم من قلبي لحضوركم.”
بين ذراعي سيري، بدأت أتلوّى لتنزلني.
عندما تمايلت أطرافي الصغيرة في الهواء، أضاءت عيون النبلاء بالمحبة.
“الآن، الآنسة الصغيرة لم تعد طفلة، بل أصبحت فتاة. انظروا إلى شعرها الذهبي المتدفق وبشرتها النقية. ويديها الصغيرة جدًا!”
“النبلاء الذين لديهم أبناء سيبدأون بالاهتمام بها. إنها تليق بعائلة دايليروز التي اشتهرت بنسائهم الجميلات.”
“لكن، ابنة وحيدة لزوجين سعيدين مثل الزوجين دايليروز، لن يكون أي سيّد عادي كافيًا.”
لكن سبب تململي كان شيئًا آخر.
“حسنًا، هل نرسل تحية إلى الذين جاءوا للاحتفال، يا ليا؟”
أمسك أمي وأبي بيديّ لأحيّي الضيوف.
في تلك اللحظة،
“وصل سمو الدوق فيسبيرد!”
تفاجأ الجميع بهذا الخبر وأخذوا يتهامسون.
‘كما توقّعت…’
ابتلعت ريقي.
يوم ميلادي العاشر.
كان هناك شعورٌ بالإثارة لأن عمري أصبح من رقمين، لكن السبب الذي جعل ذلك اليوم لا يُنسى كان مختلفًا.
“من… من قالوا؟”
“لماذا يأتي سمو الدوق إلى هنا…؟ والشاب بجانبه، أليس هو الابن الثاني لعائلة الدوق؟ حقًا، كما سمعنا، وسيم بشكلٍ مذهل.”
“لكن لماذا الابن الثاني وليس الأكبر…؟”
“هل يمكن أن تكون تلك الإشاعة صحيحة؟”
تدفّقت الأسئلة والأحاديث من كلّ جانب.
عندما تأخّرت قدرات جوزيف في الظهور، انتشرت إشاعة في الإمبراطورية.
تساءلوا إن كانت قدرة جوزيف قد انتقلت إلى إيان.
كنت في العاشرة أميل رأسي متعجبة من ردود البالغين.
“فيكونت دايليروز.”
ضيف غير مدعو.
لكن كانت لديهِ هيبةٌ تؤكّد أن لا أحد يستطيع إيقافه.
وخلفه، كان هناك فتى يجذب أنظار الجميع بمجرد رؤيته.
الابن الثاني لعائلة الدوق فيسبيرد.
إيان فيسبيرد.
بشعرهِ الأسود، إحدى أهم صفات نسل عائلة الدوق.
نظر إليّ فتى بعينين حمراوين جميلتين بنظرة ثابتة.
وجوده، الذي لم يطغى عليه حتى كاريزما الدوق العظيمة، جعل النبلاء يفتحون أفواههم بالإعجاب.
“طلبتُ مراتٍ عديدة، لكن الدعوة لم تصلني أبدًا، يا فيكونت دايليروز.”
“سيدي الدوق، كان من المفترض أن نناقش هذا على حدة…!”
“كلا، بما أنني جئت بنفسي من أجلك، فلا داعي للقلق.”
على عكس كلماته التي بدت مراعية، كانت عيناه ونبرته باردتين، وكأنه قد يؤذي من أمامه في أي لحظة.
جمدت مشاعره المزعجة الجميع.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"