كشف كاليوس شعر ديليا الفضي خلف أذنها تحت نسيم البحر. نظر إليها طويلًا، وسأل بنبرة أكثر جدية: “وماذا عنكِ؟”
“ماذا…؟”
“كيف كان يومكِ؟”
كانت عينا كاليوس تلمعان ببريق لم ترَ مثله من قبل.
بدتا أجمل من البحر الأزرق أو الجواهر الباهظة، كأنّهما ستجذبانها إليهما.
‘لا، لا يجب أن يكون هكذا.’
كان عليها إبعاد كاليوس، لكن كلما تحدثت معه، شعرت قلبها بالحرارة. عضّت ديليا شفتيها حتى نزف الدم، مدركة أنّ هذا خطأ.
“يجب أن نعود إلى العربة الآن.”
“…هل يجب الذهاب الآن؟”
“إذا تأخرنا، سنصل عند الفجر، وسيفتقد آرون وقت نومه ويشعر بعدم الراحة.”
نهضت ديليا بسرعة.
نفضت التراب عن ملابسها، فنهض كاليوس ببطء، وكأنّه غير راضٍ.
“أمم …”
“نعم، لنعد إلى المنزل بسرعة.”
داعبت ديليا شعر آرون، واستدارت تاركة كاليوس خلفها.
نظر إليها وهي تبتعد بتعبير مرير.
***
أثناء السفر بالعربة، ساد جوّ محرج بينهما. بينما كانت ديليا تنظر خارج النافذة بصمت ، قبض كاليوس يده حتى برزت عروقه.
كان يرغب بالحديث معها، يسألها عن حياتها، وصعوبات تربية آرون. لكن، بسبب أخطائه الكبيرة في الماضي، لم يستطع فتح فمه بسهولة.
بينما كان كاليوس غارقًا في التفكير، ظهر الكوخ من بعيد، و اقترب تدريجيًا. عندما توقفت العربة، نهضت ديليا، وحملت آرون النائم بحذر.
“سأدخل أولًا.”
“حسنًا، ادخلي بحذر. إذا احتجتِ شيئًا، أرسلي رسالة متى شئتِ.”
نزلت ديليا من العربة ببطء، وأومأت لكاليوس.
وقف كاليوس عشر دقائق يراقبها وهي تدخل المنزل.
“سموّ الدوق، يجب أن نتحرك الآن.”
“حسنًا، لنذهب.”
صعد كاليوس إلى العربة مكرهًا.
نظر إلى الكوخ وهو يبتعد بتعبير مليء بالأسف. ثمّ، عبث في معطفه، وأخرج شيئًا—صدفة صغيرة جمعها مع آرون على الشاطئ.
رفع كاليوس الصدفة الشفافة تحت ضوء الشمس. لمعت من زوايا مختلفة ، كأنّها خاتم زواج. ابتسم و هو يتخيّل ديليا تملكها.
كان يعلم أنّ اقترابه يخيف ديليا، لكنّه لم يستطع التوقف عن محاولة التقرّب. كانت ديليا سبب حياته الوحيد.
بدونها، لكان كإنسان بلا روح. لذا، حتى لو كان أنانيًا، لم يستطع التخلي عنها، ولا عن آرون، ابنهما الوحيد.
بينما كان كاليوس غارقًا في التفكير، ظهر مبنى مختلف عبر النافذة. كان قصرًا مزخرفًا بالذهب والجواهر—القصر الإمبراطوري الوحيد في العاصمة.
“مكان مقيت حقًا …”
بالنسبة للعامة، كان القصر مكانًا لا يُطال، لكن بالنسبة لكاليوس، كان مجرّد مكان تسبّب في صراعاته مع ديليا، فظلّ عابسًا طوال الطريق.
مرّت العربة بقصر الإمبراطور، ووصلت إلى قصر الأمير الأوّل. بدا كاليوس راضيًا إلى حدّ ما عن حالة قصر الأمير الأوّل مقارنة بقصر الإمبراطور.
نهض كاليوس، وفتح الباب المغلق.
بينما كان ينزل، شعر بحضور يقترب.
رفع رأسه، ورأى إيدين يبتسم بحرارة.
“إذن؟ هل استمتعت بالموعد؟”
كان كاليوس، عندما فقد ذاكرته، باردًا جدًا. حتى عندما توسّلت زوجته بحبّه، كان ينظر إليها بازدراء ويمضي.
لكن كاليوس الذي استعاد ذاكرته كان مختلفًا.
كان يعاني كثيرًا من ذكريات أفعاله الماضية.
يا لقسوة الحاكمة ، لمَ فرّقت بين عاشقين؟
نظر إيدين إلى الندبة المخفية تحت كمّ كاليوس وجسده الناقص يومًا بعد يوم، وزفر.
“على الأقل، من حسن الحظ أنّ زوجتكَ على قيد الحياة.”
قبل أيام، سمع إيدين خبرًا مذهلًا: ديليا، التي ظنّها ميتة، تعيش في غابة بعيدة عن العاصمة، وقد أنجبت طفلها بسلام.
كان كاليوس متحمسًا وهو يتحدّث، كأنّ حبيبته عادت من العالم الآخر. لو ماتت ديليا حقًا، كيف كان حاله؟
بدا كاليوس سعيدًا بصدق.
كان إيدين مجرّد حليف له، لكنّه شهد جنونه على مدى سنوات. تمنّى أن يتصالح كاليوس مع ديليا ويستعيد استقراره قريبًا.
“شكرًا على اهتمامكَ.”
“أعتقد أنّ الدوق سينجح. فهو يحبّ زوجته ويفكّر بها أكثر من أيّ شخص.”
وافق كاليوس على كلام إيدين. حتى لو كان زوجًا سيئًا، كان مستعدًا لفعل أيّ شيء من أجلها. شكر إيدين على دعمه، وتحدّث بنبرة أكثر سريّة: “لكن، هل كنتَ تعلم أنّه شارك في الحرب هذه المرّة؟”
“مم؟ من تقصد؟”
“أتحدّث عن لورين، الذي حاول إيذائي وإيذاء زوجتي.”
توقّف إيدين عن التنفّس للحظة.
سمع أنّ لورين كان محبوسًا في غرفته بعد حادثة الإمبراطور، لكنّه لم يتخيّل أنّه شارك في حرب مملكة جلاديوس.
أمام أفعال لورين الجامحة، زفر إيدين بحزن.
“هل ستكشف كلّ شيء في مأدبة النصر؟”
أغلق كاليوس فمه، غارقًا في التفكير.
كان الإمبراطور يعلم بأفعال لورين، لكنّه لم يسجنه أو يجرّده من لقب الأمير. إذا استمرّ الأمر ، قد يرتكب لورين المزيد من الأفعال. اضطر كاليوس لإيقافه قريبًا.
“يبدو أنّه يجب عليّ ذلك.”
“حسنًا، كما توقّعت.”
حتى لو كان أخًا غير شقيق، أحبّ إيدين لورين و حاول حمايته. لكن، لم يستطع تجاهل شخص يقتل الأبرياء.
تخيّل إيدين نهاية لورين المأساوية القادمة، وأبدى تعبيرًا معقدًا.
‘أخي، انظر إلى هذا!’
‘ليس أخي، بل سيدي!’
‘لكن، كلمة أخي تبدو أكثر قربًا…’
كان لورين يبدو مظلومًا. بدا متعبًا من عدم قدرته على مناداة أخيه بحرية، والاضطرار إلى التصرّف بأدب دائمًا.
تفهّم إيدين ذلك، فركع على ركبة واحدة، وداعب شعر لورين المكتئب.
…نعم، كان هكذا بالتأكيد … في الماضي.
كيف وصل الأمر إلى هذا الحدّ الأسوأ؟ تذكّر إيدين لورين الذي كان يناديه “أخي” بحماس ، و لورين الذي فقد ابتسامته بعد وفاة والدته.
هل كان عليه توجيه لورين؟ لو فعل، هل كان ليتغيّر لورين إلى الأفضل؟ مدّ إيدين يده إلى النسيم، وأبدى تعبيرًا مؤلمًا.
***
في ساعة متأخرة ، حيث لم يبقَ سوى الظلام ، نزل كاليوس من العربة ببطء.
نظر إلى قصر الكونت ، الذي بدا وكأنّ الغربان ستصرخ فيه، وضحك بسخرية.
في السنوات الأخيرة، واجهت عائلة سيلشستر كارثة.
كان السبب فشل مشروع تجاري كرّس له الكونت كلّ جهده.
اشترى الكونت حقوق تعدين مناجم من عدّة أماكن ، لكنّه صُدم عندما اكتشف أنّ الشخص الذي نقل إليه الحقوق كان محتالًا مشهورًا.
نتيجةً لذلك ، تراكمت ديون ضخمة بإسم الكونت ، و أفلس فجأة ، و أصبح كونتًا بالاسم فقط. تبعًا لذلك ، تلاشت إيفلين ، التي كانت نجمة المجتمع الراقي ، من دوائر النبلاء.
في الحقيقة، عندما قدّمت إيفلين حقوق تعدين الياقوت ، توقّع كاليوس ذلك إلى حدّ ما. فالعقود المبهمة لا يقدّمها إلّا المحتالون عادةً. لكن ، لم يتوقّع أن يوقّع الكونت العقد و ينفّذه.
هل يُسمّى هذا سذاجة أم غباء؟ ترك كاليوس الحديقة الجافة خلفه ، و طرق الباب المغلق. سُمع صوت خطوات في الرواق ، ثم فُتح الباب على مصراعيه.
“تفضّل، سموّ الدوق”
“… مرّ زمن ، آنسة سيلشستر”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "95"