“أظنّ أنّ الشخص الذي حاول إيذائي حينها كان الأمير الثالث”
تركت ديليا إيدن المذهول خلفها ، و شرحت واحدًا تلو الآخر و ببطء أسباب اتهامها للأمير الثالث بالجرم.
مؤخرًا ، عندما أُصيب أخي جيريمي بجروح خطيرة ، كان يستضيف الأمير الثاني. كما أنّ المشتبه به قادر على دخول منازل النبلاء الكبار بحرّية.
و الأهم ، عندما تعرّضت هي للهجوم ، كانت رائحة العشب التي شمّتها ديليا تنبعث من الأمير الثالث.
عند جمع هذه الأدلّة ، خلصت ديليا إلى أنّ المعتدي هو الأمير الثالث ، و ربّما تحالف مع الأمير الثاني.
استشاط إيدن غضبًا عند سماع استنتاجات ديليا.
“سمو الأمير الأوّل ، أعلم أنّ قول هذا محرج ، لكن احذر من بقيّة الأمراء. إذا كانوا يخطّطون لهذه الأفعال للوصول إلى العرش ، فسيستهدفونكَ بالتأكيد”
“…حسنًا، فهمتُ. شكرًا جزيلًا على المعلومات الكثيرة.”
“لا شكر على واجب، فنحن نتقاسم المصير نفسه.”
قالت ديليا بحزم لإيدن، متجاهلة تعبيره المرير.
ما دام يطمح لأن يصبح إمبراطورًا، فالوحيد الذي يمكن الوثوق به هو نفسه.
لمعَت عينا إيدن، وأومأ برأسه دون وعي. ثمّ أضرم العزيمة في عينيه الذهبيّتين، كأنّه لن يستسلم أبدًا.
***
مرت أربعة أيام منذ وقوع جريمة القتل داخل القصر الإمبراطوري ، لكن أبوابه لم تُفتح ، بل كان عدد الأشخاص المسموح لهم بالتجوّل محدودًا للغاية.
بفضل مكانتها كنبيلة رفيعة ، استطاعت ديليا التجوال داخل القصر ، لكن الوفد الدبلوماسي، الذي يمثّل بلاده ، ظلّ محتجزًا و لم يظهر خارج غرفه منذ أيام.
كانت أصواتهم تصل من خلف الأبواب ، يصرخون متسائلين عمّا يحدث مطالبين بفتح الأبواب ، لكن العائلة الإمبراطوريّة ظلّت صامتة.
في ظلّ هذا الاستبداد غير المعتاد ، كان الناس يرتجفون من القلق خوفًا من اندلاع حرب.
أخيرًا، صدر إعلان رسمي بفتح الأبواب عند فجر الغد.
أبدت ديليا ، التي كانت ترتّب أفكارها بعيدًا عن القصر ، تعبيرًا بالأسف الخفيف.
‘حسنًا ، على الأقل كسبتُ بعض الوقت ، و هذا جيّد’
بعد أيام من التفكير، وضعت ديليا خطة تقريبيّة للمستقبل، وأبدت تعبيرًا مرتاحًا.
عند عودتها إلى القصر، ستصرّح لكاليوس بقبولها الطلاق ، و ستطالب بتعويض سخيّ.
بذلك المال، ستجد منزلًا لتعيش فيه مع طفلها بمفردهما و توقّع عقدًا. كان هذا هو الأفضل لها ، و للطفل الذي سيرى النور، حتّى لو كانت تعاني.
داعبت ديليا بطنها و هي تفكّر.
حتّى لو حدث لها مكروه ، ستحمي طفلها بأيّ ثمن ، حتّى لو كان والده كاليوس …
… لكن ، شيء ما غريب.
قبل قليل ، كان الرواق صاخبًا بأحاديث الجنود ، لكنّه أصبح هادئًا فجأة ، كأنّ قائدًا أعلى رتبة حضر.
في الأيام الأربعة التي قضتها هنا ، لم يحدث هذا أبدًا ، فمالت ديليا رأسها متسائلة.
أمسكت شال الفستان الملقى على طرف السرير، ونهضت. رتّبت ملابسها المبعثرة أمام المرآة الكبيرة، ثمّ سارت بحذر.
ألصقت ديليا أذنها على الحائط الفاصل بين الغرفة والرواق.
لكن، مع مرور الوقت، لم تسمع أنفاسًا ولا حتّى صوت دروع الجنود.
ابتعدت ديليا خطوة أو اثنتين ببطء عن الحائط. أخرجت خنجرًا صغيرًا حصلت عليه من الأمير الأوّل من صدرها.
عندما كانت على وشك فتح غمد الخنجر، انفتح الباب المغلق بصوت “بام!” ، و ظهر رجل غامض يرتدي ملابس سوداء.
عندما رأت ديليا هذا المشهد ، الذي سبق أن شاهدته على شرفة القصر قبل أشهر ، اتّسعت عيناها و تجمّد جسدها.
كان الرجل مغطّى برداء أسود بالكامل ، لكن ديليا أدركت على الفور. كان الرجل أمامها هو نفس الشخص الذي حاول إيذاءها سابقًا.
“ما …!”
للصراحة ، كانت الحيرة تغمرها.
كانت تتوقّع أن يعود بعد فشله في قتلها سابقًا، لكنّها لم تتخيّل أن يأتي بجرأة إلى داخل القصر، بل إلى غرفتها، ليقتلها.
“هل الآن هو الوقت الذي ستقتلني فيه؟”
“…..”
لم يجب الرجل الغامض على سؤال ديليا.
كان يحدّق بها بصمت من خلف ردائه الأسود.
ضحكت ديليا بسخرية و هي ترى عينيه الذهبيّتين تلمعان تحت ضوء القمر. أمسكت خنجرها الصغير ، و تراجعت خطوة، ثمّ خطوتين، بعيدًا عن الرجل.
في تلك اللحظة، لوّح الرجل بردائه الطويل وبدأ يركض نحو ديليا بسرعة. كان يحمل سيفًا حادًا ، مختلفًا عن السابق.
بدا أنّه استخدمه قبل دخوله ، إذ كان هناك سائل أحمر يلطّخ وسطه.
عندما اقترب الرجل من ديليا ، ألقت نظرة سريعة على الخزانة خلفه.
في اللحظة التي قفز فيها نحوها ، انفتحت الخزانة المغلقة بصوت “بام!” ، و خرج فارس مختبئ منها.
“سيّدتي، هل أنتِ بخير؟!”
“نعم، أنا بخير. لكن احذر، فالخصم يحمل سيفًا”
لم يتوقّع الرجل الملثّم أن يكون هناك فارس مختبئ في الخزانة ، فتوقّف مرتبكًا قليلًا. استغلّ الفارس تلك اللحظة ، واقترب منه، و هوّل سيفه بكلّ قوته.
تشينغ! ، تشينغ!
بينما كانت السيوف تتصادم مرارًا، ضرب الرجل الملثّم يد الفارس، فأسقط سيفه.
في اللحظة التي كاد سيف الرجل يغرز في بطن الفارس، رفعت ديليا شتلة الليلك التي أعطاها إيّاها الأمير الثالث بكلتا يديها، وضربت رأس الرجل بكلّ قوتها.
مع صوت تحطّم “كلانغ!” ، تطايرت شظايا الزجاج في كلّ مكان. أمسك الرجل الملثّم رأسه المضروب ، و تمايل في مكانه.
هرعت ديليا نحوه، وأبعدت سيفه بركلة إلى مكان بعيد.
جلست ديليا على ظهر الرجل المنهار ، و أمسكت برداؤه.
مع عرق بارد ، قلبت الرداء الذي كان يغطّي وجهه للخلف.
مذهولةً ، لم يكن الوجه أمامها للأمير الثالث ، بل للأمير الثاني دانييل.
بينما كانت ديليا تُبدي تعبيرًا بالحيرة ، سُمع صوت خطوات عاجلة من الرواق مع صوت إيدن يسأل إن كانت بخير.
لم تجب ديليا ، ففتح إيدن الباب المغلق بسرعة ، قائلًا “أعتذر”.
“سيّدتي! هل أنتِ … بخير؟”
ظنّ إيدن أنّ الرجل الغامض هاجمها ، فكان مغطّى بالعرق و يتنفّس بصعوبة.
نظر إلى الفارس المسلّح، وشظايا المزهريّة المتناثرة، والرجل ذو الشعر الذهبي المنهار على الأرض، بتعبير مذهول.
“لا يُعقل، هل أمسكتِ بالجاني؟”
رفعت ديليا شعر الرجل فاقد الوعي.
عند رؤية وجه دانييل، تنفّس إيدن بذهول.
“الجاني هذه المرّة هو الأمير الثاني. جاء ليقتلني بسيف ، لكن لحسن الحظ ، نجوتُ”
عندما أقامت ديليا في قصر الأمير الأوّل أوّل مرّة ، توقّعت أن يهاجمها غريب مستغلًا وجودها في القصر. لذا ، عدا أثناء النوم ، وضعت فارسًا في مكان سرّي ، لكنّها لم تتوقّع أن يقتحم غرفتها في اليوم الأخير.
تنفّست ديليا الصعداء ، شاكرة أنّها أنقذت الفارس من الطعن باستخدام الشتلة بطريقة ما.
نظر إيدن إلى ديليا، وقال إنّ لديها جانبًا دقيقًا بشكل غير متوقّع، وهو يتعرّق قليلًا.
“لكن ، لن أُسجن بسبب هذا الحادث ، أليس كذلك؟”
رمش إيدن بعينيه بسرعة عند سؤال ديليا.
ثمّ انفجر ضاحكًا، ولوّح بيده، مؤكّدًا أنّ هذا لن يحدث.
“لا تقلقي. حتّى لو أُقيمت محاكمة للأمير الثاني لاحقًا، سأكون في المقدّمة لأشهد ببراءتكِ”
“آه، إذن هذا مطمئن …”
كانت تخشى أن تُسجن بتهمة محاولة قتل أحد أفراد العائلة الإمبراطوريّة، لكن كلماته بألّا تقلق أراحتها فورًا.
“لكن، لمَ جاء الأمير الثاني ليقتلني؟ كنتُ متأكّدة أنّه الأمير الثالث…”
اقترب إيدن من دانييل فاقد الوعي. نظر إلى أخيه الذي ينزف من جبهته ، و تمتم بأنّه يستحقّ ما حدث.
“لو كان لورين الجاني الحقيقي ، لكان قلقًا. هاجمكِ في الحديقة وفشل، لذا ربّما أرسل دانييل ليفعل شيئًا بشعًا”
كانت ديليا تشكّ في أنّ الأمير الثالث ليس عاديًا ، لكنّها لم تتوقّع أن يستخدم الأمير الثاني كطعم.
جلست ديليا على الأرض ، و قد فقدت ساقاها القوّة. نقلها إيدن إلى السرير ، و صرخ للفرسان المنتظرين بالخارج أن يأخذوا الأمير الثاني فورًا.
دخل الفرسان الغرفة ، و قيّدوا الأمير الثاني فاقد الوعي من كلا الجانبين. قالوا “أعتذر” ، و جروه خارج الغرفة.
تنهّدت ديليا و هي ترى الأمير الثاني يبتعد. عندما لاحظت يديها المرتجفتين ، أخفتهما بسرعة خلف ظهرها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "69"