… إذن ، السبب في أنّه شمّني حالما رآني كان للتأكّد من عدم وجود أثر لرجل آخر؟
ديليا ، التي كانت تطلق أنينًا خفيفًا حتّى تلك اللحظة ، أصبحت شاحبة فجأة ودفعته بعيدًا.
“ما الذي تفعله بحقّ السماء؟”
“ما الذي أفعله؟ فقط تأكّدتُ، هذا كلّ شيء.”
“هل تعني أنّكَ كنتَ تعتقد أنّني كنتُ أخونكَ مع رجل آخر طوال هذا الوقت؟”
لم تزر ديليا قصر بليك إلّا لأنّها سمعت أنّ جيريمي تعرّض لهجوم. شعرت بالذهول من كاليوس الذي يعاملها كزوجة خائنة.
لم تستطع ديليا في النهاية التحكّم في تعابيرها ، فنظرت إلى كاليوس بحدّة.
“حسنًا، ليس الأمر كذلك بالضرورة. كنتُ أعلم بالفعل أنّكِ ذهبتِ إلى قصر بليك.”
“ماذا؟ إذن، لمَ فعلتَ هذا…؟”
اقترب كاليوس خطوة نحو ديليا.
رتّب فستانها المجعّد نصفيًا بسبب تقيؤها.
“هل تتذكّرين ما قلته لكِ في المرّة الماضية؟ قلتُ إنّني أريد التأكّد من مشاعري تجاهكِ بنفسي.”
“بالطبع. أتذكّره جيّدًا ولم أنسه.”
كانت تلك الذكرى واحدة من اللحظات التي لا تُنسى بالنسبة إلى ديليا. على الرغم من إغمائها في يوم عيد ميلادها ، إلّا أنّ قضاء وقت طويل معه جعلها سعيدة جدًا.
بينما كانت ديليا تنتظر الإجابة بهدوء ، مرّر كاليوس يده بلطف على شعرها الناعم.
“في النهاية، توصلتُ إلى نتيجة بشأن مشاعري تجاهكِ”
“وكيف كانت؟”
أغلق كاليوس فمه فورًا عند سؤال ديليا.
أبعد يده التي كانت تداعبها، ثمّ تراجع ببطء إلى الخلف.
“عندما لا تكونين بجانبي، أظلّ أفكّر فيكِ، بل وأشعر بالقلق. مؤخرًا، أصبح هذا يؤثّر حتّى على عملي”
“هل تعني أنّكَ …”
“لذلك ، بعد تفكير طويل ، قرّرتُ. بدلًا من إلغاء الطلاق، سأجعل إيفلين عشيقتي”
شعرت ديليا و كأنّ طنينًا يرنّ في أذنيها.
لم تستطع فهم ما يقوله كاليوس منذ قليل.
كان إلغاء الطلاق بينها وبين كاليوس أمرًا رائعًا جدًا.
…لكن، في النهاية، يريد إبقاء إيفلين إلى جانبه؟ بل ومنحها مكانة العشيقة؟
“سأعيد هذا إليكِ.”
أخرج كاليوس شيئًا صغيرًا من جيبه وناولها إيّاه. كان خاتم الزواج، الذي كان بمثابة حياتها، والذي أعطته إيّاه قبل أشهر.
نظرت ديليا إلى إصبع كاليوس الخنصر.
أدركت أنّه لا يرتدي الخاتم نفسه، فعضّت شفتيها بقوّة.
“هل تمزح معي الآن؟”
“هذا مذهل. ألستِ أنتِ من يعبث بي؟ أنا فقط أتصرّف بما يتناسب مع ذلك.”
…ماذا؟ أنا أعبث بكاليوس؟ ما هذا الهراء؟
شعرت ديليا بالاغتراب من كاليوس الذي ظلّ يقول أشياء لا تُفهم. أمسكت بخاتم الزواج الوحيد بيدها وتراجعت خطوات إلى الخلف بعيدًا عنه.
كان يجب ألّا تعود إلى القصر. لكن، بما أنّ عودتها كانت بإرادتها، لم تستطع ديليا قول شيء آخر، فسقطت على الأرض.
“لمَ، لمَ تغيّرتَ فجأة؟ ألم تبدأ في رؤيتي بنظرة إيجابيّة؟ إذا أخطأتُ في شيء، أرجوكَ، أخبرني على الأقل…!”
أمسكت ديليا بساق بنطال كاليوس. توسّلت إليه بإلحاح ، متجاهلة أنظار المحيطين ، لكن كاليوس لم يستجب لتوسّلاتها.
كان وجهه جامدًا، خاليًا من العاطفة، كما كان عندما فقد ذاكرته لأوّل مرّة.
اهتزّت حدقتا ديليا المصدومتان بعشوائيّة، فانحنى كاليوس على ركبة واحدة أمامها. وضع خاتم الزواج في إصبعها بنفسه. لمع الخاتم في يدها وكأنّه يحيّي صاحبه ببهجة.
في المقابل، بدأت عينا ديليا اللامعتان تفقدان بريقهما تدريجيًا.
“سأدخل أوّلًا. يمكنكِ البقاء هنا لترتيب أفكاركِ ببطء.”
يداعب شعرها، يلغي الطلاق، يضع خاتم الزواج في إصبعها، ومع ذلك يريد إبقاء امرأة أخرى؟ تحطّمت كلّ الجهود التي بذلتها لنيل تقديره في لحظة.
لم تستطع ديليا التحرّك للأمام أو الخلف ، فأمسكت رأسها.
في النهاية ، لم تكن ديليا سوى بيدق شطرنج يتحرّك من أجل كاليوس، وجود زائل لا أكثر.
عندما أدركت هذه الحقيقة ، فقدت ديليا عقلها أخيرًا وبكت بصوت عالٍ كطفلة صغيرة.
***
منذ أن أعلن كاليوس أنّه سيقبل امرأة أخرى، انهار عقل ديليا نصفيًا.
كانت تقضي أكثر من نصف يومها مغمضة العينين في السرير، وقلّت كميّة طعامها إلى ثلث ما كانت تأكله.
والأكثر خطورة، تفاقمت حالة المشي أثناء النوم لديها.
في السابق، كانت تقوم أثناء نومها وتتّجه إلى حديقة الليلك فقط. أمّا الآن، فكانت تقوم في منتصف الليل وتحاول القفز من النافذة.
كانت سارا أوّل من شاهد هذا المشهد، فصرخت وحاولت منع ديليا.
هرعت الخادمات إلى غرفة نوم ديليا عند سماع الصراخ.
وبالكاد نجحن في منعها من القفز من النافذة.
لكن المشكلة جاءت بعد ذلك. عندما يمنعنها من القفز، كانت ديليا، على عكس طبيعتها، تصبح شرسة.
كانت تسحب شعر الخادمات القريبات، بل وتحدّد أظافرها لتهاجم وجوههن وأجسادهن.
لكن المشكلة الأكبر كانت أنّها ، بعد إيذاء الآخرين ، كانت تؤذي نفسها بدرجة أكبر.
عندما رأت خدشًا على وجه إحدى الخادمات، كانت ديليا تحدّد أظافرها وتخدش ذراعها عشرات المرّات.
ومع ذلك، كان الأمر الأكثر إيلامًا هو أنّ ديليا، عندما تستيقظ، لا تتذكّر شيئًا عن الفوضى التي حدثت في الليل.
شحب وجهها عندما رأت شعر سارا المبعثر، ووجوه الخادمات التي بدت وكأنّها خُدشت بشيء حادّ حتّى نزفت.
سألت عمّا حدث ومن فعل هذا، لكنهن لم يجبن.
ادّعين فقط أنّ الخادمات كنّ على خلاف مؤخرًا ويتعاركن كلّ ليلة.
في البداية، صدّقت ديليا كلامهن وأبدت تعبيرًا حزينًا.
لكن، مع استمرار رؤيتها للشعر المتناثر على الأرض والدم المتجمّد تحت أظافرها، أدركت الحقيقة بعد فترة وجيزة.
عندما لاحظت ديليا مشيها أثناء النوم لأوّل مرّة، ذهبت إلى طبيب على الفور.
لكن الطبيب، بحزن، شخص حالتها قائلًا إنّ المشي أثناء النوم ليس له سبب أو علاج دقيق. وصف لها دواءً قد يساعد، لكنّه كان مؤقّتًا فقط.
بعد أسبوعين من تناول الدواء، رأت ديليا مرّة أخرى شعرًا متساقطًا على الأرض وأظافرًا متجمّد عليها الدم، فبكت.
جمعت ديليا جميع الخادمات في غرفتها وقدّمت اعتذارًا.
عند تصرّف ديليا المفاجئ، بكت سارا و قالت إنّه لا داعي للانحناء. أخبرتها أنّه لا حاجة للاعتذار لهن ، و طالبتها بالتركيز على استعادة حالتها.
لكن الجميع، بما فيهم ديليا، كانوا يعلمون بالفعل.
لن تتحسّن حالة مشيها أثناء النوم ما لم يتغيّر كاليوس.
لذلك، قرّرت ديليا.
ألّا تغادر غرفتها أبدًا.
أن تضيّق نطاق حياتها إلى غرفة النوم فقط.
قبل النوم ، دفعت ديليا الأريكة و الأغراض الثقيلة الأخرى أمام الباب و النافذة. ثمّ نامت ، معتقدة بسذاجة أنّ هذه المرّة ستكون بخير.
ومع ذلك ، حدث الحادث مرّة أخرى.
“آه…”
بعد ساعة من نوم ديليا، فتحت عينيها فجأة ورفعت جسدها ببطء. نظرت حولها بعيون فارغة، ثمّ وقفت متعثّرة من مكانها.
في البداية، اتّجهت نحو النافذة. لكن عندما رأت الأريكة تسدّ النافذة، عبست. ثمّ استدارت نحو الباب. هذه المرّة، رأت مكتبًا كبيرًا يحجب الباب، فضحكت ضحكة ساخرة.
طوَت ديليا كمّ قميص نومها إلى النصف. و بدأت تدفع المكتب، الذي يسدّ الباب، بكلّ قوتها.
كانت ديليا، التي أمضت وقتًا قبل النوم في ترتيب الأريكة والأغراض، تتنفّس بصعوبة. ومع ذلك، لم تتوقّف.
كرّرت دفع المكتب مرارًا وتكرارًا كآلة معطّلة، حتّى نجحت أخيرًا في رؤية الباب.
ابتسمت ديليا بسعادة ، و أمسكت بشيء كانت قد وضعته في زاوية درج المكتب. ثمّ تحرّكت عبر الرواق الفارغ إلى الطابق الأوّل، وركضت بسرعة نحو مكان ما.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "64"