بعد يوم ، يومين ، و أسبوع من إرسال الرسالة ، لم يصل إلى ديليا أي ردّ من جيريمي ، بل لم تسمع عنه أيّ خبر.
كان جيريمي يصغي دائمًا إلى أحاديث العائلة حتّى لو كان يكرهها ، لذا لم تستطع ديليا إخفاء قلقها.
لاحظت سارة هذا القلق في قلب ديليا ، فحاولت مواساتها قائلة إنّ رسالة من جيريمي ستصل قريبًا.
‘…نعم ، كما يقولون إنّ عدم الخبر هو الخبر السار ، فلن يحدث شيء لجيريمي’ ، بهذه الفكرة ، حاولت ديليا تهدئة قلبها الذي ظلّ يخفق بعنف.
في تلك اللحظة ، سُمع صوت أقدام متعجّلة من الرّدهة مع صيحة “سيّدتي!” ، كان الصوت للخادم العجوز ، فنهضت ديليا من مكانها بسرعة و فتحت الباب المغلق.
كانت ترى أمامها الخادم العجوز يتصبّب عرقًا باردًا ، ممسكًا بجريدة في يده.
“سيّدتي ، الماركيز بليك …”
“…”
“الماركيز تعرّض لهجوم من مجهول و هو يصارع الموت”
… جيريمي ، يصارع الموت؟
عبّرت ديليا عن عدم تصديقها لكلام الخادم العجوز. ثمّ تعثّرت و هي واقفة ، فسقطت على الأرض.
كانت عيناها تائهتين تتحرّكان يمنة و يسرة.
فزع الخادم العجوز من هذا الموقف المفاجئ ، فألقى الجريدة جانبًا و ركض نحو ديليا. سألها إن كانت بخير و هل يجب استدعاء طبيب ، لكنّ ديليا لم تتمكّن من الإجابة.
كانت تنظر إلى الفراغ بنظرة شبه غائبة.
لم تكن علاقتها بجيريمي يومًا كالأخوة المتقاربين. لكنّها لم تتمنّ موته أبدًا.
لذا ، عندما سمعت بنبأ وفاة الكونت هارتمان ، أرسلت رسالة إلى جيريمي على الفور. لكنّها لم تتخيّل أبدًا أن تسمع أخباره من شخص آخر.
تذكّرت ديليا طفولتها مع جيريمي بشكل متقطّع. عندما كان والداهما على قيد الحياة ، كانا يضحكان معًا ، و يبدوان أقرب من أيّ أخوين.
لكن بعد وفاة والديهما بفترة قصيرة ، تحوّل كلّ شيء إلى فوضى. اعتقد جيريمي أنّ تصرّفات ديليا تسبّبت في وفاتهما ، فغضب و حبسها في مخزن ضيّق و أهملها.
كان جيريمي يتّهمها بقتل والديهما ، بينما كانت هي تبكي و توضّح أنّها لم تقصد ذلك. لكنّ جيريمي لم يصغِ إليها أبدًا.
و هكذا ، انهارت الثقة بين ديليا و جيريمي تمامًا ، حتّى أصبحا يعتبران بعضهما أقلّ من الغرباء.
نظرت ديليا إلى الجريدة التي كان يحملها الخادم العجوز منذ قليل. و عندما رأت اسم جيريمي بارزًا في عنوانها الرئيسي ، أدركت أخيرًا.
مهما كره كلّ منهما الآخر و أعلن كراهيته ، فإنّ حقيقة أنّهما خرجا من رحم واحد لا يمكن إنكارها.
نهضت ديليا متعثّرة من مكانها. ثمّ اتّكأت على جدار صلب و خطت ببطء نحو الأمام.
هرع الخادم العجوز ، الذي كان مذهولًا للحظات ، نحوها.
دعم جسدها من الجهة الأخرى و سأل بصوت متعجّل:
“سيّدتي ، إلى أين تذهبين؟”
توقّفت ديليا عن المشي. ثمّ نظرت إلى الخادم العجوز دون كلام ، و ابتسمت ابتسامة ضعيفة و قالت:
“إلى قصر بليك بالطبع. هل تظنّ أنّني سأتجوّل بهذا الوضع؟”
“لكن… هل أنتِ متأكّدة أنّكِ بخير؟”
كان الخادم العجوز، الذي يعرف جيّدًا طبيعة علاقة ديليا بجيريمي، يبدي قلقًا واضحًا.
لكنّ ديليا ابتسمت له كأنّها تقول إنّها بخير حقًا، وقالت:
“لن يحدث شيء. طفلي معي … و عائلة بليك لم تَعُد تؤذيني بعد الآن”
كان وجه ديليا جدّيًا أكثر من أيّ وقت مضى، فأدرك الخادم العجوز أنّ كلامها صادق، فأومأ برأسه.
صاح الخادم العجوز بخادم كان ينتظر في الرّدهة ليُعدّ العربة فورًا. ثمّ ابتسم بلطف و قال إنّه سيُرسل فارسًا من العائلة معها، فلا داعي للقلق.
أومأت ديليا برأسها للخادم العجوز الذي حافظ على لطفه رغم الظروف المتوترة. ثمّ سارعت نحو العربة في الطابق الأوّل دون أن تهتمّ بترتيب مظهرها.
***
ما إن صعدت ديليا إلى العربة حتّى ركب السائق و بدأ بقيادتها بسرعة. أغمضت ديليا عينيها بقوّة، و ضمّت يديها معًا، بصلاة حارّة إلى السماء.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "61"