عندما احمرّ وجه ديليا و عضّت شفتها ، مرر كاليوس شفتيه على شفتيها و قال: “لا داعي للخجل ، فعمّا قريب سنفعل ما هو أكثر من هذا”
“مـ … ماذا قلت؟!”
أطلقت ديليا أنينًا خافتًا نتيجة الإحساس الذي لامس بشرتها.
لقد كانت تعتقد أن العلاقة بين الرجل و المرأة مؤلمة كما في المرة السابقة ، لكن كل موضع يلمسه فيها بدا كأنه يلتهب بحرارة شديدة.
و في النهاية ، لفّت ديليا ذراعيها حول عنق كاليوس ،
احتضن كاليّوس جسدها بالمقابل.
—
بعد ليلة طويلة قضاها كاليوس و ديليا معًا ، كان كاليوس هو من استيقظ أولاً.
مسح دموعًا كانت لا تزال متجمعة في عيني ديليا ، ثم نهض من السرير.
و بينما كان يرتدي ملابسه التي رماها على الأريكة ، استعاد في ذهنه ما حدث قبل قليل—تلك الملامح المندهشة في البداية ، استحضر في ذهنه خصرها النحيف الذي كان يلفه بيد واحدة ، فبلع ريقه.
و بعد أن ارتدى ملابسه كاملة ، رفع الغطاء فوق جسدها حتى عنقها. ثم وضع قبلة رقيقة على جبينها المستدير.
“ممم …”
بينما كانت ديليا تتقلب في نومها ، نظر إليها كاليوس بعينين دافئتين.
و فجأة ، جاء صوت جيفري من خلف الباب قائلاً:
“سيدي ، هل ما زلت نائمًا؟”
فتح كاليوس باب غرفة النوم ببطء ، تاركًا ديليا تغط في نومها.
قال جيفري معتذرًا:
“أعتذر على إزعاجك في هذا الوقت ، و لكن هناك مسألة لابد من مناقشتها فورًا”
رد كاليوس متسائلاً ببرود:
“و ما الأمر الخطير الذي جعلك تقلق هكذا؟”
أخذ جيفري يتلفت حوله بحذر ، و لما تأكد من عدم وجود أحد ، اقترب بصوت متوتر و قال:
“سيدي ، هل سمعت عن الشائعات التي تنتشر مؤخرًا في المجتمع النبيل؟”
عقد كاليوس حاجبيه لعدم فهمه لما يُقال ، فأومأ جيفري و كأنه كان يتوقع هذا ، واضعًا يده على جبينه.
و بعد أن تردد قليلاً و هو يفكر بكيفية إيصال الأمر ، بدأ بالكلام بصعوبة …
“في الآونة الأخيرة ، تنتشر شائعة بأن السيدة تحاول استمالة سمو الأمير”
“ماذا؟ ما هذا الهراء مجددًا؟”
امرأة لا تقدر حتى على قول كلمة جارحة للناس تحاول استمالة الأمير؟
كان هذا كلامًا لا يمت للمنطق بصلة.
و يبدو أن جيفري نفسه شعر بالسخف ، إذ تنحنح بحرج و أخذ يتحدث.
“لو كان الأمر عاديًا ، لكنتُ تجاهلته و اعتبرته كلامًا فارغًا.
لكن المشكلة أن رسائل مجهولة المصدر تستمر في الوصول إلى حضرتكَ”
راح جيفري يفتّش في جيبه ثم ناول كاليوس إحدى تلك الرسائل.
أخذها كاليوس و هو يبدو شديد الانزعاج.
كما قال جيفري، لم يكن على الظرف لا اسم مرسل ولا ختم.
“أليس من المفترض أن يتم تصفية مثل هذه الرسائل من قِبلك؟”
“هذا ما أردت قوله … مهما حاولت تصفيتها ، تستمر نفس الرسالة في الوصول بعشرات النسخ. وبما أنني لم أعد أعرف كيف أتصرف، رأيت أنه من الأفضل مناقشة الأمر معك”
…تصل نفس الرسالة مرارًا وتكرارًا رغم تصفيتها؟
هل هذه قصة رعب أم ماذا؟
ضحك كاليوس بسخرية من غرابة الموقف.
ثم مزّق الظرف بخشونة في مكانه دون حتى استخدام سكين ورق.
كان بداخل الظرف مجرد ورقة واحدة بسيطة.
لكن ما إن بدأ يقرأها ، حتى تغيّرت ملامحه وعبس وجهه.
“ما هذه الرسالة الغريبة؟”
“عفوًا؟ ما الأمر يا سيدي … آه!”
تغيّر لون وجه جيفري إلى الشحوب فور رؤيته محتوى الرسالة ، ثم غطى فمه بسرعة وكأن لسانه قد جفّ من الصدمة.
وردّ فعله كان مفهومًا ؛ فالرسالة كانت مكونة من كلمات مقصوصة من الصحف وملصقة بطريقة رديئة.
[زوجتك ، تخونك ، مع ، رجل ، آخر.]
دون تردد، مزّق كاليّوس الرسالة إلى أشلاء.
لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيًا لتفريغ غضبه ، فأخذ الورقة الممزقة و كرّها بعنف قبل أن يرميها من النافذة.
ثم استدار نحو جيفري ، الذي بدا نصف غائب عن الوعي ، و أمره بنبرة حازمة: “من الآن فصاعدًا ، إذا وصلت رسالة مثل هذه ، احرقها فورًا”
“لكن يا سيدي، ماذا لو تسبّب ذلك في إيذاءٍ ما…؟”
“لا حاجة لمثل هذا القلق. أناس يفعلون أشياء كهذه ليسوا سوى جبناء مخادعين”
أن يقال إن ديليا تخونه مع شخص آخر؟
يا له من هراء لا يُصدَّق.
لكن حين تذكّر كاليوس أنها ذهبت إلى حفلة الشاي الخاصة بالأمير الثاني مؤخرًا ، رغم أنه حاول أن يعتدي عليها ، شعر و كأن الدم يصعد إلى رأسه من الغضب.
كان يعلم أنه لا يجب أن يشك فيها دون دليل قاطع ، لكن نفسه التي تستمر في الشك بها جعلته يشعر بالذهول و الارتباك.
صرّ على أسنانه بغضب، ثم غادر غرفة النوم حيث كانت ديليا، متوجهًا مسرعًا إلى مكتبه.
***
في الوقت الذي بدأت فيه رسائل المجهول ، التي كانت تصل مرة كل يوم ، تهدأ ، وصلت رسالة مستعجلة من إيفلين إلى كاليوس.
عبّرت فيها عن رغبتها الشديدة في مقابلته بأسرع وقت ممكن ، و قالت إن لديها أمرًا بالغ الأهمية يتعلق بحادثة الهجوم على القصر الإمبراطوري ، و كان واضحًا من كلامها أنها في موقف محرج و مضطرب.
“ما الذي تريده مني الآن؟ هل ستعيد الحديث عن مناجم استخراج الياقوت مجددًا؟”
لكن بالنظر إلى المحادثة التي دارت بينه و بين الكونت “سيلشستر” سابقًا ، بدا أنها في عجلة شديدة من أمرها بالفعل.
أخرج كاليوس ورقة من الدرج ، و بدأ يكتب ردًا بخط يده ،
ثم ختم الرسالة بعناية ، و سلّمها إلى جيفري الذي كان قريبًا منه.
و بعد عدة أيام ، تلقى ردًا سريعًا من إيفلين ، تشكره فيه على استجابته ، و تقترح موعدًا للّقاء.
***
و في يوم الموعد المحدد ،
توقف كاليوس عن عمله و نهض من مقعده ،
ثم مشى بخطوات واسعة في الرواق الطويل إلى أن وصل إلى غرفة الاستقبال.
وقف أمام الباب لوهلة ، يده على المقبض ، مترددًا قليلاً ، ثم تنهد و دخل إلى الداخل.
“أوه ، لقد أتيت”
“…نعم ، مضى وقت طويل”
كانت إيفلين كما عهدها دائمًا —
على عكس ديليا ، فإنها كانت متمسكة بأناقتها ، مهيبة المظهر في ثيابها البراقة.
صحيح أن الناس يقولون إن الملبس يغيّر من الشخص ، و تساءل كاليوس ساخرًا في نفسه: “هل ستصبح ديليا مثلها إن ارتدت هذه الملابس؟”
لكن تلك الفكرة جعلته يبتسم بسخرية خفيفة.
في النهاية ، ديليا كانت أجمل ما تكون حين تكون على طبيعتها.
كان من الأفضل ألف مرة أن تستقبله بهيئتها المعتادة بدلًا من أن تتكلف بملابس لا تليق بها و تبدو غير مرتاحة.
“لا بد أنك تعرف سبب قدومي ، أليس كذلك؟”
“أجل ، قلتِ إن لديك معلومات بخصوص حادثة الهجوم على القصر الإمبراطوري ، أليس كذلك؟”
رفعت إيفلين فنجان الشاي الساخن بهدوء و احتسته ببطء ،
ثم رمقت كاليوس بنظرة جانبية ، و ضيّقت عينيها كما لو كانت تدرسه.
كانت نظراتها واضحة لكل من يراها—نظرات تُقيّم خصمًا .
فقاطع كاليوس ذراعيه بدهشة ممزوجة بالاستهجان.
“إذًا؟ ما الذي ترغبين بالحصول عليه مقابل إعطائي هذه المعلومات؟”
“كما توقعت ، سموّك فطن للغاية”
وضعت إيفلين فنجان الشاي بهدوء ، ثم انحنت قليلًا نحو كاليوس و همست له بسرية عند أذنه: “أرجو أن تقبلني كواحدة من أفراد عائلة هيلدبرانت. إذا فعلت ، فسأشاركك كل المعلومات التي حصلتُ عليها من الأمير الثاني”
… سخيف ، إنها تطلب القبول بها مجددًا؟
نفس الجملة التي سمعها منهكة أذنه من كثرة تكرارها ، جعلت كاليوس يمرر يده على مؤخرة رقبته بضيق.
“تقصدين أنكِ تريدين أن أتخذك زوجة أخرى؟”
“لا ، على العكس تمامًا”
نظر إليها كاليوس بوجه مشوش ،
فقامت بمدّ يدها بهدوء لتمسح على ظاهر يده المتوتر ، ثم تابعت: “كل ما أريده هو أن تقبلني كـ عشيقة، لا كزوجة”
“هاه؟ ما الذي تخططين له بالضبط؟”
حتى الآن ، كانت تلحّ عليه كي يقبلها زوجة ثانية ، و الآن فجأة تريد أن تصبح مجرد عشيقة؟
هذا التغيّر المفاجئ زاد من شكوك كاليوس.
و حين نظر إليها بريبة ، أخذت تهمهم بلحن خفيف و هي تلوّح بمروحتها بخفة.
“لا داعي للشك ، عشيقة تكفيني. بل في الحقيقة ، أعتقد أنني سأتمكن من التدرج من هذه المكانة لأصل إلى منصب الزوجة الثانية لاحقًا. و الأهم … أنني أعتقد أن عملية انتزاع مكانة دوقة القصر الحالية ستكون ممتعة للغاية”
لم يكن هناك ما يستحق الاستماع إليه بعد.
نهض كاليوس من مقعده و أمسك بمقبض الباب ، مستعدًا للمغادرة.
لكن قبل أن يُكمل فتح الباب ، ألقت إيفلين جملة لم يستطع تجاهلها: “لكن ، هل تعلم؟ السيدة الكبرى متورطة في هذه القضية”
توقف كاليوس في مكانه ، مصدومًا من المفاجأة ، فإبتسمت إيفلين بإرتياح كما لو كانت تتوقع هذا الرد.
ثم نهضت من مقعدها لتواجهه و هي تقول: “تخيل ، ماذا لو كانت السيدة الكبرى بالفعل متورطة في حادثة الهجوم الأخيرة؟”
“ما الذي تعنينه بذلك؟”
لطالما راوده شعور بأن إيزابيلا تخفي شيئًا ، لكن لم يتوقع أبدًا أن تكون متورطة في الهجوم على القصر.
و المصيبة الأكبر أن الهدف الحقيقي للهجوم كان ديليا ، و إذا كانت إيفلين تقول الحقيقة … فلا يمكنه أن يغض الطرف بعد الآن.
“فكّر جيدًا ، سموّك ، في القرار الذي يجب أن تتخذه”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "59"