منذ لحظات والكلام الغريب لا يتوقف ، و كان يبدو و كأنها سمعت شيئًا لم يكن ينبغي لها سماعه.
و بينما كانت إيفلين تضع يدها بسرعة على فمها ، انطلقت كلمات أكثر صدمة في أذنيها.
“و فوق ذلك ، لدينا السيدة الكبرى هيلدبرانت ، زوجة الدوق السابق ، بجانبنا ، أليس كذلك؟ هي بنفسها تنقل لنا المعلومات بكل سلاسة ، فهل هناك ما يدعو لأن نعاني كثيرًا؟”
اهتزت عينا إيفلين في كل اتجاه وكأنها فقدت طريقها.
إذًا، لو لخّصت ما قاله، فهو يحاول حاليًا تنصيب شخص ما كالإمبراطور الجديد؟ و هل السيدة الكبرى هيلدبرانت ، أي إيزابيلا ، متورطة في هذا الأمر أيضًا؟
يا إلهي ، هل من حظ أعظم من هذا؟ لقد كانت تنوي أن تطلب من الأمير الثاني مساعدتها ، لكنها بدلًا من ذلك سمعت شيئًا هائلًا لا تستطيع نسيانه.
بعد أن ظلت تحدق بعينيها اللامعتين لبعض الوقت ، نهضت إيفلين و طرقت الباب.
بمجرد أن قامت بتلك الحركة المفاجئة ، خيّم الصمت على الداخل بعد أن كان صاخبًا.
و بعد قليل، فُتح الباب المغلق بشكل سري. و كان هناك دانييل، وقد أسند ذقنه إلى يده وهو يحدق بدهشة.
“لا تقولي لي أنّك سمعتِ شيئًا؟”
“هممم ، ليس كل شيء ، لكني سمعت القليل منه”
و بمجرد أن أجابت إيفلين ، تجمّدت ملامح الأمير الثاني بسرعة.
و قبل أن تصدر منه أوامر بإعتقالها ، أمسكت إيفلين بيده و قالت بصوت مشرق: “صاحب السمو ، إذا سمحت ، يمكنني أن أساعدكم”
“ماذا …؟”
اختفى التوتر من الأجواء في لحظة بعد كلمات إيفلين.
حدق بها دانييل بتعبير مليء بالذهول.
“ما الذي تعنينه؟ كيف ستساعديننا؟”
“لا بد لي من الزواج بالدوق. و لهذا ، بدلًا من السيدة هيلدبرانت ، سأقوم أنا بجمع المعلومات شخصيًا”
تنهد الأمير الثاني بخفة من كلامها الجريء.
و بينما كان يربّت على صدغيه و يفكر ، سألها بصوت جاد أكثر من ذي قبل: “لا شيء يُمنح بالمجان في هذا العالم. إذًا؟ ما الذي تطلبينه في المقابل؟”
و كأنها كانت تنتظر هذه اللحظة ، ابتسمت إيفلين برقة.
جمعت يديها معًا و قرّبتهما من وجنتيها ، ثم تمتمت بصوت حالم:
“أرجو أن تنشر شائعة بأن طفل زوجة الدوق ليس من زوجها ، بل من رجل آخر. آه ، و بما أن سموّك تهتم بالدوقة ، فلتنشر شائعة بأنها كانت تتودد إليك أيضًا ، سيكون الأمر مناسبًا”
كلما واصلت إيفلين الحديث ، ازداد عبوس جبين الأمير الثاني بشكل غريب. نهض من مكانه و حدّق بها وكأنه لا يستطيع الفهم.
“هذا جنون. لماذا تفعلين كل هذا؟”
“لأن تلك المرأة تحاول أن تعرقل طريقي”
و هي بالفعل تعاني من نظرات الكونت سيلشستر ، و إن استمر الأمر على هذا الحال، فقد يُجبرها على زواج لا تريده.
لم تكن لتتحمل ذلك ، لذا حدّقت إيفلين بالأمير الثاني بعينين مملوءتين بالرجاء أكثر من أي وقت مضى.
و بينما كان يراقبها بصمت ، لم يتمالك الأمير الثاني نفسه و أطلق ضحكة خافتة. ثم جلس في مقعده من جديد و صفّق لها و كأنه يعترف بالهزيمة.
“هاها ، جيد. أعجبني هذا! سأقوم بمساعدتكِ”
“أوه ، هل هذا حقيقي؟”
عندما سمعت إيفلين موافقة دانييل ، أضاء وجهها على الفور.
راحت تشكره بلا توقف ، ووجنتاها قد احمرّتا.
وبينما كانت تتخيل مشهد ديليا تبكي ، مرّت بطرف لسانها ببطء على شفتيها الحمراوين.
* * *
فتحت ديليا جفنيها الثقيلين ببطء.
و بينما كانت تحدّق بسقف أبيض شاحب ، التفتت برأسها حين سمعت صوت حركة خفيفة. لكنها ما إن رأت الشخص غير المتوقع ، حتى فتحت فمها من الذهول.
“يا …؟”
كان مختلفًا عمّا تتذكره ، إذ كان قد سرّح شعره للأمام بالكامل ، وبدلًا من ملابسه المعتادة الأنيقة، كان يرتدي قميصًا يكشف قليلاً عن صدره.
كان كاليوس ، الجالس بجوارها يقرأ كتابًا ، قد رفع رأسه ببطء.
“ديليا؟ هل عدتِ أخيرًا إلى وعيك؟”
“… نعم، كم الساعة الآن؟”
“لقد استغرق الأمر أربعة أيام كاملة حتى تستفيقي من فقدانك للوعي”
تفاجأت ديليا من كلام كاليوس.
كانت تظن أن بضع ساعات فقط قد مرّت منذ أن أغمي عليها، لكنها لم تستطع إخفاء صدمتها حين علمت أنها ظلت غائبة عن الوعي لمدة أربعة أيام كاملة.
“هل جسدي بهذا الضعف؟ لمجرد التعرض للمطر، أمرض لأربعة أيام …؟”
نظرت إلى جسدها غير المصدّق بصمت ، ثم سرعان ما تحوّل وجهها إلى الشحوب و أمسكت بطنها.
“يا إلهي ، كيف نسيت هذا …!”
حين كانت تتجادل مع كاليوس و تنتظره ، لم يخطر في بالها حتى جنينها في بطنها. و بعد أن انتهى كل شيء ، تذكّرت فجأة الطفل الذي في بطنها ، فارتسم الذعر على وجهها.
لكن كاليوس تنهد و طمأنها قليلاً:
“لا تقلقي. الطفل في بطنك بخير”
“… حقًا؟ لا تكذب علي ، أرجوك”
“بصراحة، كنت أظن أنه لن ينجو. لكن الطبيب قال إن الطفل ليس فقط بخير، بل إنه أصبح أكبر من قبل. و قال أيضًا إنه ربما يظهر بطنك قبل حتى أن تصلي للأسبوع العاشر”
نظرت ديليا إلى بطنها بنظرات يملؤها عدم التصديق ، ثم بدأت تمسح عليه بحذر ، رغم أنها لم تشعر بعد بأي حركة في داخله.
تذكّرت كيف بدا لها في الحلم على هيئة تنين ، فإبتسمت لا شعوريًا حين فكّرت في مدى الشبه بوالده وقوته.
و عزمت ديليا بجدّ على أمرٍ واحد: حتى لو أصابها مكروه ، فلا بدّ أن ترى الحياة تُمنح للطفل في بطنها.
“شكرًا لأنك اعتنيت بي”
كانت تعرف أنه في العادة، لم يكن كاليوس ليكترث لو سقطت مغشيًا عليها أم لا ، لكن هذه المرة ، لسبب ما ، بقي بجانبها بهدوء ، مما أثار في نفسها مشاعر التأثر.
و بينما كانت ديليا قد استيقظت لتوّها ، أمسكت بيدي كاليوس بحذر ، و ابتسمت له بوجه مشرق خالٍ من القلق.
تردد للحظة ، ثم أومأ برأسه.
“زوجي العزيز، إذا كان الأمر لا يزعجك … لدي طلب صغير”
“… طلب؟ مني؟”
“لو أمكن فقط … أود أن أسمع منك عبارة ’عيد ميلاد سعيد‘. أعلم أن هذا من باب الطمع ، لكنه سيعني لي الكثير …”
نظر إليها كاليوس بدهشة ممزوجة بشيء من التعاطف.
لقد مرّ على عيد ميلادها عدة أيام، وها هي لا تزال تنتظر التهنئة.
في السابق ، لربما سخر منها وطلب منها أن تزور الطبيب لو كانت تهذي ، لكنه هذه المرة، وبعد لحظة من التفكير، أومأ بالموافقة.
وضع الكتاب الذي كان على ركبتيه على الرف ، ثم اقترب من ديليا و بدأ في فك أزرار قميصه.
فوجئت ديليا بما يحدث ، و تمتمت بتوتر:
“ز-زوجي؟ ماذا … تفعل؟”
أمسك كاليوس بذقنها الرقيق ، و اقترب من شفتيها حتى كاد يلامسها ، و همس بنعومة:
“عيد ميلاد سعيد ، ديليا”
“…!”
ثم انحنى وضمّ شفتيها في قبلة عميقة.
حين بدأت ديليا تشعر بضيق في التنفس من شدة المفاجأة، ضحك كاليوس بخفة و نقل إليها شيئًا من نفسه.
ثم عاد ليواصل قبلة أكثر جرأة.
عندما ارتجف جسد ديليا من الأحاسيس غير المتوقعة ، شدّ على كتفيها و عمّق القبلة أكثر.
“لدي طلب منكِ”
“… طلب؟”
اقترب منها أكثر ، و بدأ جسده القوي يضغط على جسدها الناعم تحت قميص النوم الرقيق.
أمسك بجسدها برفق ، و همس في أذنها بصوت عميق:
“منذ ما حدث في المقاطعة ، بدأت أشعر بشيء تجاهكِ. أريد أن أكتشف ما هو ، بجسدي”
خرجت تنهيدة خفيفة من ديليا.
ثم أنزل كاليوس جسده ، و خلع قميصه.
كان جسده النحيل والمصقول يتحرك بإنسيابية، وعليه آثار جروح حربية لا تؤثر في وسامته.
فمدّت ديليا يدها بحذر ، و بدأت تلمس عضلات بطنه.
ربما استمتع بتوترها ، إذ نظرت إليه بعينين مرتعشتين ، بينما كان يبتسم بهدوء.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "58"