و بالفعل ، كما قالت ، كانت قطرات الدم الحمراء متجمعة على يده.
ربما كان قد جُرح أثناء التقاطه للصدفة قبل قليل ، و بينما كان يعبس من الوخز المفاجئ، قالت ديليا له أن ينتظر للحظة بينما تبحث في جيبها. وبعد لحظات، أخرجت منديلًا أبيض ناصعًا، لم يكن عليه ذرة غبار.
‘قد تشعر ببعض الألم، لكن تحمَّل قليلًا فقط’
بعد أن تفحصت إصبعه برفق، قامت بلف المنديل الأبيض حوله بلطف. ثم أنهت ربطه بإحكام، قبل أن ترسم على شفتيها ابتسامة خجولة.
‘أنا آسفة، لو كان شخصٌ آخر لكان قد ربطه بشكلٍ أفضل…’
عند رؤية ملامحها الحزينة، هزَّ كاليُوس رأسه بسرعة، ثم أمسك بيدها وقال بصوتٍ ناعم:
“لا، لو لم تكوني معي، لما استطعتُ حتى وقف النزيف.”
‘آه، إن كان كذلك، فهذا حقًا مُطمئن!’
عند سماع كلماته اللطيفة، استعادت ديليا حيويتها على الفور، وازدهرت ابتسامتها كزهرةٍ متفتحة.
نظر إليها كاليُوس بإبتسامةٍ مليئة بالسعادة.
ثم حرَّك ساقيه الطويلتين واقترب منها، وبعدها، جذب جسدها الصغير بين ذراعيه بحذر.
“حقًا… لا يُمكنني حتى تخيُّل حياةٍ بدونك”
‘يا .. يا عزيزي؟ ماذا تقول …؟’
“أنا أحبكِ حقًا.”
اتَّسعت عينا ديليا في ذهول، ثم بدأت عيناها تمتلئ بالدموع.
وبعد أن استجمعت شجاعتها، أحاطت عنقه بذراعيها، ورفعت رأسها لتُقبِّله بحذر.
‘وأنا أيضًا، أنا أيضًا أحبك حقًا…’
“ابقِي معي طوال حياتك، الآن، وفي المستقبل أيضًا.”
عند سماع كلماته الصادقة، رمشت ديليا بعينيها ببطء. ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة قبل أن تهز رأسها بقوة.
‘نعم، حسنًا. حتى لو حدث لك أي شيء، سأظل دائمًا بجانبك وسأحبك مدى الحياة’
بعد ذلك، تعانق الاثنان بحميمية، وشاركا قبلة أعمق من ذي قبل.
لم يمضِ وقتٌ طويل حتى فتح كاليُوس عينيه ببطء.
ثم التفت بحدة إلى جيفري ، الذي كان يُحدّق به بقلقٍ واضح ، و أمره بصرامة: “توجَّه فورًا إلى أقرب شاطئ من القصر”
***
“… عزيزي؟”
هل يُعقل أن يكون كاليُوس قد جاء إلى هنا؟ لكن ديليا سرعان ما هزت رأسها نفيًا.
هذا المكان لا يعرفه سوى قلة من سكان مقاطعة هيلدبرانت ، لذا، مع فقدان كاليُوس لذاكرته، كان من المستحيل أن يعثر عليه.
إن كان ما سمعته مجرد وَهْم، فمن المؤكد أن الشخص الذي تحدث خلفها لم يكن سوى أحد الأعداء الذين يسعون وراءها.
نظرت ديليا سريعًا إلى الأشياء المبعثرة على الشاطئ.
كانت تتمنى لو كان هناك أي قمامة يمكن استخدامها كسلاح، لكن كل ما رأته كان الرمال فقط، فعضَّت على شفتيها في توتر.
ترددت للحظة وهي تفكر فيما يجب أن تفعله، ثم أخذت نفسًا عميقًا، والتقطت حفنةً من الرمال من الأرض، وألقتها مباشرةً نحو الشخص الذي كان خلفها!
‘الآن هو الوقت المناسب!’
حاولت ديليا استغلال لحظة ارتباك الرجل الغريب للهرب، لكن آمالها لم تتحقق بسهولة. ما أوقفها لم يكن سوى قبضة قوية بشكل لا يصدق.
“اتركني ، قلتُ لكَ دعني!”
تلاحقت الأحداث بسرعة حتى أصبح عقلها فارغًا تمامًا.
الآن بعد أن غادرت القصر، لم يكن لديها أي وسيلة للدفاع عن نفسها.
كانت في موقف يمكن أن تموت فيه في أي لحظة، مما جعل الدموع تتجمع في عينيها بينما كانت تقاوم بكل قوتها.
وبينما كانت تصارع للنجاة، سمعت صوت تنهد فوق رأسها.
شعور مألوف غريب جعلها تتوقف للحظة ، و سرعان ما وصل إلى أذنيها صوت غاضب ممزوج بسخرية لا تخطئها:
“إلى متى تنوين الاستمرار في إغضابي؟”
في تلك اللحظة ، تجمدت ديليا تمامًا كما لو كانت دمية مكسورة. استدارت ببطء بوجه يعكس الصدمة وعدم التصديق.
رجل طويل القامة ذو شعر أسود حالك مسحوب بالكامل إلى الخلف. الملامح الحادة والعينان الغاضبتان اللتان تحدقان بها.
لم يكن هناك سوى شخص واحد يمكن أن يكون بهذه الهيئة…
“كاليوس …”
حدقت به في ذهول قبل أن تتراجع خطوة إلى الوراء.
وضعت يدها على معصمها، حيث أمسكها منذ لحظات، وسألت بصوت مرتجف:
“لماذا … لماذا أنتَ هنا؟”
أجابها ببرود ، دون أن يزيل نظراته الحادة عنها:
“و من الذي غادر القصر دون أن ينبس ببنت شفة؟”
عندها، لم تجد ديليا ما تقوله.
كانت تظن أن كاليوس يقضي وقتًا ممتعًا مع إيفلين، لم يخطر ببالها أبدًا أنه سيتتبعها حتى هذا البحر المهجور.
‘هل يمكن أن تكون ذاكرته قد عادت؟’
هذا المكان كان واحدًا من الملاذات التي تشاركاها سويًا.
حدقت فيه بلهفة، تتمنى أن تجد في عينيه أي تلميح يدل على أنه يتذكر. لكنه سرعان ما أمسك بيدها مجددًا وقال بصوت أكثر برودة من ذي قبل: “إذن، كل ما استطعتِ الهروب إليه هو هذا البحر الحقير؟”
لم تقل شيئًا.
‘إذن، ذاكرته لم تعد بعد…’
كانت تعرف أن استعادة الذكريات ليس بالأمر السهل.
ومع ذلك، شعرت بأن شيئًا داخلها يتمزق من الألم.
قاومت دموعها، وأمسكت بيده بكل قوتها.
ابتسم كاليوس بسخرية قائلاً:
“يا لكِ من مسكينة. هربتِ من القصر ، لكنك لم تجدي مكانًا تذهبين إليه سوى جزء آخر من هذه الأراضي”
كانت كلماته مليئة بالاستخفاف، مما جعلها تشعر وكأنها اختنقت.
حاولت تهدئة نفسها، ثم سحبت يدها من قبضته بعنف.
“لقد اكتفيت ، يمكنكَ المغادرة الآن”
“لم أنتهِ بعد.”
“أنا أعرف كل شيء! أعلم أنك لا تحبني ، و أن قلبك مع إيفلين سيلشستر!”
لطالما حاولت أن تكون الأفضل في نظره، لكنها أدركت الآن أن كل شيء كان مجرد سراب تلاشى في لحظة.
إذا كان يحب إيفلين ، فلماذا لم يبقَ معها؟
لماذا جاء إلى هذا البحر لملاحقتها؟
تصاعدت مشاعرها المتراكمة حتى أصبحت كالطوفان، و أخيرًا، امتلأت عيناها بالدموع، ونظرت إليه بغضب شديد، عاجزة عن تحمل هذا الألم أكثر من ذلك.
كانت رغبة دِيليا أن تصرخ في وجه كاليُوس وتأمره بأن يغلق فمه فورًا.
لكنها كانت تعلم جيدًا أن الصراخ في وجهه لن يكون سوى إيذاءٍ لنفسها. وبمجرد إدراكها لهذه الحقيقة، عقدت حاجبيها بضيق.
“سأسألكِ مجددًا … من الذي يحب من؟”
“أنتَ! أنتَ تحب الآنسة سيلشستر …!”
“لا تطلقي مثل هذه الافتراءات السخيفة، فقد بدأتُ أشعر بالضيق حقًّا.”
كيف يجرؤ على قول ذلك بعد أن كان يتبادل لمساتٍ حميمة مع إيفلين منذ لحظات؟
كيف يمكن اعتبار كل ما رأته محض سوء فهم؟
لابد أن هناك حدًّا لما يمكن احتماله.
كانت رؤيته يكذب بكل وقاحة تشعل نار الغضب داخلها.
وفي النهاية، لم تستطع دِيليا كبح مشاعرها أكثر، فصرخت بصوت مليء بالقهر: “مهما يكن ، أنا زوجتك! فكيف تجرؤ على تبادل القبل مع امرأة أخرى في القصر؟! هل كنتَ تريد إيذائي إلى هذا الحد؟!”
لم تعد تملك القوة لتحمل المزيد، فسمحت لدموعها بالانهمار بلا مقاومة.
كانت تكره نفسها لأنها وقعت في حب كاليُوس.
أصبحت تخشى كل شيء يخصه-وجهه، صوته، وحتى لمسته.
بدأت دِيليا تتراجع إلى الخلف ، تلتقط أنفاسها بصعوبة.
وبعد لحظات، سمعت ضحكة ساخرة تتردد فوق رأسها.
“إنكِ تغرقين في شفقةٍ على نفسكِ إلى درجة لا تُطاق”
“ماذا قلتَ للتو؟!”
“أنتِ تدّعين أنكِ تحبينني، لكن ما الذي فعلتهِ من أجلي؟ لا شيء يُذكر. على الأقل، آنسة سيلشستر كانت مستعدة لمنحي حقوق استخراج الياقوت لإرضائي”
رفعت دِيليا رأسها بحدة، غير قادرة على تصديق ما سمعته.
إيفلين عرضت على كاليُوس حقوق استخراج الياقوت؟
إذًا … هذا يعني أنها كانت تحاول تقديم شيءٍ للحصول على شيء آخر في المقابل؟
وكان ذلك الشيء هو لقب دوقة هيلديبرانت؟
على عكسها، كانت إيفلين مدللة عائلتها، قادرةً على منح حقوق التعدين بسهولة ، بينما لم تكن هي تملك شيئًا على الإطلاق بعد أن نبذتها عائلتها وهربت من منزل بليك.
في خضم استغراقها في أفكارها، اقترب كاليُوس منها أكثر، وهمس بصوت منخفض وخبيث:
“فكري مجددًا … ماذا يمكنكِ أن تقدمي لي؟”
تجمدت الكلمات في حلق دِيليا.
لقد تخلى عنها أهلها، وهربت من قصر الدوقية، ولم يتبقَّ لها شيء.
حدّقت في الفراغ، ثم نظرت ببطء إلى جسدها.
كانت بشرتها الناعمة، المخفية خلف ثوبها، تبدو أكثر رقة من أي امرأة أخرى.
إذا كان هذا ما يريده كاليُوس …
إذا كان ذلك سيبعده عن إيفلين …
إذن ، هي …
“إذًا ، في النهاية ، الشيء الوحيد الذي يمكنكِ تقديمه لي … هو جسدكِ، أليس كذلك؟”
“…!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "24"