2
<الفصل الثاني>
الاسم: كيم سوري. الجنس: أنثى. طالبة في السنة الرابعة من الجامعة.
الصفة المميزة: كلب (على الأرجح).
لم يكن هذا حلمًا. فقد كنتُ أُصدر أصواتًا غريبة مثل ‘ميانغ ميانغ’ بدلًا من لغة البشر، ثم أغمي عليّ وها أنا قد استيقظت للتو.
رفعتُ رأسي بذهول وحدّقت في السماء الليلية.
كنتُ أظن أني اعتدتُ على المصائب المفاجئة إلى درجة أن شيئًا لم يعد يُدهشني،
لكن… ‘أن أصبح شيئًا غير إنسان؟’
بدأت أتحرك بتوتر في مكاني وأضرب جبيني مرارًا.
‘اهدئي.’
عليّ أن أكون هادئة. حين يتملككِ الارتباك، حتى الأمور التي يمكن أن تسير على ما يرام تفسد.
أولًا، يجب أن أطلب المساعدة. أخذت نفسًا عميقًا وبدأت أبحث بين الملابس الملقاة أمامي مستخدمةً قدميّ الأماميتين بهدوء.
‘آه، لا أرى شيئًا.’
لا يمكنني أن أهدأ هكذا. لماذا علِق رأسي في الجيب تحديدًا؟
تخبّطتُ قليلًا قبل أن أنجح أخيرًا في إخراج رأسي، ثم مرّرت كفّي على وجنتيّ بيأس.
‘هاتفي ليس معي.’
ليتني أصلحت عادة ترك الهاتف في البيت.
‘… على أي حال، حتى لو كان معي فلن يفيد.’
لن أتمكّن سوى من إصدار نباح بدل الكلام…
ربما لم يكن الهاتف لينفع أبدًا. فبسبب قلة من أتواصل معهم أو من قد يتصل بي، أصبحت عادة تركه عادة ثابتة منذ وفاة جدتي.
‘ما العمل الآن؟’
حتى لو عدت إلى البيت، فلن أستطيع دخول الباب الرئيسي بهذا الجسد الصغير وهذه الأقدام القصيرة.
‘هل يجب أن أذهب بنفسي إلى أحدٍ يمكنه مساعدتي؟’
حتى في موقف كهذا، لم يخطر ببالي شخص واحد يمكنني اللجوء إليه. أدركتُ تمامًا مدى ضيق – بل انعدام – علاقاتي الاجتماعية.
جلستُ منهارة للحظة، ثم رفعت رأسي فجأة. لقد رأيت وجهًا مألوفًا يمر خارج الزقاق.
‘هاه؟’
وكأنني مسحورة، نهضتُ وخرجت أركض بخطوات متخبطة على قدمين، لكنني أدركت سريعًا خطئي.
‘خطأ.’
لا عجب أنني لم أكن سريعة. الكلاب تركض على أربع.
بدأت أجري على أربع، ألهث وأنا أرى ضوء اللوحات المتلألئ يملأ الشارع، وهناك رأيت شخصين.
كان أحد الرجلين، ذو الشعر الأبيض المصفف بعناية، هو الجد الذي اعتدت لقاءه مرارًا حين كنت أخرج مع سوري (كلبي السابق) للتنزه في الحديقة.
‘هل هو حقًا؟’
حتى مع ظلمة الليل، بدا مظهره مختلفًا قليلًا.
صحيح أنه كان دائم الأناقة، لكن لم يكن يملك يومًا سيارة أجنبية فاخرة أو سائقًا شخصيًا كهذا.
وبينما كنت أحدق فيه بشرود، تساءلت في نفسي.
كنت قد سمعت أن الكلاب ترى الألوان بشكل محدود، لكن رؤيتي الآن بدت طبيعية تمامًا مثل البشر. حتى حاسة الشم لم تبدُ حادة كما يُفترض أن تكون.
“سيدي الرئيس، الأرض مظلمة تحت قدميك.”
قال السائق وهو يفتح باب السيارة الخلفي بانحناءة محترمة.
‘قال الرئيس؟’
هل يقصد… أعلى شخص في الشركة؟
بينما كنت أراقب الجد وهو يدخل السيارة، انتبهت فجأة. السيارة بدأت بالتحرك!
‘انتظر!’
تحركت قدماي قبل حتى أن أفكر. بدأت أجري بأقصى ما أستطيع، وأذناي تتحركان مع كل خطوة.
‘سأفقده.’
قلبي يخفق بعنف، وأنفاسي تتقطع.
كانت أكواب القهوة الفارغة والقمامة الملقاة على الأرض تبدو كأنها تهددني، وقدمي التي اصطدمت بحجر بدأت تؤلمني.
لكن لا يمكنني التوقف. فهو خيط الأمل الوحيد الذي أملكه الآن.
كانت السيارة تسير ببطء، فيبدو أن المسافة بيننا تتقلص لكنها لا تقترب تمامًا.
‘ما الذي عليّ فعله؟’
إن فقدت هذه السيارة، لن أعرف إلى أين أذهب.
حتى مع تشوش نظري من التعب، لم أكن أرى سوى أضواء السيارة بوضوح.
‘أرجوك…’
وفي اللحظة التي كنت أركز فيها فقط على مطاردة السيارة، خطر في بالي وجه سوري.
في اليوم الذي التقينا فيه أول مرة، هل كنت أنت أيضًا تركض خلفي بهذا الإصرار؟ هل كانت كفوفك تؤلمك كما تؤلمني قدماي الآن؟
‘ليتني احتضنتك مرة واحدة فقط.’
لو فعلت، لربما خفّ ألم قدميك قليلًا. قلبي تمزق من الألم.
—
نظرة خاطفة.
رمق السائق جونغ المرآة الجانبية ثم صرف نظره.
نظرة أخرى.
ثم نظرة ثالثة.
وبينما كان يقود، لم يتوقف عن النظر إلى المرآة، ثم قطع الصمت قائلًا:
“سيدي الرئيس.”
رفع الرئيس سُك رأسه من نافذة المقعد الخلفي.
“قل.”
“ذاك…”
تردد السائق قليلًا، ثم نظر مرة أخرى إلى المرآة الجانبية.
في البداية، ظن أن ما يراه مجرد كيس بلاستيكي ترفرف به الرياح. لكنّ الشيء الذي يملك أربع أرجل قصيرة لم يكن إلا…
“هناك كلب صغير يركض خلف السيارة.”
“خلف هذه السيارة؟”
“نعم، كلب صغير جدًا. تساءلت إن كان سيدي يعرفه.”
ابتسم الرئيس سُك ضاحكًا من غرابة الكلام.
“أتسألني إن كنت أعرف كلبًا؟”
“…لقد كان يتبعنا منذ منطقة حديقة البحيرة.”
بما أن حديقة البحيرة كانت قرب المكان الذي صعد فيه إلى السيارة، فهذا يعني أن الكلب كان يركض خلفهم منذ ذلك الحين.
التفت الرئيس سُك باندهاش بسيط نحو النافذة، فرأى كلبًا صغيرًا يركض بجنون خلف السيارة.
راقب السائق ملامحه وسأله بحذر:
“ما الذي علينا فعله؟”
ظل الرئيس سُك يحدق للحظة، ثم أبعد نظره.
انعكست في عينيه نظرة باردة.
“ما الذي علينا فعله؟”
سواء كان إنسانًا أم حيوانًا، فإن مسؤولية أي حياة تبدأ منذ اللحظة التي تقرر أن تأخذها تحت جناحك.
“افعل ما عليك فعله.”
أومأ السائق جونغ بهدوء ونظر أمامه. كانت السيارة قد غادرت الشارع المزدحم ودخلت طريقًا هادئًا.
بُوُووووم–
بدأت السيارة تزيد سرعتها شيئًا فشيئًا. وصورة الكلب في المرآة أخذت تصغر أكثر فأكثر.
وفي النهاية، تعثرت قدما الكلب الصغير وسقط على الأرض وارتطم وجهه بها أولًا.
تنهّد الرئيس سُك وهو يراقب الجسد الصغير الملقى بلا حراك.
“أوقف السيارة.”
توقفت السيارة بصوت احتكاك الإطارات بالأرض.
ترجل الرئيس بخطوات ليست بطيئة ولا سريعة، وتبعه السائق قائلًا:
“سأتولى حمله.”
رفع الكلب فكان صغيرًا لدرجة أنه اتسع في راحتي السائق كلتيهما. أذناه مثلثتان نصف مطويتين، وجسده يشبه كعكة الأرز.
نظر الرئيس سُك إليه وهمس بهدوء:
“يشبه صديقي القديم الذي رحل قبلي تمامًا.”
ابتلع السائق سؤاله في صمت، متجنبًا أن يسأل إن كان ذاك الصديق يشبه كعكة الأرز فعلًا.
—
“أيها الجميع، تعالوا وانظروا.”
وصل صوت الجدّ المعروف من بعيد، حازمًا كعادته.
‘أين أنا؟’
فتحت عيني بصعوبة لأرى يدًا ضخمة تقترب مني كأنها ستغمرني تمامًا.
“يا إلهي، أيها الجدّ، من أين جاء هذا الجرو؟”
ارتجفتُ خوفًا وتدحرجت بسرعة مبتعدة، محاوِلةً الاختباء بين الخزانة والجدار.
‘اللعنة.’
لماذا دائمًا ما يبدأ العذاب برأسي؟
حاولت سحب رأسي من بين الفراغ الضيق، لكن جهدي ذهب هباءً.
وفي النهاية، علِق رأسي بينما بقي جسدي في الخارج. جلست في مكاني باستسلام.
ساد صمت محرج لا يُحتمل. رغم أن الرؤية كانت مظلمة، شعرت بعيون الجميع موجهة نحوي.
اخترق صوت الجدّ الهادئ السكون قائلاً:
“لهذا السبب لا ينبغي أن تُدخل رأسك الكبير في أماكن ضيقة كهذه.”
يبدو أنني فعلاً كلب ضخم الرأس.
وبينما كنت أستوعب هذن الإهانة غير المرغوبة، فُتح الباب الداخلي بصوت طقطقة ودخل أحدهم إلى الغرفة.
“تأخرْتَ ثانيًا.”
قال الجدّ بامتعاض وهو ينقر بعصاه على الأرض.
“الساعة التاسعة تُعتبر وقتًا مبكرًا، أليس كذلك؟”
صوت رجلٍ شاب أجاب بنبرة مرحة.
“بالنسبة لشخص مسن، ربما.”
“نادِني بالرئيس!”
ضرب الجد الأرض بعصاه بقوة.
يبدو أن الجدّ أحضرني إلى منزله بعد أن أغمي عليّ، ولم أستطع سوى الاستماع للحوار لأفهم الموقف.
‘هل هذا الرجل حفيده؟’
قطّبت حاجبيّ في ارتباك. كان صوته الهادئ المائل للمزاح مألوفًا بشكل مزعج.
‘ما الذي يحدث هنا؟’
حاولت بجهدٍ أن أحرر رأسي من الخزانة، لكن كل ما فعلته كان مجرد اهتزاز بلا جدوى.
“على أي حال.”
تنحنح الجدّ وأكمل كلامه:
“أفكر أن أحتفظ بهذا الكلب في المنزل مؤقتًا.”
رغم أنني لم أره، شعرت أنه يشير نحوي.
ساد صمت قصير قبل أن يقول الرجل الشاب بنبرة باردة:
“أين ترك رأسه؟”
“علِق في الخزانة. رأسه كبير على نحو غير طبيعي.”
تبادلا الحديث بينما أنا غارقة في شعورٍ حارق بالحرج.
“أخرجْه بنفسك.”
قال الجدّ أخيرًا. وبدأت خطوات تقترب نحوي.
تقدمت الأصوات شيئًا فشيئًا حتى توقفت خلفي.
ثم سمعت صوته يقول بدهشة خافتة:
“واو.”
توتّرت كل عضلاتي بانتظار ما سيقوله.
“لم أرَ من قبل جسدًا بهذا الامتلاء في حياتي.”
لم أرَ من قبل وقاحة بهذا الحجم في حياتي أيضًا.
غلى الدم في عروقي، لكن ما إن سمعت صوته عن قرب حتى عرفت.
لقد أدركت الآن مصدر هذا الشعور الغريب الذي راودني منذ البداية.
كنت أعرفه… أعرف طريقته الفظة في الكلام، وصوته المنخفض الذي يسهل سماعه.
تحركت الخزانة قليلًا من مكانها، فانتهزت الفرصة وسحبت نفسي للخلف.
‘خرجت!’
رفعت قدميّ الأماميتين بحماس في لحظة انتصار، لكن أول ما وقعت عليه عيناي كان حذاءً منزليًا.
نظرت ببطء إلى الأعلى، عبر الساقين الطويلتين، ثم الجسد، حتى وصلت إلى الوجه.
“…”
تبادلنا نظراتٍ صامتة.
وجهه الخالي من التعبير كان يحدق بي بينما يرفع حاجبًا واحدًا كما لو كان يقيّمني.
أما أنا، فقد شددت عضلات وجهي عند موضع حاجبيّ الغائبين بازدراء.
‘كيم سوري، إن أردتِ هزيمتي، فالأفضل أن تولدي من جديد.’
‘…سوك هي-وون.’
إنه أسوأ أعدائي على الإطلاق.
 
									
التعليقات لهذا الفصل " 2"