‘رائع، لَمْ أتوقّع أن تقتحم متجر الأزياء بهذا الشكل.’
كان ذلك تصرّفًا خشنًا لا يليق بارينين التي لطالما كانت أنيقةً ومرتّبة وتستعمل أساليب لا تترك أثرًا.
وبالمعنى الآخر، فإنّ هذا يدلّ على أنّه لَمْ يَعُدْ لديها طريقةٌ لعرقلة زفافنا سوى هذه.
‘صحيح، فقد نُشرت مقالاتٍ بالفعل تقول إنّ الزفاف وشيك، لذا لم يَعُد أمامها الكثير من الحِيَل.’
ما كان بإمكانها فعله لا يتجاوز عزلي اجتماعيًّا في مجتمع النبلاء. لكن ذلك لم يُسبّب لي أيّ ضرر، فأنا لم أكُن مُهتمّةً بالنشاطات الاجتماعيّة منذ البداية.
‘قد يكون ذلك مفيدًا لاحقًا حين أكتب مقالاتٍ، لكن بما أنّني لن أعيش حياتي كلّها كنبيلة، فلا داعي لأن أتعب نفسي بالدخول في هذا المجال.’
أهميّة الأنشطة الاجتماعيّة عند النبلاء تكمن في أنّ مكانة المرء في المجتمع تحدّد نوع الأعمال الفنيّة التي يُمكنه الاستمتاع بها، والفعاليات التي يُمكن أن يُدعَى إليها، وفرص الأعمال التي يُمكنه الوصول إليها.
‘لكن عائلة دوق لوك لَمْ تُحافظ على مكانتها بالاعتماد على تلك العلاقات. لذا، من المُرجَّح أنّ سيروليان أيضًا لا يتوقّع منّي أن أدخل المجتمع الراقي.’
“على أيّ حال، يُسعدني أن أراكِ مجدّدًا، يا والدتي.”
“كما هو مُتوقَّع من عاميّة، فآدابكِ مُزرية. لم يُعقد الزفاف بعد، وعليكِ أن تُناديها بلقب ‘دوقة’ بكلّ احترام.”
أطلقت البارونة سايجي كلماتها القاسية عليّ وكأنّ ذلك أمرٌ بديهي.
لكن البارونة كانت خصمًا أقلّ من أن يُقلقني، فمعظم ما تقولُه لا يخرج عن توقّعاتي.
رمشتُ بعيني وقلتُ:
“لستُ أفهم سبب غضب البارونة منّي. وكما قلتُ لكِ من قبل، بما أنّ عقد الخطوبة قد تمّت الموافقة عليه بالفعل، فأنا أُعتبر من عائلة دوق لوك، حتّى إن لم يُقم الزفاف بعد.”
“أوه.”
عند ذكري لعقد الخطوبة، بدا واضحًا أنّ أذني صاحبة متجر الأزياء قد اهتزّتا من الفضول.
‘نعم، انشري الخبر بسرعة.’
المقال الذي بعثتُ به إلى الصحيفة لم يتضمّن أيّ ذكرٍ لعقد الخطوبة. بدلًا من ذلك، كتبتُ عن أوّل عشاء لنا معًا، وعرض الزواج الرومانسي، والكنوز العائليّة التي أُهديت إليّ، وكذا الفساتين التي ابتعتها بكثرة.
‘وحين يُكمَّل السرد كقطع أحجية، عندها تزداد المبيعات أكثر فأكثر!’
فما المُمتع في أمرٍ ذائع الصيت أصلًا؟ إنّما يزداد حماس الناس حين يُكشف لهم عن طبقات جديدة من الحقائق، كقشر البصل.
‘وبذلك أُعزّز موقعي كصحفيّةٍ أيضًا.’
صحيح أنّ مواجهة بارينين كانت تُثقِل قلبي، لكن بما أنّ كلّ شيء يجري لمصلحتي، لم أعُد أشعر بالتوتّر كما في السابق.
ابتسمتُ دون وعي، وعندها صاحت البارونة سايجي بوجهٍ مُحمرّ وهي تُواصل شتائمها.
“هل تسمعين ما أقول؟”
“آه، نعم.”
بصراحة، لم أكُن أُصغي. أجبتُها بابتسامةٍ لطيفة.
“قلتِ إنّه يجب أن آكل جيّدًا وأعتني بصحّتي، أليس كذلك؟”
“لَمْ أقل ذلك قط!”
يا لها من مُتعِبة. أما كان أسهل لو قالت “نعم” وحسب؟
“يُفضَّل أن تقتربي قليلًا وأنتِ تتحدّثين. فأنتِ بعيدةٌ جدًّا فلا أكاد أسمعكِ.”
“أ… أنتِ الآن……!”
كان تغيّر لون وجهها يُظهر بوضوح أنّ ضغط دمها يرتفع. وبينما أخذ جدالنا طابعًا طفوليًّا، تدخّلت بارينين.
“كفى، لورا. هذا كلّه بسبب أنّني لَمْ أُظهر ما يكفي من هيبة الدوقة. رجاءً لا تُعنّفيها كثيرًا.”
“جلالتكِ.”
كان أسلوبها التلاعب بإظهار ضعفها وكأنّها تُثير الشفقة، ثمّ تُلقي بي في صورة الشرّيرة.
وما إنْ تبنّت البارونة سايجي تلك النغمة، حتّى صرخت مُوجّهةً نظراتها إليّ.
“من البداية، أنتِ مَن بالغتِ في التصرّف مع جلالتها. هل يُمكن التغاضي عن مثل هذه الوقاحة؟!”
“…….”
يا لَهما من ثنائيّةٍ مُكشوفة. وما يُثير الضيق أكثر أنّ الناس يُصدّقون مثل هذه التمثيليّات.
كنتُ أَغلي في داخلي حين أحسستُ بيدٍ كبيرة تضع نفسها برفقٍ على كتفي. كان ذلك سيروليان.
“ما الذي جاء بكم إلى هنا؟”
“سمعتُ من الخادم أنّ ابني جاء ليجهّز بزّته للزفاف، فسارعتُ إلى هنا.”
“إنّه يُناسب تمامًا التصميم الذي اخترتِه لي. وأتمنّى أن أرتديه يوم الزفاف.”
“أوه.”
يبدو أنّ ذكر الياقوت ألهم المُصممة، إذ عادت الحماسة تتوهّج في عينيها. لكن البارونة سايجي تدخّلت مجدّدًا بنبرةٍ مُستاءة.
“توارث فساتين الزفاف عادةٌ جميلة بين الأمّ وابنتها. وبما أنّ الآنسة أزيان بلا والدتها، فقد تفضّلت جلالتها عليها. لكن، لو أنّكِ استشرتِ جلالتها منذ البداية، لما اضطررنا للمجيء إلى هنا في مشهدٍ مُضحك كهذا.”
وها هي تعود للهجوم.
خفضتُ بصري مُتعمّدةً أن أبدو كجروٍ مبتلّ.
“أفهم الآن. لكن أتمنّى أن تُدركي أنّني إنّما أردتُ مُراعاة جلالتها. فقد تذكُرين أنّها بالكاد تبادلت معي بضع كلمات قبل أن تشعر بالإرهاق وتترك العشاء لترتاح. اعتقدتُ حينها أنّها ضعيفةٌ جدًّا حتّى إنّها لا تقدر على الانشغال بالتحضيرات.”
كان ذلك تسريبًا متعمّدًا. فحين يُنشَر المقال لاحقًا، تزداد مصداقيّته.
‘أحسنتِ، يامُصممة. لقد منحتِني شهادةً قيّمة دون أن تدري.’
سأُفكّر لاحقًا في استضافتها كشاهدةٍ في مقابلة.
لكن الآن كان عليّ التصدّي للبارونة سايجي التي عقدت العزم على وصفي بالشريرة.
“قولي الحقيقة، آنسة أزيان. هل تُحاولين إهانة جلالتها عمدًا؟”
“كُفّي، لورا. لا يُمكن أن تحمل الآنسة أزيان مثل هذه النيّة الخبيثة. أنا أثق بها.”
“بل تُخطئين يا جلالتك. فأنتِ صالحةٌ جدًّا لدرجة أنّكِ تظنّين الآخرين صالحين كذلك. لكن انظري كيف ترفع رأسها بتبجّح، إنّها لا تُدرك حتّى خطأها.”
ابتسمتُ وأنا أردّ عليها:
“إن كان هذا ما ترينه، فلا بأس. فالناس مرآةٌ بعضهم بعضًا كما يُقال.”
بمعنى آخر: ‘كلٌّ يرى في الناس ما يملأ قلبه.’
“أه!”
غضبتْ أكثر ولجأت إلى بارينين.
“جلالتكِ، عليكِ أن تُؤدّبي كنتكِ. هذا حقّكِ بصفتكِ سيّدة المنزل.”
‘ما هذا الهراء.’
أيُّ خطأ اقترفتُه لأُعاقَب؟
“ولِمَ تصرّين على النظر إليّ بسوء؟ إن لم أكُن أستطيع حتّى أن أقول إن كنتُ بحاجةٍ للفستان أم لا، فهذا يعني أنّ الدوقة هي التي ينبغي أن تعتذر لي. فأنا العروس، ومن حقي أن أختار ما أحتاجه.”
“هذه قراراتٌ يتّخذها الكبار في العائلة.”
“لكن كما قلتِ، ليس لديّ أمّ. لقد اعتدتُ أن أُقرّر كلّ شيء في حياتي وحدي. فكيف يُعقل أن لا يكون لي الحقّ في اختيار فستاني يوم زفافي؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"