أثناء عودتي إلى المنزل غارقةً في النوم، استيقظتُ في وقتٍ مبكر من الصباح.
ذلك لم يكُن لأنّني شخصٌ منتظم، ولا لأنّ إرهاقي قد زال تمامًا.
“أوه، تبا لهذا الضياء.”
كان السبب أنّني غفوتُ من دون أن أسدل الستائر على النافذة.
“آه، ليت أحدهم يسدل الستائر بدلاً عنّي، ويفتحها لي أيضًا.”
ربما لأنّني ارتديتُ الكعب العالي طوال النهار البارحة، كانتا ساقاي تؤلماني قليلًا. وبينما كنتُ أتذمّر ووجهي مطمورٌ في الوسادة، فتحتُ عيني على اتّساعهما.
“آه؟”
تبيّن أنّني أرتدي قميص النوم الفضفاض الذي أُفضّل ارتداءه عادة. كما أنّ مساحيقي كانت قد مُسحت بعناية، وحتى دبابيس الشعر الكثيرة التي كانت تثبّت خصلي مثل القنفذ قد أُزيلت كلها. تحسّستُ شعري وأنا أميل برأسي متحيّرة.
‘لحظة، أين اختفت كلها؟ هل خزّنتُ دبابيس الشعر المرصّعة جيّدًا؟ لا يجوز أن أضيّعها.’
التفتُّ أبحث بعيني، فرأيتُ الفستان الأخضر الفاتح الذي ارتديته بالأمس معلّقًا على الكرسي على بُعد خطوتين.
‘آه، هل أنا التي رتّبتُ هذا قبل النوم؟’
لو أنّ أحدًا آخر نزع ملابسي، لما كانت موضوعةً بتلك الطريقة على الكرسي. أثنيتُ على نفسي.
‘أحسنتِ يا إيديل. حتى وأنتِ شبه نائمة، كنتِ منظّمة. أجل، فأنتِ بالغة ويجب أن تفعلي هذا على الأقل.’
لو أنّني نمتُ به، لتمزّق الفستان، أو لاستيقظتُ فجرًا عاجزة عن تحمّل انزعاجه.
زفرتُ بارتياح. ثم أدخلتُ قدميّ في شبشب السرير.
‘هل سيأتي سيروليان للبحث عنّي اليوم أيضًا؟ أم سيأخذ قسطًا من الراحة؟’
لو فكّرتُ في مدى تعبي البارحة، فالراحة هي الأنسب، لكن لم يَعُد لدينا وقت. كان علينا أن نُنجز أمرًا ما.
الزفاف!
‘دوق لوك قال بوضوح إنّه يجب أن نُقيم المراسم. وبما أنّه ذكر الأمر، فلن يتراجع عنه.’
ومع شخصية سيروليان الدقيقة، فلا شكّ أنّه سيسعى ليُحضّر كلّ شيء بإتقان.
ربما يكون في طريقه إلى هنا الآن.
‘لكن قبل أن يأتي سيروليان، عليّ أن أُنجز الكلمات المتقاطعة.’
وحين فتحتُ الباب لأُخرج الحليب والصحيفة، فوجئتُ بأنّ من استقبلني لم يكن سيروليان.
“وااه، صباح الخير!”
إنّها كاليما، بشعرها البني المربوط عاليًا.
“صباح الخير، لكن…….”
حدّقتُ قليلًا في ساحة البيت وقد امتلأت كلّها بخيمةٍ سوداء كبيرة، ووعاءٍ مستدير يخرج منه البخار، وطاولةٍ خشبية وكراسٍ تحتلّ ما تبقّى من المساحة.
على الطاولة، كانت أدوات المائدة مُرتّبةً بعناية، وهناك أيضًا الصحيفة والحليب اللذان كنتُ أبحث عنهما.
غير أنّ زجاجة الحليب كانت فارغة.
‘أين حليبي؟!’
منذ أن تورّطتُ مع سيروليان، لم أحصل مرّةً على الحليب والصحيفة في وقتهما. أم أنّني أتوهّم؟
ابتسمت كاليما بودّ وقالت:
“آه، البارحة كنتِ نائمةً بشدّة حتى إنّكِ لم تتمكّني من تحريك جسدك، لذلك ظننتُ أنّكِ ستستيقظين متأخرةً اليوم. سأُعدّ لكِ الإفطار حالًا. آه، القائد قال إنّه سيأتي لاحقًا.”
إذن، سيروليان سيأتي اليوم أيضًا. جلستُ مرتبكةً قليلًا وسألتها:
“هل كنتُ نائمةً هكذا بعمق؟”
“طبعًا. لولا القائد، لكنتِ فتحتِ عينيكِ داخل العربة.”
قالت ذلك بابتسامةٍ خفيفة كأنّ الأمر بسيط، لكنّني تجمّدت مذهولة.
‘لو لم يكن سيروليان، لكنتُ استيقظتُ في العربة؟ هذا يعني أنّه حملني بنفسه!’
يا للخجل!
وهو الذي يصرّ على قول الصراحة، فلا بدّ أنّه علق بشيءٍ مثل “كنتِ ثقيلة”. هذا يزيد الأمر حرجًا.
‘حين أراه لاحقًا، عليّ أن أشكره.’
اقتربتُ من كاليما وسألت:
“وهل نمتِ جيّدًا يا كاليما؟”
“طبعًا. أنا استيقظتُ باكرًا ورتّبتُ الحديقة، ثم بدأتُ بإعداد الفطور.”
“وااه، كم أنتِ نشيطة.”
صفّقتُ بخفّة، ثم نظرتُ إلى القدر الكبير الذي يغلي. كان في داخله شيءٌ غريب.
‘جبن أسود؟’
كتلة سوداء لزجة كالهلام، يتصاعد منها البخار.
‘وهذا للفطور؟’
حتى لو حاولتُ أن أنظر بتفاؤل، لم يبدُ أنّه صالحٌ للأكل. ارتسمت على وجهي ملامح الدهشة، فقالت كاليما بتردّد:
“حاولتُ إعداد الحساء.”
“……هذا حساء؟”
لو فكّرتُ به على أنّه حساء، نعم ربما. لكنّه في الحقيقة قد جفّ تمامًا واحترق حتى اسودّ.
“لا تقولي إنّه حليبي؟”
“نعم.”
ارتسم مشهد زجاجة الحليب الفارغة على الطاولة مع هذا الفحم الأسود أمامي. فهمتُ ما جرى.
حين فشلت وصفتها، لا بدّ أنّها أضافت الحليب محاولةً إنقاذها. وأنا أيضًا أستخدم الحليب كثيرًا لحلّ مشاكل الطبخ، مثلًا أنقع به الخبز اليابس أو أضيفه للبسكويت.
لكن هذا…… لا يصلح للأكل.
لعلّ وجهي تجمّد بشكل محرج، فبدأت كاليما تراقبني بقلق وقالت:
“……هل كان من الأفضل لو اكتفيتُ بشرب الحليب؟”
‘من الطبيعي ألا تُجيد كلّ شيء. فهي بارعةٌ في الكثير، لكن ربما الطهي ليس من بينها.’
وبالنظر إلى أنّها كانت متعبة، فهي مع ذلك حاولت تحضير الفطور، وهذا يستحق التقدير. رفعتُ كتفي مبتسمة.
“من الآن فصاعدًا، ليكن مبدأ الطهو لدينا هو إبراز طعم المكوّنات الأصلية فقط.”
“حسنًا.”
هزّت رأسها موافقة.
بحثتُ في الخزانة فعثرتُ على خبزٍ يابس. أكلنا الخبز مع المربى. ومع الماء فقط، شعرتُ كم أفتقد الحليب.
بعد أن أنهينا هذا الفطور البسيط وشربنا الشاي، جاء سيروليان.
اتكأ بذراعه على السور المنخفض، وأمال رأسه قليلًا وهو يسأل:
“لِمَ تبدوان عابستين هكذا؟”
“لأنّه لا يوجد حليب.”
“أها.”
نقر لسانه بخفّةٍ وتقدّم إلى الحديقة. لم يكن هناك مقعدٌ فارغ، فجلس على طرف الطاولة وقال:
“مع أنّكِ لستِ طفلةً في طور النمو، فأنتِ تحبين الحليب كثيرًا.”
ولماذا يستحضر مثال الأطفال؟ قلتُ بحماسة:
“الحليب جميل اللون، لذيذ الطعم، وهو غذاءٌ كامل. ألا تُحبّه أنت؟”
“لا أشربه عادةً.”
“حسنًا، كثيرٌ من الكبار لا يناسبهم الحليب.”
أما أنا فلا!
وبينما أتحدّث عن الحليب بعينين متألّقتين، نظر إليّ سيروليان بتمعّن ثم قال بجدّية:
“بما أنّكِ تُحبينه، فلا بدّ من شراء بقرة لتوفّر لكِ حليبًا طازجًا دائمًا.”
“ماذا؟”
تفاجأتُ حتى عقد لساني. أما كاليما فضحكت ولوّحت بيديها نافية.
“أوه، بقرةٌ واحدة لا تكفي. البقرة لا تُنتج الحليب إلا حين تلد. في هذه الحال، يجب شراء مزرعةٍ كاملة.”
“أه، هكذا إذن.”
“ما هذا الكلام؟! لا تفكّروا بهذا أبدًا، ولا أنتِ يا كاليما تُكرّريه!”
أنا أكتفي بزجاجة واحدة فقط! لستُ بحاجةٍ إلى كلّ ذلك!
لكن يبدو أنّهما لم يقتنعا، ومع ذلك حين رمقتهما بنظراتٍ حادّة وهززتُ رأسي بحزم، توقّفا عن الحديث عن المزرعة.
شعرتُ بحرقةٍ في صدري، فشربتُ الماء دفعةً واحدة. وبما أنّنا نتحدّث عن الحليب، تذكّرتُ تلقائيًا ذلك الطفل الذي بدا كدبٍ صغير.
‘هل يشرب الكثير من الحليب؟ يجب أن يشربه ليكبر بسرعة.’
وضعتُ فنجاني وسألت سيروليان:
“اسم شقيقك كان تشارلز، أليس كذلك؟”
أومأ بلا اكتراث.
“كان غاية في الجمال. ذراعاه حين يثنيهما ممتلئتان هكذا، كيف اكتسب كلّ تلك الطبقة الناعمة من اللحم؟”
بما أنّني سأصبح زوجة سيروليان لوك، فسأُواصل التصرّف ككنّةٍ سيّئة حتى أطرد بارينين.
عضضتُ على شفتي بعزم.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 22"