يعني ذلك أنّ عبارة “لقد اشترتها إحدى الأميرات أيضًا” كانت تشير في الحقيقة إلى الماركيزة دو فلاندر.
شرحت كاميّو بحذر:
“تاجٌ وعقودٌ صنعها جلالته الملك السابق من أجل الأميرة مارييت، اختلطت بين هذه المجموعة.”
عندها فقط أصبح من المفهوم لماذا بدت السيدة باسيلور قلقة، ولماذا لم تذكر أمام أغات لمن كانت تلك المجموعة.
الماركيزة هي ابنة الزوجة الأولى للملك السابق. أي إنّها الأخت الشقيقة للملك الحالي. ومن الناحية العلنيّة، فهي في علاقةٍ متوتّرة مع كيرتيس لأسبابٍ عدّة، وهو ما كان واقعًا بالفعل.
لذلك، لم يكُن من السهل أن يُقال أمام زوجته كلوي إنّ هذه الحُليّ قد صُنعت من أجل الماركيزة. وكذلك لم يكُن سهلاً عندما قلّلت أغات من قيمتها بوصفها رخيصة.
“هل تُعجبكِ؟”
سألت الماركيزة وهي تنظر إلى إيريس التي ترتدي التاج. كانت إيريس في حضن ليا، فتردّدت قليلًا ثم همست بخجل: “إنّه جميل.” فابتسمت الماركيزة.
“والدي كثيرًا ما كان ينسى عمري. لكن، مهما يكن، ما كان بوسعي أن أرتدي ذلك التاج في سن العشرين.”
تنهّدت ليا وهي تُمعن النظر مرّةً أخرى في تفاصيل التاج المزيّن بقلوبٍ ورديّة وزخارف النُقُوم، وكأنّها أدركت كم أحبّ الملك السابق ابنته، غير أنّه لم يعبأ بسنّها عند صنع هذه الحُليّ.
“إذن بقيت بعض الجواهر التي لم تُباع.”
“لقد كانت قطعًا صنعها والدي بكلّ عناية. وأنا أيضًا أحببتها كثيرًا. والأهمّ من ذلك أنّ النُقُوم…”
ابتسمت كاميّو ابتسامةً هادئة.
“ما زلتُ حتى اليوم عاجزةً عن مجاراة تقنيّة والدي في النُقُوم.”
“ماذا تقولين؟ أنتِ الأفضل. إنّما ابتعدتُ عن الشراء في الآونة الأخيرة فقط لأنّ سني لم يعُد يسمح لي بالانغماس في اقتناء المزيد.”
ربّتت الماركيزة بخفّة على كتف كاميّو، فصار الجوّ أكثر وديّة من ذي قبل. وحينها تدخّل كيرتيس قائلًا:
“يا أختي. كان عليّ أن أقدّمها إليكِ رسميًّا، لكن الأمور جرت هكذا. هذه زوجتي، كلوي لو ديفيد بيرك.”
“آه، لا بأس. فهذا أيضًا ضربٌ من الأقدار…”
أعادت الماركيزة بصرها نحو كلوي. وإذ كان كيرتيس قد اقترب منها بالفعل، أحاط كتفها بذراعه بلطفٍ وابتسم.
“لقد كان بفضلٍ عظيمٍ من جلالة الملك أنّني استطعتُ الزواج.”
“أخي كان دائمًا على هذه الحال. لا يكفّ عن مفاجأة الناس.”
ابتسمت الماركيزة بمرارة وهي تلوّح بيدها في الهواء كأنّها تُهَوّي على نفسها.
‘همم. هذا يعني… أنّ أخاها قليلُ المروءة؟ لقد فهمتُ المقصود.’
أدارت كلوي عينيها بتذمّر. فالمكان لم يكُن حارًّا، ومع ذلك بدت الماركيزة وكأنّها في حرجٍ شديد.
وفي تلك اللحظة، دوّى صوتٌ عالٍ:
“كيرتيس سموك!”
لقد كانت أغات، التي نُسيت للحظة، هي من صرخت. كانت تنظر نحو كلوي وكيرتيس بعينين دامعتين.
“ما الذي يحدث هنا؟ هذا ليس صحيحًا، أليس كذلك؟ أغات… أغات…”
“آه، الآنسة مونفيس.”
ابتسم كيرتيس ابتسامةً رقيقة، وأطبق ذراعه أكثر على كتف كلوي وكأنّه يستعرضها.
“لقد جرى الأمر هكذا.”
“هذا لا يُصدَّق! لماذا… لماذا اخترت…؟”
“أغات.”
أوقفها نويل بحذر، خشية أن ترتكب مزيدًا من الحماقات. غير أنّ أغات تجاهلت الأمر وصرخت بعناد:
“لماذا تتركني وتتزوّج من تلك المرأة؟ هذا غير معقول!”
لكن، لم تكن أغات وحدها من لم تُبالِ. فكيرتيس، ما زال مبتسمًا، التفت إلى الماركيزة وقال:
“أنا أيضًا لم يكفّ جلالته الملك عن مفاجأتي يومًا، لكن هذه المرّة لا يسعني إلا الامتنان.”
“إنّها ملاكي الذي جاءني من البحريّة قبل ثلاثة أشهر.”
“كيرتيس سموّك! لا تقل ذلك! أغات تعرف الحقيقة! وحتى جلالته الملك، كيف يُجبر إنسانًا على…!”
“ملاك؟ لقد سمعتُ أيضًا أنّ السيد فيكتور عانى كثيرًا بسببها. هل استشرتَ رأيه؟”
“لولا السيد، لما التقيتُ بهذا النصيب أصلًا.”
“كيرتيس سموك! رجاءً استمع إليّ! يا خالتي! ألا تسمعينني؟”
“لكنّني أظنّ أنّ رأي زوجة الدوق سيكون مختلفًا.”
‘هل يُفترض أن أجيب؟’ تساءلت كلوي وهي ترمق أغات التي تصرخ بغيظ. غير أنّ الماركيزة سبقتها، إذ اقتربت من كلوي وأمسكت يدها مباشرةً قائلة:
“لأنّ أخي يفتقر في جوانبٍ كثيرة، فقد خطر لي أنّكِ ربما أُجبرتِ على هذا الزواج. أهو كذلك؟”
“آه، في الحقيقة…”
لم تكُن لتقول: “بالطبع هذا صحيح!”، لذلك اكتفت كلوي بابتسامةٍ مشرقة.
“بصراحة، في البداية تردّدتُ. لكنّه هو من مدّ يده نحوي. والفضل في كلّ ذلك يعود لجلالته الملك.”
ولم يكُن هذا كذبًا. وأيّدها كيرتيس بدوره وهو يرمقها من علٍ:
“صحيح. لولا جلالته لما كنتِ هنا الآن.”
وهذا أيضًا لم يكُن كذبًا. ابتسمت الماركيزة ابتسامةً حزينة وأجابت:
“تبدو ملائمةً له حقًّا.”
“يا خالتي!”
صرخت أغات مجدّدًا. وكان صوتها هذه المرّة أقوى بكثير، فالتفت الجميع إليها رغمًا عنهم.
“كفى يا أغات.”
حاول نويل إيقافها، لكنّها نزعت ذراعها من قبضته وصاحت محتجّة:
“حتى أنتِ يا خالتي، كيف تُعاملينني هكذا؟!”
“أغات.”
لكنّ الماركيزة لم تُجب سوى بمناداة اسمها بهدوء، ثم أرسلت نظرة نحو الحُليّ التي ازدرَتها أغات في وقتٍ سابق. فتلوّن وجه الأخر بحُمرةٍ شديدة، إذ تذكّرت أنّها لم تعتذر بعد على تقليلها من شأن ذوق الملك السابق.
“ل، لم أقصد ذلك يا خالتي… أعتذر.”
“لو كنتِ تقصدين، لكانت أختي قد تخلّت عنكِ منذ زمنٍ بعيد يا أغات.”
كان كيرتيس هو من تدخّل هذه المرّة. وعندما التقت عيناها به لأوّل مرّة، أضاءت نظرات أغات بالافتتان. غير أنّه لم يُمهلها فرصةً للكلام.
“كنتُ أظنّ أنّ حادثة قاعة كاريو قد علّمتكِ ما هو الأدب. لكنّكِ ما زلتِ متهوّرةً سريعة الغضب.”
“كيرتيس سموّك، إنّني…”
“لقد خطر لي يومًا أن أجعلكِ مرشّحةً لتكوني زوجتي، هذا صحيح.”
احمرّت وجنتا أغات بشدّة، لكن كيرتيس ظلّ باردًا.
“غير أنّ تصرّفكِ الطائش اليوم أثبت لي أنّ اختياري لم يكُن خاطئًا.”
“كيرتيس سموّك!”
مدّت أغات يدها لتقبض على كُمّه، لكنّه كان يتوقّع ذلك بالفعل، فتراجع بخفّةٍ وتفادى يدها. فتجمّدت ملامحها من الصدمة.
“الأمر لا يتعلّق بكِ وحدكِ. فالمكانة لا تحدّد الحب.”
“ل، لكنّني أحبّك حقًّا يا سموّك…!”
اندفعت نحوه مجدّدًا محتجّة، لكنّه لم يُعرها أيّ اهتمام. إذ كان قد التفّ نحو كلوي وأحاط خصرها بذراعهِ بقوّة.
“لقد التحقتُ بالحرس الملكي فقط من أجلكَ…”
“ومن الذي طلب منكِ ذلك؟”
قالها ببرود. ولولا أنّ الماركيزة تداركت الموقف، لانهارت أغات باكيةً في الحال.
“أغات. يؤسفني القول، لكن سنؤجّل تناول المثلّجات إلى وقتٍ لاحق.”
“يا خالتي…”
“ودَعي عنكِ هذه التسمية أيضًا.”
تدخّل نويل سريعًا:
“أستميحكم عذرًا يا سيّدتي الماركيزة، ولكن بما أنّ الملازم دوبوا هنا، فهل تأذنين لنا بالذهاب؟”
وكان ذلك واضحًا بأنّه يريد أخذ شقيقته بعيدًا. فأومأ كيرتيس برأسه موافقًا. وحثّ نويل أغات على المغادرة، فاستدارت بدموعٍ في عينيها وغادرت مسرعة.
ما إن خرج أخوة مونفيس حتى أطلقت ليا تنهيدةً خافتة. فمنذ دخولهم المتجر وهي متوتّرة، ومع كثرة الشخصيّات الرفيعة التي ظهرت ومواجهة أختها لهم، لم يكُن غريبًا أن ترتاب.
رغم أنّ أخته غير الشقيقة كانت متردّدةً ومُتقلّبة، إلا أنّها لم تكُن خسيسة. وإذا أساءت بهذه الطريقة، فإنّها تعتذر وتردّ الدين. لذلك رأى أنّ الأمر قد يكون لصالحه في النهاية.
“هؤلاء هما أختاي. ليا وإيريس.”
بمجرّد أن هدأت الأجواء، سارعت كلوي لتعريف أختيها. أدّت ليا تحيّةً متردّدة كما تعلّمت في المدرسة، بينما انحنت إيريس بخجل. ورغم أنّ تحيّتهن لم تكُن لائقة ببنات النبلاء، إلّا أنّ الماركيزة لم تتعمّد انتقادهن.
“أختاكِ إذن. لكن لا أرى شبهًا كبيرًا بينكنّ.”
“آه، إيريس…”
كان هذا سؤالًا مألوفًا، فبشرة إيريس السمراء دلّت بوضوح على دماء الجنوب التي تجري فيها. فأجابت كلوي بهدوء وهي تهزّ كتفيها:
“إنّها تشبه أهل أمّنا. بينما أنا وليا نشبه والدنا.”
“أفهم. أعذريني إذًا. ولستُ أدري أيمكن اعتبار ذلك اعتذارًا، لكن… أودّ أن أهدي الآنسة إيريس التاج الذي ترتديه.”
اتّسعت عينا إيريس بدهشة، فيما لوّحت كلوي بيديها مرتبكة:
ثم التفتت نحوه بعينين تقولان: ‘اشترِ لها كلّ ما تُريد.’ فضحك كيرتيس وأومأ موافقًا، ثم خاطب الماركيزة:
“إنّه يوم زفافي. دعيني أوفّر لزوجتي هيبة الموقف أولًا.”
“حسنًا.”
ابتسمت الماركيزة وهي تهزّ كتفيها استسلامًا. لكنّ كيرتيس كان يُخفي غرضًا آخر.
“بالمقابل، هناك أمرٌ أودّ أن أطلبه منكِ.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
أنستا: fofolata1 ✿
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 50"