4
الجزء الأول: الجحيم
– الفصل الأول: العودة (3)
في حلم عابر، تحدثت جانغ هيون-جي إليّ وهي تنظر في المرآة.
“هذا المكان يبدو حقًا كحلم.”
“كنتُ أعيشُ حياةً محدودة الأمد، والآن انتقلت إلى جسدٍ آخر… العالم مليء بالمفاجآت، أليس كذلك؟”
فرصة حصلت عليها امرأة كانت تموت بسببِ مرض عضال. لكن تلكَ الفرصة كانت على حساب سرقة حياتي.
كان جسد جانغ هيون-جي الضّعيف يموت يومًا بعد يوم. كانت تنتظر الموت في غرفة مستشفى ضيقة.
كل ليلة، كانت تصرخ من ألمِ الذكريات المؤلمة لحريق أودى بحياة عائلتها.
فتاة في الثامنة عشرة، فقدت عائلتها في حريق غامض ونجت بمفردها.
عندما كانت على وشكِ التعافي والخروج من المستشفى، تم تشخيصها بمرض عضال وحُكم عليها بحياة محدودة.
لم يزرها سوى موظفي التأمين، و أقارب يطمعون في ثروتها و تأمينها، وفي أموال التأمين على الحياة بعد موتها.
كل ما حصلت عليه مقابل سرقة حياتي هو هذا الجسد المريض و ليالٍ بلا نوم.
لم أستطع تحمّل ذلك. كما قالت جانغ هيون-جي، كانت حياتي مليئة بالبرودة، لكنها كانت حياتي.
الموت و الألم الذي يقترب كل ليلة كان ملككِ، فلماذا عليّ أن اتحمّلها انا؟
“أنا ممتنة لكِ.”
“لا تشعري بالظّلم كثيرًا. لو كنتِ أنتِ، لكنتِ الآن تموتين بمفردكِ في سجن قذر.”
صوت جانغ هيون-جي اخترقَ وعيي بوضوح وسط ألم مبرح لا يخففه حتى المسكنات. عضضت على أسناني ولعنتها.
أعيديه، اختفي، أنقذيني…
يا إلهي، إذا كان موتي سيدمر تلكَ المرأة، فسأموت بكلّ سرور، أرجوك.
حتى لو كان موتي بائسًا، كانت حياتي ملكي. لا تجرؤي على السعادة بعد أن سرقتِ حياتي.
لا تجرؤي على الشفقة عليّ.
كنت أقاوم بكل قوتي لاستعادة جسدي. خوفًا من الألم المبرح الذي يهاجمني كل ليلة، حاولت إنهاء حياتي بنفسي. لا يمكنني تحمل أن تكون هذه الأوجاع هي ثمن سرقة حياتي، حياة لا يتبقى منها سوى الموت.
لو لم أكن أعلم، لكان الأمر مختلفًا. لكن في لحظات النوم القصيرة هربًا من الألم، كنت أرى تلك المرأة السعيدة في أحلامي.
أيام تموت فيها وهي تتلقى شفقة تلك المرأة السعيدة، دون أن أستطيع فعل أي شيء.
لم أتوقع استعادة حياتي. أكلني الألم حتى تمنيت الموت في أقرب وقت.
كان أمنيتي الوحيدة أن تعاني تلك المرأة بقدر ظلمي وألمي.
لو أمكنني الانتقام، لبعتُ روحي الرخيصة للشيطان.
لا أعلم إن كان الشيطان قد استجاب لأمنيتي اليائسة، أم أنه تمَّ رحمتي أخيرًا.
المهم أن الفرصة أتت إليّ أخيرًا.
حلمت حلمًا مريرًا.
عندما أغمض عينيّ، سمعت كلامها. الفرق عن السابق هو أنها لم تعد سعيدة.
“كان ملكي، إنه ملكي الآن. لماذا تفعلين هذا الآن؟”
“لا! سأعود! لينوس، أنقذني!”
“لا…”
“…لا أريد أن أموت…”
أن تصبحي تعيسة.
ذلكَ كان الأهم.
لم يكن بإمكاني الانتقام مباشرةً من تلكَ المرأة التي أكرهها أكثر من أي شيء، لكنني أردتُ تدمير كل ما كانت تملكه. كرهت هذا العالم الذي تجاهلني وكان لطيفًا معها. كان الحقد المتراكم يخنقني. مزّقَ الغضب الذي لا مكان له أحشائي.
“كان يجب أن تكوني أكثر حكمة، فلورنس.”
“كان يجب أن تتظاهري بالجهل وتضحكي باعتدال. الناس لا يحبون مَنٔ يتحدث بصراحة.”
“لا أحد يهتم بظلمك.”
“أنتِ لستِ بريئة تمامًا…”
أعلم أن “النصيحة” التي وجهتها جانغ هيون-جي إليّ في المرآة كانت صحيحة. لقد أثبتت صحة كلامها بنفسها.
لكن كيف يمكنني ذلك؟ كيف أدفن هذا الظلم المشتعل؟ هل يختفي إذا تجاهلته؟ هل يصبح كأن لم يكن؟
عائلتي التي اتهمتني بقتلِ أمي ضحكت لكِ.
الرّجل الذي لم ينظر إليّ أبدًا ركعَ أمامكِ وأعلن حبه العميق.
صليتُ إ كل يوم لأصبح شخصًا مفيدًا حتى ينظر إليّ، لأتمكن من استخدام السحر أو فنون الروح، لكن تلكَ القدرات التي مُنعت عني كانت متاحة لكِ من البداية.
كيف يمكنني قبول هذا كشخصٍ بالغ؟
أكره جانغ هيون-جي التي سرقت حياتي، وأكره كل شيء تقبلها و أحبها بسهولة.
أكره كل ما أحببته لكنه لم يحبني.
فتحتُ عينيّ. كانت غرفة النوم مغمورة بظلامٍ خافت.
لم يمر يوم كامل بعد. شعرت بالراحة لأن الوقت لم يمر كثيرًا. ما زلت بحاجة إلى وقت. وقت لترتيب الذكريات و المشاعر المشوشة، و وقت لوضع خطة لما يجب فعله بعد ذلك.
لا يمكنني البقاء هكذا. كانت أبشع الذكريات تحاول الظهور من جديد. شعرت وكأن الغثيان الذي هدأ قليلاً سيعود. يجب أن أهرب بسرعة، وإلا…
“استيقظتِ، يا حبيبتي.”
رنّ صوت حلو في أذني. رفعت عينيّ مذهولة.
ظهر ظل كان يذوب في الظلام، مكتسبًا شكلاً واضحًا في الضوء الخافت.
“سمعتُ أنكِ استيقظتِ، فهرعت إليكِ، لكنهم قالوا إنكِ عدتِ إلى النوم.”
وجه أكثر نضجًا مما في ذكرياتي، لكنه أنحف مما في ذكريات “أنا”.
شعرٌ أسود طويل، بشرة بيضاء شاحبة، وملامح أنيقة ودقيقة، كما هي دائمًا.
قد يبدو للوهلة الأولى كشاب لم يمسك سيفًا قط، لكنه أصغر سيد سيف في مملكة يوليا، بل وأحد أقوى المقاتلين في القارة بأكملها.
“خشيتُ أن تكونَ هيلين قد حلمت بذلك، فقررتُ مراقبتكِ. أردتُ أن أرى لحظة استيقاظكِ.”
هذا الرّجل الذي يناسبه وصف الجمال هو لينوس شاين ليندكويست.
خطيبي، و بطل الرواية.
عيناه السوداء التي تصبح عميقة وحلوة عندما ينظر إليّ هي تمامًا كما في ذكريات “أنا”.
اقترب لينوس مني.
كانت لحظة عدم إدراكي لوجوده تبدو ككذبة، إذ أصبحَ حضوره واضحًا بشكلٍ لافت. نظر إلى وجهي للحظة، ثم ركعَ بجانب السرير كما لو كان منهارًا، وأمسك يدي و قبّل ظهرها.
“كنتُ أؤمن أنكِ ستستيقظين. كنتُ أعلم أنكِ لن تتركيني…”
نقلت شفتاه الملامسة لظهر يدي رعشته وتأثره. بدا و كأنه سيسكب الدموع في أي لحظة.
“لن تفعلي ذلك، يا حبيبتي. لن تقومي بفعل قاسٍ كهذا، أليس كذلك، هيون-جي؟”
“….”
“قال الطبيب إنه لا توجد مشكلة بكِ. مجرّد إرهاق جعلكِ تنامين، هكذا زعموا. لا شيء خاطئ في أي مكان. لم أستطع استدعاء كاهن، فقد يؤذي ذلك روحكِ الضعيفة. لم أستطع فعل أي شيء وأنتِ نائمة. كم كان ذلكَ الوقت العاجز مروعًا…”
استمر في الاعتراف بحماس. لم أستطع قولَ أي شيء.
“أنا آسف، هيون-جي. لم أستطع فعل أي شيء لكِ. شكرًا لعودتكِ، حقًا…”
ذرف لينوس الدموع أخيرًا. وهو يمسك يدي، يقبلها بقبلات صغيرة، و ينحني باكيًا، بدا كطفلٍ كبير لكنه ضعيف. دموعه صادقة بالتأكيد.
لقد أحبَّ جانغ هيون-جي بصدق. وكذلك فعلت جانغ هيون-جي. كانا يعيشان قصة حبٍّ جميلة كالروايات.
بجسدي.
بسرقة حياتي.
“شكرًا، أحبكِ. أحبكِ، هيون-جي.”
حبّ جميل، أليس كذلك؟
ليسَ بعد.
يجب أن أتحمل. يجب أن أخطّطَ لكيفية الهروب تمامًا، وكيفية إيذائه أكثر. لكن…
كنتُ أعلم.
كان يعلم أن روحًا أخرى كانت في هذا الجسد، ليست أنا. كان يعلم و لم ينقذني.
لم يبحث عني.
لم يهتم بما حدثَ لي…
كان التنفس صعبًا جدًا.
لا يجب أن يُكتشف أمري. لينوس رجلٌ خطير. لا أعرف ماذا سيفعل، وبما أنني لا أستطيع التحرك بمفردي، لا يجب أن يُكتشف أن تلك المرأة قد اختفت.
“هيون-جي، فلورنس، زهرتي الوحيدة.”
فلورنس، زهرتي الوحيدة. أحبكِ.
فلورنس.
لا، لا يمكن.
أعلم أنني على وشكِ ارتكاب حماقة أخرى بسببِ الاندفاع و الغضب. لكن الغضب الذي انتشر كالنار في رأسي أحرق كل شيء.
هذا الاسم أعطته إياي جدتي. لستَ أنت من يحق له مناداتي بزهرة وحيدة. تلكَ المرأة لا تستحق أن تُدعى هكذا.
“…مرحبًا، يا حبيبي.”
خرجَ صوتي المكبوت بنبرةٍ غريبة. رفع الرجل الذي كان يبكي و وجهه مدفون في يدي رأسه.
في عينيه السوداوين، التي تراني “أنا” ، برز بريق بارد كالجليد. لم أستطع كبح ضحكتي.
تفوقت الإثارة و التوقع بإيذائه في هذه اللّحظة على القلق مما سيحدث.
“لقد مـرَّ وقتٌ طويل.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 4 2025-08-02
- 3 - العودة (2) 2025-06-05
- 2 - العودة (1) 2025-06-05
- 1 - المقدمة 2025-06-05
التعليقات لهذا الفصل " 4"