الفصل السادس
كان ذاك المخلوق يحدّق بي بهدوء قبل أن يفتح فمه مجددًا. وفجأة انسكبت كلماته داخل رأسي.
[إذن، صحيح أن الزعيم تحوّل إلى إنسان.]
على ما يبدو، صرتُ قادرة على فهم لغة الوحوش.
هذا أيضاً لا بد أنه بسبب وراثتي لقدرات شيطان الدماء.
[لا أعرف ما الذي يحدث، لكن الأمر… منعش على أي حال.]
ثم حرّك قدميه مقتربًا نحوي.
فصرخت بسرعة:
“انتظر! لا تقترب مني!”
فحتى لو كان شكله لطيفًا، يظل وحشًا في النهاية. ربما يهاجمني مثل أولئك الزعماء الفرعيين.
[مفهوم.]
على غير المتوقع، خرج منه جواب مطيع.
إذن هو أيضًا يستطيع فهم كلامي.
“وحوش يمكن التفاهم معها…؟”
لم يخطر ببالي شيء كهذا من قبل.
فالوحوش التي واجهتها حتى الآن كانت جميعها تندفع وعيونها جاحظة، لا تعرف إلا التمزيق والقتل.
لهذا السبب لم أستطع التراخي حتى مع هذا الوحش الذي يبدو مستعدًا للحوار.
ألن يكون من ذلك النوع الذي يقترب ببراءة بعيون متلألئة ثم يطعن من الخلف؟
وفوق ذلك، رغم صِغَر حجمه، كان ظلّه ضخمًا بشكل مريب، مما أقلقني.
لكن، مع ذلك، لم يسمح لي ضميري بمهاجمته أولاً.
فقلت مباشرة:
“هل ستهاجمني؟”
[أنا… أهاجم الزعيم؟]
فتح عينيه على اتساعهما مجيبًا:
[مستحيل.]
“حقًا؟”
[نعم. فأنا التابع الوفي للزعيم. وأنا أيضًا مدير هذا البرج.]
تأثرت حتى كدت أبكي. أخيرًا ظهر مخلوق يعاملني كـ رئيسه!
لقد كنت تعيسة حتى الآن، تتعرض للهجوم من الزعماء الفرعيين بل وحتى من التافهين من الوحوش الصغيرة!
لكن… أليس غريبًا أن يكون وفيًّا هكذا، ومع ذلك لا يُبدي أي اهتمام بكون زعيمه تغيّر كليًا إلى إنسان؟
لا يهم. ما دام لا يهاجمني فهذا كافٍ.
اقتربت بحماس واحتضنته فجأة.
“الآخرون كانوا يهاجمونني بلا رحمة…”
قلت بصوت يكاد يبكي، فأجابني بلا مبالاة:
[من الأفضل ألا تتوقع شيئًا من مخلوقات بلا عقل.]
“لكن… شكلك مألوف بطريقة ما.”
بعد أن أمعنت التفكير، أدركت أنه يشبه كثيرًا القِطَس* الذي كنت أربيه في صغري.
*شوفوا شكل الحيوان اللي معها بالغلاف*
كان صديق أخي المقرّب قد سافر لفترة طويلة وتركه عندنا.
كان كائنًا رائع الجمال.
وحين حان وقت عودته، كنت طفلة صغيرة فتمسكت به وأجهشت بالبكاء، حتى أنني ارتميت أرضًا أرفض فراقه.
أتذكر أن أخي أعطاني حصته من المثلجات ليواسيني.
ربما لهذا، ومن شدّة الشبه، وجدت نفسي أمسح على رأس الوحش بسلاسة وسألته:
“ما اسمك؟”
فأجاب على الفور:
[أنا أودوكشيني.]
ثم صعد تلقائيًا على ذراعي ليستقر فوق كتفي.
أودوكشيني؟!
هذا الاسم رأيته في دليل إستراتيجية البرج الأحمر الذي أعطاني إياه بارك كي هيوك.
بل وكان مذكورًا في السطر الأول من خانة الوحوش الأكثر خطورة!
إنه كائن يستطيع التنقل بين كل طوابق البرج، وهو الذي ينشر طاقة الرعب في جميع أرجائه.
قويّ للغاية، يقال أن القضاء عليه مستحيل لأنه قد يظهر في أي طابق ويختفي حيث يشاء.
يمتلك قدرة رهيبة على تغيير شكله ليتجسد في صورة تُضخّم مخاوف من يراه.
ولهذا، ما لم تكن صيادًا ذا إرادة فولاذية، فمن الصعب مواجهته.
وإذا صادفت صورته الحقيقية، فستنهار روحك تحت ضغط الرعب المطلق وتفقد عقلك.
قيل إن أحد أعضاء نقابة كبرى أصيب بالجنون بعد أن رآه، ولا يزال في المستشفى حتى اللحظة.
لكن…!
بصراحة، شكله الحالي كان لطيفًا جدًا على عكس كل تلك الأوصاف المخيفة.
وحين قلت ذلك، حكّ أودوكشيني خدّه بقدميه الصغيرتين وقال:
[ذلك لأن الزعيم يتمتع بمقاومة هائلة ضد الخوف.]
ففتحت نافذة الحالة لدي لأتفقد الإحصاءات.
وبالفعل، بصفتي الزعيم الأخير، ارتفعت جميع قدراتي الأساسية بشكل كبير، لكن أكثر ما لفت انتباهي كان مقاومة الخوف:
【مقاومة الخوف – 500%】
عادة لا تتجاوز النسبة 100%.
أما الجبناء فقد تكون لديهم 0%.
لكن 500%؟ هذا يعني أنني حرفيًا… فقدت كل إحساس بالخوف.
يبدو أن خاصية “شيطان الدماء” ظهرت كونه زعيم الزنزانة ذات السمة المظلمة.
قيل إن “أودوكسيني” يتميز بقدرته على التحوّل إلى هيئة تعظّم مخاوف من يلامسه.
لكن بما أن مقاومتي للخوف عالية جدًا، فقد تحوّل على العكس تمامًا.
أيعقل أن هذه الهيئة هي ما أراه أنا الأكثر براءةً وظرافة؟
كنت أمسح رأسه بلا توقف بكفّي ثم سألت:
“ما عمل مدير البرج بالضبط؟”
[مهمتي أن أساعد الزعيم في حماية البرج.]
قالها أودوكسيني بوجهٍ بارد وهو يلفّ ذيله.
[أمنع البشر من تسلّق البرج بسهولة. غالبًا أُسبب لهم عذابًا نفسيًا. لكن في الآونة الأخيرة لم تعد هجماتي العقلية تؤثر كثيرًا، فهم يتحايلون بأساليب ماكرة.]
لو لم أحصل على تعزيزات من الداعم قبل دخولي، لكنت نُقلت إلى المستشفى منذ زمن.
ابتسم أودوكسيني بزاوية فمه وتابع:
[متعتي أن أرى وجوههم وهي تتشوّه من الألم.]
مهما كان ودودًا معي، يظل وحشًا في النهاية.
“هل تكره البشر إذن؟”
[نعم. البشر حمقى. حمقى وكسالى، ومع ذلك أطماعهم بلا حد. لا أرغب حتى في الاختلاط بهم.]
‘لكنني أيضًا بشرية…’
تكلم بنبرة جافة ثم بدا وكأنه تدارك الأمر فحكّ خده وأضاف:
[بالطبع، الزعيم استثناء.]
“لقد جرحتني.”
[هكذا هو.]
أجاب فقط وانتهى الأمر. ألا ترى أنه بارد أكثر من اللازم؟
لكن لو فكرت من زاويته، الأمر مفهوم.
تخيل أن تأتي إلى عملك يومًا فتجد غوبلن* جالسًا على كرسي المدير!
*نوع من الوحوش*
مجرد أنه لم يهاجمني وناداني “الزعيم” فهذا بحد ذاته فضل كبير.
على كل حال، ما يهمني الآن هو الخروج من هنا.
لم أشعر يومًا بهذه الرغبة العارمة لرؤية السماء الزرقاء.
لعل أودوكسيني يعرف طريقة أفضل من النزول مشيًا عبر الطوابق.
“أريد الخروج من هذا البرج فورًا. ألا يوجد مخرج طارئ أو شيء كهذا؟”
نظر إليّ أودوكسيني بدهشة وقال:
[الخروج؟ من البرج؟]
من الطبيعي أن يُصدم.
متى سمع أحد عن زعيم زنزانة يغادر مكانه طوعًا؟
لكن على الرغم من ذلك أجاب بهدوء:
[الطريقة بسيطة… فقط عليك أن تطلب من المسؤول عن بوابة الدخول فتحها.]
“ومن يكون هذا؟”
[ذاك المسمّى “السيد الشبح”.]
قال الاسم بوجهٍ ممتعض.
“السيد الشبح”… نعم، أذكر أنني رأيته حين دخلت البرج أول مرة.
اكتفى بتفتيش بطاقة الدخول ثم اختفى في صمت.
“ولكي أراه الآن، عليّ النزول حتى المدخل؟”
[لا. مثلي تمامًا، يمكنه التنقّل بين كل الطوابق. يكفي أن يستدعيه الزعيم، وسيظهر.]
“وكيف أستدعيه؟”
[يجب أولًا العودة إلى غرفة الزعيم في الطابق الأعلى.]
لم يكن أمامي خيار، فعدت أصعد الدرج حتى وصلت إلى غرفة الزعيم في القمة.
الدخول إليها مجددًا أشعرني بالانقباض… خصوصًا عند تجاوز العتبة.
سرت حتى أعمق نقطة في الغرفة كما دلّني أودوكسيني، وهناك رأيت فجوة مربعة في الجدار تشبه الموقد.
كانت عميقة كأنها متصلة بالطابق السفلي، ربما تُستخدم كقناة لنقل الأشياء.
وعلّق أمامها جرس صغير.
طرقت الجرس كما أُرشدت، لكن لم يحدث شيء.
“لماذا لم يأتِ؟”
جربت مرة ثانية، بلا جدوى.
نظرت إلى أودوكسيني بارتباك، فأطلق تنهيدة طويلة وقال:
[ذلك الكسول… لا شك أنه يتمدد نائمًا في مكانٍ ما، أو يعدّ الشموع في الممرات.]
نبرته حملت امتعاضًا واضحًا، ربما من ضيقٍ متراكم.
[قد يكون الآن مشغولًا ببناء بيت جديد لتلك الضفادع السامّة التي تحرس المدخل. ما رأيك بأن تطرديه من العمل؟]
“هاه؟ أيمكنني فعل ذلك؟”
[بالطبع. أنتِ زعيم هذا البرج، يا سيدتي.]
أحقًا على زعيم الزنزانة أن يُشرف حتى على انضباط موظفيه الوحوش؟
حككت رأسي بحرج.
لكن فجأة، امتدت يد سوداء من الفجوة!
“مـ… ما هذا؟!”
ارتددت إلى الخلف بفزع.
اليد المغطاة بقفاز أسود ضغطت على الجدار ثم خرج منها جسدٌ طويل القامة، أسود الهيئة.
وسمعت صوتًا رقيقًا، لكن يخيم عليه فراغ غريب:
“تحياتي، أيها الزعيم.”
لقد كان رجلًا يرتدي بذلة سوداء أنيقة، لا شك أنه هو… “السيد الشبح” الذي التقيت به عند المدخل أول مرة.
*هو نفسه اللي لابس بذلة و ظاهر معها بالغلاف*
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
هلا بنات كيف الحال؟ معكم المترجمة الجديدة للرواية أنفال 𝒩𝒪𝒱𝒜
مسكت العمل بعد ما تركته صديقتي المترجمة القديمة، و ان شاء الله ببدا فيه بقوة لأن القصة عجبتني الصراحة،
دمتم 🤭
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"
شكرا على الترجمة~
شكرا علي الترجمة 🌷