ظهرت أمامي عبارات تُخبرني بأن تأثيرات نافعة قد فُعّلت عليّ.
وبالفعل شعرت بأن الحروق التي سببتها النيران أخذت بالشفاء، وأن الإرهاق الذي كان ينهش جسدي بدأ ينجلي.
غير أنّ الأمر لم يكن صالحاً لصحتي النفسية على الإطلاق.
ثم إنّ هذه التجربة قد استهلكت مقداراً لا بأس به من الدم.
【كمية الدم – 82%】
كانت هذه أول مرة أستعمل فيها إحدى مهاراتي منذ أن فعّلت المرحلة الأولى، ومع ذلك لم يتبقّ سوى هذا القدر الضئيل!
إنها حقاً قدرة علاجية فعّالة، لكن لا ينبغي الإسراف في استخدامها.
زاد الأمر سوءاً أنّني شعرت بدوار خفيف في رأسي.
على ما يبدو، فإنّ ذلك المؤشِّر الذي يُظهر “كمية الدم” يرتبط ارتباطاً مباشراً بدم جسدي نفسه.
لا أظن أنه يعبّر عن كامل الدم الموجود في جسدي، غير أنّه إن وصل إلى 0% فقد أدخل في حالة نزيف حاد قد تُفضي إلى الإغماء.
وسرعان ما انطفأت آخر شرارة صغيرة من النيران، وخبت الأمطار الدموية التي هطلت كالطوفان.
أمّا جسدي فكان يعبق برائحة الدم النفاذة.
وبينما كنت أحدّق شارداً في الفراغ، انتبهت فجأة وأخذت أبحث عن الطفله.
قلت وأنا أقبض على جسدها الصغير:
“أيتها الصغيرة، هل أنتِ بخير؟”
غير أنّها لم تجبني.
وفجأة تداعى جسدها جانباً، فأسرعتُ مذعورة وانحنيت أتفحّصه.
كانت فاقدة للوعي، ولحسن الحظ أنّ أنفاسها لا تزال جارية.
تمتمت بصوت مرتبك:
“لا يمكن أن يكون السبب أنا…؟”
صحيح أنّ المطر الدموي منحني تأثيرات نافعة، لكن بالنسبة للبشر العاديين فمن المرجح أن يكون ذا أثر سيّئ.
[لقد استهلكت مخزونها من الطاقة السحرية فسقطت مغشياً عليها. تلك القدرة تقلّص طاقة المستيقظين السحرية.]
قال أودوكشيني، وقد عاد على حين غرة وقفز إلى كتفي.
[لكن في المقابل يبدو أنة حالفنا الحظ؛ إذ أوقفنا انفلات قوته.]
كنت قد رأيته يفرّ بعيداً، لكن حقاً ما أسرع قدميه!
على أي حال، طالما أنّ الأمر توقف عند الإغماء فتلك نعمة.
مددت الطفلة برفق على الأرض، ممدداً جسدها الصغير.
من العجيب أن يخرج من هذا الجسد الضئيل لهيب كاد يملأ المكان بأسره.
كنت بين الإعجاب والاضطراب من هذا المشهد.
لقد عُرف في العالم أجمع أنّ أصغر من استيقظ من قبل كان في الرابعة عشرة من عمره، وهو صاحب المركز الأول في الترتيب العالمي حالياً، من كوريا.
لكن هذه الطفلة لم تبدُ حتى كطالبة في المرحلة المتوسطة.
[زعيم. ما دمتِ تحظين بالتعزيزات، فهلمّ بنا لننهِ هذه الزنزانة!]
قال أودوكشيني ذلك وهو يضغط بكفه الصغير على عنقي.
وقد وافقته، إذ لم أكن أرغب إلا في إنهاء هذا المكان بأسرع وقت.
غير أنّ خاطراً جال برأسي: “لكن، ماذا عن الطفلة؟”
لا يمكنني أن أتركها وحيدة هنا.
راودتني فكرة أن آخذها إلى المرأة التي رأيتها من قبل، لكن ذلك سيستغرق وقتاً، ثم إنّ قدراتها قد تنفلت مرة أخرى.
ولذلك، لم أجد بُداً من أن أحملها على ظهري وأمضي.
“أين يا تُرى يختبئ الوحش الرئيسي؟”
تساءلت بعد أن مشيت طويلاً في الممرات المظلمة.
[لم يبقَ إلا القليل.]
أجابني أودوكشيني.
وبما أنّني كنت أحمل الطفلة على ظهري، فقد اتخذ ذاك المخلوق موضعه هذه المرة فوق رأسي.
[هناك في الأمام، أشعر بطاقة ضعيفة، لكنها تستحق الذكر.]
وأشار إلى الأمام بذيله.
عندها، سمعت همساً ضعيفاً خلف أذني:
“…ما ذلك الشيء فوق رأسك؟”
“هاه؟”
كانت الطفلة قد أفاقت من إغمائها، ومدّت رأسها من خلف كتفي وهي ترمش بعينيها.
“فوق رأسك كرة من الفراء السوداء.”
“آه، ذاك؟”
يبدو أنّها كانت تقصد أودوكشيني.
[تسمينني كرة فراء؟ إنك قاسية!]
زمجر الكائن وهو يضرب جبهتي بذيله.
إنّ أودوكشيني يغيّر شكله تبعاً للشخص الذي يراه.
وبما أنّه ملتصق بي، فقد تراءى للطفلة في صورة كرة صغيرة.
لكن… كيف أشرح الأمر للطفلة؟ لا يمكنني أن أبوح لها بأنه وحش.
فقلت دون تفكير:
“إنه… روح. نعم، روح.”
*تكذب بدون ما ترمش *
لم يبدُ أودوكشيني راضياً، و رمقني بنظرة عاتبة.
أمّا الطفلة فقد لمعت عيناها بفضول وقالت بحماس:
“هل أنت ساحرة أرواح؟”
“لا، استعرتُه فقط.”
فهناك محلات مختصة تؤجر أرواحاً ذات قدرات خاصة.
كانت فكرة تجارية ابتكرها بعض متمرسّي مستحضري الأرواح.
ورغم تكلفتها الباهظة، فإنها تجدي نفعاً عظيماً، ولهذا يقبل عليها الكثير من الصيادين.
“حجة مناسبة…” تمتمتُ في نفسي.
هزّت الطفلة رأسه موافقة، ثم سألت:
“إذن، ما ذاك الذي رأيته قبل قليل؟”
“ماذا تعنين؟”
“ذلك المطر الأحمر… كان دماً يتساقط من السماء!”
تجمدت في مكاني.
ظننت أنها كانت فاقدة للوعي، فإذا بها قد رأت كل شيء!
“أمر غريب فعلاً…”
قالتها الطفلة، ثم أردفت:
“أنت مصنفة F، فكيف تمتلكين قوة كهذه؟”
ارتبكت وسألته:
“من أخبرك أنني F؟”
“مجرد شعور… أستطيع أن أعرف.”
أجابت ببساطة.
لكنني جمدت مكانى.
فلا يمكن تمييز رتبة المستيقظين إلا بأجهزة الفحص الرسمية في إدارة المستيقظين.
إلا إذا كانت… من فئة S.
المستيقظون من رتبة S يملكون قدرة تُسمى البصيرة، تتيح لهم الاطلاع على معلومات الآخرين.
فهل يُعقل أن هذه الصغيرة…؟
تمتمت متوجسة:
“…أيمكن أن تكوني من الفئة S؟”
“لا أعلم. لم يخضعني أحد للفحص. قال لي أخي وعمي ألا أفعل، على الأقل حتى أصبح راشدة.”
لا شك أنّهما من عائلتها، ولو كنت مكانهما لفعلت الشيء ذاته.
إذا كانت الطفلة حقاً من الفئة S، فإن الكشف عن أمرها سيجلب عليها عبئاً يفوق عمرها بكثير.
صحيح أنّها ستنال جاهاً وثروةً وسلطة، لكن كل ذلك يمكن أن يأتي لاحقاً، حين تكبر.
“أختي، تلك القدرة الغريبة، لا ينبغي أن يعرف بها أحد، صحيح؟”
قالت وهي تطوق عنقي بذراعيها الصغيرتين، بنبرة جدية.
“إذن فلنُبرم عهداً. اكتمي سري، و سأكتم سرك.”
كانت تتحدث بحزم يفوق سنّها، فلم أرَ داعياً للرفض.
“حسناً.”
“وما اسمك؟”
“أنا تُدعى تشون سُوري.”
“وأنا اسمي جون أونيو. من الآن نحن فريق واحد.”
قالتها بصوت فيه بريق الفرح، ثم أضافت:
“يجب أن نحفظ أسرارنا… حتى يُسدّ النعش علينا.”
“اتفقنا.”
ضحكت في سري، فكيف لطفلة أن تعرف مثل هذا التعبير؟
ثم أكملت بجدية:
“وسأبقي سر ذاك الذي يتظاهر بأنه روح.”
إذن لقد أدركت منذ البداية أنّه ليس بروح.
شعرت بالحرج، لكن الحمد لله أنها لم ترَ بطاقة “معلومات الوحش” الخاصة بي.
صمتت هنيهة، ثم سألت بهدوء:
“…أختي، هل آذيتك؟”
أجبتها سريعاً:
“لا.”
رغم أنّ جسدي ما يزال يحمل آثار الحروق، إلا أنّ المطر الدموي عالجني تماماً.
ارتاحت الطفلة ولم تعد تتكلم.
لكنني تساءلت في داخلي: ما الذي جعلها تفقد سيطرتها وتطلق تلك القوة؟
هل لأنها حديثة عهد بالاستيقاظ؟ لكنني فضلت عدم السؤال.
ثم ظهرر أمامنا فجوة سوداء تؤدي إلى الأسفل.
[ها قد وصلنا، زعيم. وراء هذه الفتحة مباشرة يكمن زعيم الزنزانة.]
أعلن أودوكشيني.
أما أونيو فقد اتسعت عيناها وهي تحدق به، بينما لم تكن تسمع سوى فحيح غامض.
أومأت لها، وأوصيتها أن تنتظر في مكانها.
“أأنت ذاهبة وحدك؟”
سألت بعينين متسعتين.
“نعم. ابقي هنا ولا تتحركي. تستطيعين الانتظار بمفردك، أليس كذلك؟”
“لكن…”
“لديّ قدرة غريبة، أتذكرين؟ سأعود سريعاً.”
وضعتُها برفق على الأرض.
لم يكن ضرورياً أن أدخل وحدي، لكني لم أرغب في أن ترى ما سيصدر عني.
بدا القلق على محياها، لكنها لم تُعارض.
كان الطابق الأخير من الزنزانة أحلك مكان دخلته قط.
وما أن وطئت قدماي الأرض حتى انبثق أمامي إشعار:
【لقد دخلتَ إلى مجال زعيم الشق: التمساح العملاق كروكاييل.】
ها قد حان اللقاء المنتظر.
تعالى دويّ رهيب، واهتزت الأرض تحت قدمي.
ومن أقصى جدار الكهف المظلم برز ضوء أزرق مزدوج.
كان يتماوج باهتزاز مريب، يقترب نحوي بخطى ثقيلة.
إنهما عينان. عينان لمخلوق مريع: التمساح العملاق، سيد الشق كروكاييل.
وكما يوحي اسمه، كان حجمه يفوق بخمسة أضعاف ما واجهت من قبل.
ومع ذلك، لم أشعر بالخوف.
كل ما أردته هو إنهاء هذا الشق فحسب.
قلت بثقة:
“هيا، لنُنهي الأمر سريعاً.”
فتحت راحة كفي المجروحة، وأنا أواجهه مباشرة.
لكن فجأة، قفز أودوكشيني أمامي ليمنعني.
[انتظري يا زعيم.]
“ماذا هناك؟”
قال بوجه لم أرَه يوماً بهذا الجِدّ:
[ألا تشعرىن بذلك؟ ثمّة طاقة رهيبة… مرعبة إلى حد لا يُصدّق.]
♤♧♤♧♤♧♤
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"