كان في داخلي شيء من المرارة؛ أن لا يُعترف بي كصيادة إلا حين تحيق بنا الكوارث.
لكن، ومهما يكن، لم يكن لي خيار آخر.
إن أردت الخروج من هذا الشقّ، فلا بد لي أن أنهي الزنزانة وأكمل الاجتياز.
قادوني إلى حيث انقطع الطريق، فإذا بثقب هائل يتهاوى تحتنا.
كان قاعه غارقاً في الظلام، لا يُرى منه شيء.
لم أستطع تقدير عمقه أبداً.
وفوق ذلك، كان يتردّد منه صدى غامض، لا يُعرف أهو عويل وحش أم صراخ إنسان.
أيمكن أن تكون هذه فجوة تؤدي إلى الجحيم؟
أتوجب عليّ النزول إلى هناك؟ كان الأمر يتطلب شجاعة هائلة، أكبر مما توقعت.
“أ… أحتاج فقط إلى لحظة أستعد فيها نفسيّاً…”
لكنني شعرت فجأة بقوة تضغط على ظهري من الخلف.
“أه…؟!”
دفعة واحدة أزاحتني نحو حافة الطريق المقطوع.
“توقفوا!”
“لا يجوز دفعها بهذه الطريقة! هل أنت بخير، أيتها الصيادة؟!”
كان صوت الأخوين يأتيني من الخلف، يحاولان ثني الآخرين.
لكن سرعان ما تلاشى صوتهما أمام دفعة ثانية، أشد عنفاً.
“امضِ قدماً بسرعة!”
لقد كان ذلك الرجل الوقح نفسه، الذي صاح قبل قليل في وجهيهما بلا خجل.
اهتز جسدي بعنف، وفقدت توازني.
لم يكن هناك وقت حتى لأثبت قدمي.
هذا خطر…!
وفجأة، ظهر أمام عينيّ إطار مضيء للنظام:
【بدأ القتال】
“ماذا…؟!”
ثم تلا ذلك إعلان آخر:
【بدأت المحنة الأولى في الطابق الأعلى من البرج الأحمر】
لا، لم يصل الأمر إلى القتال! لقد دفعوني فقط! صحيح أنني غاضبة، لكنني لا أنوي القتال الآن!
لو استدعيْت زعماء فرعيين هنا، لكان ذلك إبادة حقيقية.
فلن يصمد أمامهم أي من هؤلاء الناس العاديين.
إلا أنّني تذكرت أنّني قتلت الزعماء الفرعيين بالفعل…
لكن وحوش البرج تعود للظهور مع مرور الوقت.
شعرت بقطرات عرق باردة تنساب على ظهري.
【مدير البرج…】
كان النص أمامي مشوشاً، يتقطّع كأنه جهاز معطل، ثم أعيد ترتيبه وظهر بوضوح:
【مدير البرج، يتم استدعاء الظِلّ الغامض أودوكشيني 】
أودوكشيني؟! لماذا؟ هل تغيّر شيء؟
في تلك اللحظة، خيّم على المكان ظلّ أسود عظيم، انبسط فوق رؤوس الجميع.
“ماذا… ماذا يحدث؟!”
“لماذا يبتلع الظلام المكان فجأة؟!”
تعالت الهمهمات المذعورة.
لكن أودوكشيني لم يكن في هيئته التي أعرفها، أي هيئة ابن عرس صغير، بل ظهر كتلة من طاقة سوداء معلّقة في الهواء.
“ما الذي يجري بحق السماء…”
ولم يلبث الناس أن أطلقوا صرخات مفزعة:
“كيااااااااه!!”
“آآآآه!!”
“توقف! توقف! أرجوك كفى!!”
سقط الجميع أرضاً دفعة واحدة، يتلوّون من الألم، يصرخون حتى يبحّ الصوت.
بعضهم تقوّس جسده كأن عذاباً لا يُطاق يعصف به.
كنت وحدي بخير، لكن صراخهم المتواصل كاد يثقب أذنيّ ويُفقدني رشدي.
ومع ذلك، أدركت سريعاً ما يجري.
لقد أصيبوا مباشرة بقدرة أودوكشيني: إصابة الرعب.
[هاهاهاها! أنظري إلى هذا، سيدتي!]
رنّ صوت أودوكشيني، مفعماً بالمرح كما لم أسمعه من قبل.
[لم أتذوق هذا القدر الخالص من الخوف من دهور! إنهم ضعفاء جداً، مختلفون عن أولئك الذين يدخلون البرج عادة.]
هذا طبيعي… فهم أناس عاديون!
صرخت وأنا أواجه تلك الهالة السوداء التي تجوب المكان:
“أودوكشيني! توقف فوراً!”
فالمستيقظون تتفاوت قواهم الذهنية، أمّا البشر العاديون فلا طاقة لهم على مقاومة مثل هذا الهجوم.
[أتوقف؟]
ردّ بصوتٍ ممتلئ بالضيق، ثم ما لبث أن قال مستجيباً:
[حسناً… بما أنّكِ تأمرين يا سيدتي.]
فتجمّعت الطاقة السوداء المتناثرة من كل الجهات في نقطة واحدة، وتحوّلت تدريجياً إلى هيئة ابن العرس الذي أعرفه.
وسرعان ما خفتت الصرخات المدوية، واختفى ذلك الضغط الهائل الذي ملأ الفضاء.
[لا أخفي طاقتي لأنني أريد التوقف، لكن… بما أنّ سيدتي طلبت ذلك.]
قالها وهو يؤكد من جديد، وكأنه يستاء من الامتثال.
ابتسمت وأنا أمد يدي أُمرّرها على عنقه بخفة:
“حسناً، وحش مطيع إذن. أحسنت.”
لكن ما أن فعلت ذلك، حتى انتبهت لنفسي والتفت حولي في وجل.
فلو رآني أحد أتحدث مع وحش هكذا… كيف سيفسر الأمر؟
لكن لحسن الحظ، أو لعلها مصادفة، كان الجميع قد أغمي عليهم.
… أغمي عليهم فقط، أليس كذلك؟
تأكدت من أقرب رجل ملقى على الأرض.
لحسن الحظ كان يتنفس بانتظام.
تفقدت الآخرين واحدًا تلو الآخر لأتأكد من أنهم جميعًا فاقدون الوعي فقط.
حتى الشقيقان اللذان حاولا أن يمنعا الآخرين كانا ممددين في آخر الصف بلا حراك.
بعد أن وضعتهم في وضعية أكثر راحة، جلست على الأرض منهكة.
وضعت أودوكسيني على ركبتي وسألته:
“كيف استُدعيت أنت؟ كنت أظن أن الزعماء الفرعيين هم من سيظهر.”
[ذلك أمر مستحيل.]
“لماذا؟”
[لأنه لا يمكنهم القدوم.]
“لماذا؟”
حين سألت مجددًا، بدا أودوكسيني بوجه غامض وأجاب:
[لأن… الزعيم (أنت) من قتلهم. هل تسألين وأنتِ تعرفين الإجابة؟ هذا مخيف حقًا من جانبك.]
“لا، لا، لم أقصد ذلك.”
قلت مرتبكة بسرعة:
“ألم يكونوا يعودون للحياة بعد مرور وقت ما؟”
[ذلك يحدث فقط إذا قتلهم المتسللون. أما وأنتِ من قضى عليهم، فهذا يعني النهاية. بفضلك، الطوابق التي كانوا يحمونها فارغة الآن.]
إذن ما الذي سيحدث؟ هل سيجري توظيف زعماء فرعيين جدد ليحلوا محلهم؟
أمر مقلق، لكن ليس ما يجب أن أشغل نفسي به الآن.
[ولو كانوا أحياء، فلن يستدعوا هنا. إنهم مقيدون بالبرج. لا يستطيعون مغادرته.]
قالها أودوكشيني بنبرة لا مبالية.
“إذن كيف جئت أنت؟”
[أنا مرتبط بكِ أنتِ، الزعيم، لا بالبرج. كوني المدير يعني أن مهمتي مساعدتكِ فقط، ولا علاقة لي بالبرج نفسه.]
هززت رأسي متفهمه.
يبدو أن للبرج أيضًا هيكلًا تنظيمياً معقدًا.
ثم خطر لي سؤال آخر:
“وماذا عن السيد الشبح؟”
[تس، ذلك الحقير أيضًا مقيد بالبرج.]
إذن هو أيضًا لا يمكنه الخروج.
مدّ أودوكشيني ظهره واستطرد:
[أنا وحدي القادر على مرافقة الزعيم أينما ذهبت.]
يعني هذا أنني سأبقى مع أودوكشيني مستقبلًا.
صحيح أنه وحش يستخدم قوى غريبة، لكنه يتحدث، ومجرد وجوده بجانبي يجعلني أشعر بشيء من الطمأنينة.
كنت دائمًا أظن أن العزلة تريحني أكثر، لكن فجأة شعرت بإحساس غريب ومختلف.
“بالمناسبة، هل سيبدأ القتال تلقائيًا كلما تعرضت لأدنى تهديد؟ ويتم استدعاؤك مباشرة؟”
[أجل، غالبًا. لكن إن أرادت الزعيم غير ذلك، فيمكنكِ تعديله.]
فتحت نافذة الحالة، بحثت في صفحة معلومات الوحوش، حتى وجدت الخيار المطلوب:
【وضع القتال التلقائي (مُفعل)】
أسرعت بإلغائه.
هكذا لن يظهر فجأة من العدم مثلما حصل سابقًا.
[فلنخرج من هنا إذن يا زعيم. طاقة هذا المكان كريهة.]
رفعت رأسي عند كلامه:
“هل هناك طريقة للخروج من هنا؟”
[يكفي أن نعود إلى البرج. ومن هناك تستطيعين الذهاب حيثما شئت.]
يعني أنني أستطيع العودة إلى البرج من أي مكان؟ هذا مريح جدًا.
لكن الوقت غير مناسب لاستخدام تلك القدرة.
فلا يمكنني ببساطة الهرب وحدي تاركة الآخرين خلفي.
“لا أستطيع تركهم. علينا إتمام غزو هذه الزنزانة.”
خاصة أنه لا يوجد بينهم أي صياد قادر على ذلك.
أما فرقة الإنقاذ فلا أحد يعلم متى ستصل.
تركهم هكذا قد يعرضهم لإصابات خطيرة أو حتى للموت.
[ماذا؟ ولماذا؟]
سأل أودوكشيني وهو يميل برأسه متعجبًا:
[هؤلاء هم نفسهم من دفعوكِ بلا رحمة. لماذا تهتمين بهم؟]
“صحيح أن ذلك أغاظني، لكن لا يمكنني تركهم للموت.”
إنهم مجرد مواطنين عاديين تعساء ابتلعتهم الشقوق.
رغم أن واحدًا منهم تصرف بوقاحة شديدة، إلا أن فعل شخص واحد لا يبرر التخلي عن الجميع.
[لكن يا زعيم، هناك بشر آخرون في الأسفل.]
قال “أودوكسيني” وهو يلتصق أكثر بساقي:
[إن رأى البشر أنك تستخدمين قوى الوحوش، فسيعادونك. هذا سيعرض حياتك للخطر لاحقًا.]
في الأسفل يوجد بشر؟ كنت أظن أنهم وحوش فقط.
شعرت بالقلق، ومع ذلك كان كلام أودوكشيني منطقيًا جدًا.
فالأخبار تنتشر بسرعة.
وربما يدرك أحدهم أن قواي تشبه تمامًا أنماط هجوم زعيم البرج الأحمر.
وإن كُشف أنني الزعيم الحقيقي، فلن يتردد أقوى الصيادون في العالم في مطاردتي لقتلي.
وخصوصًا فرقة المقاتلين توشين، إن وصل الخبر إليهم فسيتدهور الوضع حتمًا.
فهم لن يسمحوا ببقائي حية، إذ أن مجرد وجودي يفضح عارهم.
‘لا يجب أن يُفضح سري أبدًا.’
لا بد أن أظل دائمًا مجرد معالجة من الدرجة F.
هذا يعني أن عليّ أن أتحاشى إظهار قدرات الوحوش أمام الناس.
لكن رغم كل ذلك، أجبت بحزم:
“مع ذلك، يجب أن أنقذهم.”
[لماذا؟]
رد أودوكشيني باستغراب:
[هذا تصرف غبي. ليست لديك صلة بهم. لا داعي لتعريض نفسك للخطر.]
نظرت إليه بهدوء وأجبت:
“لأنني أنا الأخرى عشت معتمده على مساعدة هؤلاء الحمقى من قبل.”
♤♧♤♧♤♧♤
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 10"