في عالم الرواية، كان التّنين هو من قاد إمبراطوريّة كالِكيست نحو الهلاك،
والذين أنقذوها من هذا المصير كانوا هم الأبطال.
والسّيف الذي استُخدم آنذاك، هو بالضّبط ما أخذوه من أبي بعد أن أنهكوه حتى الموت!
أوغاد.
على أيّ حال، بسبب معرفتي بهذه الأمور، لم يكن لهذه الأسطورة وقع كبير عليّ.
[المهمّ ليس هذه القصص القديمة، بل الحقيقة أنّ عائلتكم هي عائلة حرّاس التّنين، أيتها الصغيرة.الآن فهمتُ لماذا كنتِ قادرة على سماع صوتي! من المحتمل أن تكون لديكِ موهبة سيّد السّيف…]
في تلك اللحظة، خاطبتني خادمة من قصر عائلة فيرديناند.
“هل راق لك الحلويات التي قدّمتُها؟”
أجبتها بسرعة:
“نعم! كانت لذيذة جدًّا!”
[لا تقاطعي حديثي!]
ابتسمتُ ابتسامة مشرقة وأكلتُ جميع قطع البسكويت التي كانت في يد الخادمة.
البسكويت المصنوع من الزّبدة كان يذوب في فمي دون الحاجة لمضغه،
وبصراحة، شعرتُ أنّي قادرة على أكل مئة قطعة منه في اليوم!
ضحكت الخادمة بلطف وقالت:
“هاها، كم أنتِ لطيفة. إذا رغبتِ في المزيد، فأخبِريني في أيّ وقت، دون تردّد.”
ثمّ غادرت الغرفة وهي تحمل صينيّة الحلويات.
قطعتُ قطعة صغيرة من كعكة مغطّاة بالفراولة بالشّوكة، ووضعتها في فمي،
ثمّ نظرتُ حول غرفة الاستقبال التي كنتُ أجلس فيها.
منذ وصولي إلى هذا المكان، افترقتُ عن أبي، وأُخذتُ مباشرة إلى هذه الغرفة.
قالوا إنّها الغرفة التي تُستَخدم لاستقبال الضّيوف في قصر عائلة فيرديناند،
وكانت، من بين كلّ الغرف التي رأيتها حتى الآن، الأكبر والأفخم والأجمل.
كان سقفها مرتفعًا مثل المعابد، وكلّ قطعة من ورق الجدران والزّينة بدت باهظة الثّمن،
ولا شيء فيها وُضع اعتباطًا أو بلا قيمة.
‘كم يا ترى سعر هذه الأشياء؟
لا بدّ أنّها غالية جدًّا؟’
جلستُ وحدي في هذه الغرفة الكبيرة والفاخرة، آكل البسكويت بشراهة.
ثمّ، بعد أن أكلتُ نصف ما على الصّحن، تذكّرتُ من أحضرني إلى هنا.
“متى سيعود أبي…؟ وماذا عن الدّوق؟”
لقد تركاني مع كومة من الحلويات في غرفة الاستقبال بحجّة أنّ لديهما أمرًا للحديث بشأنه.
صحيح أنّني أكلتُ الحلويات حتى انتفخت بطني، لكن مع ذلك…
كان هناك شيء واحد غريب.
همستُ بهدوء إلى إكس:
“إكس.”
[تكلّمي، أنا أستمع.]
“ألا تشعر بشيء؟”
[بِمَ تحديدًا؟]
“أشعر وكأنّ أحدًا ما يراقبني منذ قليل…”
بالفعل.
منذ أن وصلتُ إلى قصر فيرديناند، لم تفارقني هذه النّظرات الغامضة.
***
“أريد أن أعرف بأيّ وجه جئتَ إلى العاصمة؟”
“في الواقع…”
بدأ نيل بالكلام بتردّد.
أما سيوربولد فيرديناند فاضطرّ إلى كبح رغبته بالصّراخ في وجه نيل بسبب تصرّفاته البطيئة المزعجة.
رغم كلّ شيء، كان نيل والد “حفيدته”.
وطالما أنّ تلك الحفيدة تقيم حاليًّا في هذا القصر،
فحتى سيوربولد فيرديناند، الذي يُقال إنّ صوته يسقط الطّيور من السّماء، لا يستطيع معاملته بخشونة.
“كنّا نمرّ بوقت عصيب بسبب قلّة الطّلبات مؤخّرًا…لكنّنا تلقّينا طلبًا ضخمًا مقابل مبلغ كبير. ولأنّ الشّرط كان أن يُصنع السّيف في العاصمة، اضطررتُ إلى المجيء…”
“قلتَ إنّ الطّلبات كانت قليلة؟”
“ن- نعم.”
“أي أنّكم كنتم تعانون ماديًّا؟”
“أجل، صحيح.”
“هل كانت إيفي جائعة؟”
“ماذا؟!”
قفز نيل من مكانه وهو يلوّح بيديه في هلع، نافيًا بقوّة.
“لا! حتى إن اضطررتُ للجوع بنفسي، لم أترك إيفي تجوع. حين لم أكن أملك ما أشتري به الطّعام، كنتُ أطلب العون من أهل القرية، وأبيع السّيوف بأبخس الأثمان فقط لأُطعِم إيفي كما ينبغي.”
عند سماع ذلك، خفّف سيوربولد من حدّة نظرته الحادّة.
وشعر نيل أنّ القشعريرة التي اجتاحت جسده قبل قليل بدأت تخفّ تدريجيًّا.
‘هل لأنّه مرّ وقت طويل منذ آخر لقاء؟… أشعر بأنّي لا أستطيع التّأقلم.’
ما شعر به نيل للتّو، كان نيّة القتل الصّادرة عن سيوربولد فيرديناند.
فهو حاليًّا سيّد السّيف الوحيد في الإمبراطوريّة.
إن أراد، يستطيع القضاء على أمثال نيل بسهولة تامّة.
وقد أطلق تلك الهالة القاتلة نحوه.
رغم كونها “نيّة قتل” مصقولة ومتحكَّمًا بها، إلا أنّ نيل، بصفته إنسانًا عاديًّا، وجدها مرعبة للغاية.
ارتاح نيل قليلًا لمجرّد أنّه ربّى إيفي بأقصى ما يستطيع دون أن يدعها تجوع.
فلو أجاب بأنّها جاعت، لربّما أقدم سيوربولد على قطع رأسه في الحال وأخذ إيف ليُربّيها بنفسه.
شعر نيل بأنّ غضب سيوربولد قد خفّ، ففتح فاهه بحذر:
“كما تعلم، نحن نقيم حاليًّا في قصر الأمير الذي خصّصه لنا سموّه. إيفي أيضًا هناك.”
“…”
“ويبدو أنّ الطّلب سيستغرق وقتًا، لذا قد نُضطر للبقاء في العاصمة لفترة أطول.
لذا، إن أردتَ رؤية إيفي، يمكنك ذلك في أيّ وقت.”
كانت كلمات نيل تلك نابعة من شجاعة كبيرة.
فحين هرب هو و آيرين، أقسم سيوربولد باسم التّنين أنّه لن يرى وجهيهما مجدّدًا.
ووجهيهما هنا يشمل أيضًا الطفلة إيفي، التي كانت ما تزال في بطن أمّها حينها.
لذا، حتّى بعد موت آيرين، لم يفكّر نيل بإرسال إيفي إلى عائلة فيرديناند.
رغم أنّها كانت لتحظى برعاية تفوق الخيال هناك، إلا أنّه لم يكن قادرًا على تجاهل قسم سيوربولد بعدم رؤية ابنته وحفيدته مرّة أخرى.
وفوق ذلك، كان نيل نفسه لا يرغب في التّخلّي عن إيفي.
ابنته التي أنجبتها المرأة التي أحبّها.
الدّاعم الوحيد له في هذا العالم.
ابنته الغالية.
كان هناك طمع في قلبه، جعله غير قادر على إرسال إيفي لعائلة فيرديناند.
إضافة إلى أنّه اعتقد أنّ سيوربولد لا يريدها أصلًا.
فهو لم يُجب ولو مرّة واحدة على رسائل تطوّر نموّ إيفي التي كان نيل يرسلها له طوال تلك السّنين.
ولكن، سيوربولد فيرديناند، رغم قسمه بعدم رؤيتهم، جلب إيفي بنفسه إلى قصره هذه المرّة.
‘أمر غريب حقًّا.’
سأل إن كان يستطيع مدّ يده ليربت على رأسها.
سأل إن كانت الرّحلة بالعربة قد أزعجتها.
وأمر بأن تُقدّم لها ألذّ الحلويات.
هذا لا يشبه أبدًا ردّة فعل جدّ لا يحبّ حفيدته الّتي يراها لأوّل مرّة.
بل على العكس…
“…وأيضًا، بخصوص تلك الحادثة في الشّارع…”
قال نيل ذلك بعد تردّد، لكنّه واجه نظرات سيوربولد مباشرة وأكمل:
“…لقد اصطدمتَ بها عمدًا، أليس كذلك؟”
“اصطدمتُ بها عمدًا؟!”
فتح سيوربولد عينيه على وسعهما وهو يعيد السّؤال بانزعاج.
فهم نيل في تلك اللّحظة أنّه تسرّع بالكلام،
لكنّه لم يتوقّف.
“لو أنّ طفلةً مجهولة فعلاً اصطدمتْ بك،
لكان فرسان كتيبة التّنين الأزرق قد تدخّلوا قبل أن تلمسك حتّى.”
ولم يكن في كلام نيل أيّ خطأ.
في قصر فيرديناند، توجد فرقة فرسان خاصّة تتبع مباشرةً للدّوق، تُدعى فرقة التّنين الأزرق.
وهم قوّة خاصّة لا علاقة لها بالبلاط الإمبراطوري، لكنّ مهاراتهم تفوق فرسان القصر.
إلى حدّ أنّ البعض يمزح بأنّ أفضل فرسان الإمبراطوريّة ليسوا أولئك الذين في القصر، بل أولئك في فرقة التّنين الأزرق.
وهؤلاء مستعدّون لفعل أيّ شيء في سبيل حماية سيّدهم.
ومع ذلك، لم يتمكّنوا من منع طفلة صغيرة من ا
لوصول إلى سيوربولد؟
حتى لو كانوا بعيدين قليلًا من أجل تأمين الحماية، فهذا غير منطقي.
بل إنّك لست بحاجة للفرسان أصلًا.
فسيوربولد فيرديناند نفسه هو حاليًّا سيّد السّيف الوحيد في إمبراطوريّة كالِكيست.
ترجمة:لونا
واتباد:luna_58223
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 16"