تحت النظرات الحادّة المليئة بالمطالبة من رجلين متشابهين إلى حدٍّ مقلق، بدأ العرق يتصبّب من جبين فينديا بغزارة، بينما تفتح فمها بتردد:
“ألم يسأل الجد قبل قليل إن كان هناك شخص يمكنه العيش بفضل وجهه فقط…؟”
“أجل، بهذا الوجه يستطيع أن يحيا حياة كريمة. أليس هذا ما ترينه أيضًا، يا آنسة؟”
ظلّ الرجل العجوز يحدّق بها مترقبًا أن تنفرج شفتاها، كانت عيناه تقولان: هيا، فلنسمع جوابكِ.
لماذا انقلب الموقف عليّ فجأة!
لقد كان سؤالًا بإجابة محسومة سلفًا. فمهما ضربه بعصاه، إلا أن “الدم لا يصبح ماءً”، ويبدو أنه مقتنع تمامًا بأن حفيده رون هو أجمل رجل في العالم.
صحيح أنّ رون وسيم، لكن لها أيضًا ذوقها الخاص. ومع ذلك، لم يكن هذا وقت المجادلة حول الأذواق.
“هاها… بالطبع هو وسيم! يا إلهي، مدهش! وجهه يتلألأ حتى إنني لا أستطيع فتح عينيّ من شدّة بريقه!”
حاولت أن تُثني على رون بما يكفي لإبقاء الجد راضيًا… لكن ربما بالغت قليلًا.
ظهر خط انزعاج واضح بين حاجبي الجد.
“يا هذا، هل تريدين الموت؟”
آنذاك فقط أدرك رون ما كان يجري، فاشتدّت نظراته قتامة.
طعَخ!
“آخ! لماذا؟!”
“أيها الأحمق! كيف تجرؤ أن تقول لسيّدة: هل تريدين الموت!” صرخ الجد وهو يهوى بعصاه على رأس رون.
“أغغ…”
انسلت ضحكة مكتومة من بين شفتي فينديا المغلقتين.
كانت نظرة رون إليها مرعبة، لكنها تجاهلته. هذا جزاؤك!
“لكن من هذه الفتاة؟ ولماذا تخرج من هذا البيت؟ أهي خادمة؟”
“بفف!”
قهقه رون ساخرًا.
فأطلقت فينديا نحوه نظرة جانبية حادّة.
لكنه لم يتوقف، بل رفع ذقنه بتعالٍ، وحرك شفتيه: ماذا؟
“وما المضحك أيها الوغد! لا تعرف شيئًا عن الحياة، ثم تتحدث عن مغادرة المنزل؟ ألم يقل لك جدّك من قبل؟ قيمة المرء بما يعمل، لا بوجهه! من قال لك إننا نختار الناس بناءً على ملامحهم؟!”
“……”
لم يفهم رون مغزى الحديث في البداية، لكن سرعان ما شهق مذهولًا.
“أيها العجوز، أجننت؟! ترى هذا الوجه وتقول مثل هذه الكلمات؟”
هذا الرجل…
كادت فينديا تنفجر غضبًا لكنها تماسكت. على عكسه، كانت امرأة عاقلة ومثقفة. لم يكن يليق بها أن تنحدر لمستواه.
“جدي… لستُ خادمة.”
“إذن من تكونين، يا آنسة؟”
ارتدّت نظرات العجوز الحادّة إلى فينديا.
فإن لم تكن خادمة، فوجودها مع حفيده لم يكن أمرًا عابرًا. بدا وكأنه يحاول أن يتبيّن هويتها، ليتأكد هل هي فتاة جديرة بالثقة أم لا.
“بما أنّك سألت، فالأصول أن أجيبك. هذه أنا.”
وبينما تكبح ارتعاشة فمها، أخرجت فينديا بطاقة عمل من جيبها، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة بعينها.
“يا لها من مظاهر فارغة! ما حاجة مالكة عقار إلى بطاقة عمل؟”
نقر رون بلسانه ساخرًا من استعراضها المتكلّف.
“مستشارة في المنطقة التجارية – شارع سيكند؟”
عندما ضيّق الجد عينيه وهو يقرأ البطاقة، توقّف صوت نقر لسان رون.
“نعم. أنا أعمل مستشارة للشارع سيكند في المنطقة التجارية ذا لاين. وبالمناسبة، فأنا المالكة لهذا القصر أيضًا.”
ثم انحنت بخفة، لترفع بعد ذلك ذقنها نحو رون وعينيها تلمعان بتعالٍ.
أرأيت؟ أنا شخص بهذا المستوى.
واو، كنت رائعة للتو.
مع أن بطاقة العمل كانت قد فُرضت عليها نصفَ فرضٍ من قِبَل يوليز، إلا أن فينديا أعجبت بها سرًا، فهي كانت تحبّ استعراض قدراتها على هذا النحو.
وبهذا المعدل، لن يكون غريبًا إن أصدرت كتاب سيرتها الذاتية بعنوان: من موظفة عادية إلى مالكة ومستشارة.
“إذن، تقولين إنكِ تملكين هذا المبنى؟”
“نعم، هذا صحيح.”
“ومستشارة في المنطقة التجارية أيضًا؟”
“هاها، أجل بالفعل.”
“هُمم…”
بدأت حدّة نظرات الجد الصارمة تخفّ قليلًا.
يا للروعة… لا شيء يضاهي الشعور بعظمة كفاءتي.
“أيها الوغد!”
“لماذا تضربني؟!”
كالصاعقة، هوى الجد بكفّه على مؤخرة رأس رون، وهو يصرخ غاضبًا:
“يا لك من أحمق! أليس من حقي أن أضربك؟ بلغت الرابعة والعشرين من عمرك، وما زلت تهرب من المنزل، وفوق هذا كله، جعلتني أنشغل بتنظيف الفوضى التي تتركها وراءك! هل تتجول لتضرب الناس وتكدّس المشاكل؟ أتظن نفسك بلطجيًّا؟!”
تمتم رون وهو يفرك مؤخرة رأسه حيث تلقّى الضربة:
“لقد هاجموني هم أولًا، وكانوا مسلّحين، بل تجرّؤوا على اقتحام منزلي أيضًا. كل ما فعلته أنني تعاملت مع الموقف فحسب.”
وبمحض الصدفة، استمعت فينديا إلى ما دار بينهما فاكتشفت الحقيقة.
لطالما تساءلت عن كيفية تخلّص رون من أولئك الأوغاد الذين طرحهم أرضًا في منتصف الليل—فاتضح أن الجد هو من تدخّل.
لا عجب أنه كان يبدو واثقًا إلى ذلك الحد، لأن لديه ظهرًا قويًّا يعتمد عليه.
“فإلى متى ستظلّ هكذا مثيرًا للشفقة؟!”
“لا شأن لك. ما بك أيها العجوز المتقاعد، تتدخل كثيرًا في شؤون العائلة؟”
“لا بد أن جدّتك مسرورة الآن، وهي تنظر إليك من السماء وترى سلوكك هذا!”
“……”
توقّف رون، الذي اعتاد مجابهة الجد بوقاحة ودون ذرة احترام، عن الحديث فجأة.
عضّ على شفته السفلى بقوة، وضيّق عينيه كما لو أنه يكبح شيئًا ما في داخله.
يا إلهي…
شعرت فينديا وكأنها سمعت شيئًا لم يكن ينبغي لها سماعه.
والآن، بعدما أدركت أن الجد لم يأتِ إلى هنا بصفته مستأجرًا محتمَلًا، أرادت الانسحاب من الموقف بأكمله، فما الذي ستكسبه من التطفل في شؤون عائلية لا تخصّها؟
أرادت بشدّة أن تغادر فورًا، لكن التقاليد الكنفوشية¹ المتجذّرة في أعماقها منعتها من ذلك.
[ الشرح¹: التقاليد الكنفوشية: تقوم على الفضائل كالرحمة والصدق وبرّ الوالدين، وتركّز على تنظيم العلاقات الاجتماعية والتعليم والتهذيب لتحقيق الانسجام المجتمعي. ]
فتحت فمها بحذر لتأخذ إذنها بالانصراف:
“إذًا… سأذهب الآن…”
“أنت! اتبعني حالًا!”
زمجر الجد وهو يمسك بذراع رون ويجرّه معه.
أما فينديا، فخطت خطوات مترددة إلى الوراء وهي تنظر بعين مرتابة.
“لا تُضيّعي جهدكِ. فقط عودي أدراجكِ.”
بوجه متصلّب، سحب رون ذراعه من قبضة جدّه.
“إن لم تتحرّك بنفسك، فلي طريقتي الخاصة. سأسحب إقامتك بهذا القصر فورًا…!”
“لا!”
‘إيجاري!’ صرخت فينديا.
“ولِمَ لا، أيتها الفتاة؟”
ارتفع حاجب الجد بحدة، ونظر رون إليها بالطريقة نفسها، وكأنه يسأل: ما الذي تحاولين فعله الآن؟
“لأنني بحاجة إليه!”
“بحاجة… إلى هذا الصعلوك؟”
“ن-نعم! صحيح!”
أومأت برأسها بعنف، وقد أفلتت الكلمات من فمها بعجلة.
فهي لم تجد حتى الآن مستأجرين جدد، ولو غادر رون أيضًا لظلّت شققها خاوية بلا إيجار.
وفي النهاية، بما أنّ حاجتها للإيجار تعني حاجتها لرون، فهي لم تكذب.
“ولماذا يا تُرى تحتاجين لحفيدي؟ أليس بينكما…؟”
“مستحيل! إنه موظفيَّ!”
صرخت فينديا مذعورة من شكوكه.
“هيه، لا تقل—مج…”
“إنه بارع إلى حدٍّ جنوني، ولهذا فأنا بحاجة ماسّة لحفيدك. فنحن نعمل معًا في سيكند.”
قاطعت رون، والتفتت مباشرة إلى الجد.
في تلك اللحظة، شبك رون ذراعيه، ينظر إليها وكأنه يقول: فلنرَ إلى أين ستصلين بهذا.
أطلقت فينديا ضحكة متصنّعة، ثم حرّكت عينيها نحو رون ترمقه بإشارات متوسّلة:
أنا أبذل كل هذا الجهد، فساعدني! أنت أيضًا لا تريد الرحيل، أليس كذلك؟
“أه… أهذا صحيح حقًّا؟”
نظر الجد بين الاثنين بالتناوب، وكأنه يحاول التحقق من صدقهما.
وبعد لحظة طويلة من تلقيه إشارات الاستغاثة من فينديا، فكّ رون ذراعيه أخيرًا، ومَرّر يده في شعره.
“أجل. أنا أعمل معها.”
وللمرة الأولى، كان الاثنان متفقين تمامًا.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
“حسنًا. عرفتُ ما هي وظيفتكِ. لكن أخبريني—ابنةُ أيّ أسرةٍ أنتِ؟”
كيف تورّطت إلى هذا الحد؟
جلست فينديا بظهر مستقيم على نحو مزعج، ووضعت يديها على ركبتيها، وهي في غاية الحرج.
لقد أرادت فقط الخروج من الموقف، لكنها وجدت نفسها تركب العربة بعدما أصرّ الجد على أن يقلّهما حتى سيكند.
لم تستطع المخاطرة بفضح كذبتها، فصعدت، لكن نظرات الجد التي تترصّدها عبر المقعد المقابل كانت لا تُطاق.
“أيها العجوز، الأمر ليس كما تظن. كفّ عن التدخّل.”
تدخّل رون الجالس بجوارها. وعلى عكس فينديا المتوترة، كان مسترخيًا في مقعده وقد أسند ظهره ورفع ساقًا فوق الأخرى.
“هل وجّهتُ كلماتي إليك، أيها الوقح؟!”
“هاهاها. يا لها من عربة فاخرة! إنها مريحة على نحو مذهل.”
سارعت فينديا بالحديث لتمنع الجد من رفع عصاه على رون من جديد.
ولم تكن مجاملة فارغة—فالعربة كانت مذهلة. بل إن وصفها بالعربة قد لا يكون دقيقًا.
فلم يكن أمامها خيول تجرّها. صحيح أن شكلها يشبه العربة، وهناك سائق يجلس بالخارج، ل
كن…
بدلًا من اللجام، كان السائق يتحكم بأداة سحرية لضبط السرعة وأخرى لتغيير الاتجاه.
وكانت فينديا تعرف تمامًا وظيفة هذه الأدوات، فقد قرأت عنها في مقالة إخبارية الأسبوع الماضي.
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 33"