«هذه القلادة؟»
سألت “فينديا” وهي تتفحّص القلادة التي كانت في يدها من جميع الزوايا.
كانت القلادة أشبه بطوقٍ ضيّق، يتوسّطه ثقب مفتاح يمكن من خلاله فتحه.
«نعم. لا يمكن الخروج من النطاق المحدد إطلاقًا أثناء ارتدائها. وإذا حاولتِ الخروج، فستُفعّل عليه لعنة سحرية — على الأرجح ستحترقين وتصبحين مثل دجاجة مشوية!»
قالت “يوليز” وهي تلوّح بمفتاح صغير لا يتعدّى حجم الظفر، وأضافت شارحة:
«ولا يمكن فتح القلادة إلا بهذا المفتاح. سرقتها لا تجدي نفعًا. لا بدّ أن يفتحها شخصٌ آخر من أجلك.»
«أوهو…»
هل هذا الشيء مذهل إلى هذا الحد؟
تلألأت عينا “فينديا” بعد أن استمعت إلى الشرح كاملًا. شعرت أخيرًا أنها وجدت حلًا حقيقيًا للمشكلة.
كانت قد أوقفت “يوليز” عندما همّت بالهجوم على المتسلّل، وشرعتا بدلًا من ذلك في البحث عن طريقة أخرى لحلّ الموقف.
وفجأة، قالت “يوليز” إنها وجدت فكرة جيدة، وغادرت إلى منزلها، ثم عادت بعد وقتٍ قصير حاملة هذه القلادة في يدها.
«إن لم نستطع التخلّص منه، فبقاؤه تحت أعيننا هو الخيار الأكثر أمانًا.»
وكانت “يوليز” محقّة.
ففي حال لم يكن من الممكن قتله، ولا إطلاق سراحه، فإن حبسه كان الخيار الأنسب. ووجود أداة تقييد كهذه كان بمثابة الحل المثالي.
«لكن، لماذا لديكِ هذا الطوق…؟»
«آه، إنه ملكٌ لأخي الأكبر. سرقته.»
عندما سألتها “فينديا” بنبرة متشككة، ردّت “يوليز” بلا مبالاة.
كانت “فينديا” قد تساءلت في نفسها لماذا لم ترسل أحدًا لإحضارها بدلًا من الذهاب بنفسها، لكن اتضح أن مالك الطوق هو “فالديني”.
«أوغ…»
بمجرّد أن علمت أنه يعود لـ”فالديني”، اقشعرّ بدن “فينديا”، ولم تستطع إلا أن تشكّ في الغرض الأصلي من الطوق.
ويبدو أن “يوليز”، الجالسة على أريكة في غرفة الاستقبال، كانت تفكّر بالأمر ذاته، فقد أومأت برأسها بقوة.
«استخدميه قبل أن يبدأ أخي باستخدامه لأمرٍ مشبوه.»
«هل أنتِ متأكدة أن بإمكاني استخدامه؟»
«بالطبع. أحضرتُه من أجلكِ. اذهبي الآن. سأنتظرُكِ هنا.»
«شكرًا لكِ.»
تسلّمت “فينديا” القلادة والمفتاح من “يوليز”.
«آه~ أنا لا أعرف شيئًا. لم أرَ شيئًا~»
وهي تمشي للخروج من غرفة الاستقبال، تمتمت “يوليز” بصوتٍ مرتفع بما يكفي ليُسمع.
ما الذي تفعله؟، تساءلت “فينديا” للحظة قبل أن تدرك —
كانت تلك طريقتها في القول إنها ستحفظ سرّ ما حدث اليوم.
ادّعت أنها تتحدّث مع نفسها حتى لا تشعر “فينديا” بالذنب.
وأمام هذا التصرف المُفعم باللطف والمراعاة، ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي “فينديا”. كانت ممتنّة لـ”يوليز” من أعماق قلبها.
عليّ أن أبذل كل جهدي.
غادرت “فينديا” غرفة الاستقبال، وقد عقدت العزم على مساعدة “يوليز” بكلّ ما لديها.
«سيدتي… لقد نُقل إلى غرفة الضيوف كما أمرتِ.»
اقترب “كريس” بحذر وهو يُبلغها، بعد أن كان بانتظارها.
ذهبت “فينديا” مع “كريس” إلى غرفة الضيوف التي نُقل إليها المتسلّل، وبدأت تشرح له وظيفة القلادة في طريقهما.
كانت الأداة واضحة، وتُستخدم لمنع الهروب.
«أعتقد… أعتقد أنها فعلًا الخيار الأفضل.»
«أليس كذلك؟ على أيّ حال، لم أكن أعلم أن برج السحر يصنع أدواتٍ سحرية كهذه.»
«……»
ارتجف كتفا “كريس” بخفة في تلك اللحظة، لكن “فينديا” لم تلاحظ.
«هل كانت فكرة سيّد البرج؟»
«لـ… لا أعتقد ذلك؟ ربما صُنعت لحاجةٍ معينة…»
[أوهانا: وعرفنا هوية كريس الحقيقية]
ردّ “كريس” بسرعة، وكأنه يحاول تبرير نفسه، رغم أنه كان مجرّد تخمين شخصي.
«أيّ نوعٍ من الحاجة؟»
وبما أن الأداة كانت نادرة، رمشت “فينديا” بعينيها في فضول وهي تسأله، فاحمرّ طرف أذني “كريس” تحت نظراتها.
أوه، لا… أيمكن أن يكون الأمر كما أظن؟
«أنا أحترم ذلك.»
«سـ… سيدتي! ما الذي تقولينه بحقّ السماء؟!»
أحس “كريس” بدوارٍ مفاجئ، واحمرّ وجهه أكثر من التفاحة.
«لستُ شخصًا منغلقًا أو ضيّق الأفق.»
ضحكت “فينديا”، دون أن تدرك ما يدور فعلاً في رأسه.
نظر إليها “كريس” بدهشة، عاجزًا عن فهم ما تفكّر فيه.
كانت تبتسم بابتسامةٍ جميلة.
وكانت عيناها الزرقاوان تتلألآن بدفءٍ وتفهّم. لم يكن قادرًا على مجاراة طريقة تفكيرها، لكن ربما لهذا السبب كانت تثير فضوله… هي وتلك العينان الزرقاوان.
«سأدخل وحدي. لدي ما أودّ سؤاله.»
«حـ… حسنًا. إن حدث أي شيءٍ خطر، ناديني فورًا. سأبقى هنا.»
تركت “فينديا” “كريس” في الممرّ، ودخلت غرفة الضيوف وحدها.
كانت الغرفة خالية إلى حدّ ما، تحتوي فقط على سرير وطاولة زينة، مما منحها إحساسًا بالفراغ. وفي وسطها، كان المتسلّل لا يزال مقيّدًا على الكرسي كما هو.
«ممف! ممف!»
اقتربت “فينديا” من الرجل الذي كان يصدر أصواتًا مكتومة — ربما كان يحاول التحدّث — ثم أزالت الشريط اللاصق عن فمه.
«آااه! أيتها القاسية المتوحّشة! كيف تجرئين على معاملة السيّد بيتر بهذه الطريقة! أنا الشخص الذي سيُصبح نائب رئيس نقابة الوايت غيلد!»
صرخ الرجل، واسمه “بيتر”، بغضب وهو يرمقها بنظرة لومٍ وغضب، ثم أسرع بلعق شفتيه.
وحين أدرك أن شفتيه مشقوقتان وبدأ الدم يسيل منهما، رمق “فينديا” بنظرة حاقدة شرسة.
ويبدو أن أكثر ما أزعجه لم يكن تقييده طوال هذا الوقت، بل الجرح الذي أصاب جسده.
رجلٌ غارق في حب ذاته.
تجاهلت “فينديا” تذمّره، وهبط على عينيها بريقٌ بارد كالجليد.
كان يبدو في عمرها تقريبًا، بشعرٍ أخضر داكن وعينين بلونٍ مماثل.
نقابة الوايت غيلد.
بينما كانت “فينديا” تبحث في ذاكرتها، طفا الاسم إلى السطح — لقد سمعته من قبل.
حين كانت لا تزال دوقة، اعتادت أن تساعد حماتها في تنظيم حفلات الشاي الأسبوعية، وكانت تسترق السمع أحيانًا لأحاديث السيّدات النبيلات.
وقد ذكرن أن “الوايت” نقابة تُشبه وكالات التحري الخاصة، تعمل على تعقّب الأشخاص المفقودين أو الهاربين، بل ويمكنها حتى أن تكتشف العشيقة السرّية للزوج في لمح البصر.
«هل وصل الأمر بوالدي إلى أن يوظّف نقابة كاملة فقط للقبض عليّ؟»
«…هاه… اسمعي.»
«تكلّم.»
«القبض عليكِ وحدكِ لن يغيّر شيئًا. هناك مكافأة مالية على رأسكِ بالفعل. وبالطبع، هذا السيّد “بيتر”، بمهاراته الفائقة واحترافيته الرفيعة، هو من عثر عليكِ أولًا، لكن لن يمر وقت طويل قبل أن يقتفي الآخرون أثرك.»
ربما لأنه كان محتجزًا منذ فترة، بدا أن “بيتر” قد تقبّل الواقع، وبدأ يتحدّث بسهولة ودون مقاومة.
«هاه…»
عضّت “فينديا” شفتيها حين أدركت خطورة الموقف.
لم يكتفِ والدها باستئجار نقابة، بل وضع مكافأة مالية أيضًا؟ يبدو أن عائلتها لم تكن تنوي إطلاق سراحها أبدًا.
لقد كانوا وحوشًا، حتى النهاية.
ورغم إدراكها للخطر المحدق، إلا أنها لم تدع نفسها تنهار، بل فكّرت بعقلانية.
فمهما حاولت الهرب الآن، طالما الجائزة قائمة، فإن خطر القبض عليها يظلّ قائمًا في أيّ لحظة.
ولذا، كان من الأفضل أن تبقى هنا، وتنمّي قوتها، وتبحث عن وسيلة لقطع علاقتها بعائلة الكونت إلى الأبد.
«لذا، إن أطلقتِ سراحي، فسأساعدكِ في إخفاء مكانكِ عنهم! أعدكِ باسمي!»
«اسمك؟ من يعرفه أصلًا؟ حتى طفل في الخامسة لن يصدّق هذه الكذبة.»
«ماذا؟! لا يوجد من لا يعرف بيتر من نقابة الوايت! أمسكي بأي شخص في الشارع واسأليه! أنا الوريث القادم—»
«لنائب رئيس النقابة، أليس كذلك؟ آسفة، لكن ذلك لن ينفع. لأنك… اعتبارًا من اليوم، تم طردك.»
«طُردت؟! من الذي قرّر ذلك؟!»
وقبل أن يتمكن “بيتر” من استيعاب ما يجري، استغلّت “فينديا” اللحظة وأغلقت القلادة حول عنقه بكل هدوء.
فما دام هذا “الموهوب” قد أتى بنفسه، فحبسه فقط سيكون إهدارًا للفرصة.
تك!
صدر صوت معدني خفيف عند إغلاق القفل.
«هـ، هيه! ما هذا؟! ماذا وضعتِ على عنقي؟!»
يبدو أنه شعر بشيء غير مريح، فبدأ يتلوّى بجسده المقيّد محاولًا النظر إلى عنقه.
«لقد تمّ نقلك لوظيفة جديدة،» قالت “فينديا” بابتسامة ماكرة.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
الواتباد : han__a505
التعليقات لهذا الفصل "022"