2
باستثناء كسر القلادة التي ورثتها عن والديّ، كان ذلك اليوم عاديًا تمامًا.
ذهبتُ إلى العمل كالمعتاد، أنجزتُ مهامي، ثم اشتريتُ خبزًا للعشاء من المخبز المفضّل لديّ بعد انتهاء الدوام.
حتى هذه اللحظة، كان يومي روتينيًا بحتًا.
الاختلاف الوحيد كان وجود فتاة صغيرة تجلس متكوّرة أمام بوابة منزلي.
‘من هذه؟ هل جاءت لرؤيتي؟’
سعَلتُ بخفة لئلا أفاجئها.
“احمم.”
سمعت الطفلةُ الصوت، فرفعت رأسها بسرعة ونظرت إليّ.
وقفتُ على مسافةٍ لئلا أُثير حذرها وسألتُ:
“ماذا تفعلين هنا؟ هل ضللتِ طريقكِ؟”
“لا، لم أضل الطريق. جئتُ لهذا المنزل لأمرٍ معيّن.”
نهضت الفتاة ونظرت إليّ مباشرةً.
كانت عيناها متلألئتين وتعبيرها واثقًا. على الأقل، لم تكن تبدو خائفةً أو تائهة، فشعرتُ بالارتياح.
“أوه، حسنًا. لكن هذا منزلي. هل أخطأتِ العنوان؟”
“لا، جئتُ لمقابلة لونا.”
“أنا؟”
أشرتُ إلى نفسي بإصبعي، فأومأت الفتاة بحماسٍ.
“كيف عرفتِ اسمي؟”
لم أعرف أيّ طفلةٍ بهذا العمر، فملتُ رأسي متسائلةً.
“أعذريني على الجرأة في أول لقاء، لكن… هل يمكنكِ أن تكوني أمي؟”
اقتربت خطوةً، ثم اثنتين، ورفعت رأسها لتنظر إليّ.
رأيتُ وجهها بوضوح.
عينان سوداوان كبيرتان لامعتان، خدودٌ ممتلئة متورّدة قليلاً، شعرٌ فضيّ مضفور بعناية، وحقيبة ظهرٍ على شكل أرنب.
كانت فتاةً لطيفةً جدًا.
نعم، لطيفةٌ جدًا، لكن…
“ماذا قلتِ للتو، أيتها الصغيرة؟”
“اسمي ليس الصغيرة، إنه آستيل! اسمٌ جميل، أليس كذلك؟”
“نعم، اسمٌ جميلٌ جدًا. لكن الوقت تأخر، ألا يجب أن تعودي إلى المنزل؟”
“إذا سمحتِ لي، أريد أن أعيش هنا من اليوم كابنتكِ!”
هاهاها، انظروا إلى هذه الفتاة! تحاول تدمير حياة امرأة لم تعرف الحب بعد!
“أنا لا أتناول الكثير من الطعام، وأجيد القيام بالمهام. أعرف كيف أنظّف، أغسل الملابس، وأغسل الأطباق. ولا أُسبب المشاكل.”
“هذا رائعٌ حقًا. لكن الوقت متأخر جدًا، ألا يجب أن تعودي إلى المنزل؟ الخارج ليس مكانًا للعب الآن.”
“أنا لا ألعب!”
“حسنًا، حسنًا. فهمتُ، لكن عودي إلى المنزل الآن. أنا متعبةٌ جدًا لأوصلكِ. وداعًا.”
“انتظري لحظة!”
شعرتُ بدفءٍ صغيرٍ يلتصق بساقي، لكنني أبعدتُ الفتاة بحزم ودخلتُ المنزل وأغلقتُ الباب.
-طرق طرق طرق!
“أرجوكِ، استمعي إليّ! أنا جادةٌ جدًا!”
“بالتأكيد هناك وصيٌّ قريب. لا يمكن أن تكون بمفردها في هذا الوقت.”
إذا أدخلتها، قد يُساء فهمي كخاطفة.
إذا تركتها، سيأخذها وصيّها. قررتُ أن الأمر ليس كبيرًا، فاغتسلتُ، تناولتُ الخبز، واستلقيتُ للنوم.
في صباح اليوم التالي، اختفت الفتاة لحسن الحظ.
‘هي بالتأكيد عادت إلى منزلها.’
ظننتُ أن هذا اللقاء العابر انتهى، لكن…
“مرحبًا! الجو رائعٌ اليوم، أليس كذلك؟ مثالي لتبنّي ابنةٍ ذكية!”
“انظري إلى هذا! قائمة بالمهام التي أستطيع القيام بها! اطلبي مني أي شيء، ستصبح هذه القائمة أطول بمرتين عندما أبلغ السادسة!”
“ألا تعتقدين أننا نتشابه؟ إنه القدر!”
في منزلي، في صالون الخياطة حيث أعمل، في المخبز الذي أرتاده…
كانت آستيل تظهر في كل مكان أذهب إليه، تتوسل بإصرار أن أكون أمها.
لو لم تكن فتاةً في الخامسة، لكنتُ أبلغتُ الشرطة منذ زمن.
‘ستتوقف قريبًا، ستتوقف…’
هكذا هدّأتُ نفسي، لكن آستيل لم تتوقف.
استمرت أسبوعًا، أسبوعين، تظهر وتتوسل.
في النهاية، استسلمتُ أنا أولاً.
“هاه… حسنًا، لقد فزتِ.”
“ياي! ستصبحين أمي؟”
“لا، دعيني أكمل. لنتحدث بجديّة.”
أخذتُ آستيل إلى مقعدٍ في مكانٍ هادئ وجلسنا.
أعطيتها شطيرةً وبدأتُ الحديث بجديّة.
“لماذا تريدين مني بالذات أن أكون أمكِ؟ هل التقينا من قبل؟”
“نعم، التقينا في وقتٍ لا تتذكرينه.”
أومأت آستيل بوجهٍ حزينٍ لا يليق بطفلة.
لو كانت في العاشرة، لفكرتُ بجديّة، لكنها في الخامسة، فلم أستطع أخذها على محمل الجد.
“على أي حال! لا أطلب أن تربيني مجانًا. سأدفع تكاليف تربيتي.”
“وما المال الذي تملكينه؟”
“لحظة.”
أنهت آستيل الشطيرة بسرعة، وأخرجت ورقة من جيبها وقدّمتها لي.
“خذي هذا!”
“ما هذا؟”
هل هو مالٌ فعلاً؟ شيك؟ إرثٌ تركه والداها؟
لكن عندما رأيتُ الورقة، شعرتُ بخيبة أمل.
كانت مجرّد ورقة مكتوب عليها أرقام.
“يبدو أنكِ صغيرة جدًا ولا تعرفين المال…”
“إنه تذكرة يانصيب! في الساحة، يبيعون تذكرة يمكنكِ اختيار أرقامها. هذه هي الأرقام الفائزة لهذا الشهر.”
“ماذا؟”
“يجب شراؤها بهذه الأرقام قبل نهاية الشهر!”
“هل تعرفين ما هو اليانصيب؟”
“أعرف! جائزة الدرجة الأولى هذا الشهر هي عشرة مليارات لوسي! هذا يكفي لتربيتي، أليس كذلك؟”
ليس فقط كافيًا، بل يمكن تربية عشرة أو عشرين طفلاً. لكن هذا بافتراض الفوز.
“تبدين ناضجةً بشكلٍ غريب…”
نظرتُ إلى الأرقام المكتوبة بعناية وتنهدتُ بخفة.
“حسنًا. إذا فزتُ بهذه الأرقام، سأربيكِ. لكن إذا لم تفوز، لا تتبعينني بعد الآن. اتفقنا؟”
“حقًا؟ إنه وعد! وعد!”
وعدتُ آستيل وأنا أربط إصبعي الصغير بإصبعها، واثقةً أن هذه الأرقام لن تفوز.
‘عشرة مليارات لوسي؟ هل هذا المبلغ موجود في الواقع؟’
كنتُ متأكدةً من ذلك…
“تهانينا على الفوز بالجائزة الأولى، سيدتي! أنتِ الفائزة الوحيدة هذا الشهر، عشرة مليارات لوسي كلها لكِ!”
هل فزتُ حقًا؟
* * *
هل هذا حلمٌ أم حقيقةٌ؟
كنتُ لا أزال مذهولةً، كما لو أنني تلقيتُ ضربةً على رأسي.
‘عشرة مليارات لوسي… فزتُ حقًا…’
خرجتُ من البنك ومشيتُ في الشارع، كأنني أسير على السحاب، دون إحساسٍ بالواقع.
‘هل هذا حلم؟’
بينما كنتُ أتحسس القلادة على رقبتي فوق ملابسي، سمعتُ صوتًا.
“لونا!”
ركضت فتاةٌ صغيرة، ممدةً ذراعيها، ووقفت أمامي.
نظرت إليّ بوجهٍ مليء بالتوقع والحماس.
“كيف كان الأمر؟ ألم أكن محقة؟ الفوز بالجائزة الأولى…”
“هاهاها! آستيل، ألم أخبركِ؟ الفوز باليانصيب ليس للجميع. للأسف، يبدو أن علينا نسيان الدمية الجديدة.”
احتضنتُ آستيل بسرعة وسددتُ فمها، مومئةً لها أن تصمت.
‘كم عدد الأشخاص الذين يراقبون هذا البنك الآن؟’
كان المبلغ عشرة مليارات! ليس مليارًا ولا اثنين، بل عشرة مليارات!
وكما توقعتُ، لاحظتُ نظرات بعض الأشخاص الذين لم يتجاهلوا كلمات آستيل. بعضهم بدأ يتهامس وهو ينظر إليّ.
‘هل اكتشفوا الأمر..؟’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"