“لا سيدي المساعد، كلامه في محله تمامًا. حتى لو كنتُ مكانك، لكنتُ فكرتُ بالطريقة نفسها. أنا من يجب أن يعتذر بصدق.”
بدأوا يرتبون المكان على عجل وسط أجواء متوترة.
أبلغ الجندي كبير الخدم بما لحق بالمكتبة والمكتب الملطخ بالحبر، وبدأ بجمع الأوراق المتناثرة في كل الاتجاهات لفرزها.
كان ما تبقى من الجدول اليومي سلسًا.
لم تتحدث ليلي في أمور جانبية، ولم تُظهر أي فضول تجاه مسألة المترجم، بل حتى تجاهلَت اهتمام الشبح المستمر بها.
تحوّلت نواياها الصادقة تجاه إحياء الدوق إلى انشغال بكيفية مغادرة هذا المكان بأمان.
بمجرد أن خرجت من المكتب،
قررت أن تذهب مباشرة إلى كبيرة الخدم.
مع أنها حاولت التصرف كالمعتاد،
بدا أن الشبح شعر بشيء مريب وبدأ يراقبها عن كثب.
عندما أمسكت بمقبض الباب الجانبي، سألها الشبح بهدوء:
[سنراكِ غدًا أيضًا، أليس كذلك؟]
“نعم، لوردي. بالطبع.”
[أعتذر مرة أخرى عن كلام وولفرام.
لكن صدقيني، لم يكن لي أي نية سيئة.
أنتِ من ضمن دائرتي، وأعرف كم بذلتِ جهدًا،
وسأكافئكِ على إخلاصكِ. فقط… ثقي بي.]
لاحظت ليلي أن نبرة صوته باتت لطيفة جدًا،
وكأنه يتحدث مع أخته الصغيرة.
كان صوته يحمل نبرة استجداء خفية.
المشكلة أنها لم تستطع أن تصدقه.
“نعم. أثق بك، لوردي.”
كذبت ليلي بابتسامة على وجهها.
وفي تلك الليلة، التقت ليلي بكبيرة الخدم كما كانت قد قررت، وأبلغتها أنها ستأخذ الإجازة التي وعدتها بها بعد غد.
ادّعت أن ما حدث اليوم كان مرعبا للغاية،
وهي بحاجة إلى الاستقرار النفسي.
تخلّت عن فكرة تقديم الاستقالة.
فغالبًا ما ستوبخها كبيرة الخدم وتسخر منها إن فعلت.
بدلًا من ذلك، قررت أن تغادر في الإجازة… دون عودة.
في الحقيقة، كانت ترغب في الرحيل صباح الغد،
لكن كان عليها مقابلة الدوق، لأن هناك شيئًا يجب أن تسلمه له.
ادّعت عند خادمة الأزياء أنها بحاجة لبعض الأشياء من أجل المكتب، وأحضرت قماشًا، قطنًا، عدة خياطة، وجرسًا صغيرًا.
كانت تنوي أن تصنع كرة تحتوي على جرس.
رغم أنها لا تثق بكلام الدوق، لكنها لا تزال تشعر بالشفقة تجاهه.
فهو لا يملك أحدًا يتحدث معه،
ولا يستطيع التعبير حتى عن أبسط رغباته دون أن ينفجر غضبًا.
كانت تأمل أن تخفف عنه هذا الإزعاج، ولو قليلًا،
حتى بعد مغادرتها.
لكن صناعة الكرة بالقماش كانت أصعب مما توقعت.
بذلت جهدًا كبيرًا حتى صنعت كرة شبيهة بتلك التي يلعب بها الأطفال.
نظرًا لأن الشموع تُعد ترفًا لا تملكه،
سارعت ليلي في العمل قبل غروب الشمس.
وفي النهاية، كان الظلام قد حل، وأصبح خياطتها أكثر انحرافًا.
‘همم… أعتقد أن هذا جيد بما يكفي.’
أمسكت بالكرة متجاهلة عيوبها.
كانت الكرة بحجم قبضتين مجتمعتين، ناعمة ورقيقة،
يصدر منها صوت الجرس بلطف عند تحريكها.
وضعت الكرة جانبًا وتمددت قليلًا.
شعرت أن شعورها بالذنب قد خف كثيرًا.
ففي نهاية المطاف، ستسمح هذه الكرة له بالتعبير عن ‘نعم’ أو ‘لا’، ولن يكون معزولًا تمامًا عن العالم الخارجي.
وهذا قد يخفف عنه بعض الشيء.
***
في اليوم التالي،
بدا أن الدوق مستغرباً بشدة عندما رأى الكرة في المكتب.
[هدية؟ لي؟]
“نعم.”
وضعت ليلي الكرة في منتصف الغرفة.
“بهذا يمكنكم التواصل بعد عودتي إلى مسكني.
لقد صنعتها من القماش، فلن تنكسر أو تتحطم.
بالطبع، إن ضغطت عليها بقوة مفرطة، فقد تنفجر. جرّبها.”
[أجرّب ماذا؟]
“أرسل طاقتك نحو الكرة برفق. فقط لدرجة تجعلها تتدحرج قليلًا.”
بدا أنه لا يفهم تمامًا، فتابعت ليلي تشرح:
“لا تكن عنيفًا، فقط مثل عطسة صغيرة.
مثل: ‘إتشّي’ بدلًا من ‘ها-تشو!’، وستسمع صوت الجرس.
هل فهمت؟ تظاهر وكأنك تطرد ذبابة مزعجة.”
نظر إليها الدوق ثم إلى الكرة، وضحك قليلًا وقال:
[حسنًا، سأجرب.]
أغمض عينيه وبقي ثابتًا لبضع ثوان.
شعرت ليلي بقشعريرة مفاجئة وخافت.
“انتظر لحظة!”
صرخت منادية عليه، ففتح عينيه ونظر إليها باستغراب.
“لا تغضب بشدة.
أخبرتك مسبقًا، قد تنفجر الكرة أو تتلف الأشياء من حولها…”
[حسنًا، حسنًا.]
لوّح بيده كأنما يربّت على كتفها، ثم عاد وأغمض عينيه ليركّز.
مرت ثوانٍ، وبدأت زوايا شفتيه ترتجف.
هل كان يستحضر موقفًا أغضبه؟
لكن الكرة لم تهتز بعد.
كانت ليلي تحدق به وبالكرة على الأرض،
تنتظر اللحظة التي تصدر فيها صوتها للمرة الأولى.
لكنها سمعت صوتًا لم تصدق أذنيها عند سماعه.
[بفف.]
بفف؟
[هاهاها!]
انفجر الشبح ضاحكًا بصوت يملأ المكان.
ثم مسح دموعًا لم تكن قد خرجت، وقال بينما يبتسم.
[كيف لي أن أغضب على كرة كهذه؟ وأنت تنظرين إليّ بذلك الحماس؟ ثم ذبابة مزعجة؟ هاها، كنت دائمًا أفكر… أنتِ حقًا…]
نظر إلى وجه ليلي المذهول ولم يكمل كلامه،
بل عاد يضحك من جديد.
كان يبدو سعيدًا للغاية.
وفي تلك اللحظة، دخل وولفرام عبر الباب.
نظر إلى ليلي والكرة الملقاة على الأرض وسأل:
“ما الذي تفعلونه؟ وما هذه الكرة؟”
شعرت ليلي أنها كانت فكرة فاشلة، لكنها شرحت بثبات:
“هذه أداة تواصل صنعتها لأستخدمها عندما لا أكون في المكتب. بداخلها جرس، فيمكن استخدامها كإشارة. مثلًا، إذا سألته إن كان موجودًا، يمكنه دحرجتها مرة واحدة لتكون ‘نعم’، ومرتين لتكون ‘لا’.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل "9- القصر المسكون و الخادمة "