استمتعوا
عندما فتحتُ الباب الجانبي في الصباح لأداء نوبة عملي،
كان هناك شبح كالمعتاد.
[صباح الخير، ليلي.]
منذ أن أخبرته عن الباب الجانبي الذي تستخدمه غالباً،
أصبح الدوق ينتظرها دائماً هناك.
في البداية، عندما فتحت الباب وواجهت الروح الشفافة،
كدت أنسى كيف أتنفس من شدة الصدمة.
لكن بعد تكرار الأمر عدة مرات، أصبحت أتوقع وجوده هناك، وبدأت أفتح الباب وأنا مستعدة نفسياً لرؤيته.
“هل قضيتَ ليلة هادئة؟”
[بفضلك.]
لقد مرّ أسبوع منذ أصبحت ليلي دينتا المرافقة والمترجمة ورفيقة الحديث للدوق، بالإضافة إلى كونها مصدر المعلومات الأساسي لحكم الدوقية.
وعلى عكس المكتب الذي أصبح أكثر إشراقاً بشكل ملحوظ،
كانت حالة الدوق قاتمة للغاية.
حتى الكاردينال والطبيب الشخصي لم يلاحظا أن روح الدوق قد انفصلت عن جسده.
[لم أتوقع أن تُحل الأمور بسهولة.]
قال الدوق ذلك بهدوء، لكن من المؤكد أن قلبه لم يكن كذلك.
لقد مرّ أربعة أسابيع منذ أن سقط الدوق مغشياً عليه،
وهناك شائعات بأن جسده أضحى ضعيفاً جداً،
بل ويُعتقد أنه قد يلفظ أنفاسه الأخيرة قريباً.
لم يكن لدى الدوق آيدن كاشيمير وريث ولا حتى خطيبة،
لذا إذا مات، فستضطر الدوقية لاستقبال سيد جديد.
وعود الأمنيات التي قد تصبح مجرد كلام فارغ، الغموض حول إمكانية إعادة التوظيف، وقشعريرة التفكير بأنها كانت آخر من تواجد مع روح رجل يحتضر…
لوّحت ليلي بمنفضة الغبار، تأمل أن تتلاشى تلك المشاعر المزعجة.
وبعد وقت قصير من انتهاء التنظيف، وصل وولفرام إلى العمل.
حيا الدوق ثم قدّم صينية فضية مغطاة إلى ليلي.
وضعت ليلي الكآبة جانباً واستقبلت الصينية بفرح.
وعندما فتحت الغطاء، ظهر تارت لامع بسطح داكن.
‘لا يُعقل، إنها شوكولاتة. لم أذقها من قبل!’
بحماس، نقلت التارت إلى طبق كانت قد جهزته مسبقاً.
وكان هذا بفضل تعليمات الدوق التي نقلتها ليلي إلى وولفرام في أول يوم لها كمسؤولة عن المكتب.
‘أشتاق إلى حلاوة الأطعمة عندما كنتُ بشرياً،
لذا يجب توفير نوع جديد من الحلوى في المكتب كل يوم.’
كان من الغريب أن يُطلب إعداد طعام لا يمكن أكله،
فقط من أجل رؤيته، لكن هكذا كان إسراف النبلاء.
ومع ذلك، عندما أحضر وولفرام الحلوى، نظر إليها الدوق الشبح بنظرة سريعة وقال إنه راضٍ، ثم طلب من ليلي أن تأكلها، لأن رميها سيكون مؤسفاً.
عندها فقط أدركت ليلي أن الحلوى كانت مخصصة لها منذ البداية.
في الآونة الأخيرة، أصبحت تستيقظ كل صباح وتتساءل بحماس عن نوع الحلوى التي سيجلبها وولفرام اليوم.
من المؤسف حقاً التخلي عن متعة الحياة اليومية فقط لأن الأمور لا تسير على ما يرام!
نقلت ليلي الطبق إلى مكتبها بوجه مليء بالتوقع،
وكان الدوق الشبح يراقبها بارتياح، ثم التفت نحو صوت وولفرام.
“المخبر أرسل رسالة يقول إنه لن يقبل القضية.”
كانت أخبار اليوم سيئة كعادتها،
مما جعل فرحتها بالحلوى تتلاشى.
[رغم أني عرضت عليه أي مبلغ؟]
“رغم أني عرضت عليه أي مبلغ؟”
كان لديهم إشارات متفق عليها لسهولة التواصل.
فعندما تستخدم ليلي الحديث غير الرسمي مع وولفرام،
فهذا يعني أنها تنقل كلمات الدوق حرفياً.
“نعم، لكنه نصحنا، كتعبير عن اعتذاره، أن نحذر من الأصدقاء.”
الصديق الوحيد المقصود كان الإمبراطور يوليوس شايفرتز.
فمن خلال أعراض الدوق، يتضح أن ما حدث له من عمل الهراطقة، فهل هذا يعني أن الإمبراطور متورط أيضاً؟
لم تستطع ليلي تصديق ذلك.
فالإمبراطور كان يحارب الهراطقة منذ ما قبل إصداره الأمر للدوق بتطهيرهم.
وكان لديها سبب آخر لعدم التصديق، فقد تفوهت برأيها لا إرادياً.
“لكن لماذا صاحب الجلالة؟ إنه صديق مقرب جداً من الدوق. سمعت أن الإمبراطورة نفسها كانت تغار من صداقتهما!”
[ظاهرياً فقط.]
“هذا لا يعنيك.”
كان الرد القصير من الدوق مصحوباً بتوبيخ بارد.
وولفرام تابع حديثه دون حتى أن ينظر إليها.
“في هذه الحالة، سيتوجب علينا الاعتماد على أفراد من داخل العائلة. وسنحتاج إلى بعض الوقت بسبب ضرورة السرية التامة.”
وبذلك، دون الحصول على تقدم حقيقي،
انتقلوا إلى المهام اليومية المعتادة.
لم تكن هناك أوراق كثيرة اليوم.
ربما، إن سارت الأمور على ما يرام، يمكنها مغادرة المكتب بعد الظهيرة والاستراحة لفترة أطول من المعتاد.
بينما كان الدوق جالساً على كرسيه يقرأ الأوراق،
قامت ليلي بتحضير الشاي وقدّمته لوولفرام.
كان من المفترض أن يكون قد أنهى القراءة في هذا الوقت،
لكن لم ينبس ببنت شفة.
ربما كان المحتوى معقداً.
وعندما وضعت ليلي قلمها ومدّت يدها نحو طبق الحلوى، قال:
[ليلي، اسألي وولفرام كيف تسير عملية إيجاد مترجم للغة السولمون.]
آه، صحيح، كان هناك هذا الأمر.
“سيدي المساعد، يسأل الدوق عن آخر المستجدات في موضوع إيجاد مترجم للغة السولمون.”
رفع وولفرام رأسه من الأوراق ونظر نحو ليلي ثم تحدث نحو منتصف الطاولة.
“عدد المتقدمين قليل جداً، لذا ننتظر في الوقت الحالي.”
[كم عددهم؟]
“كم عددهم؟”
حدق وولفرام في ليلي لفترة أطول هذه المرة.
“واحد فقط.”
حتى إن لم تكن العاصمة، فعدد المتقدمين قليل للغاية.
سولمون. بلد غامض يقع شرق البحر، حيث تشرق الشمس.
رغم المحيط الفاصل بين القارة وسولمون،
فإن من لديهم شغف بالثقافة الأجنبية كانوا دائماً موجودين،
سواء لأغراض علمية أو تجارية.
وقد استمر التبادل الثقافي بين البلدين على فترات متباعدة بفضل جهود عظيمة، وكان يُعد فهم لغة وثقافة سولمون من علامات الثقافة النبيلة.
لكن حالياً، بسبب مشكلة الهراطقة، اصبح الناس يتجنبون كل ما له علاقة بسولمون، ولهذا ربما قلّ عدد المتقدمين.
[أرغب في تسريع الأمر قدر الإمكان.]
تمتم الدوق.
قامت ليلي بأسترجاع المعلومات.
لم تصل بعد أي أخبار عن إلقاء القبض على بقايا طائفة سولمون. فلماذا الحاجة لمترجم الآن؟
إن كان ضرورياً فعلاً، فهي تعرف شخصاً مناسباً يمكن ترشيحه.
فسألت بحذر:
“سيدي، لماذا نحتاج إلى مترجم للغة السولمون؟”
“هذا لا يعنيك.”
قاطعها وولفرام فوراً.
لا يزال غير مرتاح لفكرة مشاركة المعلومات مع ليلي،
ويفضل الحفاظ على السرية ما لم يكن الأمر ضرورياً للغاية.
وبما أن الدوق يتصرف وكأنها جزء منه،
فإن وولفرام يتحمل ضغطاً زائداً.
[على أي حال، ستعرفين في النهاية.]
انظر! سواء أراد وولفرام أم لا، كان الدوق في صفها.
[نحتاجه لترجمة كتاب محظور.]
“كتاب محظور؟!”
[استطعنا تهريب بعض الكتب من ممتلكات الكاهن الأعظم.
قد لا نعثر أبداً على ساحر، لذا قررنا دراسة الكتب بأنفسنا.]
فتحت ليلي فمها من شدة الصدمة. ورأى وولفرام تعبيرها وتنهّد.
“سيدي، لا يجب أن تقول لها هذا…”
[وولفرام دائم الشك.]
قالها الدوق دون أن ينظر إليه حتى.
[أما أنا، فأثق بك.
لدينا مصلحة متبادلة، وأنت تبذلين قصارى جهدك لمساعدتي.]
ابتسامة جميلة وكلمات عزاء لا تُقدّر بثمن.
كانت الثقة قائمة على الأولوية التعاقدية، لكنها لا تزال تعني الكثير.
لكن وجه وولفرام لم يكن مجرد تعبير عن الشك. بل بدا وكأنه يفكر جديّاً بما عليه فعله مع ليلي بعد أن عرفت هذا السر.
تشبثت ليلي بيأس بصفها الوحيد.
“بالطبع! أنا فقط أريد أن أكون عوناً لك. أرجو أن تواصل ثقتك بي. وإن كان الأمر يزعجك، فلن أتدخل في موضوع المترجم بعد الآن.”
وعندما تراجعت خطوة، توقف وولفرام عن التحديق بها وقال للدوق:
“إن لم يصل متقدم آخر خلال يومين،
سأستدعي ذلك الشخص الوحيد.”
[افعل ذلك.]
“افعل ذلك.”
وعاد كل منهم إلى عمله. لكن رأس ليلي ظل يعجّ بالأفكار.
لم يكن تهريب الكتب المحظورة صادماً فقط،
بل فكرة السماح لغريب بقراءتها كانت جنوناً بحد ذاتها.
أرادت أن تسأل بصوت عالٍ:
“هل هناك تدابير أمنية؟ ماذا إن خاننا المترجم؟”
لكن حتى من وجهة نظرها، كان هذا سؤالاً مبالغاً فيه.
رغم لطف الدوق، فهي تبقى خادمة في نهاية المطاف.
وليس من الغريب أن يشعر وولفرام بعدم الارتياح تجاه تدخلها.
والدوق لم يطلب منها حل مشكلته،
بل فقط مساعدتها على التواصل مع العالم الخارجي.
لذا، من الخطأ أن تندمج في مسألة عودة الدوق إلى جسده كما لو كانت تخصها. حتى لو أرادت قول شيء…
[يبدو أن تعابير وجهك لا تبشر بالخير. ما الأمر؟]
بما أن الدوق هو من سأل أولاً، فلا بأس أن تردّ الآن!
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل "7- القصر المسكون و الخادمة "