استمتعوا
كان سؤالًا محرجًا، لكنه لم يكن صعبًا.
“حسنًا، هو سيدي، وأنا خادمته.”
حتى مع إجاباتها المثالية، لم يتغير تعبير جوليا إلى الأفضل.
أكدت، رغم أنها لم تكن طرفًا مباشرًا في الأمر.
“لا، لستِ كذلك.”
“ألسنا كذلك؟ هو سيدي، وأنا خادمته…”
كان من حق ليلي أن تشعر بثقة أكبر. فهما في علاقة خادم وصاحب عمل. لكن جوليا كانت ترى الأمر بشكل مختلف تمامًا.
“ليلي، يمكنك أن تكوني صادقة. لن أوبّخك أو ألومك.
فقط أريد أن أسمع عن حفيدتي لمرة واحدة.”
حقًا لم تفهم ليلي عمّا كانت جوليا تتحدث.
“جدتي، أقسم لك، لا يوجد أكثر ولا أقل من ذلك.
لا يوجد شيء ‘لأعترف‘ به لك بصدق!”
لكن جوليا كانت عنيدة.
يبدو أنها قررت سلفًا الإجابة التي تريد سماعها،
ولن تتوقف حتى تحصل عليها.
“لا بأس حقًا. لا تفكري كثيرًا، فقط أخبريني. من اعترف أولًا؟“
“جدتي!”
“إذًا الدوق هو من بدأ، أليس كذلك؟“
“ما الذي تتخيلينه الآن؟!”
خافت ليلي من أن يسمع أحدهم خلف الباب،
فصرخت بصوت خافت.
لكن جوليا لم تكترث، وأمسكت بيد ليلي،
وسحبتها لتجلس على الكرسي.
“حسنًا، إن كنتِ مصممة على إخفاء الأمر، فلن أضغط أكثر.”
“انه ليس سرًا…”
لكن نفي ليلي المتكرر سقط على آذان صمّاء.
“فقط تذكّري، لا يوجد شيء أكثر غباءً من الثقة بكلمات النبلاء المعسولة. في الوقت الحالي، من الطبيعي أن تشعري بانجذاب بسبب الوضع الاستثنائي، لكن حين تعود الأمور إلى طبيعتها، سيفقد اهتمامه فورًا.”
ربّتت جوليا بلطف على يد ليلي.
“مهما بدت وعوده براقة، عليكِ أن تبقي قوية.
وإلا، فستكونين أنت الوحيدة التي ينكسر قلبها في النهاية.”
لقد بدأ الأمر يفقدها صوابها.
لو كان هناك مجرد تلميح صغير لأي شيء، لما شعرت بأن الأمر بهذا الظلم!
“أفهم ما يقلقك، جدتي. وأنا أتفق معك في كل ما قلتِه. لكن عليّ أن أكرر، لا يوجد بيني وبين الدوق أي علاقة سوى علاقة مهنية بحتة.”
تحدثت ليلي بنبرة متعبة، على أمل أن تصل صراحتها إلى قلب جدتها.
“لست أخفي شيئًا خوفًا من التوبيخ. لا يوجد شيء لأخفيه أصلًا.”
“إذًا… حقًا لا يوجد شيء بينكما؟“
“صحيح.”
“لكن لا بدّ أنه اعترف على الأقل؟“
“لا! لماذا قد يعترف سموّه لي؟ أقول لكِ، لا توجد مشاعر بيننا على الإطلاق!”
“لكن ليلي، فكري فيها منطقيًا.”
بدت جوليا في حيرة.
“لقد دمّر مبنىً كاملًا فقط لأنكِ هربتِ، أليس كذلك؟“
“ذلك لأنه وعدته أن أساعده ثم خذلته. كان غاضبًا، هذا كل شيء.”
“إذًا كانت مجرد نوبة غضب؟“
“نعم.”
أجابت ليلي بهدوء.
“إذًا كيف تفسرين كل تلك الدراما التي حصلت سابقًا؟“
“دراما؟“
هل كانتا حقًا في نفس الغرفة؟
“نعم! أقسم مرارًا وتكرارًا على صدقه، وأصرّ أن تثقي به، ورفض أن تبتعدي عنه ولو للحظة، ووافق على كل شروطي المبالغ فيها فقط ليعتني بك. هذه هي الدراما التي أقصدها!”
كان من الواضح أن ذلك مجرد جزء من محاولاته لمنع ليلي من الرحيل.
وليس بالأمر الجديد. فقد كان يتصرف بهذه الطريقة منذ البداية.
لكن جوليا كانت مصممة على تفسير كل شيء كأنه قصة رومانسية، وبدأت الآن بتوجيه اللوم إلى ليلي أيضًا.
“وأنتِ كذلك لم تتصرفي كما يليق بخادمة تتحدث إلى نبيل رفيع!
كنتِ تبتسمين له بفمك كله، وتقولين له وعدًا غامضًا بألا تتركيه وحده…”
“حسنًا… عندما أسمعها بهذه الطريقة تبدو غريبة قليلًا.
لكن أعتقد أنكِ فقط سمعتِ جزءًا من الحديث وفهمتِه بشكل خاطئ.”
“أوه، ليلي… على الأقل، أنا متأكدة أن ذلك الرجل لديه مشاعر تجاهك.”
“لا أعلم. لم أشعر بذلك أبدًا. لم يكن في تصرفات سموّه ما يثير الشك.”
فتحت جوليا نصف فمها في ذهول، ثم أغلقته من جديد.
لو كان يملك جسدًا حقيقيًا، لربما أربكها الأمر قليلًا.
فهو فقط لطيف بشكل مبالغ فيه في كل شيء.
لكن علاقتهما كانت فريدة من نوعها، ولم تجد ليلي في هوس آيدن بها أي شيء غريب.
فهي الوحيدة التي تستطيع رؤيته وسماعه،
شخص لا يمكن استبداله، ولا بديل له.
ومن الطبيعي أن يتعلق بها بهذه الطريقة.
احتضنت ليلي جدتها.
فجوليا لم تكن تنوي أي سوء، وكل أسئلتها كانت بدافع القلق فقط.
“شكرًا لأنكِ قلقة عليّ.”
“هاه… فقط استمري في رؤية الأمور بهذا الشكل.”
لكن للأسف، بدا من نبرة صوتها أنها لم تصدقها بعد.
وقفت ليلي. لقد حان وقت الذهاب فعلًا.
إن تأخرت أكثر، فسيبدأ آيدن بالتذمّر حتمًا ويسألها عن سبب تأخرها.
وقفت جوليا أيضًا. ثم، فجأة، ابتسمت وقالت،
“انه من المؤسف لأجله، حقًا.”
“ما الذي تعنينه؟“
“في القصص الخيالية، عادةً ما تُوقظ الجميلة الملعونة بقبلة أو دمعة من حبها الحقيقي، أليس كذلك؟ لو كانت قلوبكما قد تلاقت بالفعل، لكنتُ أخبرتكِ أن تجربي ذلك قبل أن نبدأ في فك شفرات الكتب المحرّمة.”
“آه، جدتي! هذا يحصل فقط في القصص الخيالية.”
افترقتا على وعد باللقاء مجددًا في المساء.
وفي طريق عودتها إلى المبنى الرئيسي، كانت أفكار ليلي مشوشة.
‘همم. ربما فعلاً نتصرف بشكل مقرب أكثر من اللازم. لكن لا يمكنني أن أتصرف كدمية خشبية عندما يكون سموّه لطيفًا معي. ومع ذلك… هل يراه الآخرون حقًا بهذه الطريقة؟ أنه…؟‘
إصرار جوليا ترك شعورًا غريبًا في صدرها.
وبمشاعر مختلطة، فتحت ليلي باب المبنى الرئيسي.
[ليلي.]
لم يتحرك من مكانه منذ افترقا، وكان ينتظرها هناك.
عاد شيء من الحياة إلى عينيه الباهتتين وهو ينظر إليها.
[تأخرتِ. هل كان لديكِ الكثير لتتحدثي فيه مع جدتك؟]
كانت نبرته الرقيقة من النوع الذي كان سيجعل جوليا أكثر اقتناعًا بشكوكها.
لحسن الحظ أنها لم تسمع المزيد من الحديث.
نظرًا لأن المبنى الرئيسي كان يعجّ بالأشخاص الذين ينظفون،
لم تستطع ليلي الردّ.
رآها زملاؤها في العمل واقتربوا منها.
“ليلي! ألم يكن من المفترض أن تعودي بالأمس؟“
“حدث شيء طارئ، لذا تأخرت قليلًا.”
“مهما كان، نحن سعداء بعودتك. لقد تم تعيينك للعمل في هذا المبنى، وكان من الممكن أن تتورطي في هذه الفوضى.
أحد الجنود نجا فقط لأنه اختبأ تحت السرير!”
“صحيح. وأنت تكرهين الحوادث التي فيها أرواح مثل هذه.”
لو كانت قد عادت حسب الخطة، لربما لم تحدث هذه الحادثة أصلًا، لكن أصدقاءها، الذين يجهلون الحقيقة، استقبلوها بترحاب.
كانت ليلي قد خططت للذهاب مباشرة إلى وولفرام،
لكن لم يكن أمامها خيار سوى الانضمام إلى طاقم التنظيف.
وخلال انشغالهم بالتنظيف، بقي آيدن قريبًا منها بهدوء.
ومع أن مراقبة الناس وهم ينظفون لا تبدو تسليةً ممتعة،
إلا أنه لم يغادر.
وفي النهاية، أشارت شمس المغيب إلى نهاية يومهم المرهق.
اختلقت ليلي عذرًا بأنها ستتوقف عند المكتب، وانسلت بعيدًا.
كل ما في الأمر أنها أرادت أن تقول لآيدن تصبح على خير.
الطابق الثالث لم يكن قد نُظف بعد،
ولا يزال يبدو وكأن عاصفةً ضربته.
كل خطوة كانت تُحدث صوت سحقٍ من الزجاج المتناثر.
تحدثت ليلي بحذر عبر الباب المفتوح جزئيًا،
والذي لم يكن مثبتًا جيدًا على إطاره.
“سيبقى المكان في حالة من الفوضى لبعض الوقت.”
[أجل. كان الوضع أفضل حين كنا وحدنا فقط.]
اتسعت عينا ليلي.
الآن بعد أن أصبحت تولي اهتمامًا لما يقوله،
بدأت تدرك أن هذا الشبح يقول أشياء غريبة فعلًا.
أعادت صياغة ردها بسرعة.
“صحيح. كان أكثر راحة عندما كنا وحدنا فقط.”
[لن أسمح بحدوث ذلك مجددًا.]
قالها بإصرار شديد، ما جعل ليلي تضحك من غير قصد.
“حسنًا، حسنًا. إلى متى ستظل تعدني بذلك؟“
حدّق آيدن بها بتركيز.
وفجأة تذكرت ليلي ما قالته جوليا عن تصرفاتها ‘غير اللائقة‘.
“آه، آسفة. تصرفتُ بشكل مبالغ فيه…”
وعندما فكرت بالأمر، تذكرت أيضًا أن مشكلاتها مع وولفرام كانت دائمًا تبدأ من هذا النوع من التصرفات.
[لا. لا بأس. هذا مثالي.]
قال إنه لا بأس مجددًا!
أدارت ليلي وجهها بعيدًا من دون قصد.
بعد حديثها مع جوليا، لم تتوقف أفكارها عن الانجراف إلى أماكن سخيفة.
على أي حال، ربما من الأفضل أن تعود الآن.
كانت بحاجة لتهدئة نفسها.
استدارت لتغادر، وقالت كلمات وداعها بسرعة:
“شكرًا لك. سأكون أكثر حذرًا، على أي حال. إذًا، أراك غدًا.”
[صحيح… انتظري، ليلي!]
عند سماع اسمها، التفتت برأسها. كان آيدن يمد يده نحوها.
وفي اللحظة التي شعرت فيها ببرودة خفيفة تلامس معصمها،
تلوى وجهه ونظر للأعلى.
اتبعت ليلي نظره.
كانت قطعة زينة موضوعة بإهمال فوق الباب، وكانت تسقط.
لكنها لم تسقط مباشرة إلى الأسفل، بل اندفعت بقوة إلى زاوية الغرفة بفعل قوة غير مرئية.
حدث كل شيء قبل أن تتمكن ليلي من استيعابه بالكامل.
وحين استعادت وعيها، كان آيدن واقفًا أمامها مباشرة.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل "16- في معظم الحكايات القديمة "