في فجر مضيء بنور القمر، ينير أرجاء الفندق وزواياه، خرجتُ بهدوء من مكان إقامتي متجهةً إلى خزانة أدوات التنظيف في المبنى الرئيسي.
“لقد أعددتُ كل شيء مسبقًا، ولكن لا أحد يعلم ما قد يحدث.”
الخصم هذه المرة رجل ضخم الجثة، بينما أنا امرأة نحيلة، ضعيفة، بل ومفرطة في الرقة والخجل. لذا، من الأفضل أن أحمل سلاحًا واحدًا على الأقل.
بخفّة، فتحتُ باب خزانة أدوات التنظيف وأخرجتُ “مِكنسة متينة”. كانت عصاها لا تزال تحمل آثار دمٍ جاف، بقايا نزيف أنفي السابق.
قبضتُ على العصا ولوّحت بها في الهواء، فأحدثت صفيرًا قويًا وهي تشقّ الفراغ.
“أجل، هذه تمامًا ما أحتاج إليه، قبضة ثابتة، وصلابة مثالية.”
إذن، بما أنني أصبحت مستعدة، فليأتِ فقط! سأجعله يندم على فعلته أشد الندم!
***
اختبأتُ خلف ستائر الزينة الواقعة خلف مكتب الاستقبال، ممسكةً بالمِكنسة في يدي، أراقب بصمت.
الانتظار لظهور اللص، دون معرفة متى سيأتي، كان اختبارًا صعبًا لصبري.
“أرغب فقط في الاستلقاء على سريري ومدّ ساقي للنوم بسلام.”
على عكس المرة الأولى في هذه اللعبة، كنتُ هذه المرة أكثر ودًّا في التعامل، لذا قد لا يحاول اللص سرقة صندوق النقود. ولكن إن فعل؟ إن تجرّأ على سرقته؟ لا يمكنني السماح بذلك!
“إن اختفى، ستنتهي كل آمالي. وربما ينتهي أمري أيضًا.”
قد ينتهي بي المطاف تحت نيران نظرات سِيدويــــن اللاذعة، وربما يتمّ اقتيادي إلى فرقة الأمن. فمن الواضح أن صندوق النقود هذا هو أغلى ما في الفندق.
الغرف تبدو مهجورة منذ خمسين عامًا على الأقل، ولا يوجد أي شكل من أشكال التنسيق أو الزينة سوى الأعشاب الضارة والحجارة المتناثرة. باختصار، لا يوجد شيء أثمن من ذلك الصندوق.
“لذا، إن سُرق، كم سيغضب سِيدويــــن يا ترى؟”
لا بد أنه دفع مبلغًا باهظًا لاقتنائه.
وبشخصيته تلك، من المستحيل أن يتركني بسلام. سيحيطني بالسخرية والنظرات المتعالية حتى يستنزفني بالكامل.
لهذا، عليّ الإمساك باللص في الحال، ورفع مستوى المودة لديه!
أصبحتُ أشعر بتشنّج في ساقي، وألم خفيف يزحف إلى قدمي. كنتُ أداعب أصابع قدمي في محاولة لتخفيف الوخز، وأضع قليلًا من اللعاب على طرف أنفي عندما…
شعرتُ بحركة خفيفة، بالكاد مسموعة.
“لقد أتى!”
أوقفتُ أنفاسي، وشددتُ قبضتي على المِكنسة. كان التوتر يشدّ عضلاتي حتى شحبت يداي، واحتبست أنفاسي في صدري حتى كدتُ أختنق.
ثم…
“دوووووم!”
“آاااه!”
“أيها الوغد اللعـ//! لص! لص!”
سقط ذلك اللص المتسلل أرضًا، ممسكًا بكاحله وهو يئنّ من الألم. كان صندوق النقود ملقىً بجانبه.
“لقد نجحتُ!”
لكن لا وقت للاحتفال. فالضربة الحاسمة تأتي دومًا عبر الهجوم المتكرر!
بدأتُ أحكّ وجه اللص بالمكنسة بقوة، وأنا أهمس بصوت خافت مخيف:
“لقد وقعتَ في قبضتي أيها الوغد… سأقبض عليك، وسأرفع مستوى المودة لدي لا محالة.”
“فـ… فُووه! فوه، اُغـ!”
لأجل هذه اللحظة، تجنّبتُ تنظيف شعيرات المكنسة اليوم، ولم أتخلص من الأتربة العالقة بها، أيها اللص التعيس!
كما توقعت، لم يستطع اللص الذي وقع في الفخ، والذي انقلب للخلف، أن يستوعب ما يجري حوله، إذ تلقى ضربات المكنسة المتتالية دون أن يتمكن من استجماع قواه.
“هذا جزاؤك، كيف تجرؤ على السرقة هنا؟!”
بدا وكأن بعض ألياف المكنسة دخلت فمه، فراح يبصق يمينًا ويسارًا.
“لا تبصق على الأرض! إن لم ترد أن تُهلك نفسك!”
لم يكن قد بصق بالفعل، لكنني صرختُ عليه بشدة، ففغر فاه من الذعر. انعكست صورته خلفه على الأرضية الملساء اللامعة، وكأنها مرآة.
نعم، هذه الأرضية المصقولة، أنا من جعلها كذلك!
صندوق النقود هذا قد يبدو صغيرًا، لكنه ثقيل للغاية. بينما كنت أفكر في طريقة للإيقاع بشخص قوي بما يكفي لحمله بسهولة، وقعت عيناي على الأرضية.
صحيح أن الفندق مهمل تمامًا، وأرضية الرُدهة مليئة بالتشققات، لكن لا تزال مصنوعة من الرخام المصقول.
“قال أوفَان من قبل إن الشموع هنا تُصنع من شحوم الحيوانات.”
حين كان يرشدني داخل الفندق، ذكر أن الظروف الحالية لا تسمح سوى باستخدام شموع رخيصة مصنوعة من الدهون الحيوانية، وطلب مني الانتباه عند إشعالها.
“استحضرتُ ذلك في ذهني، وقمتُ بإذابة بعض تلك الشموع الرخيصة قليلًا، ثم نشرتها على الأرضية!”
أيًا كان حجم الرجل، فلا شك أنه سينزلق بسهولة، ولهذا ظللتُ أفرك الأرض حتى اختفى كل احتكاك ممكن. وكانت النتيجة ناجحة تمامًا!
“رغم أنني لم أتوقع أن يسقط الصندوق فوق كاحله أثناء انزلاقه!”
لكن، هذا يؤكد شيئًا واحدًا… على الأقل، اليوم، الحظ يقف في صفي!
بينما كنت أستمتع بهذا الشعور الحلو بالانتصار، لم أتوقف عن تمرير المكنسة على وجه اللص. لا مجال للتهاون حتى يأتي أحدهم للقبض عليه!
“كخ… كخخ! لَحظة، فوه!”
حاول اللص فتح فمه قسرًا، ربما أراد قول شيء ما، لكنني لم أترك له فرصة.
“أوه! هلّا أغلقتَ فمك!”
بأي حق يتحدث المجرم؟!
بكامل غضبي على أفعال هذا الوغد، قمت بتحريك المكنسة في جميع الاتجاهات، شرقا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، وأنا أنفض الأوساخ على وجهه وجسده حتى لم يعد قادرًا على تمييز الاتجاهات.
“ماذا؟ هل كنتَ تظن أن هذا هو كل شيء؟! واهمٌ أنت!”
قبل توجيه الضربة الأخيرة، توقفتُ للحظة لألتقط أنفاسي، ثم قلبتُ المكنسة وأمسكتها بطريقة معكوسة، واستعددت لتسديد الضربة القاضية.
عندما التقت عيناي بعيني اللص، رأيت الذعر يشتعل فيهما، وكأنه استشعر مصيره المحتوم. كان قد ضمّ يديه المرتجفتين إلى صدره، وبدأ بهزّ رأسه مستعطفًا.
“فلترحل بسلام، لكن لا تُفكر مجددًا بسرقة ممتلكات الغير.”
في بعض الأماكن، يُقطع يد السارق عقابًا، لذا، هذه المعاملة تُعتبر رحيمة للغاية!
“كن ممتنًا لسخائي هذا بقية حياتك.”
وهكذا، بابتسامة متسامحة، رفعتُ العصا عاليًا، مستعدة لتوجيه الضربة الأخيرة بكل قوتي!
لكن فجأة…
“تـ… تـ… تيكيوو يونغ!”
شخص ما قاطعني فجأة بصوت مرتجف، ليوقفني عن متابعة ما كنتُ أنوي فعله.
“أوفَان؟!”
لماذا أتيتَ الآن فقط؟!
ناديتُ عليه بفرح لرؤية حليف أخيرًا، لكن أوفَان بدا مذهولًا تمامًا.
“أ… أوفَان؟ هل ناديتِ اسمي حقًا؟”
“أجل، أو هناك لقب آخر عليّ استخدامه؟”
هل كان عليّ مناداته بـ”السيد المساعد” بدلًا من ذلك؟
رفع أوفَان نظارته قليلًا على جسر أنفه وهو يقول:
“لا، لا، لا يهم… نادِني بما يحلو لكِ. لكن، تيكيوو يونغ، أرجوكِ، اخفضي ما في يدكِ واهدئي قليلًا!”
يبدو أنه اعتقد أنني كنتُ أؤذي أحد النزلاء… لكنه ليس نزيلًا، إنه لص!
لإراحته، ابتسمتُ بهدوء بينما أخبرته بما يجري:
“آه! لا تقلق! هذا الشخص ليس نزيلًا، بل لص! لقد حاول سرقة صندوق النقود! أسرع، اتصل بقوات الأمن!”
“ا-انتظري، تيكيوو يونغ، من فضلكِ، استرخي قليلًا…!”
كنتُ أتوقع أن يفزع أوفَان فور علمه بوجود لص، لكن بدلاً من ذلك، بدا مرتبكًا وهو يحاول إيقافي.
وفي تلك اللحظة، حاول اللص استغلال الفرصة للنهوض!
إلى أين تظن نفسك ذاهبًا؟!
فورًا، ضغطتُ على كاحله بالمكنسة مرة أخرى وصحتُ:
“أوفَان! اتصل بالأمن الآن!”
“أوه، آآآه! إنه يؤلمني! يؤلمني!”
“إذًا، من الطبيعي أن أضغط أكثر، أليس كذلك؟! هل تفضل أن أُريحك بدلاً من ذلك؟! ابقَ مكانك! أوفَان! ماذا تنتظر؟!”
“تشيــغو يونغ، أرجوكِ، فقط اهدئي لحظة…”
تنهد أوفَان بعمق وهو يضع يده على جبهته.
ما به؟ أخبرته أن هذا الرجل لص، فلماذا لا يزال مترددًا؟!
“تهدأ؟ أوفَان، هذا الشخص كان يحاول سرقة صندوق النقود!”
“سرقة؟! ل-لا! كنتُ فقط… أردتُ رؤيته عن قُرب!”
“أردت رؤيته؟! ههه! إن كنتَ ستكذب، فحاول على الأقل أن تكون مقنعًا!”
لم يكن هناك أي أثر للندم في صوته، ولا حتى ذرة من الإحساس بالذنب.
نظرًا لأن أوفَان كان يتباطأ، شعرت أن قوات الأمن لن تصل حتى طلوع الفجر!
إذا كان الأمر كذلك… سألقنه درسًا آخر قبل ذلك!
“أنتَ بحاجة إلى…”
لكن فجأة، انزلقت قدمي بشدة!
لقد أفرطتُ في إذابة الشمع ونشره، حتى إنني أنا نفسي لم أعد قادرة على التوازن!
في تلك اللحظة، أدركتُ أنني على وشك السقوط فوق اللص مباشرة!
حاولتُ جاهدًة التمسك بأي شيء، لكن الهواء كان كل ما تمكنتُ من الإمساك به.
“تبا!”
أغلقتُ عيني بقوة، مدركة المصير الذي ينتظرني…
“قد ينتهي بي الأمر بتقبيل هذا اللص الحقير!”
لكن فجأة، أحاطت بي ذراع قوية، ممسكة بخصري بحزم، ومنعتي من السقوط.
وصلتني رائحة عطرة منعشة، مثل رائحة الأعشاب المغطاة بندى الصباح.
“نجوتُ…”
كدتُ أُهدر قبلتي الأولى على لص تافه!
تنفستُ الصعداء، وفي ذات الوقت، سمعتُ تنهيدة مألوفة جدًا.
يد قوية ساعدتني على الوقوف مجددًا، بكل رفق وحرص.
لم أكن أتصور أبدًا أن هذه اليد قد تُظهر لي لمحة من اللطف.
لكن بعد خمس ثوانٍ فقط، حطم ذلك اللطف تمامًا
“ما هذا الفوضى؟ ألا يمكنكِ البقاء هادئة للحظة؟ ولماذا يبدو شعركِ وكأنه قد ضُرب بصاعقة؟”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "11"