“لا تقلق، يا مولاي. هل تعتقد أن وجه أدولف عاديّ؟”
“بالضبط، إنه لأمرٌ مؤسف بالنسبة لأدولف، ولكن في إحدى المرات، أغمي على سيدة بمجرد أن رأت وجهه في الطريق!”
“هاها! صحيح! متى كان ذلك؟ لقد عاد إلى القصر يومها وهو يبكي!”
بينما كان رفاقه يطلقون التعليقات اللاذعة، كانت عينا أدولف قد بدأت تمتلئ بالدموع بالفعل.
الرجل الأكثر هيبةً بين نخبة رجال “سِيدويــــــن”.
الأول في القدرة على طرد السيدات بمجرد النظر إليهن.
الأكثر رعبًا بالنسبة للأطفال.
ومع ذلك، كان أيضًا الرجل الأكثر طيبةً وبساطةً بينهم.
كل هذه الصفات كانت تنطبق على أدولف.
في حين كان بقية النخبة منشغلين بالحديث الصاخب عن الحادثة التي أغمي فيها على إحدى السيدات عند رؤيته، استدعى “ميلون” أدولف بهدوء، وأمره بالتقدم نحو “سِيدويــــــن”.
انحنى أدولف على إحدى ركبتيه، مطأطئًا رأسه أمام سيده الجالس على الأريكة الفاخرة.
إلى جانب سِيدويــــــن، كان يجلس سكرتيره المباشر “أوفَان”، وقائد جهاز الاستخبارات “ميلون”، الذي ينتمي إليه أدولف.
“لا الاحترام الفاتر كان مجديًا، ولا الموقف المتعجرف كان له تأثير. لم يبدُ عليها أي اكتراث لوضعها في مستوى متدنٍّ كالعامّة.”
وفقًا للمعلومات التي تم جمعها، فقد نشأت “بوني تشِّيغو” في قريةٍ صغيرة، حيث كانت تُعامل معاملة النبلاء، وكان من المفترض أن تنهار وتهرب في أقل من يوم واحد.
بل، في الواقع، توقعوا أن تتخلى عن الأمر تمامًا بمجرد أن ترى الفندق.
لكن “بوني تشِّيغو” لم تكن شخصًا عاديًّا.
أي سيدةٍ أخرى كانت ستنفجر بالبكاء، أو تغضب، أو حتى تفقد وعيها من شدة الصدمة.
لكنها لم تفعل أيًّا من ذلك.
لم تكن غير مبالية تمامًا، فقد كان واضحًا أنها تأثرت، ومع ذلك، تجاهلت الأمر أو تحملته بصمت.
كانت تعض شفتيها بإحكام، وتقبض يديها حتى ترتجف، لكنها لم تظهر ضعفها.
وكلما رأى “سِيدويــــــن” هذا المشهد، زاد استياؤه منها.
“إن كانت تتحمل كل هذه الإهانات، فلا بد أن هناك سببًا يدفعها للبقاء.”
لكن ما هو هذا السبب؟
“برود شاغو” كان مشبوهًا، و”بوني تشِّيغو” كانت أكثر منه غموضًا.
شعر “سِيدويــــــن” بصداعٍ حاد.
مهما كان ما يريدانه، فلن يمنحهما ولو ذرةً منه.
لقد سار حتى الآن في طريقٍ محفوفٍ بالمخاطر، حيث كان كل خطأ قد يطيح به.
وتمامًا كما أن حصاةً صغيرةً قد تنقلب بعربة، فإن أي إزعاجٍ بسيط قد يعرقل خططه.
ولهذا، عليه أن يزيل أي عقبةٍ في طريقه.
“لن ترى شيئًا مخيفًا، ولن تتعرض لأي تهديدٍ مباشر، ولكنها ليست شخصًا عاديًّا، لذا احرص على أن تؤدي عملك جيدًا.”
“نعم، لا تقلق يا مولاي. سأبذل قصارى جهدي.”
شعر “أدولف” بالإحباط من وصفه بـ”الشيء المخيف”، لكنه كان واثقًا من قدرته على إنجاز المهمة.
لم يكن قد رأى “بوني تشِّيغو” بنفسه بعد، إذ كان مشغولًا بتعقب “برود” ضمن مهامه في الاستخبارات، لكنه لم يكن ليقلق بشأن ذلك.
فمن يكون هو؟
إنه الرجل الذي يبكي الأطفال بنظرة، ويُغشى على السيدات من مجرد رؤية وجهه.
بالطبع، كان هذا أمرًا مؤلمًا له شخصيًّا.
لكن إن كان في ذلك نفعٌ لسيده، وإن كان بإمكانه أن يساعد في تحقيق مستقبلٍ أفضل له، فإنه كان مستعدًا لتحمل أي شيء، حتى لو تركت هذه المهمة ندبةً جديدةً على وجهه.
أليس من السهل نسبيًا، مقارنةً بذلك، أن يتقمص دور زبونٍ مزعج ليرعب آنسةً نبيلة نشأت في كنف الدلال؟
قد يرى البعض أن هذا التصرف يتنافى مع روح الفروسية، لكن ذلك لا يهم، فهو لم يُمنح لقب فارسٍ رسميًّا من الأساس.
غدًا، بعد انقضاء الليل، لن تُرى “بوني تشِّيغو” في “ميرفيا” مجددًا.
وأقسم “أدولف” أنه سيجعل ذلك يتحقق.
—
يا مولاي… لماذا لم تخبرني بهذا الأمر…
بمجرد أن بدأ بتنفيذ المهمة، وجد “أدولف” نفسه في موقفٍ محرج للغاية.
“مرحبًا بك، أيها الضيف الكريم! أهلاً وسهلاً بك في ميرفيا! كنا بانتظارك! سنحرص على خدمتك على أكمل وجه!”
كانت “بوني تشِّيغو” التي ظهرت أمامه مختلفة تمامًا عما توقعه.
كانت ذات قامةٍ أصغر مما تخيل، بشعرٍ بلون القمح الفاتح، وملامح دقيقة لطيفة، ووجنتين متوردتين، وعينين زرقاوين صافيتين كالماء، تُظهران حتى قاعهما.
وعندما ابتسمت، وهي تغمز بعينيها الكبيرتين المستديرتين، بدت وكأنها جروٌ وديع.
بدت وكأن أنفاسها تحمل عبيرًا عذبًا.
وفي تلك اللحظة، شعر “أدولف” للحظةٍ قصيرة بإحساسٍ غريب من الإحباط.
عليه أن يُرهب شخصًا كهذا؟
لكنه سرعان ما انتفض واستعاد وعيه.
“هذه أوامر مولاي شخصيًّا.”
إضافةً إلى ذلك، ألم يقل سيده عنها إنها “ليست عادية”؟
لا بد أن هذه الملامح البريئة ليست سوى قناع.
شد “أدولف” عزيمته، ورفع صوته مهددًا:
“م-ما هذا! توقف عن الابتسام! هذا يزعجني! هل تجدني أحمق؟ لماذا تبتسم بهذه الطريقة؟!”
لكن “بوني تشِّيغو” لم تُبدِ أي رد فعل. بل ظلّت واقفةً كما هي.
بدأ العرق يتصبب من جبين “أدولف”، فرفع صوته أكثر، لكن دون جدوى.
بعد عدة محاولات مماثلة، أدرك الحقيقة الصادمة.
إذا استمر الحال على هذا المنوال، فلن تكون “بوني تشِّيغو” هي من سيُطرد من “ميرفيا” غدًا، بل هو.
لقد كانت خصمًا عنيدًا بالفعل.
كانت تتزعزع للحظات وكأنها على وشك الانهيار، لكنه كلما نظر مجددًا، وجدها ثابتةً في مكانها.
وحينما طلبت منه أن يُعينها في نقل سيفٍ ضخم يكاد يماثل جسدها حجمًا، بدت له وكأنها عملاقة.
“حينما أعود إلى الغرفة، سيكون السير ميلون هناك. سأستشيره.”
لا بد أنه قد سمع الاضطراب الذي حدث في الردهة. قرر “أدولف” التراجع مؤقتًا.
أخذ المفتاح، وفتح باب الغرفة، ليجد “ميلون” يقترب منه على عجل.
“أرأيت؟ إنها ليست عادية.”
“نعم… لا يبدو أنها شعرت بأي تهديدٍ على الإطلاق… لم أقابل من قبل آنسةً مثلها.”
أجاب “أدولف” بوجهٍ كئيب.
وبناءً على نصائح “أوفَان” و”ميلون”، نزل مجددًا ليزعجها عمدًا، وضرب المنضدة الأمامية بقبضته مهددًا، لكن “بوني” لم تُظهر أي تأثر.
بل حتى عندما استغلوا خوف السيدات المعتاد من الأشباح، لم تفلح الحيلة معها.
“إذن… ما رأيك أن أظل بجانبك حتى تغفو، أيها الضيف الكريم؟”
آنسةٌ نبيلة، غير متزوجة، تعرض أن تحتل غرفة رجلٍ غريبٍ لم تلتقِ به من قبل؟
لقد كانت هزيمةً ساحقة لـ”أدولف”.
“لا تُلقِ اللوم على نفسك كثيرًا. حتى مولاي كان يعلم أن هناك احتمالًا للفشل، لذا لا بأس.”
ربت “ميلون” على كتف “أدولف” الذي بدا محبطًا.
“لكن أن نهددها بالسيف كما يفعل قطاع الطرق، فذلك ليس خيارًا متاحًا، صحيح؟”
“لا يمكننا المخاطرة بأذيتها جسديًّا أو إلحاق ضررٍ نفسيٍّ خطير بها، فقد يؤثر ذلك سلبًا على مولاي. إلى جانب ذلك…”
تردد “ميلون” قليلًا قبل أن يضيف:
“أشعر أن هذه الفتاة حتى لو لوّح أحدهم بسيفٍ أمامها، فلن ترمش عينها حتى.”
وافقه “أدولف” بشدة.
بل كان مقتنعًا تمامًا أن لو هددها بالسيف، فستبتسم له بعينيها اللامعتين المخيفتين.
حينما التقاها أول مرة، بدت عينها كصفحة ماءٍ صافية، لكن الآن، بدا له أنها تحمل نوعًا من الجنون.
“مجنونة بعيونٍ صافية.”
هكذا وصف “أدولف” “بوني تشِّيغو”، وقشعريرةٌ تسري في جسده.
عندها، قطع “أوفَان”، الذي كان يراقب الموقف بصمتٍ حتى الآن، تفكيره قائلًا:
“إذا لم يكن تهديدها ممكنًا، فلنخلق موقفًا يجعلها مضطرةً للمغادرة.”
“ماذا تعني؟”
“أنت تعرف كيف يقول المسؤولون النبلاء دائمًا: ‘سأتحمل المسؤولية وأستقيل’. دعونا نُجبر الآنسة بوني تشِّيغو على اتخاذ قرارٍ مماثل.”
“وهل يوجد في هذا الفندق موقفٌ مناسب لذلك؟”
“بالطبع. اختفاء صندوق النقود.”
اتسعت عينا “ميلون” و”أدولف” بدهشة، ونظرا إلى “أوفَان”.
أما “أوفَان”، فابتسم وهو يحكّ رأسه قائلًا:
“لم أكن أود اقتراح ذلك، لكن يبدو أنه لا خيار آخر أمامنا.”
“وهل مولاي على علمٍ بهذه الخطة؟”
“بالطبع لا. لم أبلغه بها أبدًا.”
“ولكن ماذا لو اعتقد مولاي حقًّا أن الصندوق قد سُرق، فاستدعى الشرطة؟”
سأل “أدولف” بقلق.
“لهذا السبب، طلبتُ من ‘باراهان’ أن يرتدي زي الشرطة، حتى يتدارك الأمر فورًا.”
“أيها العبقري المحتال!”
ضحك “ميلون” وربّت بقوةٍ على رأس “أوفَان”.
لم يكن بارعًا في القتال مثل “ميلون”، لكنه كان ذكيًّا، مما جعله السكرتير الشخصيّ لمولاه.
وهكذا، بدأ الثلاثة تنفيذ خطتهم.
***
في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، حينما كان الجميع نائمين، خرج “أدولف” من غرفته ممسكًا بورقةٍ كان قد كتبها مسبقًا.
تبعاه “ميلون” و”أوفَان” بصمت.
توجه “أدولف” نحو المنضدة الأمامية، ونبضات قلبه تتسارع.
“السرقة؟ لم أقم بهذا من قبل!”
بخطواتٍ حذرة، بدأ بالتحرك، لكنه فجأةً شعر بحركةٍ طفيفةٍ من مكانٍ قريب.
انتفض، والتفت بسرعة، ليجد “أوفَان” واقفًا هناك، مختبئًا بطريقةٍ غير متقنة.
“حسنًا، إنه السير أوفَان فقط…”
التقط “أدولف” أنفاسه، وأكمل طريقه.
بأيدٍ مرتجفة، سحب صندوق النقود من مكانه برفق، ووضع الورقة بدلًا منه، ثم استعد للفرار.
لكن فجأةً…
“بووم!”
“آه!”
“أيها اللص اللعـ//! لص! لص!”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "10"