“…”

أدركتُ فجأةً أنني دُفعتُ إلى أقصى زاويةٍ من الغرفة ، بالكاد أستطيع رؤية لوسيان.

“سيدتي ، هل يمكنكِ التنحي جانبًا قليلًا؟ أنتِ تعيقين الطريق”

قال أحد الخدم بحدة.

“آه ، آسفة”

تمتمتُ ، و تراجعتُ بسرعة.

مع ذلك ، مددتُ رقبتي ، محاولةً إلقاء نظرةٍ على حالة لوسيان.

في تلك اللحظة ، كان الطبيب يُطهّر كتف لوسيان بعنايةٍ و يفحص الجرح. نقر بلسانه قليلًا.

“سنحتاج إلى إزالة الرصاصة. ثبّتوا الدوق حتى لا يتحرك”

“أجل، سيدي!”

أمسك الخدم بذراعي و ساقي لوسيان بقوة.

بعد لحظةٍ من التفكير المتأنّي ، التقط الطبيب ملقطًا مُطهّرًا و بدأ بفحص الجرح.

ارتجف جسد لوسيان بعنف.

“آه …!”

حتى و هو فاقد للوعي ، أطلق لوسيان تأوهًا مؤلمًا.

بعد لحظات من التوتر ، أطلق الطبيب صرخة انتصار.

“لقد حصلتُ عليها!”

حمل الملقط الملطخ بالدماء رصاصة ذهبية صغيرة لامعة.

أحضر أحد الخدم صينية معدنية بسرعة.

رنين-! 

سقطت الرصاصة المغطاة بالدماء في الصينية بصوت أجوف.

“أنت رائع أيها الطبيب!”

“هاها ، حسنًا ، ما كنتُ لأفعل ذلك لولا مساعدة الآنسة مارغريت”

بمديح مارغريت ، ابتسم الطبيب بحرارة.

… كان رد فعله مختلفًا تمامًا عن برودته التي أظهرها لي سابقًا.

قام الطبيب بخياطة جرح لوسيان و لفه بإحكام بالضمادات.

ثم التفت إلى مارغريت بتربيت مطمئن.

“هذا يكفي. ما دام الجرح لم يُلتهب ، فسيتعافى جيدًا”

“هل سيكون لوسيان بخير في المستقبل؟”

سألت مارغريت ، بصوتٍ مُشوب بالقلق.

“أجل ، أعتقد ذلك. هو بصحة ممتازة. مع ذلك ، نظرًا لخطورة الجرح، عليكِ مراقبته عن كثب”

“بالتأكيد! سأتأكد من ذلك!” ، أجابت مارغريت ، و هي تقبض على قبضتيها بعزم.

نظر إليها الطبيب بعطف ، ثم نهض.

“لقد فعلت كل ما بوسعي الآن. على الدوق أن يشفي نفسه”

“شكرًا جزيلًا لكَ”

“كان هذا واجبي. أنا سعيد لأنني استطعتُ المساعدة” 

ابتسم الطبيب لمارغريت بلطف قبل أن يُحوّل نظره البارد نحوي ، و أنا أقف بهدوء عند الباب.

“…”

خفضتُ رأسي ، و شعرتُ بثقل حكمه.  

هنا ، كنتُ المجرمة

كنتُ المسؤولة عن إصابة وريث كاليد الثمين ، الدوق الوحيد للإمبراطورية – لوسيان.

“حسنًا ، فليخرج الجميع. الدوق يحتاج إلى الراحة”

بعد أن حدّق بي الطبيب للحظة ، أخرج الخدم من الغرفة.

ترددتُ قليلًا ، إذ أدركتُ أنه لا يوجد ما أفعله هنا. 

استدرتُ للمغادرة عندما …

“إلـزي.”

لدهشتي ، نادتني مارغريت.

“ابقِ هنا معنا”

“لكنني لستُ متأكدة كيف يُمكنني تقديم أي مساعدة …”

صمتُّ.

“هراء. لوسيان كان يرغب برؤيتكِ بشدة” ، قالت بابتسامة مشرقة.

“إذا استيقظ ، و لم تكوني هنا ، فسيشعر بخيبة أمل”

“…”

كيف لي أن أرفض بعد أن قالت ذلك؟ تراجعتُ على مضض و جلستُ بجانبها.

“لكن ، كيف تعرفين اسمي؟” ، سألتُها.

“أوه ، لوسيان و بنديكت أخبراني”

لم تتردد مارغريت في استخدام اسميهما الحقيقيين ، كما لو كانا صديقين مقربين.

هزت كتفيها بلا مبالاة ، ثم أضافت.

“علاوة على ذلك ، أخبرتكِ سابقًا ، أليس كذلك؟ يمكنكِ مناداتي بمارغريت”

تجمدتُ للحظة.

نظرتُ إليها بتعبير مرتبك قبل أن أتمتم.

“إذن … لم يكن هذا حلمًا؟”

“أوه ، هل ظننتِ ذلك؟”

أجابت مارغريت بحرارة.

“إلزي ، أنتِ فاتنة. أنتِ لطيفة و محبوبة للغاية – فلا عجب أن يهتم لكِ لوسيان و بنديكت كثيرًا ، أليس كذلك؟”

“…”

لمست كلماتها وترًا حساسًا فيّ.

شعرتُ و كأنها تُلمّح إلى أن عاطفتهما تجاهي تُشبه عاطفة المرء تجاه حيوان أليف.

لكن …

لا ، ربما أكون حساسة فحسب.

كتمتُ الانزعاج الذي يتصاعد في داخلي.

فلماذا تُكنّ بطلة القصة الأصلية أي ضغينة تجاهي؟

“بالمناسبة ، هل تمتلكين قوة سحرية يا آنسة مارغريت؟”

همم، بل على العكس تمامًا، أجابت وهي تهز كتفيها.

“أنا مصابة بطبيعتي بحالة تُسمى نقص المانا”

نقص المانا؟

كنت أعرف أن الشخصيات الرئيسية الثلاثة لديهم قوى سحرية و يمكنهم استخدام أدوات سحرية ، لكن هذه كانت المرة الأولى التي أسمع فيها عن مثل هذه الحالة.

“على سبيل المثال ، تخيلي الأمر هكذا”

التقطت مارغريت كوبًا من الماء من على الطاولة.

“ماء هذا الكوب هو مانا ، و معظم الناس لا يستطيعون حتى حمل الكوب نفسه”

“إذن ، في حالة مارغريت …؟”

أوضحت بإبتسامة خفيفة:

“ليس لدي سوى الكوب. ليس لدي مانا ، لكن يمكنني استعارة مانا من آخرين يمتلكونها”

“إذن ، كيف دخلتِ القصر؟”

“استخدمتُ أداةً سحريةً لإخفاء وجودي. استعرتُ مانا لوسيان لتفعيلها”

أملتُ رأسي ، وما زلتُ مرتبكة بعض الشيء. 

“إذن ، ألم يكن من المنطقي أن يدخل الدوق لوسيان أو الكونت بنديكت بأنفسهما؟”

“حسنًا، ماركيز أوفنهاير قادرٌ على التلاعب بالمانا، أليس كذلك؟”

عند ذكر اسمه ، تصلبتُ.

دانتي. 

حتى سماع اسمه يمرّ بخفة في حديثٍ ما ، شعرتُ وكأنّ جليدًا حادًا يخترق قلبي.

“الأشخاص الذين يستطيعون التلاعب بالمانا حساسون للغاية لمانا الآخرين. ما لم يحاولوا كشفها ، فمن الممكن عادةً إخفاء وجودهم. و لكن مع ذلك ، و للأمان ، شخصٌ مثلي – بالكاد يملك أي مانا – هو خيارٌ أفضل للدخو.”

كان هذا التفسير منطقيًا.

أومأتُ برأسي ، ثم طرحتُ سؤالًا آخر بحذر.

“في وقت سابق ، رأيتكِ تُهدئين غضب الدوق. كيف استطعتِ فعل ذلك؟”

“هذا صحيح” 

تابعت مارغريت شرحها. 

“و ذلك أيضًا بسبب نقص المانا لديّ. أستطيع امتصاص مانا لوسيان الهائج”

“فهمت …”

تقبلتُ كلامها ، لكن شعرتُ بشيءٍ غريب فيه.

هذا لا يبدو كما وصفته القصة الأصلية …

عدتُ بشخصية مارغريت من الحبكة الأصلية.

لطالما صُوّرت مارغريت كبطلة كلاسيكية. 

كانت يتيمة ، و في أحد الأيام ، التقت بلوسيان. 

لوسيان ، الذي أصبح مُختلًّا بسبب تجاربه المؤلمة في المدرسة الداخلية ، رقّ قلبه تدريجيًا بفضل لطف مارغريت الفطري.

بعد ذلك ، انتشرت شائعاتٌ بأن لوسيان كان يحميها ، مما أثار اهتمام دانتي ، لأنه كان يكره لوسيان آنذاك.

اقترب دانتي من مارغريت بدافع الفضول ، ليقع هو الآخر في غرامها.

بنديكت ، الذي كان يتردد بين لوسيان و دانتي أثناء توليه المهام ، تأثر هو الآخر بلطف مارغريت.

لكن لم يُذكر في القصة قط أن مارغريت قادرة على تهدئة نوبات لوسيان.

الشيء الوحيد الذي كنت متأكدة منه هو أن الأبطال الثلاثة كانوا مخلصين تمامًا لمارغريت. كانوا سيفعلون أي شيء من أجلها ، حتى التظاهر بالموت إذا طلبت منهم ذلك.

حسنًا ، أعتقد أن هذا ممكن.

بما أن مارغريت كانت بطلة هذا العالم ، فلن يكون من المستغرب أن تمتلك بعض السمات الخاصة الإضافية التي لم تُذكر من قبل.

في تلك اللحظة ، هزت مارغريت رأسها بخفة.

“حسنًا ، في الوقت الحالي ، أنا مجرد صديقة للوسيان و بنديكت”

[في الوقت الحالي؟]

كانت طريقة غريبة للتعبير عن الأمور.

بدا الأمر كما لو أنهما كانا أكثر من مجرد صديقين.

“إنهما صديقاي العزيزان ، فأردت إسعادهما” ، قالت ، و عيناها الخضراوان اللطيفتان تتحدان في عيني.

“لهذا السبب جئنا لإنقاذكِ يا إلـزي”

“…”

شعرتُ بشيء غريب يزداد غرابة.

ضممتُ يديَّ على حجري.

حتى لو كانا صديقين مقرّبين لها و ترغب في مساعدتهما ، هل ستدخل طوعًا مكانًا خطيرًا مليئًا بالعملاء و مع شخص خطير كدانتي؟

… فقط لإيصال الرسالة.

[لا تقلقي ، سننقذكِ قريبًا؟]