26
الفصل 26 ــ أصبحت حماة البطلة النادمة
┊┊┊┊
┊┊┊❀
┊┊❁
┊┊
┊❀
❁
مرَّ أسبوعان بالفعل منذ أن انتهت علاقتي مع ليليانا.
حدث الكثير خلال هذه الفترة.
في البداية، اعتقدت أنها تقبَّلت نهاية علاقتنا؛ إذ لم أتلقَ أي اتصال منها لمدة ثلاثة أيام.
‘لقد كنت قاسية جدًا عليها عندما كانت تبكي… لابد أنها فقدت مشاعرها نحوي.”
ورغم أنني شعرت ببعض الندم على الذكريات التي بنيناها معًا والتي ستختفي الآن، كان هذا خياري.
‘هذا الأفضل للجميع. ستنساني ليليانا تدريجيًا، هكذا فقط.’
لكن في اليوم الرابع، أدركت أن افتراضي كان خاطئًا. تلقيت رسالة من ليليانا تطلب فيها زيارة القصر.
“…….”
لابد أن الأمر تطلب منها شجاعة كبيرة لتتواصل معي. لكن، للأسف، كان عليَّ الرفض.
في اليوم التالي والذي بعده، استمرت ليليانا في طلب فرصة للقاء، لكنني بقيت باردة.
وهكذا وصلنا إلى الآن.
“سيدتي، الآنسة لوك جاءت مجددًا اليوم.”
“ماذا قالت؟”
“كررت طلبها، تطلب فرصة للتحدث معك.”
هاه…
حافظت على مظهري الصارم المعتاد وزفرت بهدوء حتى لا يسمعني الخادم.
‘لم أكن أتوقع أن تكون ليليانا بهذا الإصرار.’
كان ذلك حوالي المرة الخامسة التي أتجاهل فيها رسائلها، حين قررت المجيء بنفسها إلى القصر، ربما اعتقادًا منها بأنه لا يوجد طريقة أخرى لحل الوضع.
سحبت الستائر للخلف ونظرت من حيث كنت أجلس.
في البعيد، رأيت ليليانا تقف أمام البوابة الرئيسية.
‘وجهها يبدو مرهقًا للغاية…’
منذ حوالي أسبوع، وليليانا تأتي هنا بإصرار دون أن تبدو عليها أي علامات استسلام.
لا يبدو أنها تأكل جيدًا، إذ لم يكن لون بشرتها جيدًا.
وفقًا للخادم، كانت تقول نفس الشيء في كل مرة:
تريد فرصة واحدة فقط للتحدث مع السيدة ويندر وجهًا لوجه.
بالطبع، كنت أرسلها بعيدًا في كل مرة. لكنها كانت تعتبر هذا أملها الأخير…
ليليانا لم تتراجع طوال الأسبوع .
وفي كل مرة تأتي… كنت أشعر أن قلبي يتمزق.
‘ما الذي يمكن أن تراه في شخص مثلي…؟
لم أكن لطيفة معها أبدًا. حتى في النهاية، لم أقل سوى كلمات قاسية.
ما الجزء مني الذي أحبته لهذه الدرجة لتتعلق بي هكذا؟
‘ليليانا…’
نظرت للخارج مجددًا ورأيتها تقف منكسرة. كانت تبدو بائسة حقًا.
لحسن الحظ، لم تكن تبكي كما في لقائنا الأخير، لكن وجهها كان لا يزال مليئًا بالحزن.
“سيدتي، هل لي أن أقترح اقتراحًا؟”
في تلك اللحظة، تحدث الخادم بحذر، وكأنه يفكر في شيء ما.
أومأت برأسي إشارة ليتحدث. عندها بدأ يتحدث بحذر.
“إرسال الآنسة لوك بعيدًا بهذه الطريقة كل مرة لا يبدو مجديًا. ربما سيكون من الأفضل أن تتحدثي إليها مباشرة…”
توقف قليلاً يراقب رد فعلي. لكن لم يكن من الصعب فهم ما كان يحاول قوله.
كان يقترح أن أنهي الأمر معها بنفسي، مرة واحدة وللأبد.
‘نعم، هو محق.’
تجنب المواجهة معها بهذه الطريقة لن يغير شيئًا.
ليليانا ستزداد إنهاكًا وألمًا. لم أكن أرغب في ذلك.
“سأخرج لمقابلتها بنفسي.”
“نعم، سيدتي.”
ألقيت معطفًا خفيفًا على كتفي وتوجهت للخارج. ورغم أن خطواتي كانت ثابتة، إلا أن شعورًا بالقلق بقي يتسلل إلى قلبي.
أخيرًا وصلت إلى البوابة الأمامية. من خلال القضبان الحديدية المزينة بالذهب، رأيت وجه ليليانا.
عينها الزرقاء، التي كانت باهتة من قبل، أضاءت بمجرد أن رأتني، وكأنها استعادت الأمل.
“أمي…؟ هل هذه أنتِ حقا؟”
نادتني ليليانا بحذر، وكأنها تخشى أن أكون مجرد وهم.
“ليليانا.”
ناديت اسمها بوضوح، وفقط حينها بدت وكأنها تصدق أنني حقيقية.
“أوه، أخيرًا… أمي. كنت مخطئة جدًا! أنا أفهم الآن لماذا شعرتِ بخيبة أمل مني. أنا آسفة لأنني خدعتك. لكن، لكن… من فضلكِ، فقط امنحيني فرصة واحدة للتحدث معك. أرجوك، أرجوك استمعي لقصتي.”
ما وراء البوابة المغلقة، توسلت ليليانا بيأس، بصوت مرتعش وضعيف.
بدت واهنة للغاية، وكأنها لم تأكل أو تسترح بشكل جيد. مضى وقت طويل منذ أن رأيتها عن قرب، وكانت حالتها أسوأ مما توقعت.
‘بهذا الوضع، ستنهار من الإرهاق قريبًا.’
بدا أن الوقت قد حان لمساعدتها على المضي قدمًا واستعادة ذاتها السابقة.
تحدثت معها بصوت حازم على غير المعتاد، نبرة لم أستخدمها من قبل.
“كفى! لم أخرج إلى هنا لأسمع هذا.”
“أمي…”
“دعيني أوضح الأمر مرة أخرى. توقفي عن المجيء يا ليليانا. لن يتغير شيء مهما واصلتِ القدوم.”
“…….”
أخفيت مشاعري الحقيقية تجاهها في أعماقي، ونظرت إليها بنظرة باردة. عضت شفتيها بقوة، وكأنها تحاول حبس دموعها.
“لقد انتهى الأمر.”
عند كلماتي الأخيرة، لم تستطع التحكم في نفسها أكثر، وانفجرت بالبكاء. بدأت الدموع تتدفق بغزارة على وجهها، وكأن عالمها كله قد انهار.
“من فضلكِ لا تقولي إنه انتهى، أمي… أنا، أنا… لا أستطيع العيش بدونكِ… أرجوكِ، أرجوكِ لا تقولي إنه انتهى…”
كانت تهز رأسها نكرانًا، تبكي بصوت مكسور ومنهار.
كان من الصعب حتى النظر إليها.
أردت احتضان هذه الفتاة المسكينة، وطمأنتها ومواساتها. أردت أن أربت على ظهرها الواهن وأخبرها بألا تبكي.
لكن ما كان يجب عليّ فعله من أجلها لم يكن ذلك.
‘لا تبكي يا ليليانا. قد تكرهينني الآن، لكن يومًا ما ستشكرينني على هذه اللحظة.’
ابتلعت الحقيقة التي لم أستطع البوح بها، ودَفعتُها بعيدًا مرة أخرى.
“عودي إلى المنزل. ولا تفكري أبدًا في القدوم لرؤيتي مجددًا.”
“لا، لا… أرجوكِ… لا تذهبي…”
صوتها، المكتوم بسبب نحيبها، توسّل لي. لكن لم يكن لدي خيار سوى أن أبتعد ببرود.
كانت خطواتي عائدة إلى القصر ثقيلة بشكل غير عادي.
لم تكن هذه نهاية جميلة.
***
مرّت عدة ساعات منذ أن اختفت فانيسا عن الأنظار.
رغم كلمات فانيسا التي طلبت منها العودة، بقيت ليليانا أمام قصر ويندر، تذرف الدموع لساعات.
أمي، أمي، من فضلكِ سامحيني.
لم تعد صيحاتها اليائسة تجد طريقها للخروج من فمها. كان جسدها منهكًا للغاية.
‘… أشعر بدوار شديد.’
متى كانت آخر مرة بكت بهذا الشكل في حياتها؟ كان الصداع لا يُطاق.
‘عليَّ العودة إلى المنزل…’
كانت تعلم أن الوقوف أمام بوابة قصر عائلة أخرى بهذه الطريقة أمر مثير للسخرية.
وعلاوة على ذلك…
مدّت ليليانا يدها قليلًا. سقطت قطرات صغيرة على كفها.
كانت قد سمعت صوت المطر، وبدا أنه في مرحلة ما بدأ هطول غزير. كانت مستغرقة في حزنها لدرجة أنها لم تلاحظ ذلك.
كان الوضع بعيدًا عن المثالية. كان واضحًا أنها بحاجة إلى مغادرة هذا المكان.
لكنها ببساطة لم تستطع.
كان مغادرة هذا القصر يعني الاعتراف بأن صلتها بفانيسا قد انقطعت تمامًا.
‘… لا أستطيع تحمل ذلك.’
رغم أنها كانت تعلم أن كل هذا خطأها، لم تستطع أن تجبر نفسها على التخلي عن ذلك الرابط.
فجأة، تكرر مشهد ظهر فانيسا، وهي تبتعد قائلة وداعًا، في ذهنها.
تدفقت الدموع على خديها بوتيرة أسرع. سواء كانت تلك الدموع أم المطر، لم تعد قادرة على التمييز.
‘أمّي…’
بكت ليليانا بهدوء، ورأسها منحني للأسفل.
غسلت دموعها بفعل المطر.
لو أن هذا الحزن يمكن غسله أيضًا بالمطر… لكن لم يكن هناك أي علامة على حدوث ذلك.
شعور لا نهائي بالخسارة كان ينهشها، وكأن ثقبًا قد ثقُب في قلبها. لم يكن بوسعها سوى البكاء بصوت عالٍ كطفلة صغيرة.
مرّت عدة دقائق على هذا الحال.
ثم، فجأة، توقف المطر عن السقوط فوقها.
ظنّت أن الطقس قد تحسن، فرفعت رأسها قليلًا، لتتفاجأ برؤية شخص مألوف.
“ليليانا؟”
“… جيرميون؟”
“لماذا تبكين؟”
كان جيرميون يقف بجانبها، يغطيها بمظلة سوداء من المطر، ينظر إليها بقلق.
يتبع..
┊┊┊┊
┊┊┊❀
┊┊❁
┊┊
┊❀
❁