الفصل 11
“لماذا أنتَ هنا؟”
“آه.”
الشخص الجالس في أحد زوايا المكتبة و هو يقرأ ورقة بحثية لم يكن سوى فرانسوا كاسيل.
بسبب شعره الفضي اللامع،
كان من السهل رؤيته حتى و إن كان في الزاوية.
“مكتبة تروفانشا الوطنية المتخصصة في السحر و القدرات الخاصة هي حلم كل ساحر.
و لكن ما الذي جاء بكِ إلى هنا في عطلة نهاية الأسبوع؟”
“هل الدراسة تختلف في أيام الأسبوع عن عطلات نهاية الأسبوع؟
ما هو موضوع هذا البحث؟”
عندما سألتهُ إميليا ، رفع فرانسوا البحث و أراها الغلاف.
بمجرد أن نظرت إميليا سريعًا إليه ، أطلقت كلمة “أوه” إعجابًا.
“يبدو أنَّكَ مهتم بـمجال العلاج.
هناك كتبٌ أفضل من هذه. هل ترغب في أن أوصي لكَ بشيء؟”
“إذا أوصيتِ ، سيكون ذلك رائعًا.”
“إذًا ، هيا بنا إلى الـركن C. هناك العديد من البحوث التي قد تكون مفيدة لك.”
اصطحبت إميليا فرانسوا إلى الرُكن المَعني ،
و عثرت على الأوراق بسرعة و وضعتها في يديه.
و عندما بدأ فرانسوا بفحص عناوين الأوراق التي امتلأت بها ذراعيه ، سألها:
“هل أنتِ مُهتَمة بهذا المجال أيضًا؟”
“التهدئة و التطهير ليست مجالات اهتمامي.”
رُفِعَت حواجب فرانسوا استغرابًا.
و رغم أنَّهُ لم يُوَضِّح بـشكل دقيق،
إلا أنه كان يتساءل عن كيف عرفت أنه يبحث في هذا المجال.
ابتسمت إميليا ابتسامتها المعتادة، التي كانت مريحة.
“الورقة التي كنتَ تقرَؤها كانت تتعلق بالتهدئة و التطهير كـوسيلة لعلاج الجسم و العقل،
أليس كذلك؟ يبدو أنَّكَ مهتم بذلك بالفعل ، أليس كذلك؟”
تألق عينا إميليا ببريق من الحدة ، و كان صوتها مليئًا بالثقة.
نظر فرانسوا إليها بـإهتمام و تحدث ،
“أنا فقط أدرسها كـمرجع.”
“حقًا؟ إذًا لا داعي لتوصية كل هذا أيضًا ، أليس كذلك؟”
“لا ، سأكون سعيدًا إذا أوصيتِ. لكن ليس الآن ، فالأبحاث و الكتب التي يمكن للأجانب استعارتها هي ثمانية فقط. حتى لو أوصيتِ ، لن أتمكن من استعارتها اليوم.”
“حسنًا.”
بعد أن انتهت إميليا من تقديم التوصيات،
أومأت برأسها و أشارت إلى أنها ستذهب لـتنجز أمورًا أخرى.
بينما كانت تبتعد ، توقف فرانسوا عن غير قصد و أمسك بها فجأة.
“ماذا؟”
“ألن تأكلي؟ لقد أوصيتِ لي بـبعض الكتب و الأبحاث المُفيدة،
و أردتُ أن أقدم لكِ الطعام كـعلامة تقدير.”
“لا أحتاج إلى الشُكر.”
“إذن ماذا عن تناول الطعام معًا ، كزملاء في هذا المجال ، لتعزيز العلاقة؟”
“إذا كان هذا هو الهدف ، فأنا موافقة.”
في الحقيقة ، لم يكن فرانسوا جائعًا.
هدفه لم يكن الطعام بل بناء علاقة مع إميليا فيرشيو.
على الرغم من أن طريقته كانت ضيقة ، إلا أن إميليا بدت شخصية ذات قيمة.
كانت لديها الكثير من المعرفة و كان يمكنه التواصل معها، ب
الإضافة إلى أنها كانت من سكان تروفانشا الأصليين،
مما جعلها قادرة على فهم الأمور بشكل جيد.
و الأهم من ذلك ، أنها كانت أخت أندريا فيرشيو.
فرانسوا ، الذي كان قد أبرم صفقة مع أندريا فيرشيو،
كان يعتقد أنه لن يكون هناك ضرر من التقرب إليها.
لذلك ، ابتسم بنفس الابتسامة المشرقة التي كان يستخدمها عندما كان يغازل النساء.
“سأدفعُ أنا.”
عندما يبتسم فرانسوا بهذه الطريقة،
لم يكن بإمكان النساء إلا أن يظللن محدقات في وجهه بلا وعي.
كان يعرف أنه كان جميلاً، بل جذابًا.
يمتلك شعرًا فضيًا رائعًا و عينين ذهبيتين،
و لديه هالة ساحرة و نظرة عميقة جعلت الجميع ينجذبون إليه.
لذلك ، عندما رأى إميليا تحدق فيه ، كان واثقًا أنها ستنخدع كما يفعل الجميع.
لكن إميليا فاجأته ، فقد مالت وجهها بعبوس و ابتعدت بنفاذ صبر.
عند رؤيتها ، أدرك فرانسوا أن شيئًا كان يسير بشكل خاطئ.
“ابتسامتُكَ مزعجة.”
“… مزعجة؟”
“منذ قليل كنت أرغب في تصحيح شيءٍ ما لكَ،
لا تُناديني بـعشوائية ، بل بـإسم إميليا. إذا كان الإسمُ طويلًا ، يمكنُكَ إختصاره.”
“ماذا؟” ، تفاجأ فرانسوا بشكل حقيقي.
ثم أخذت إميليا نفسًا عميقًا و أزاحت شعرها بحدة.
“إذا كنت ترغب في تناول الطعام معًا،
عليك أن تناديني بـإسمي بشكل صحيح. و أيضًا …”
اقتربت إميليا فجأة و نظرت إلى فرانسوا بعينين حادتين.
ثم ظهرت ابتسامة على شفتها ، لكنها كانت ابتسامة ساخرة.
“أنت لست من نوعي المُفضّل،
لذا مهما تصرفت بهذا الشكل ، لن يؤثر ذلك عليَّ.
لذا ، هناك شيء واحد عليكَ فعله إما أن تحصل على ما تريده و تستفيد ،
أو تبذل جهدك في إغراءٍ لن ينجح أبدًا.”
كان نظرها مليئًا بالازدراء،
حينها و أدرك فرانسوا في تلك اللحظة أنه يواجه خصمًا قويًا للغاية.
***
عندما عدتُ من الحمام ، لاحظتُ أن الأجواء حول الطاولة كانت غريبة بعض الشيء.
الأخت الكبرى كانت تبدو جادة ، و ليوفورد كان يأكل بصمت.
أما ماريوس ، فقد إبتسم لي بسعادة.
“أيتها الصغيرة ، هل ترغبين في فعل أي شيء بعد تناول الطعام؟”
“بعد الطعام؟ أريد تناول وجبة خفيفة!”
“و ماذا بعد الوجبة الخفيفة؟”
“بعد الوجبة الخفيفة… هممم…”
نظرتُ بـخِفّة إلى الأُخت الكُبرى قبل أن أُجيب،
“أريدُ الذهاب إلى السيرك.”
كانت الأُخت الكبرى تكره ذهابي إلى الأماكن المزدحمة.
تقبلت ذهابي إلى رياض الأطفال لأنه لا بُدَّ لي من التفاعُل مع الأطفال الآخرين ،
و لكن الأماكِن مثل السيرك كانَت شيئًا مُختَلِفًا.
كانت تخشى أن أحتكَّ بـأُناس مختلفين و أُصابَ بـأمراض بسيطة ،
لذا كانَت تحظر عليّ الذهاب إلى المسارح أو الملاهي.
عندما نظرَت إليّ الأُخت الكبرى بـصمت ، شعرتُ بـالذنب و تهربتُ من النظر إليها.
ماريوس ، الذي كان بـجانبي ، ربّت على رأسي و قال:
“السيرك مكان رائع. دعينا نذهب. سأأخذكِ إلى السيرك.”
“حقًا؟ هل تعِدُني؟”
عندما تقرر ذهابُنا إلى السيرك ، شعرتُ بـرغبة في إنهاء الطعام بسرعة ،
فحتى البروكلي الذي لم أكن أقترب منه عادةً ، تناولته بشغف.
و لكن ماذا الآن؟ بينما كنتُ قد أنهيت صحني بسرعة،
لم تكن الأختان و ماريوس قد انتهوا بعد من تناول طعامهم.
‘لقد تناولتُ حتى البروكلي لأني أريد الذهاب بسرعة!’
كنت أهز قدمي بقلق منتظرةً إنتهاء الوجبة.
كان عقلي قد طار إلى السيرك بالفعل،
لذا لم أكن أستمع إلى المحادثات التي تجري بين الأختين و الـبطلين.
شعرت بالملل الذي لا يحتمل و فقدت صبري،
فبدأت أتحرك و أخز جانب اختي أليس بخفة.
أخيرًا ، لم أستطع إلا أن أتكئ برأسي على ذراع ماريوس.
“هل تشعرين بالملل كثيرًا؟”
“أريد مشاهدة عرض النار … بيكي تحدثت عنهُ كثيرًا و تفاخرت به.”
“حقًا؟ يجب أن نذهب إلى السيرك اليوم إذن.
بما أن صغيرتنا تشعر بالملل ، دعونا ننهض.”
“آه! عمي ، أشعُر بـشيء من التأثُّر.”
نظرتُ إلى ماريوس بدهشة بينما كنتُ أغلق فمي بـيدي.
في تلك اللحظة ،
انعكس ضوء الشمس الذي دخل من النافذة على ظهره مثل هالة مضيئة.
حينها ، كان ماريوس هو بطلي.
نظر إليّ بفخر ، ثم رفع ذقنه بتحدٍّ.
نهضتُ بسرعة و ركضتُ خارِج المطعم.
“هيا! لنذهب بسرعة!”
أمسكتُ بيد أختي ريجينا التي جاءَت ورائي مُتأخِّرة،
لكن يبدو أنها لم تكن في عجلة من أمرها.
شعرتُ بالضيق فـتركتُ الأختين ورائي و ركضتُ أمامهم بسرعة.
“ليليانا ، لا تذهبي بـمفردكِ هكذا. امسكي بيد أُختِكِ!”
ناداني صوت الأخت الكبرى من الخلف ، لكنني تجاهلتها.
كنت أتوقف بين الحين و الآخر لأحدق في الأكشاك التي تبيع الإكسسوارات ،
و لكن السيرك كان أولويتي.
تخلصتُ بسرعة من يد أختي التي حاولت الإمساك بي مرة أخرى،
و عبرتُ الطريق بـسرعة.
“ليليانا!”
“ليلي!”
سمعتُ صرخات الأختين المُفزِعة.
عندها فقط لاحظتُ العربة المسرعة التي تقترب مني.
رأيت الحصان بأقدامه الكبيرة يركض بشكل جنوني بـإتجاهي،
فـتجمد جسدي من الخوف.
كان قريبًا جدًا ، و لم يكن لدي أي فرصة لتجنب الإصطدام.
‘يبدو أن حياتي ستنتهي هنا…’
كل ما أتمناه هو ألا يكون الموت مؤلمًا.
أتمنى أن لا تبكي أخواتي كثيرًا.
أغلقت عيني بإحكام و انتظرتُ الألم الذي سيأتي.
***
بالنسبة لإميليا ، “هذا النوع من الأشخاص” كان يحمل الكثير من المعاني خلف وجهه.
كان يجعلها تضحك بمجرد النظر إليه، لذا تساءلت عما يمكنها قوله له …
“هممم ، أنت مثير للشفقة ، أليس كذلك؟”
عند اختيار إميليا لهذه الكلمات ، عبس فرانسوا.
لم تهتم إميليا بردة فعله و أخذت تأكل البطاطس المقلية التي قُدمت للتو.
“اختيارُكِ للـكلمات جريء.”
“أنتَ أيضًا كُنتَ جريئًـا في مُحاوَلة إغرائي ، لذا رددتُ بالمثل.”
أضافت إميليا و هي تُشير إليهِ بـالبطاطس المقلية ، مما جعل فرانسوا يضحك بسخرية.
لم تكن إميليا مثل النساء الأخريات ،
فهي لم تُبدِ أيّ اهتمام به ، بل بالعكس ، كانت تتجاهله تمامًا.
“كيف عرفتِ أنني حاولتُ أغرائكِ؟”
“كيف عرفتُ؟ لأنّه لا يوجد أحد في تروفانشيا أذكى مني،
فكان من الطبيعي أن أتوقع ذلك.”
حينما بدأت إميليا فجأة بالتحدث بصيغة غير رسمية ،
و ارتعشت حواجب فرانسوا.
“أنتِ تتحدثين بـطريقة غير رسمية معي ، أليس من حقي أن أفعل الشيء نفسه؟”
“…حسنًا ، تحدث كما تشاء”
حتى في المكتبة قبل قليل،
بدا أن أساليب الإغراء التي اعتاد عليها فرانسوا لا تنجح مع إميليا.
‘إنها ذات شخصية غريبة. نادرًا ما أواجه مثل هذا الموقف’
كان الأمر معقدًا ، إذ كان يخطط للحصول على بعض المعلومات من إميليا.
في تلك اللحظة ، التقت عينه بعين امرأة جالسة على طاولة خلف إميليا.
كعادته ، ابتسم لها برقة ، لكنها احمرّت و وجهت نظرها بعيدًا.
لم تكن المشكلة في أساليب إغراءه ، بل كانت إميليا فيرشيو خصمًا صعبًا
عندما أعاد نظره إلى إميليا ، وجدها تحدق به بـوجه يبدو عليه الغضب الشديد.
و بكل اشمئزاز ،
ألقت تعليقًا بدا و كأنه تحذير: “هل يمكنكَ عدم القيام بذلك أمامي؟
هذا يجعلني أشعر بالغثيان.”
“تشعرين بالغثيان؟ هذا ليس جيدًا”
وضعت إميليا كوب الماء بقوة على الطاولة.
رفع فرانسوا كتفيه بلا مبالاة و غمز لها ، و كأنه لم يفهم المشكلة.
رغم الفترة القصيرة التي قضاها معها،
استطاع أن يدرك طبيعة إميليا.
فهي ليست فقط محصنة ضد أساليب الإغراء ،
بل إنها تواجه التهديدات بشكل مباشر.
لذا ، لم يكن هناك حاجة للمزيد من التظاهر باللطف.
“من الأفضل أن تحملي دواءً للمعدة معكِ في المستقبل.
أو أن تُقَوّي معدتكِ. تبدين ضعيفة قليلاً ، أليس كذلك؟”
كلمة “ضعيفة” كانت موجهة للإشارة إلى معدتها الحساسة.
لم يكن يدرك حينها أنه سيشعر بالندم الشديد بعد سنوات قليلة لأنه نعتها بذلك.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"