عندما وصل إلى زافيير خبرُ استفاقة إيف، شعر أخيرًا ببعض الارتياح.
‘أخيرًا، لن أضطر كل يوم لرؤية ذلك الوجه الكئيب، كأنه على حافة الموت.’
فطيلة الشهرين اللذين قضتهما السيدة لودفيغ في الغيبوبة، كانت مواجهة باليريان في القصر الإمبراطوري عبئًا ثقيلًا على قلب زافيير.
في البداية، حاول أن يواسيه بأنه لا شك ستستيقظ قريبًا، لكن بمرور الأيام، صار باليريان يتغير… صبره ينفد، طباعه تزداد غرابة، وأصبح التعامل معه أشبه بالمشي فوق حافة السكين.
لذا، اختار زافيير أن يتفادى لقياه قدر المستطاع.
ولكن، ما إن بدأ يشعر أن الأمور هدأت بعض الشيء…
“زافيير! إيرين بدأت تطلع لها أسنان!”
“زافيير، هل تصدق؟ هذا الصباح، نادتني وقالت بابا!”
“اليوم انقلبت على بطنها بنفسها! أليست عبقرية؟!”
“إيرين بدأت تحاول المشي! ولم تكمل بعد ثمانية أشهر! أليست معجزة؟ أنا جاد تمامًا بالمناسبة.”
وصل زافيير إلى حافة تحمّله.
مهما كانت صداقتهما عميقة، فإن باليريان الذي صار لا يتحدث إلا عن طفلته التي لم يرها زافيير قط، لم يعد يُحتمل.
!وفوق كل هذا، نحن في خضم أكثر الفترات انشغالًا!’
حتى جاء اليوم…
بعد خمسة أشهر من تحمّل هذه المبالغات، وبعد مرور ثلاثة أشهر على اعتلائه العرش، لم يستطع زافيير كتمان ضيقه أكثر.
قال بصراحة:
“فاليريان، تعلم أن الآباء دائمًا يرون أبناءهم أجمل أطفال الكون. لكن حاول ألا تبالغ بهذا الشكل أمامي.”
ردّ باليريان فورًا، معترضًا:
“مبالغة؟ لا أتفق معك على الإطلاق.”
ثم أكمل، وكأنّه يلقي قسمًا مقدّسًا:
“وتقول إن إيرين جميلة فقط في نظري؟! أقسم أن هذه أفظع كذبة سمعتها هذه السنة… بل في حياتي!”
ظهر على وجهه تعبير مهيب، وكأنه فارس ذاهب للمعركة.
رفع زافيير حاجبيه بدهشة، وقال:
“وكيف يمكنك أن تجزم بهذا اليقين؟“
“لأنها… إيرين.”
“ممم… اسمها وحده لا يثير أي انطباع عندي.”
أنزل زافيير قلمه، واتكأ بملل وقال:
“لكن من كثرة تكرارك، بدأت أتحمس لأراها. كيف تبدو هذه الطفلة؟“
عقد باليريان حاجبيه وقال بلهجة حذرة:
“وكيف تتوقع أن أجلبها إلى هنا؟“
نظر إليه زافيير بذهول:
“بعد كل هذا المديح، والآن تتصرف وكأنك لا تريد أن تريني إياها؟“
بل لاحظ زافيير أن باليريان لا يتردد فقط، بل يبدو عليه التوجس… وهذا ما أثار استغرابه أكثر.
‘يبدو أنه يعتقد أنني سأؤذي الطفلة أو شيء من هذا القبيل.’
عندها استثار العناد داخل زافيير:
“لا بأس، إن كانت لا تستطيع المجيء، سأذهب بنفسي لرؤيتها.”
“أنت مشغول.”
“اتضح أن هذا المساء لدي وقت فراغ.”
“مساء اليوم؟ لا ينفع، إنه موعد لعبي معها.”
“حسنًا، سأزورها غدًا.”
“غدًا سنخرج في نزهة.”
“بعد غد إذن.”
“ألا تشعر بالحرج؟! أنت الإمبراطور!”
قال باليريان بنظرة مستنكرة.
لكن ابتسم زافيير ابتسامة واثقة وقال:
“حين يتعلق الأمر برؤية كنز دوقية لودفيغ، يجب أن أجد وقتًا مهما كان جدولي مزدحمًا.”
سكت باليريان، وقد شعر أخيرًا أنه خسر جولة في الكلام أمام زافيير بعد زمن طويل.
“حسنًا، فليكن بعد غد.”
وكانت تلك لحظة انتصار زافيير.
***
اهتز قصر الدوق لودفيغ على وقع زيارة الإمبراطور المفاجئة.
ارتبك الخدم وعمّ الهرج، بينما اقترب باليريان من زافيير وقال بتحذير واضح:
“إيف نائمة الآن، لذا لا تُحدث ضجيجًا.”
رغم أن زيارة كهذه من الإمبراطور تستحق استقبالًا رسميًّا، لم يُشعر باليريان زوجته بالأمر من الأساس.
لكن زافيير لم يكن في مزاج ليعاتب، بل كان مشغولًا بالندم.
‘يا ليتني لم أتحمس. كان من الأفضل أن أبقى في مكتبي وأُنجز الأعمال المتراكمة.’
تذكُّره للملفات المكدسة التي تنتظره هناك جعله يشعر بالقشعريرة.
“حسنًا، سأكون هادئًا.”
أومأ زافيير برأسه بلا روح، وقد بدا كمن لا يعير الأمور اهتمامًا.
توقف باليريان أمام أحد الأبواب أثناء سيره في الممر، ثم قال:
“هذه غرفة إيرين.”
طرق الباب بلطف، ثم نادى بصوت هادئ:
“إيرين، أباكِ سيدخل الآن.”
أن يطرق باب غرفة طفل رضيع للدخول كان في نظر زافيير مبالغة لا حاجة لها، لكنه لم يُعلّق، إذ شعر أن الدخول في نقاش كهذا سيكون مضيعة للوقت، فآثر تجاهله وتبعه إلى الداخل بهدوء.
لكنّ أمرًا ما بدا غير طبيعي.
“……أينإيرين؟“
تفحّص باليريان الغرفة بنظرات مذهولة، وقد بدا عليه الارتباك. أما زافيير، فظن أن الأمر مجرّد حيلة جديدة من باليريان لإخفاء الطفلة وعدم إظهارها، فتنهد وقال بضيق:
“إن كنت لا تنوي أن تريني إياها، فلا حاجة لكل هذا التمثيل. فقط قلها بوضوح.”
لكن قاليريان لم يرد، بل أخذ يقرع الجرس الموضوع في الغرفة بوجه جامد.
سرعان ما دخلت المُرضعة كلاي، وهي تحمل زجاجة حليب مليئة ومنديلًا صغيرًا، ويبدو أنها كانت تجهز الرضعة.
“يا إلهي! ما الذي جاء بك في هذا الوقت يا سيدي؟“
سألها باليريان مباشرة:
“أين إيرين؟“
أجابت وهي ما تزال تبتسم:
“كانت في مهدها منذ لحظات قليلة فقط…”
لكن ما إن نظرت إلى السرير حتى تجمّدت نظراتها.
الطفلة التي كانت هناك اختفت تمامًا، دون أثر.
“م–ما الذي حدث؟! أين ذهبت؟!”
ارتبكت المُرضعة بشدة، وبدت على وشك الانهيار، أما باليريان فقد أدرك من فورِه أن هناك أمرًا خطيرًا يجري.
“منذ متى تركتِ الغرفة؟“
“لم يمضِ أكثر من عشر دقائق بالكاد!”
كان زافيير يراقب الموقف من الخلف، ففهم الوضع على الفور، وأشار لحرسه ليقتربوا.
“نعم، جلالة الإمبراطور؟“
“فتشوا المنطقة، وتأكدوا من عدم وجود أي شخص مشبوه. وابحثوا عن طفلة صغيرة ذات شعر أشقر وعيون حمراء. هذا أمر طارئ.”
“أمرك جلالتك.”
وانطلق الحرس بأقصى سرعة.
نظر زافيير إلى باليريان، الذي بدا وجهه شاحبًا تمامًا، وقال محاولًا تهدئته:
“مر وقت قصير فقط، سنعثر عليها قريبًا.”
لكن الحقيقة أن زافيير نفسه لم يكن مطمئنًا.
طفلة رضيعة لا حول لها ولا قوة… إن كانت قد اختُطِفت بالفعل، فمن الصعب أن تكون بخير.
‘اختطاف؟‘
فكر زافيي في الأمر. لم يكن الاختفاء يبدو كاختطاف عادي لأجل المال أو الفدية.
من اختطفها فعل ذلك دون ترك أي أثر، بل وحتى دون أن تلاحظهم الحماية المشددة المحيطة بالقصر.
ليس من الممكن أن يكون الفاعل إنسانًا عاديًا.
قال باليريان وهو يلمس مهد إيرين بتعبير متجهم:
“هناك طاقة مظلمة هنا… طاقة ملوّثة.”
أجاب زافيير بقلق:
“طاقة ملوثة؟“
ذلك لا يعني إلا شيئًا واحدًا.
السحر الأسود.
تذكّر زافيير الأخبار الأخيرة عن أتباع رئيسة الكهنة آرييل الذين بدأوا باستخدام قوى مظلمة في الخفاء، بعد سقوط زعيمتهم.
‘هل يمكن أن يكونوا خلف هذا؟‘
نعم، الدافع موجود… انتقامًا لموت آرييل، وربما استخدام الطفلة وسيلة للضغط أو الانتقام.
فجأة، فُتح الباب بعنف، ودخلت إيف مسرعة.
كان شعرها مبعثرًا وكأنها كانت نائمة لتوها، لكن عينيها كانتا متسعتين من القلق، خاليتين من أثر النوم.
“ما الذي تعنيه بأن إيرين اختفت؟!”
شعرت بقلبها يهوي من مكانه.
قال باليريان بنبرة باردة تخفي وراءها نارًا من الغضب:
“لا شك أن أولئك الأتباع هم المسؤولون. سأخرج بنفسي للبحث عنها.”
وغادر دون انتظار رد.
ظلت إيف في الغرفة، تنظر حولها بعينين ذاهلتين، تبحث عن أي دليل، أي أثر قد يكون غاب عن الأعين.
زافيير أيضًا انشغل معها بالبحث، حتى وقع نظره على شيء غريب.
دمية أرنب ذات عيون حمراء… كانت مبللة.
تمتم:
“غريب، الدمية مبللة.”
هل كانت مبللة من قبل؟ أم أن الأمر له علاقة بما حصل الآن؟
نظرت إيف سريعًا إلى الدمية، ثم قالت بعد أن شعرت بشيء:
“هذه آثار طاقة سحرية…”
لاحظت قطرات الماء المتناثرة على الأرضية، وهي تتلألأ تحت الضوء.
‘هل تكون هذه من سحر إيرين؟‘
لكنها لم ترَ ابنتها تستخدم السحر من قبل.
فهل تكون قد استخدمت قدراتها دون وعي بسبب شعورها بالخطر؟
عندها، شعرت إيف بانقباض في قلبها.
لاحظ زافيير نظرتها وسألها:
“سيدة لودفيغ، ما الذي يعنيه هذا؟“
أجابت بعد لحظة:
“إيرين… استخدمت السحر.”
صُدم زافيير داخليًا، لكنه لم يُظهر دهشته.
طفلة لم تكمل عامها الأول وتستخدم السحر؟ أمر لا يُصدَّق.
ثم سأل على الفور:
“أيمكننا تعقّب أثر هذه الطاقة السحرية؟ ألا توجد وسيلة تتيح للسحرة استشعار بعضهم البعض؟“
في الواقع، لم تكن هناك تعاويذ جاهزة لذلك، لكن كلامه جعل إيف تشعر بضرورة المحاولة.
أغمضت عينيها ببطء، وركّزت بكل حواسها لتشعر بتدفق الطاقة السحرية في الغرفة.
وفجأة، فتحت عينيها وقد بدت مندهشة:
“هناك أثر ضعيف… لكنه ما زال قريبًا.”
فاندفعت مباشرة خارج الغرفة.
في هذه الأثناء، كان باليريان قد انضم إلى فرقة البحث بالقرب من القصر، لكنه ما إن رأى إيف تركض خارجًا حتى تبعها من فوره.
كان واثقًا أنها وجدت خيطًا مهمًا.
توقفت إيف أمام مبنى قديم بدا غريبًا في وسط العاصمة.
‘منذ متى وهذا المبنى هنا؟‘
كان المكان مشبعًا بطاقة كئيبة، سوداء ومشبوهة.
اقتربت ببطء، محاولة الدخول، لكنها توقفت فجأة عندما أمسك أحدهم بذراعها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 114"