قرّرنا استكمال حديثنا بعد عودتنا إلى المنزل، وغسل أجسادنا المتعبة، وارتداء ملابس أخف.
خرجتُ من الحمام، وأنا أجفّف شعري المبلّل قليلاً بالمنشفة، فرأيتُ لُــو يحمل كأس نبيذ.
“هل تريد أن تشرب؟”
سألتُ، وأنا أضع المنشفة على كتفي. هزّ لُــو رأسه قليلاً.
“لا، فقط أحاول أن أرفع معنوياتي. أنه عصير عنب.”
انسكب عصيرٌ بلون النبيذ في كأسي. ضحكتُ عليه.
“سمعتُ أنكَ تحبّ الكحول. هل هذا سيناسبك؟”
عبس لُـــو قليلاً.
“مَن قال ذلك؟”
“كاميلا.”
في تلك اللحظة، تغيّر تعبير لُــو بشكلٍ ملحوظ.
“هل رأيتُما بعضكما البعض منذ ذلك الحين؟”
“همم. التقينا صدفةً قبل بضعة أيام.”
شبكتُ ذراعيّ ونظرتُ إليه، وأكملتُ حديثي.
“سمعتُ أنكَ تُحب الكحول، فشربتُما معًا حتى وقتٍ متأخّرٍ من تلك الليلة.”
“يا له من هراء!”
ضحك لُــو ضحكة خافتة، وكأنه يستنكر متى فعل ذلك.
“لكن إن أردتَ الشرب، يُمكنكَ ذلك. لا بأس.”
“شارل.”
نظر إليّ لُــو مباشرةً وتحدّث بصوتٍ هادئ.
“أحبّ قضاء الوقت معكِ.”
تعمّقت نظراته.
“ما أقوله هو، أنه من الأفضل أن أراكِ وأنا في كامل وعيي. إذا ثملتُ، فقد لا أتذكّرين هذه اللحظة معكِ.”
لُجِم لساني للحظة، ولما أعرف ماذا أقول.
لا، كنتُ أمزح فقط، لكنكَ تردّ بهذه الطريقة.
احمم. سعلتُ ونظرتُ بعيدًا.
“أولًا، هذا ليس مُهِمًا.”
وأسرعتُ نحو الأريكة.
“اجلس.”
“حسنًا.”
جلس لُــو بجانبي، ممسكًا بكأس نبيذ – يحوي عصير عنب. بعد أن أخذتُ منه عصير العنب، فتحتُ فمي.
“أتعلم، سألتُكَ شيئًا سابقًا، صحيح؟”
“عن والديّ.”
“أجل.”
أومأتُ برأسي ببطء.
“ألا تشعر بالفضول؟”
ساد الصمت لحظة.
أخذ لُــو نفسًا عميقًا وحدّق بي باهتمام. بدا عليه الفضول بشأن نواياي، لكنني لم أكلّف نفسي عناء إضافة أيّ شيء.
“ربما …”
أكمل لُــو حديثه ببطء.
“عندما كنتُ صغيرًا، كنتُ كذلك.”
أدار الكأس حول أطراف أصابعه.
“تساءلتُ أيّ نوعٍ من الأشخاص كانا، وماذا تركا لي.”
“…..”
“حتى لماذا تخلّيا عني. كنتُ أشعر بالفضول تجاه كلّ شيء.”
ساد صمتٌ قصيرٌ للحظة.
توقّف لُــو، ناظرًا إلى السائل الأحمر في كأسه.
“لا أعرف. ربما كبرتُ أكثر من اللازم الآن؟ لستُ فضوليًا جدًا.”
نظرتُ إليه وفتحتُ فمي بحذر.
“ألا تريد أن تلتقي بهما؟”
في تلك اللحظة، ضيّق لُــو عينيه.
“لا أعرف لماذا تسألين هذا فجأة. ماذا يحدث؟”
كان الشكّ واضحًا في عينيه. هززتُ رأسي بسرعة.
“لا، فقط. أنا فقط أفترض.”
أضفتُ وأنا أمرّر يدي في شعري.
“ماذا لو … عرفتَ مَن هما والداكَ البيولوجيان؟”
“نعم.”
“لكن حينها ستكون حياتكَ في خطر.”
سألتُ، وأنا أقيس ردّ فعله بحذر.
“لكنكَ ستلتقي بهما؟”
تغيّر تعبير لُــو قليلًا. استدار ليواجهني، عابسًا.
“هل عرفتِ شيئًا عن والديّ؟”
“لا، لا. الأمر ليس كذلك. إنه فقط …”
ضغطتُ على أطراف أصابعي برفق.
“أتساءل فقط كيف سيكون الحال لو كنتُ أنا فماذا أفعل.”
ساد الصمت مجددًا.
كنتُ أعلم أن لُــو سيفكّر في كلامي بجديّه.
لكنني كنتُ لا أزال بحاجةٍ لسماع إجابة لُــو.
“ماذا تعتقدين أنكِ ستفعلين أن حدث هذا، شارل؟”
“أنا…”
رمشتُ ببطء، ثم فتحتُ فمي.
“أعتقد أنني أريد أن ألتقي بهم.”
أضفتُ ببطء.
“أعتقد أننا يجب أن نلتقي مرةً واحدةً على الأقل.”
عندما انتهيتُ من الكلام، ضحك لُــو ضحكةً قصيرةً وقهقه.
“إذن سأغيّر إجابتي، أريد أن نلتقي أيضًا.”
“لماذا؟”
“لأنكِ تريدين ذلك.”
ضحكتُ ضحكةً جافة من شدّة الدهشة
“لماذا أنتَ ضعيف الشخصية هكذا؟”
“الأمر يقتصر فيما يخصّكِ فحسب.”
عند سماع نبرته المرحة، تنهّدتُ وهززتُ رأسي.
على أي ّحال، قرّر أن يقابل والديه.
إذن ……
‘يجب أن أخبر الإمبراطور بشأن لُــو.’
في البداية، كنتُ أخطط لإعادة لُــو سرًّا إلى المملكة المقدسة. ظننتُ أن كاتاكل لن يستهدفوه إذا غادر الإمبراطورية.
لكن الآن وقد علمتُ أن أدريان … سيلاحق لُـًو حتى النهاية، لم أستطع إعادته إلى المملكة المقدسة.
‘سيكون من الأفضل لو كان تحت حماية العائلة الإمبراطورية.’
نظرتُ إلى لُــو مجددًا.
ماذا لو مات لُــو، الذي كان حيًا أمام عينيّ، فجأةً، ماذا لو اختفى؟ كيف سأكون أنا؟
لا أعتقد أنني أستطيع تحمّل ذلك.
إذن،
‘لنُبلغ الإمبراطور.’
ستعلم العائلة الإمبراطورية بوجودنا على أيّ حال، بفضل محاولة اغتيال ولي العهد.
بما أنني أرسلتُ لهم تسجيلًا لمحادثة بايلور والإمبراطورة، فسيكونون أكثر حرصًا على العثور عليّ.
بعد ذلك، جمعتُ أفكاري ورفعتُ كأس النبيذ برفق.
“لقد اجتهدتَ اليوم.”
“أنتِ أيضًا.”
رفع لُــو كأسه أيضًا وأومأ برأسه.
ثم أخرج شيئًا من جيبه.
“هنا، ها هو ذا.”
أخرج القلم المغناطيسي الذي كنتُ أراقبه في المزاد سابقًا.
“هذا…!”
اتسعت عيناي، ومددتُ يدي. لكن لُــو تفاداها أسرع قبل أن أخطفه من يده.
“هاه، لماذا تريدين أخذه دون إذنٍ حتى؟”
ضحك مازحًا.
“قلتُ لكِ إنني سأعطيه لكِ فقط إذا قبّلتني.”
“مهلاً! أنت، أنتَ حقًا!”
مددتُ يدي مرّةً أخرى، لكن لُــو تفاداها بسهولة.
“إن لم تكوني تريدينه، فانسي الأمر.”
جعلني موقفه اللامبالي أصرّ على أسناني.
“آه…!”
لم يكن ذلك القلم مجرّد شيءٍ أريده.
كان شيئًا باعه أدريان.
قال إنه لم تكن هناك قنبلةٌ مزروعةٌ فيه، ولكن ماذا لو كان يكذب؟
لذا، شعرتُ بقلقٍ بالغٍ بشأن ما أخذه لُــو من المزاد. إلا إذا طلبتُ من داميان فحصه، فربما يختلف الأمر.
“لن أتنازل، شارل.”
أغمضتُ عينيّ بإحكام.
أنت لا تعرف ما أفكّر فيه حتى!
“هاه…”
تنهّدتُ تنهيدةً طويلةً وفتحتُ عينيّ مجددًا. رفعتُ الجزء العلوي من جسدي، وأسندتُ ركبتيّ على الأريكة، ونظرتُ إلى لُــو.
“أغمِض عينيك.”
“هل أنا مضطرٌّ لفعل ذلك حقًا؟ أريد أن أرى وجهكِ الخجول.”
حثثتُه بشدّةٍ على الاستمرار.
“أغلِقهما إن كنتَ تريد مني أن أفعل ذلك!”
“تسك.”
هزّ كتفيه ثم عبس.
“حسنًا. أغلقتُهما.”
حدّقتُ في لُــو، وعيناه مغمضتان.
انحناءة عينيه الجميلة، وجسر أنفه المستقيم الممتد تحتهما، وشفتيه الأنيقتين دائمًا ولكن الحازمتين.
شعرتُ بتوتّرٍ خفيفٍ في شفتيه.
رموشه الكثيفة الداكنة انخفضت بهدوء.
يا إلهي …
أخذتُ نفسًا عميقًا آخر.
لو لم يكن شيئًا صنعه أدريان، لما اضطررتُ لأن أفعل هذا!
آه.
‘سأدفع هذا الدين يومًا ما بالتأكيد.’
إن أتى ذلك اليوم، على أيّ حال.
زفرتُ مرّةً أخرى.
وانقضضتُ بسرعةٍ على خدّ لُــو، عازمةً على تقبيله قُبلةً خفيفةً ثم أتراجع فورًا.
لكن في تلك اللحظة.
“شارل. لماذا تأخّرتِ هكذا …؟”
أدار لُــو رأسه.
في اللحظة نفسها، التقت شفاهنا.
آه، آآه …
توقّفت أفكاري للحظة. تجمّد جسدي. ثم لمست يد لُــو مؤخرة رقبتي بشكلٍ طبيعي.
“أوه، شارل.”
تحدّث لُــو، وكأنه ينتظر ذلك، وهو لا يزال يُقبّل شفتيّ.
“هل كنتِ تريدين أن تفعلي أكثر من ذلك معي؟”
‘!&#@!*#@!!’
الأمر ليس كذلك!
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات