“ذلك الشيء.”
نبس لُــو.
“هل هو ولي العهد؟”
لماذا تُنادي شخصًا بذلك الشيء؟
نقر بلسانه، وهو يلعق شفتيه، ورفع ذقنه ببطء.
كانت هذه أوّل مرّةٍ أرى فيها ولي العهد عن قرب. لكن كيف عرفتُ أنه ولي العهد؟ الأمر بسيط.
لأنه، كأحمق، كان يرتدي معطفًا رسميًا لا يرتديه إلّا أفراد العائلة المالكة.
‘لماذا ترتدي قناعًا إن كنتَ ستأتي بهذا الشكل؟’
هززتُ رأسي، وأنا أنظر إلى قناع التنكّر في يده.
‘مع ذلك ….’
إنه حقًا يشبه بايلور.
على أيّ حال، إنه ابن بايلور، ذلك الشيء.
شعره أسود وعيناه رماديتان، حتى أنفه المعقوف قليلًا وذقنه المشقوق متطابقان.
ألم يشكّ الإمبراطور في ذلك؟ نقرتُ بلساني بخيبة، ولعقتُ شفتي.
“لماذا ولي العهد هناك؟”
“يبدو أنه شارك في المزاد.”
“إذن هو سيلتقي بالمضيف؟”
همم. أشك في ذلك.
حدّقتُ باهتمامٍ أكبر من وراء الستارة. كنتُ أستمع للمحادثة بصوتٍ خافت.
“إذن، تقول إنني لا أستطيع مقابلة المالِك أيضًا؟”
استطعتُ سماع صوت ولي العهد، هارولد، بشكلٍ خافت.
“أنا ولي العهد! أنا الحاكم القادم لهذه الإمبراطورية! كيف تجرؤ على عصيان أوامري…!”
دقّ هارولد بقدميه وبدأ بالصراخ.
“أحضروا المالِك إلى هنا الآن! أطلب منه أن يركع أمامي!”
همم.
ما زال بهذا الغباء.
لقد انتشرت الشائعات بأن ولي العهد قد سقط بالفعل عن العرش، وحتى لو تصرّف هكذا فلن يظهر مالِك المزاد.
لو كنتُ مكانه، لأعطيتُه تحفةً فنيةً ثمينةً ثم طلبتُ لقاءه.
هززتُ رأسي وتنصّتُ مجدّدًا. لا، أردتُ أن أفعل.
في لحظة، غمرني شعورٌ غريب. انتصب شعري، كما لو أن يدًا خفيةً تلمس بشرتي.
“لُــو. أشعر بشيءٍ غريب …”
ولكن قبل أن أستجمع أفكاري—
تانغ!
شقّت طلقةٌ ناريةٌ الهواء.
اندفع الدم فجأة.
ترنّح المضيف وسقط. بدأ الدم، دليل موته، يتدفّق كالسيل.
ومرةً أخرى، تانغ!
“آه!”
انهار ولي العهد. أخرجتُ غريزيًا المسدس الذي كنتُ أخفيه تحت تنورتي.
“آه! إنه مؤلم، إنه مؤلم!”
تدحرج ولي العهد على الأرض وصرخ. لحسن الحظ، بدا أنه نجا من الموت الفوري. لكن للحظة، فكّرتُ، إذا استمر بالصراخ هكذا، فسيُستهدَف مرّةً أخرى.
بانج!
دوّت طلقةٌ ناريةٌ أخرى. لكن لحسن الحظ، قفز لُــو أولاً وحَمى ولي العهد. ووش، تنفّستُ الصعداء.
“لُــو. المكان هنا لك.”
وبدأتُ بالركض بسرعة.
كان عليّ أن أتبع الصوت.
مَن الذي أطلق النار؟
مَن كان يستهدف ولي العهد؟
كان عليّ أن أفهم.
بانج!
طلقةٌ أخرى.
حلّقت رصاصةٌ فوق الجدار واصطدمت بعمودٍ حجري.
خدشت شظيةٌ خدي، لكن لم يكن لديّ وقتٌ حتى لأشعر بالألم.
‘واحدةٌ فقط.’
كانت سريعة، لكن لحسن الحظ لم تكن أسرع مني.
انحنيتُ فورًا واختبأتُ خلف العمود. غمرني صمتٌ للحظة. ثم…
انحنيتُ، وركلتُ السور الرخامي، وقفزتُ إلى الجانب الآخر.
تا-بانج!
دوّت طلقةٌ ناريةٌ أخرى، لكنها لم تصلني.
في هذه اللحظة، استطعتُ التنبّؤ بحركات العدو.
لو استطعتُ الوصول إلى مخبأ العدو التالي أولاً، لأصبح الإمساك به غايةً في السهولة.
حبستُ أنفاسي، وانزلقتُ كظلٍّ خلف عمود حجري.
بانج! تانج!
سمعتُ مطلق النار يلهث لالتقاط أنفاسه.
ثم، وقع خطوات.
أدرتُ رأسي نحو الصوت.
رأيتُ الدرج المؤدّي إلى قمة البرج.
‘هذا طريقٌ مسدود.’
نهضتُ على الفور وطاردتُه. بعد ركضٍ طويلٍ على الدرج الحلزوني، رأيتُ بابًا مفتوحًا على مصراعيه. وبينما كنتُ أمرّ، استقبلني هواء الليل البارد.
“هاه، هاه…”
نظرتُ حولي بسرعة. لم يكن هناك سوى خصمٍ واحد. لو أستطيع استخدام كلّ حواسي لأُخضِعه …
حينها.
تانغ!
دوّت طلقات الرصاص مجددًا.
لكنها لم تكن موجّهةً نحوي.
ببطءٍ ولكن بوضوح، أدرتُ رأسي نحو الصوت.
هناك وقف الرجل الذي توقّعته بشكلٍ غامض.
“… أدريان.”
وقف منتصبًا تمامًا، وأمامه يرقد الرجل الذي كنتُ أطارده، ينزف. لقد قتله أدريان.
“لماذا أنتَ هنا…؟”
“يا لكم من أغبياء، أيها الأوغاد.”
وضع أدريان مسدّسه في حزامه، وشدّ قفّازاته الجلدية.
“أخبرتُكَ ألّا تصوّب مسدسكَ نحو شارل.”
ثم أخرج مسدّسه مرّةً أخرى.
“لماذا فعلتَ ذلك؟”
تانغ!
أطلق رصاصةً أخرى، فجّرت رأس الرجل.
“أدريان!”
ركضتُ إليه، لكن الوقت كان قد فات. كان الرجل قد مات، ووقف أدريان منتصرًا، بعد أن أنهى حياته.
“أنت، أنت … لماذا بحق السماء…؟”
“لماذا قتلتُه؟”
أجاب أدريان بهدوء.
“لأنه عصى أوامري وهاجمكِ. في ساحة المعركة، يُقتَل مَن يعصي الأوامر. أنتِ تعلمين ذلك.”
أغمضتُ عينيّ بإحكام.
لقد أسأتُ فهمه للحظة، ظنًا مني أننا تحدّثنا اليوم بشكلٍ عابر.
كان أدريان رجلًا يُنهي حياة الآخرين بسهولة. وشخصًا فظيعًا جدًا.
“همم؟ لقد أجبتُكِ، فلماذا تتصرّفين هكذا؟”
أمال رأسه، ثم ضحك.
“أتساءل لماذا حاولتَ قتل ولي العهد؟”
بدأ يقترب مني ببطء. كان القمر الذي يشرق خلفه ساطعًا بشكلٍ غريب.
“بالتأكيد …”
اقترب أدريان، وأمسك بذقني.
“لأن عليكَ أن تصطاد قبل أن تُصطاد.”
حدّق بي أدريان، كان وجهه، بعدما خلع قناعه، أكثر حدّةً وقسوةً من أيّ وقتٍ مضى.
كان وجه مفترس، مستعدًا لالتهام ليس فقط العواشب، بل حتى أبناء جنسه، كما لو أن كلّ سنٍّ مصنوعٍ من أنياب. شهقتُ لالتقاط أنفاسي.
“شارل. لقد أخبرتُكِ. أنا لا أكذب.”
أمسك بمؤخرة رقبتي.
“كنتُ في خطرٍ حقيقي. لهذا السبب استهدفتُ ولي العهد، الذي عرّضني للخطر. هل تفهمين؟”
كان ردّ فعل أدريان طبيعيًا.
عضضتُ فمي من الداخل وأخفضتُ عيني.
“لكن للأسف، لم يمت ولي العهد … بسبب ذلك الأحمق.”
“كيف عرفتَ ذلك؟”
سألتُه، ومنعتُه من تصويب مسدّسه مرّةً أخرى.
“كيف تعرف أن ولي العهد ليس ميتًا؟”
“لو كان ميتًا، لما كنتِ هنا الآن.”
ضحك أدريان بسخرية، وكأنه يحاول استفزازي.
“لا بد أنكِ كنتِ ستحاولين يائسةً إنقاذه، أليس كذلك؟’
يائسة، قلتُ.
إنّ النضال لإنقاذ شخصٍ مصابٍ فعلٌ يائس.
خطرت لي فكرةٌ فجأة.
يبدو أن العالم متوازنٌ بين مَن يسعون لقتل الآخرين ومَن يسعون لإنقاذهم.
لكن الآن …..
هناك الكثير من الناس الذين يحاولون قتل الآخرين لدرجة أن أمثالي يُسحَقون ويُدمَّرون باستمرار.
“أدريان.”
أغمضتُ عينيّ بإحكام، ثم فتحتُهما ببطءٍ ونظرتُ إليه.
“قُل لي الحقيقة.”
لمع شعره الفضي، الذي يتمايل مع الريح، ببريقٍ خاصٍّ اليوم.
“أنت.”
انفجرتُ بفرضيةٍ واحدة، استنتجتُها ليس فقط من أحداث اليوم، بل أيضًا من أحداثٍ سابقة.
“هل خطّطتَ للانقلاب قبل القائد؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات