في الواقع، لم أسأل لأنني ظننتُ أن داميان سيعرف.
لكنني لم أتوقّع الحصول على إجابةٍ فورية.
“ابن؟ كيف عرفتَ ذلك؟”
“كانت أمي خادمةً في قصر الأمير …”
يا لها من مصادفة!
اتسعت عيناي من الدهشة.
“هاه؟ إذًا كيف أصبحتَ عميلًا في كاتاكل؟”
رمش داميان.
“هل هذا هو الوقت المناسب للتساؤل عن ذلك …؟ أيتها الحمقاء…”
آه. صحيح.
كنا نتحدّث عن الأمير المفقود.
هززتُ رأسي مرّتين ثم سألتُ مرّةً أخرى.
“كيف فقد الإمبراطور ابنه؟”
تنفّس داميان ببطء، كما لو كان يسترجع ذكرى.
“الإمبراطورة السابقة … ماتت … ودُمِر الإمبراطور …”
“أعلم. سمعتُ أن النبلاء اختاروا الإمبراطورة الحالية لأنهم كانوا يطمحون لتلك اللحظة.”
“همم …”
لم تكن الإمبراطورة الحالية والإمبراطور عاشقين.
إنهما ببساطة متورّطان سياسيًا.
‘ربما لهذا السبب وحّدت الإمبراطورة وبايلور صفوفهما.’
استجمعتُ أفكاري، واستمعتُ باهتمامٍ لكلمات داميان التالية.
“على أيّ حال، في تلك المرّة … بينما كان الإمبراطور منشغلًا … هوجم قصر الأمير …”
“هجوم؟”
“همم … مات جميع مَن كانوا في قصر الأمير في ذلك الوقت … واختفى الأمير…”
عبستُ.
“إذن… هل ماتت والدتكَ إذن؟”
لم يُجِب داميان.
لكنني رأيتُ لمحة حزنٍ عابرةٍ في عينيه.
ربما هوجما معًا حينها. شعرتُ بالسوء.
“ما زال لم يُعرَف مَن فعل ذلك حتى الآن … لكن المؤكد هو… لم يُعثَر على جثة الأمير…”
“لماذا تعتقد أنهم فعلوا ذلك؟”
“حسنًا… ربما كان الإمبراطور ينوي أن يجعلهم يبحثون عن الأمير طوال حياته … لا أحد يعلم …”
لو عُثِر على الجثة، كما قال، لما حاول الإمبراطور العثور على ابنه المفقود.
هذا غريب.
لو كانت مجرّد خطّةٍ لقتل الأمير، لكان بإمكانهم فعلها على الفور، لكن لماذا أصرّوا على إخراجه؟
“لديّ شعورٌ بأن هناك شيئًا أكثر متورّطًا في هذه القصة.”
أومأ داميان برأسه، كما لو كان يوافقني الرأي.
“أعتقد … لكن كان ذلك منذ زمنٍ بعيد … منذ عشرين عامًا…”
“أتساءل إن كانت هناك أيّ سجلّاتٍ للحادثة؟”
أمال داميان رأسه قليلًا.
“لا بد أن هناك بعضها في القصر الإمبراطوري، وفي كاتاكل … هل يمكنكِ الدخول إلى الأرشيفات السرية …؟”
هناك مكانٌ في الأبراج المحصّنة حيث تقبع سجلاتٌ مفصلةٌ لتاريخ الإمبراطورية.
هذا هو المكان الذي يُسمَّى القبو السري.
بالطبع، لا يسمح لي بدخوله.
“لستُ مُخوَّلةً بذلك، لكن لا يزال بإمكاني الدخول.”
“كيف…؟”
“لم أفشل في محاولة تسلّلٍ من قبل.”
“آه …”
لقد عشتُ حياتي عميلةً في ‘فريق التسلّل’.
لماذا إذن حصلتُ على اسمٍ رمزيٍّ يعني ‘عميلٌ ممتاز’؟
‘لأنني لم أفشل قط.’
بما أنني كنتُ دائماً أحقّق نسبة نجاح ١٠٠٪، لم يكن دخول القبو السري مشكلة.
“لكن في حال حدوث شيءٍ غير متوقع، ساعِدني.”
بالطبع، لم أستطع أن أكون فخورةً تمامًا، لذلك طلبتُ المساعدة من داميان.
“أعلم أن الأمر صعب. لكنني سأطلب منكَ المساعدة مرّةً أخرى.”
“نعم …”
اتسعت عيناي مندهشتين. نظرتُ إلى داميان الذي كان ينهض.
“ماذا، لماذا؟”
أمال داميان رأسه، وكأن سؤالي بدا غريبًا.
“ألا تحبّين مساعدتي …؟”
“لا! ليس كذلك! من الغريب أن تساعدني فجأةً بهذه السهولة!”
“آه …”
حكّ داميان مؤخّرة رأسه وتثاءب بصوتٍ عالٍ.
“كان عليّ أن أعرف لماذا ماتت أمي… أليس كذلك… أيّتها الحمقاء …”
بدا الحزن الذي رأيتُه سابقًا حقيقيًا.
كان هو أيضًا غاضبًا وحزينًا على وفاة والدته.
لم أعرف ما التعبير الذي أعبّر عنه، فابتسمتُ بمرارة.
“لا تنظري إليّ بهذه النظرة البائسة … لقد نشأتُ جيدًا في كنف عمّتي …”
استنشق داميان ورفع نظّارته بكفّه.
“انتظري … سأرى إن كان هناك أيّ شيءٍ جيد … سأبحث…”
راقبتُه وهو يغادر طاولة العمل ويفتّش الخزانة، ثم تكلّمتُ فجأة.
“بالمناسبة.”
“همم …”
“خطر لي هذا فجأة.”
“همم …”
كنتُ أعلم أن الأمر غير صحيح، لكن كان لديّ شعورٌ بأنه قد يكون صحيحًا.
سألتُه، بقلقٍ طفيف.
“بالتأكيد، لم يكن القائد والإمبراطورة متواطئين آنذاك، أليس كذلك؟”
التفت دميان إليّ.
بدا عليه الحيرة وقال.
“لماذا تستمرّين في سؤالي عن أشياء لا أعرفها …؟”
“هذا صحيح.”
حسنًا، هذا صحيح.
إذا كان داميان يعرف، فكم سيعرف؟
عضضتُ على شفتيّ، وندمتُ لأنني سألتُ سؤالاً عبثيًّا.
“لكن … هل تعلمين …”
في تلك اللحظة، فتح داميان فمه قليلاً.
“وجه ولي العهد … هل تعرفينه…؟”
أملتُ رأسي.
وجه ولي العهد؟
رأيتُه من بعيدٍ في المهرجان من قبل، ولكن ليس بوضوح. كلّ ما أتذكّره تفكيري لحظة رأيته أنه أحمقٌ للوهلة الأولى.
“لا أتذكّر جيدًا.”
“إذن، تعال لرؤيته في المهرجان هذه المرّة …”
تثاءب داميان مرّةً أخرى وقال.
“إنه يشبه القائد تمامًا …”
ماذا؟
“فقط لتعلمي ذلك …”
* * *
في طريق العودة إلى المنزل.
مشيتُ عمدًا بدلًا من ركوب العربة.
كان لديّ الكثير لأفكّر فيه.
الأمير المفقود.
لو لم يمت، لكان قد أصبح بالغًا الآن.
هل هذا سبب يأس الإمبراطورة الشديد؟ هل تخشى ظهور الأمير المفقود واستيلائه على العرش؟
‘الآن بعد أن فكّرتُ في الأمر، يبدو الأمر منطقيًا بعض الشيء.’
لم أفهم قط سبب رغبتها في منح العرش لبايلور. الرأي العام حول ولي العهد سيئٌ للغاية هذه الأيام.
من المحتمل أنها كانت تنوي أولًا تسليم العرش لبايلور، واستخدامه ككبش فداء، ثم تسليمه لولي العهد.
نعم.
هذا مفهوم.
لكن،
«وجه ولي العهد… هل تعرفينه …؟»
«إنه يشبه القائد تمامًا …..»
إذا كان هذا صحيحًا، فقد يكون ولي العهد ابن بايلور.
‘لهذا السبب وافق بايلور.’
لأنه كان على علاقةٍ بالإمبراطورة، وولي العهد ابنه، شعر أنه من الطبيعي أن يصبح إمبراطورًا.
وكان من الطبيعي أيضًا أن يسلّم العرش لابنه، ولي العهد.
لذا
الآن، أخيرًا، بدأ اللغز يتكشّف.
لحظة.
ثم ……
‘وأدريان؟’
اتّسعت عيناي.
يشبه أدريان وأزميرالدا بعضهما لدرجة أن أيّ شخصٍ يستطيع أن يميّز أنهما شقيقان.
وأدىيان والقائد متطابقان لدرجة أنه يمكنكَ أن تميّز أنه ابن بايلور بالفعل.
‘أدريان ليس ابن الإمبراطورة.’
لهذا السبب كان أدريان حذرًا من بايلور.
حتى لو أصبح بايلور إمبراطورًا، فما دام ولي العهد موجودًا، فلا أمل لأدريان!
‘أدريان كان يعلم كلّ شيء، أليس كذلك؟’
من المرجّح أنه سيدعم الانقلاب ويجعل بايلور إمبراطورًا، ثم يستخدم نفوذه على النبلاء لخلع ولي العهد والاستيلاء على العرش لنفسه.
‘لهذا السبب كان بايلور حذرًا من أدريان أيضًا.’
بالتفكير في الأمر بهذه الطريقة، فهمتُ مصالحهما المشتركة.
بالطبع، الفهم لا يعني الموافقة.
‘إذن، هناك طريقةٌ واحدةٌ فقط لإيقافهما…’
طريقةٌ واحدةٌ فقط.
‘إيجاد الأمير المفقود.’
لكن كيف لي أن أجده؟
حتى الإمبراطور لم يعثر عليه منذ أكثر من عشرين عامًا.
‘مع ذلك، من الأفضل البحث في الأرشيفات السرية عن الوثائق.’
‘ما زال هناك احتمال، على أيّ حال.’
بطريقةٍ ما، طمأنني هذا الاستنتاج.
بدا الأمر أكثر واقعيةً بكثيرٍ من أن أُعلِن عن حدوث انقلابٍ فورًا وأكشف جميع جرائم بايلور.
“همم.”
بعد تنظيم أفكاري، شعرتُ بتحسّن.
مشيتُ بخفّة، خطواتي أخفّ قليلًا.
كان في ذلك الوقت.
“هاه؟”
رأيتُ لُــو واقفًا قرب البوابة.
لكن ……
“مَن التي يتحدّث معها؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات