“إقناع لُــوفانتي.”
أخذتُ نفسًا عميقًا. نظرتُ إلى بايلور، الذي كان لا يزال مُسترخيًا.
“لماذا؟”
ثم سألتُ ببطء.
“لماذا علينا إقناع لُــوفانتي بالانضمام إلى كاتاكل؟”
أمرني بايلور بتجنيد لُــو، وإن لم أستطع، قتله.
ذهب أدريان أبعد من ذلك وقال لي أن أقتل لُــو فورًا، في أسرع وقتٍ ممكن.
ما الذي يريدونه من لُــو بالضبط؟
ضيّقتُ عينيّ وأخذتُ نفسًا عميقًا آخر.
“لماذا؟”
تمتم بايلور ببطء، وهو ينظر إليّ.
“لماذا تسألين لماذا؟”
ثم نظر إليّ بنظرةٍ باهتة.
“شارل. يا صغيرتي.”
مدّ يده. لم تكن اليد التي تُحيط خدي وأذني مختلفةً عن يد أدريان.
“ألم أخبركِ من قبل؟”
كانت يداه باردتين. وحرارة جسده باردة كما لو كان يرتدي قفّازاتٍ حديدية.
“لا أحتاج إلى تفسير أفعالي لكِ.”
كان صوت بايلور رقيقًا، لكنه لم يكن دافئًا على الإطلاق.
كان باردًا ومملوءًا بيقينٍ مُطلَق.
نظرتُ إليه.
“سواء فهمتِ أم لا، ذلك لا يهمّ.”
“…..”
“المهم أنكِ ابنتي، ويجب أن تتصرّفي وفقًا لإرادتي.”
ارتجفت يداي على فخذيّ قليلًا. أجبرتُ نفسي على تهدئة مشاعري المشتعلة وسحبتُ شفتيّ بعيدًا.
“من جارديان.”
تحدّثتُ بهدوءٍ ولكن بوضوح.
“تلقّيتُ اتصالًا من جارديان.”
ارتعشت أصابع بايلور قليلًا. لكن تعبيره ظلّ ثابتًا، كما لو كان يتوقّع ذلك منذ البداية.
“لذلك أسأل.”
“أخبريني.”
“هل هرّبتَ إمداداتٍ عسكرية؟”
عبس بايلور قليلاً. سحب يده ونقر على لسانه.
“هل تقصدين أن جارديان قد عرفوا ذلك بالفعل؟”
تنهّد قليلاً، كما لو أنه نُبّٓه لخطأٍ بسيط. فتحتُ فمي مرّةً أخرى.
“أيها القائد، ألن تخبرني سبب هذا أيضًا؟”
ابتسم بايلور بهدوءٍ ردًّا على ذلك، ابتسامةً باردة. رمشتُ ببطء.
“دعني أخمن إذًا.”
حدّقتُ به، فرفع حاجبيه باهتمام.
“هل تخطّط لبدء حربٍ أهلية؟”
رفع بايلور يده مرّةً أخرى. هذه المرّة، بدأ يربّت برفقٍ على جانب رأسي.
“أنتِ تجعلينني أكرّر كلامي، شارل.”
اشتدّت قوّة قبضته علي.
“لا أفهم لماذا تستمرّين في الاعتراض على كلامي.”
أخذتُ نفسًا عميقًا.
“ربما تفكّرين في شيءٍ آخر؟”
شعرتُ أنه سأل، شبه مُيقنٍ بذلك.
لا بدّ أنه تساوره الشكوك، لأنه لا يعلم أنني سمعتُ الحقيقة عن أزميرالدا من أدريان.
لا يعلم أنني بِتُّ أكرهه كرهًا شديدًا.
“الأمر ليس كذلك، قائد.”
أخذتُ نفسًا عميقًا آخر وقلتُ.
“كنتُ فضوليةً فحسب.”
“أنا.”
قالها كما لو كان شيئًا واضحًا جدًا.
“كم من الوقت ظننتِ أنني سأبقى صامتًا في هذا القبو؟”
التوت شفتا بايلور.
“سأصبح إمبراطورًا.”
الآن لم يُفكّر حتى في إخفاء رغبته.
“إذا أصبحتُ إمبراطورًا، فستصبحين من العائلة الإمبراطورية.”
العائلة الإمبراطورية.
كيف يُمكن أن تُقال هذه الكلمة بهذه البساطة؟
على عكس تجمّدي، كان بايلور هادئًا تمامًا.
“شارل، أنتِ ابنتي.”
‘ابنتي’، قال. لقد قتلتَ أسطزميرالدا، ابنتكَ الحقيقية، بيديك، والآن تُناديني ابنتك.
إذن، هل ستقتلني أنا أيضًا؟
عندما تنتهي فائدتي، هل تُخطّط لقتلي أنا أيضًا؟
صررتُ على أسناني لا شعوريًا.
“لهذا، شارل.”
تحدّث بايلور بهدوء، ولكن بحزم.
“افعلي ما أقوله.”
“…..”
“بمجرد أن تُنجزي ذلك، فأنتِ طفلةٌ صالحةٌ بما فيه الكفاية.”
بعبارةٍ أخرى،
كان عليّ فعل ذلك لأنجو.
لو لم أستطع إقناع لُــو—
سأموت.
انفجرت ضحكةً جوفاء من بين شفتي.
لم أستطع تجاوز هذا دون أن أضحك.
* * *
حاولتُ أن أستعيد صوابي وأواجه بايلور، لكن بصراحة، لستُ متأكدةً مما كنتُ أفكّر فيه عندما أنهيتُ الحديث معه.
لكن لحسن الحظ، لم أنسَ الأمر المهم وتركتُ المسجّل خلفي.
‘يمكنني استرجاعه عبر بينكي خلال أيام قليلة.’
تمتمتُ، ومشيتُ عبر القاعة المشتركة.
‘لماذا لُــو بحق السماء؟’
كان عقلي يسابق الزمن.
كان لُــو مجرّد عميلٍ لجارديان في المملكة المقدّسة.
لكن لماذا كان كلٌّ من بايلور وأدريان مهووسين بلُــو؟
‘هل هناك شيءٌ لا أعرفه؟’
قرّرتُ أن أسأل أدريان إن رأيتُه مرّةً أخرى، وتفقّدتُ القاعة المشتركة مرّةً أخيرةً قبل أن أتوجّه للخارج.
رأيتُ عملاء يمرّون، وأغطية رؤوسهم منسدلة.
«عملاء جارديان ماهرون جدًا، أليس كذلك؟»
إذا كانت كلمات لُــو صحيحة، فقد يكون بينهم عميل جارديان.
لو كنتُ أنا نفسي الحقيقية، المخلصة لكاتاكل والمستعدة للموت بأمر بايلور، لكنتُ مُصرّةً على الإمساك بذلك الجاسوس.
لكن …
ليس لديّ أيّ أفكارٍ الآن. لا أشعر حتى بالرغبة في ذلك.
‘لا أصدّق أنني تغيّرتُ هكذا.’
كتمتُ ضحكةً جوفاءً وخرجتُ عبر محطة الغسيل.
غادرتُ القبو الخانق ونظرتُ إلى العالم الخارجي، وشعرتُ أخيرًا بالراحة.
ضوء الشمس الدافئ، والنسيم المنعش، وحتى الرائحة الزكية التي تفوح من مكانٍ ما.
«كم من الوقت ظننتِ أنني سأبقى صامتًا في هذا القبو؟»
هل أراد بايلور أن يكون تحت سماءٍ كهذه؟
هل أراد رؤية المناظر الجميلة تحت السماء، لا الأرض المظلمة الكئيبة في الأسفل؟
أفهم ذلك.
كان إجباره على العيش تحت الأرض ككائنٍ جامدٍ إلى الأبد أمرًا صعبًا.
لكن مهما يكن، ما كان على وشك فعله كان خطأً.
قتل وجرح الأبرياء أمرٌ لا ينبغي فعله.
‘إذن …….’
عليّ أن أوقفه.
استجمعتُ قواي مرّةً أخرى.
مع أن قلبي ارتجف عندما ناداني بايلور ‘ابنتي’.
مع أني تمنّيتُ أن أشعر بصوت بايلور الدافئ ولمسته الرقيقة أكثر.
مع أن ذكريات الماضي، عندما كنتُ أعتبره أبًا حقيقيًا، لمعت في ذهني.
مع كلّ ذلك، كان عليّ أن أتماسك.
«شارل شخصٌ رائع.»
فجأةً، خطر ببالي لُــو.
لُــو، الذي كان دائمًا يقول لي كلامًا لطيفًا.
لُــو، الذي كان يهتمّ بي.
لُــو، الذي أخبرني أنني مفيدةٌ حتى دون أن أفعل شيئًا.
‘أفتقدُك.’
شبكتُ أصابعي وسرّعتُ خطواتي.
أردتُ إجراء محادثةٍ عابرةٍ مع لُــو.
أردتُ فقط أن أشعر بنظراته الدافئة.
لذا، بدلًا من اختيار العودة إلى المنزل، توجّهتُ إلى المعبد.
أردتُ العودة إلى المنزل مع لُــو.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات