حتى بعد عودتي إلى المنزل، وانتهاء حمامي، واستلقائي على السرير.
«موت شارل، لا أوافق عليه.»
ظلّت هذه الكلمات ترنّ في أذني.
لا، بل بالأحرى، تذكّرتُ لحظة مجيء لُــو راكضًا لإنقاذي.
لقد تصرّف دون تردّد.
كان الأمر كما لو أنه قرّر الموت بدلًا مني، ولم يمانع ذلك … ذلك العناق ظلّ يلاحق ذاكرتب، وشعرتُ بغرابة.
أليس هذا غريبًا؟
يشكّ بيّ …… ومع ذلك يريد إنقاذي.
في حياتي، لم يقل لي أحدٌ قط ألّا أموت.
لُــو الوحيد فقط.
الذي تحدّث عن مستقبلي.
وطلب مني أن أحمي حاضري.
‘لماذا؟’
لماذا يُظهر لي لُــو هذا الجانب المعقّد؟
لم أفهم تمامًا.
“ألم تنامي بعد؟”
تحدّث لُــو، الذي انتهى لتوّه من الاستحمام. رفعتُ نظري إليه.
“… هل عليكَ حقًا الخروج مرتديًا رداء الاستحمام فقط؟”
احمرّ وجهي من شدّة الحرارة، تمامًا كما كان بالأمس، إذ بدا مبلّلًا.
“هذا مريحٌ بالنسبة لي حتى بجف.”
اقترب لُــو مني، وهو يجفّف شعره المبلّل بالمنشفة.
“لا بد أنكِ كنتِ متعبةً اليوم.”
ثم جلس على السرير ونظر إليّ. تسلّل إليّ نَفَسٌ دافئٌ من أنفاسه.
“هل كنتِ تنتظرينني؟”
“لا.”
“إجابةٌ فورية؟ هذا مُخيّبٌ للآمال.”
لشخصٍ خابت آماله إلى هذا الحد، أنتَ تبتسم كثيرًا.
شعرتُ ببعض الإحراج، فأشحتُ بنظري بعيدًا قليلًا.
“ألن تنام؟”
“بعد قليل. فلتنامي أنتِ أولًا.”
أومأتُ برأسي، وأنا أسحب ذقني قليلاً إلى الداخل.
كان هذا الموقف مُحرِجًا بعض الشيء، لذا كان سيكون أسهل بكثيرٍ إن أغمضتُ عينيّ ونمت.
لكن …
«موت شارل، لا أوافق عليه.»
ظلّت كلماته تتردّد في ذهني، ولم أستطع النوم بسهولة.
“كنتُ أتسائل.”
فنظرتُ إلى لُــو مجددًا وقلتُ.
“لماذا لا توافق على موتي؟”
أمال لُــو رأسه ونظر إليّ، كما لو كان يسألني عن معنى ذلك. كانت عيناه الزرقاوان لامعتين وأكثر صفاءً.
“هذا … هذا حق. نحن بشرٌ قد نموت في أيّ لحظة، فلماذا تقول أنني لا أستطيع؟”
قلتُ وأنا أشدّ قبضة يدي قليلًا.
“هل تقول الشيء نفسه للعملاء الآخرين؟ أنتَ تكره رؤية الآخرين يموتون، مثلي تمامًا.”
“سواء مات العملاء الآخرون أم لا، فهذا لا يعنيني.”
أطلق لُــو ضحكةً جوفاء وهزّ رأسه.
يا لها من إجابةٍ مُباشِرة.
“طالما أنكِ لن تموتي أنتِ، فلا بأس.”
“… إذن، لماذا؟”
على عكس ردّه الفوري قبل لحظة، أبقى لُــو فمه مُغلَقًا هذه المرّة ولم يُجِب.
بدلًا من ذلك، حدّق بي بعينيه الصافيتين.
“هذا …”
ابتعد لُــو ببطء.
“هذا صحيح.”
ابتسم ابتسامةً غريبة.
“لماذا، يا تُرى؟”
لم يبدُ لي سؤالًا. بدا وكأنه يسأل نفسه.
“أنا أيضًا لا أعرف.”
“….”
شعرتُ ببعض الغرابة أن يقول إنه لا يعرف بينما كانت تلك كلماته هو، ولكن من ناحيةٍ أخرى، وجدتُ الأمر منطقيًا.
ففي النهاية، حتى أنا لا أستطيع فهم أفكاري ومشاعري تمامًا.
“لو فكّرتُ في سببٍ لاحقًا، فسأُخبِرُكِ.”
“حسنًا.”
أومأتُ وأنزلتُ رأسي وتقلّبتُ مجدّدًا. ظننتُ أنني سأشعر بإحراجٍ أكبر إذا واصل لُــو التحديق بي.
“تذكّرتُ شيئًا، بالأمس.”
قال لُــو وهي يجذب البطانية حتى صدري.
“أعجبني ذلك عندما لمست شارل جبهتي.”
أوه لا.
إذن لم يكن نائمًا؟
كان وجهي ساخنًا لدرجة أن شحمتيّ أذني كانتا تحترقان.
“إن لم تكن نائمًا، كان عليكَ قول ذلك!”
“لقد استيقظتُ للحظة.”
ضحك لُــو باستمتاع.
“إذن، هل ستلمسينني مجدّدًا اليوم؟”
“لا.”
“لماذا تُجيبين بهذه السرعة مرّةً أخرى؟ إنه أمرٌ مزعج.”
كان وجه لُــو، بحاجبيه المتدلّيين وشفتيه المتجعّدتين، ألطف من أيّ وقتٍ مضى. آغغه.
“…أنا نائمة. لا توقِظني.”
أغمضتُ عينيّ بشدّةٍ وأدرتُ رأسي بعيدًا. سمعتُ ضحكة لُــو من خلفي، لكنني تجاهلته. شعرتُ بإحراجٍ شديد.
“حسنًا. تصبحين على خير.”
نهض بجسده ببطء، ثم سرعان ما تدارك الأمر وجلس من جديد. بعدها طبع قبلةً خفيفةً على جانب شعري.
“فلتنعمي بأحلامٍ سعيدة.”
لـ لماذا تفعل هذا؟
لم أستطع إلّا أن أشعر بالحيرة من سلوك لُــو، الذي لم أستطع استيعابه مهما فعل.
* * *
كان ذلك وقت بزوغ فجر القمر.
كان لُــو لا يزال مستيقظًا.
للدقّة، لم يستطع النوم. كان عقله مليئًا بالأفكار.
ربما كان صاحب البضائع المُهرَّبة الذي اكتشفها اليوم هو كاتاكل.
ولماذا؟
‘لماذا يؤمّنون الإمدادات العسكرية؟’
في الواقع، لم يكن هناك داعٍ ليسأل نفسه لماذا.
كان الجواب واضحًا.
‘الحرب.’
مع ذلك، لم يكن يعرف مَن هو هدف تلك الحرب.
هل هي دولةٌ أخرى؟
أم ……
‘حربٌ أهلية؟’
إذا كانت حربًا أهلية، فلا داعي لقلق المملكة المقدّسة بشأن ذلك، أمّا إذا كانت حربًا تستهدف دولةً أخرى، فعليهم أن يكونوا على أهبّة الاستعداد.
‘أحتاج لمعرفة المزيد…’
كانت تلك هي الفكرة التي أبقتْه مشغول الفكر.
«لماذا لا توافق على موتي؟»
فجأة، خطر بباله سؤال تشارلز.
«هذا … هذا حق. نحن بشرٌ قد نموت في أيّ لحظة، فلماذا تقول أنني لا أستطيع؟”
حدّق لُــو في يديه.
تذكّر نفسه سابقًا، اللحظة التي رأى فيها الرجل يصوّب مسدّسًا نحو شارل، وهو يندفع للأمام دون تردّد.
لم يكن هناك أيّ تردّدٍ على الإطلاق.
كان يفكّر فقط في إنقاذ شارل.
لأنه لم يُرِد أن تُصاب شارل بأذًى.
لأنه لم يُرِد أن تموت.
«يُقال إن انفجارًا وقع في مضمار السباق!»
« لذا، الآنسة…»
لا يزال يتذكّر بوضوحٍ اللحظة التي علم فيها أن شارل قد أُصيبت في الهجوم الإرهابي.
شعر بقلبه يخفق بشدّة لدرجة الألم.
تلك اللحظة من الارتباك، عندما لم يستطع سماع أو رؤية أيّ شيء.
كان لُــو في غفلةٍ من أمره آنذاك.
إذا ماتت شارل،
إذا رحلت،
إذا لم تعد شارل موجودةً في هذا العالم.
كانت هناك أوقاتٌ تساءل فيها إن كان سيستطيع العيش.
في ذلك الوقت، كلّ ما أراده هو أن تستيقظ شارل، لذلك لم يكن لديه وقتٌ للتفكير في أيّ شيءٍ آخر.
لكن الآن الأمر مختلفٌ قليلًا.
كانت شارل مستيقظةً وتتحسّن. لذلك كان لدى لُــو المزيد من الوقت للتفكير بجديةٍ في مشاعره.
إذًا …
لماذا أكره رؤية شارل مصابة؟ لماذا يؤلمني مجرّد التفكير في موتها؟
ولماذا …
‘لماذا لم أُبلِغ عن سلوك شارل المريب لجارديان؟’
شدّ لُــو أصابعه وزفر ببطء.
في الواقع، عندما يتعلّق الأمر بالجواسيس، كان من الصواب الإبلاغ حتى بدون دليلٍ واضح.
أظهرت شارل سلوكًا مريبًا أكثر من مرّة.
لذا، بالطبع، عليه الإبلاغ عنها.
‘لماذا؟’
لماذا أنا قلقٌ جدًا على سلامة شارل، ناهيكَ عن الإبلاغ عن سلوكها المريب؟
أدار لُـٕو رأسه ببطء.
ثم حدّق بتركيزٍ في شارل، التي كانت نائمةً في سريره.
أنا.
ربما.
اتجاه شارل ……
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات