[لا أعرف لماذا تضعين هذا التعبير.]
استأنف صوتٌ يبدو غاضبًا للغاية الحدث وكأنه يمضغ الكلمات.
[لقد أخبرتُكِ فقط بما فعلتيه، فما الذي يحزنكِ ويجعلكِ تشعرين بهذا البؤس؟]
[لا تنسي العميل الذي مات بسببكِ. ليس هذا وقتكِ لتصطنعي الكبرياء وتطلبي منا الانتظار.]
أغمضتُ عينيّ بقوّة.
ما زالت مشاهد ذلك اليوم تطفو بوضوحٍ في ذهني. دفء الدم ينتشر بين أصابعي، نظرة الطفل التي تزداد ضبابية… كلّ شيء.
سبب كره الكوادر لي.
لأني فتاةٌ يتيمةٌ من الأحياء الفقيرة؟
بالطبع كان هذا جزءًا من السبب، لكنه ليس كلّ شيء.
السبب الحقيقي لكرههم لي …
لأني تسبّبتُ في مقتل خليفة كاتاكل وابنة بايلر.
ـ أختي… أنا أتألّم كثيرًا…
اختنقتُ بالغثيان. لكن لا يمكنني الانهيار هنا.
رغم هذه الجريمة الوحشية، فإن سبب بقائي على قيد الحياة هو رحمة القائد.
لذا، لا يمكنني خذلانه.
“أرجوك ثِق بي مرّةً أخرى. هذه المرّة لن أخذلك.”
ثم انبعث ضجيجٌ حادٌّ من ميكروفون الطائر الآلي. يبدو أن الأشخاص خلفه يثرثرون. أغمضتُ عينيّ مرّةٍ أخرى.
[كيف يمكننا أن نثق بمثلكِ…!]
[كفى.]
في تلك اللحظة، هدّأ بايلر ضجيجهم.
[ثلاثة عشر.]
ردّدتُ اسمي الرمزي في المنظمة داخليًا وأجبت.
“نعم، أيّها القائد. تفضل.”
[كما تعرفين جيدًا، هناك مهمتان لكِ. إعاقة خطة لو فانتيس، وقبل ذلك، العثور على الأثر المقدّس.]
“نعم. سأُنجِزُهما حتمًا.”
[إنها فرصتكِ الأخيرة.]
“…نعم.”
بما أن بايلر نفسه ذكر أنها ‘الأخيرة’، فسيكون الكوادر راضين.
إذا فشلت، سيكونون سعداء بالتخلّص من المشكلة المزعجة التي أكوّنها، وإن نجحت، فسيحصلون على الأثر المقدّس.
“سأبذل قصارى جهدي.”
[حسنًا.]
لكن كلام بايلر لم ينتهِ.
[وإذا أصبح لو فانتيس عائقًا في هذا الأمر…]
ابتلعتُ ريقي بجفاف.
لأنني توقعتُ ما سيقوله بعد ذلك.
[اقتليه.]
أغمضتُ عينيّ بقوّة.
مرّةً أخرى، تجسّدت مشاهد ذلك اليوم البشعة في الهواء. اشتدّ غثياني.
* * *
طَرق.
سمعتُ صوت نقر. شعرتُ بحضور لو خلف الباب.
“سأدخل.”
دخل حتى دون أن آذن له.
لكنني أعرف أن هذا هو طبعه، لذا لم أقل شيئًا واستقبلتُه وأنا جالسةٌ على الأريكة.
“هل حصلتِ على قسط من الراحة؟”
“نعم. بعض الشيء.”
جلس لو مقابلي.
شعرتُ ببعض الإزعاج لرؤيته بسبب حديثي مع كاتاكل للتوّ.
تجاهلتُ عمدًا نظراته الثاقبة.
“تلقّينا اتصالًا من الحارس.”
لكن بما أنه اتصالٌ من الحارس، كان عليّ التركيز.
أسرعتُ في إزالة الأفكار العشوائية ونظرتُ إلى لو.
“علينا العثور على ثيميس.”
مدّ لي الأوراق. تظاهرتُ بمراجعتها وقلت.
“هل تقصد ذلك الخيميائي الشهير؟”
“نعم. بالإضافة إلى أنه صانع الأورا.”
الأورا.
دواءٌ مصنوعٌ لتحفيز الذهن.
حتى نصف زجاجةٍ منه تكفي لتحسين التركيز بشكلٍ ممتاز، مما جعله دواءً شائعًا في الإمبراطورية بأكملها.
سمعتُ حتى أنه جعله يجلس على وسادةٍ من المال…
لكن ما علاقة الخيميائي بالأثر المقدّس؟
“هل يعرف شخصٌ مجرّد صيدليٍّ معلوماتٍ عن الأثر المقدّس؟”
عقد لو يديه وقال.
“يُقال أن له صلاتٌ وثيقةٌ بالقصر الإمبراطوري.”
“هل تقصد أن القصر ربما أشار إلى ثيميس بشأن الأثر المقدّس؟”
“الاحتمال ضعيف، ولكن على أيّ حال، أليس من الأفضل التحقّق؟”
قطبتُ جبيني.
لا يعرف كاتاكل ولا القصر الإمبراطوري مكان الأثر المقدّس. أليس هذا هو سبب بحث الجميع عنه بلهفة؟
لكن من غير المعقول أن يعرف خيميائيٌّ عادي مكانه.
‘لكن …’
لا يمكننا تجاهل الأمر تمامًا.
فهذه معلوماتٌ جاءت من الحارس، وليس من أيّ مكانٍ آخر.
‘بما أن كاتاكل لا يعرف، فمن الأفضل أن أتحقّق بنفسي.’
بعد أن أنهيتُ تفكيري، ركّزتُ على لو مرّةً أخرى.
“سيحضُر ثيميس حفلةً عقدها منزل بايدن. لذا علينا…”
“الاقتراب منه للحصول على المعلومات. أليس كذلك؟”
“نعم. هدفنا الأول هو حضور الحفلة والتودّد إلى الجميع.”
لا يمكنني ترك لو يلتقي بثيميس.
أو إذا التقيا، يجب أن أحصل على المعلومات أولاً.
بعد أن توصّلتُ إلى هذا القرار، نظرتُ إلى لو وهو ينهض.
كنتُ سعيدةً بعض الشيء لأنه يوشك على المغادرة.
لكن.
“بالمناسبة، شارل.”
بدلاً من المغادرة، نظر لو إلى خزانة ملابسي وقال.
“هل حقًا ليس لديكِ سوى هذا القدر من الملابس؟ تنورةٌ واحدةٌ وثلاثة قمصان؟”
بدون انتظار ردّي، اقترب بخطواتٍ واسعةٍ من الخزانة وبدأ يتفقّد ملابسي في ذهول.
“هل هذا هو سبب ارتدائكِ لتلك التنورة المخطّطة بفراء النمر التي لا معنى لها وكأنها تنورتكِ المفضلة؟”
“تقول لا معنى لها؟ ظننتُ أنها جميلة.”
أظهر لو تعبيرًا عن الدهشة ووضع يده على جبينه.
“تخطّطين لحضور حفلة الأسبوع المقبل بهذه الملابس.”
“لا تبالغ.”
“وما أمر القميص ذي الأزهار؟”
“قلتُ لا تبالغ.”
رغم أنني لستُ مهتمّةً بالموضة، لكن عندما يُنتقَد ذوقي بهذا الصراحة، من الطبيعي أن أغضب.
“هذا لا يمكن السكوت عليه.”
“ماذا؟”
“لا يمكن ترككِ هكذا، شارل.”
“أنا بخير…”
“إذا خرجتِ هكذا، قد يشكّ العالم في حبّي لكِ.”
هذا كثيرٌ جدًا.
“سأفرّغ جدولكِ غدًا. من أجلكِ.”
“هل هذا حقًا من أجلي؟”
“جزئيًا من أجل ذوقي.”
“…مقزّز.”
لكن بغض النظر عن كونه مقززًا، فإن التحدّث هكذا جعلني أشعر بتحسّنٍ قليلًا.
بالطبع …
ـ إذا أصبح لو فانتيس عائقًا في هذا الأمر.
ـ اقتليه.
عندما تذكّرتُ كلمات بايلر، آلمني قلبي مرّةً أخرى كأنه يتم عصره.
“سأتخلّص من هذه الملابس أولًا. مجرّد وجود هذه الملابس الريفية في هذا المنزل يجعل رأسي يؤلمني.”
…من الأفضل أن أستاء من كونه مقزّزًا الآن.
هكذا، حاولتُ تجاهل مشاعر القلق المتفاقمة وركلتُ لو في ساقه.
* * *
في اليوم التالي، خرجنا أنا ولو معًا بعد الإفطار.
“شارل، أنتِ جميلةٌ جدًا اليوم لدرجةٍ تثير الدهشة.”
“لأنكَ اخترتَ الملابس بنفسك.”
“أليس السبب هو كونكِ جميلةٌ بأيّ شيء؟ حتى لو ارتديتِ خيشًا، ستظلّين جميلة.”
نظر إلينا الخدم وكأننا زوجين متحابين، حتى أنهم طلبوا منا قضاء وقتٍ ممتع.
كليك.
بمجرّد إغلاق الباب، صفعتُ يدي من يد لو.
“شارل، حتى لو كنّا وحدنا، فإن دفعكِ لي بهذا الشكل يؤلمني.”
“كاذب. لا يمكن أن تؤلمك.”
“آه، هل انكشف أمري؟”
ابتسم لو ابتسامته المميزة النشطة وغمز بعينيه.
جعلت أشعة الشمس التي تدخل من نافذة العربة شعره الذهبي أكثر لمعانًا. يبدو كما لو أن هناك غبارًا من الضوء من حوله.
مهما نظرتُ إليه، إنه وسيمٌ حقًا.
تسائلتُ لماذا شخصٌ بهذا المظهر لديه مثل هذه الشخصية … لكنني لم أعلّق.
“قلتُ لكِ أن تتخلّصي من تلك التنورة المخطّطة بفراء النمر…”
ألغِ ما قلتُه عن وسامته.
لماذا يعلّق على ملابسي؟
“ألم تقل للتوّ إنني جميلةٌ حتى لو ارتديت خيشًا؟ ماذا، هل تريدني أن أخلع ملابسي؟ ليس لديّ شيءٌ آخر لأرتديه.”
“ألا تعتبرينني رجلاً؟”
اكتفيتُ بهز كتفيّ. عند هذا؟ ضاقت عينا لو.
“إذا استمريتِ هكذا، سأطيل وقت التسوّق لأزعجكِ.”
“أرجوكَ لا تفعل. أنا حقًا أكره التسوّق.”
“لماذا تكرهين التسوّق لهذه الدرجة؟”
سأل لو بتعبيرٍ يُظهِر أنه لا يفهم.
“بالتحديد، الأمر ليس أنني أكره ذلك…”
تردّدتُ قليلاً، ثم قرّرتُ أن ما سأقوله ليس بهذا السوء ففتحتُ فمي.
“لم أجرّبه من قبل.”
“ماذا؟”
“لم يسبق أن اشتريتُ شيئاً لنفسي. فكرة أن أختار وأشتري شيئاً لي بنفسي تُشعِرني بالغرابة.”
“……”
“ماذا لو لم يعجبني؟ ماذا لو كان شرائي خاطئاً؟ ماذا لو كان اختياري سيئاً؟”
لسببٍ ما، شعرتُ بالإحراج بينما أنظر إلى لو فحوّلتُ نظري إلى الأسفل.
“لذلك ببساطة تجنّبتُ عملية الاختيار تماماً.”
ساد الصمت داخل العربة.
ازداد شعوري بالإحراج.
لم أكن أخطّط لأن أكون صريحةً إلى هذا الحد … ماذا لو رأى أنني ناقصة؟ سيطر عليّ القلق.
“شارل.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "7"