استغرق لقائي بداميان وقتًا أطول مما توقّعت.
غادرتُ القصر بوضوحٍ في وضح النهار، لكن السماء كانت برتقاليةً في طريق العودة.
‘أتساءل إن كان لُــو قد عاد.’
أردتُ العودة قبله، إن أمكن.
‘قد يسألني أين كنتُ مجددًا.’
كنتُ قد قلتُ أنها مجرّد نزهةٍ سريعة، لكنه قد يشكّ في ذلك.
بالطبع، استعددتُ لهذا الموقف، لذا ركبتُ العربة حتى مركز المدينة فقط، ومن هناك، مشيتُ وحدي إلى منزل داميان.
علاوةً على ذلك، كنتُ حذرةً للغاية، خوفًا من أن يكون أحدهم يلاحقني.
لكن ……
‘مَن يعلم.’
لُــو هو العميل الرئيسي لجارديان.
العميل الذي لم أهزِمه طوال فترة تواجدنا معًا.
لذا كان عليّ أن أكون حذرًا للغاية.
“يا إلهي! يا آنسة، أنتِ هنا؟”
حالما دخلتُ القصر، رحّبت بي ماردي. ابتسمتُ لها ابتسامةً مشرقةً وناولتُها معطفي.
“نعم. ماذا عن لُــو؟”
“سيتناول العشاء. هل ترغبين بالانضمام إليه يا آنسة؟”
بعد لحظة تردّد، أومأتُ برأسي.
“نعم. سأفعل.”
وتبعتُ ماردي إلى غرفة الطعام.
عندما فتحتُ الباب، رأيتُ لُــو قد انتهى من الأكل والاستمتاع بالحلوى.
أمال فنجان الشاي، ثم ضيّق عينيه قليلاً وابتسم عندما رآني.
“أوه، شارل. هل أنتِ هنا؟”
أومأتُ له برأسي سريعًا وجلستُ بجانبه.
“هل ذهبتِ في نزهة؟”
عرفتُ أنه سيسألني فورًا.
أجبتُ ببرودٍ مُتعمّد.
“نعم. لقد استكشفتُ المدينة.”
“ماذا استكشفتِ؟”
“قليلاً فقط. نظرتُ حولي. مللتُ بعد أن علقتُ في غرفتي طوال هذا الوقت.”
“هذا مفهوم.”
لم يكن هناك أيّ غرابةٍ في إجابتي.
ربما لهذا السبب حدّق بي لُــو دون أيّ شك.
“هل تشعرين بتحسّن؟”
“أجل.”
“بدلاً من الإجابة بسرعة، ما رأيكِ أن تأخذي لحظةً للتفكير في حالتكِ؟”
“همم …”
عقدتُ ذراعيّ وأطلقتُ صوتاً أنفياً عمداً.
“فكّرتُ في الأمر، وأنا بخير.”
“… توقّفي عن الكلام.”
رمقنب لُــو بنظرةٍ منزعجةٍ ونقر على لسانه باستسلام.
لماذا تتصرّف هكذا عندما أقول أنني بخير؟
على أيّ حال، لم يبدُ مزاجه سيئاً، لذا حاولتُ تلطيف الجو.
“وأنت؟”
“أنا؟”
“أجل. هل كانت نزهتكَ ممتعة؟”
أسند لُــو ذقنه على يده على الطاولة وأجاب.
“بالتأكيد. كانت رائعة.”
كان تعليقًا ذا مغزى.
لكنني لم أُظهِر ذلك، واكتفيتُ بنقر السلطة أمامي بشوكتي.
لم أكن متأكدةً إن كانت قد دخلت فمي أم أنفي، لكنني أكلتُها على أيّ حال. ظننتُ أن التظاهر بالأكل على الأقل سيخفّف من قلقي.
“كنتُ أفكّر في هذه الحادثة.”
في تلك اللحظة، قال لُــو.
“يبدو أن الإمبراطورية حقًا بلدٌ يشتري فيه المال كلّ شيء.”
“فجأة؟”
“نعم. إذا رشوتَهم، سيخبرونكَ بأيّ شيء، مهما كان.”
أوه لا.
يبدو أن بيروقراطيينا الإمبراطوريين لا يتورّعون عن فعل الخير مرّةً أخرى.
(بيروقراطيون: موظفي الحكومة أو المؤسسات الكبيرة الذين يعملون في نظام إداري يعتمد على القواعد والإجراءات الصارمة والتسلسل الهرمي)
على أيّ حال، هؤلاء البيروقراطيون اللعينون. سيخبرونكَ بأيّ شيءٍ إذا أعطيتَهم المال.
“وماذا قلتَ لهم؟”
ابتسم لُــو بسخريةٍ وتجعّد أنفه.
“أخبرتُهم أن يعثروا على حطام القنبلة.”
بالكاد استطعتُ كتم تنهيدة. استطعتُ الحفاظ على رباطة جأشي بصعوبة وأكملتُ.
“همم. إذًا؟”
“اكتشفنا أنه نفس المكوّن المستخدم عادةً في كاتاكل.”
يا إلهي.
“وهناك رقم 18 مكتوبٌ عليها … أعتقد أن هذا هو اسمٌ رمزيٌّ داخل كاتاكل. يا له من أمرٍ مبتذل.”
أنا، التي تحمل الاسم الرمزي رقم 13، التزمتُ الصمت.
شعرتُ ببعض الإحراج أيضًا. لذا أضفتُ بسرعة.
“لكن، أليس من المبالغة الجزم بأن الهجوم الإرهابي كان من عمل كاتاكل فقط بناءً على الأجزاء والاسم الرمزي؟”
أومأ لُــو موافقًا.
“بالطبع، هذا ليس كلّ شيء.”
ضحك ضحكةً خفيفة.
“عملاء جارديان ماهرون جدًا، أليس كذلك؟”
ارتجفت يدي قليلًا وأنا أمسك شوكتي.
هذا يعني أن عميلًا من جارديان قد تسلّل إلى كاتاكل.
سأتحقّق من الأمر عندما أعود إلى المقر، فكّرتُ وأنا أُجبِر نفسي على الابتسام.
“على أيّ حال.”
حاولتُ تغيير الموضوع.
“لماذا يستهدفكَ كاتاكل؟”
“حسنًا، أودّ أن أعرف السبب أنا أيضًا.”
هزّ لُــو كتفيه، ثم رفع ذقنه عن يده وانحنى إلى الأمام.
“على أيّ حال، شارل.”
ثم حدّق في عينيّ باهتمامٍ وبدأ بالكلام.
“أليس من المعتاد أن تسألي ‘لماذا ارتكبوا هذا الهجوم الإرهابي؟’ بدلاً من ‘لماذا يستهدفونك؟’ ؟”
“….”
“تتحدّثين كما لو كنتِ تعرفين سبب الهجوم مسبقًا ولستِ فضوليةً لذلك.”
يمكنكَ معرفة كلّ شيءٍ بكلمةٍ واحدة ……
شعرتُ بوخزةٍ من كراهية الذات، متسائلةً إن كنتُ عميلةً غير كفؤةٍ لهذه الدرجة.
لكن أوقاتاً كهذه تتطلّب المزيد من الوقاحة.
“لو كنتَ تعرف سبب الهجوم، لما كنتَ في غرفة الطعام الآن، بل في غرفتك، تُكمل أوراقاً لتقرير جارديان.”
ارتفع حاجبا لُــو.
“لكنكَ تتناول الطعام هنا الآن على مهل، أليس كذلك؟ لهذا السبب ظننتُ أنكَ لم تُعرف السبب بعد. هل أنا مُخطئة؟”
“لا. أنتِ محق.”
يا إلهي. تنفّستُ الصعداء.
“سأخرج غدًا أيضًا.”
أمال لُــو فنجان شايه مرّةً أخرى وقال.
“ماذا عنكِ، شارل؟”
“سأخرج أيضًا.”
“أرى.”
عبستُ قليلًا.
“لماذا لا تسألني إلى أين أذهب؟”
“لأنكِ لن تُجيبي على أيّ حال.”
كنتُ أخطّط للكذب حتى لو سأل، لذا وخزني ضميري قليلًا.
“أنتَ لا تُخطّط لمطاردتي، أليس كذلك؟”
“يا إلهي، شارل. أنتِ تقولين ما تريدين قوله دون تردّد.”
ضحك لُــو وهزّ رأسه.
“شارل.”
نهض ببطءٍ ووقف خلفي. ثم ربّت على خدي برفق.
“أنا أثق بكِ.”
لم يكن هناك أثرٌ للكذب في صوت لُــو وهو يتحدّث.
“لهذا، لم أسألكِ عن سبب عودتكِ، بعد أن غبتِ لفترةٍ، بإصابةٍ في رقبتكِ كهذه.”
أغمضتُ عينيّ بإحكام.
كنتُ قد مسحتُ الدم سابقًا، لكن لا بد أنه رأى الجرح.
تسك، نقرتُ بلساني سريعًا.
“أوه، وبالمناسبة.”
لفّ لُــو ذراعيه حول كتفي. شعرتُ بذقنه تستقرّ على رأسي.
“لقد نقلتُ غرفة شارل.”
“هاه. مـ … ماذا؟”
فُزعتُ، ورفعتُ رأسي بسرعة. ثم رأيتُ لُــو يبتسم لي بوقاحة.
“أخبرتكِ سابقًا. ستُشاركيتني الغرفة.”
“لـ لا. حقًا؟ الآن؟ لماذا؟”
“يبدو أيضًا أن جسد شارل قد شُفي تمامًا تقريبًا.”
كنتُ قد قلتُ إنني شُفيتُ تمامًا، لذا لم أستطع إنكار ذلك الآن.
“وزفافنا على الأبواب.”
“….”
“علينا أن نُظهر ذلك للناس، أليس كذلك؟”
عندما يقولها بهذه الطريقة، لم أستطع الرفض ببساطة.
لا، أعلم أنه لا مفرّ من ذلك. لكن السبب كان واضحًا.
“حـ … حسنًا، لكنه مفاجئٌ جدًا.”
“أوه، شارل.”
ضحك لُــو، وهو يُمسك وجهي المائل بكلتا يديه.
“لا أستطيع التراجع عن ذلك الآن.”
كانت ابتسامته جميلةً جدًا ….. لدرجة أنها ألجمت لساني.
لا، لم أستطع حتى التفكير في قول أيّ شيء.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات