فراشةٌ بلاتينية.
هذا هو جهاز الاتصال بالمملكة المقدّسة.
رفع لُــو يده بحذرٍ في الهواء.
تجمّعت الفراشات التي ترفرف في أرجاء الغرفة عند أطراف أصابع لُــو.
كانت أجنحة الفراشة مطليةً بماءٍ مقدّسٍ خاص، مما يسمح لها ببثّ الأصوات.
سُمّيت هذه الطريقة في التواصل ‘همسة الملاك’.
تنفّس لُــو بعمقٍ قدر الإمكان وأنصت باهتمامٍ للأصوات المقدّسة.
[تأكّد من كيفية تحديد العميل شاران للهجوم الإرهابي.]
بمجرّد بث الأصوات المقدّسة، حلّقت الفراشة عالياً في الهواء. ثم عادت أدراجها وخرجت من الغرفة.
شاهد لُــو المشهد كاملاً، ثم انحنى على كرسيه. أمال رأسه للخلف.
‘حتى بدون أن تطلب …’
ساورت لُــو الشكوك أيضاً.
كيف استطاعت شاران منع الهجوم الإرهابي؟ هل كانت تعلم بالهجوم الإرهابي مُسبقًا؟
أو أنها شهدت ‘صدفةً’ محاولة الهجوم في مضمار السباق الذي زارته ‘صدفة’.
هذا غير منطقي.
نقر لُــو بلسانه سريعًا وفتح وأغلق أصابعه مرارًا.
أظهرت شاران سلوكًا مُريبًا أكثر من مرّة.
على سبيل المثال، التسلّل ليلًا.
وحقيقة أنها كانت على علاقةٍ خاصّةٍ مع أدريان بارتيروس.
كان عذر التسلّل ليلًا.
«كان لديّ أمرٌ منفصلٌ من جارديان.»
كيف يمكنه أن يتجاوز الأمر ويتفهّمه باعتباره مجرّد عذر.
لكن علاقتها بأدريان بارتيروس …..
‘لا أفهم.’
مهما حاول التفكير في الأمر بإيجابية، لم يكن منطقيًا.
«قلتُ لكَ من قبل أنني قضيتُ وقتًا قصيرًا في الإمبراطورية قبل ذهابي إلى المملكة المقدّسة. كنّا مقرّبين حينها.»
طفلٌ فقيرٍ وسيدٌ صغيرٌ نبيلٌ صديقان حميمان.
وإلى حدّ إخباره باسمٍ مُزيّف مُسبقًا وتبادل التحديثات؟
‘هذا سخيف.’
أطلق لُــو ضحكةً جوفاءً ومرّر يده في شعره.
شارل، لا. شاران …..
‘هل هي حقًّا عميلةٌ للمملكة المقدّسة؟’
شدّ قبضتيه.
ستُسيطر الشكوك التي بدأت في السابق على عقله الآن.
لم يكن هناك سوى طريقةٍ واحدةٍ لمحو هذه الشكوك.
أن يعرف المزيد عن شاران.
وأن يتأكّد من أنها عميلةٌ مُخلصةٌ لجارديان.
هذا كلّ شيء.
“لنكتشف الأمر.”
كلّ شيءٍ عن شاران، من البداية إلى النهاية.
نهض لُــو من كرسيه. شدّ قبضتيه ثمّ أرخاهما، وهو يذرع الغرفة جيئةً وذهابًا.
كان عقله لا يزال مُشتبكًا كخيطٍ من شبكة.
كان ذلك لأن فرضية ‘ماذا لو’ كانت تظهر باستمرار.
‘ماذا لو؟’
ماذا لو كانت جاسوسةً حقًا؟
ماذا لو لم تكن مُخلِصةً للمملكة المقدّسة؟
إذا كان الأمر كذلك ……
‘ماذا سأفعل؟’
هل يمكنني الإبلاغ عن شارل؟
تنهد لُــو طويلًا.
مجرّد تخيّل شارل وهي تُجَرُّ إلى غرفة التعذيب جعله يشعر بالغثيان.
‘لا.’
شارل التي أعرفها لن تفعل ذلك.
شارل التي ضحّت بنفسها من أجل الشعب لن تفعل ذلك.
لذا، كان عليّ أن أعرف، ولو فقط لتبديد شكوكي.
‘هذا مستحيل.’
أجبر نفسه على كبت قلقه وتماسك.
لوقتٍ طويل.
* * *
أثناء عبوري الحديقة، فكّرتُ في كلمات بينكي.
«عندما أفكّر في أنني، من أجل قوّةٍ بسيطة، قتلتُ شخصًا كان بإمكانه أن يكون منقذًا لشخصٍ آخر …..»
«قلبي يغلي.»
نعم. هذا ما أشعر به الآن.
أحاول إيقاف بايلور، ليس لأنني أعاني من مرضٍ ما.
مَن ذا الذي يغضّ الطرف عن التضحية بهذا العدد الكبير من الناس من أجل ‘السلطة’ غير الملموسة؟
لإنقلاب بايلور وجهان.
إما أنهم معميّو البصيرة بشهوة السلطة، مثل بايلور.
أو أنهم أغبياء لدرجة أنهم لا يستطيعون حتى التفكير بأنفسهم، غير قادرين على استيعاب الوضع.
‘أكره كليهما، مهما كان.’
لهذا السبب سأُوقف بايلور.
لن أسمح له بإيذاء أحدٍ بعد الآن.
وللقيام بذلك، من المهم أن يكون لديّ حلفاءٌ إلى جانبي.
أشخاصٌ سيساعدونني.
‘داميان ليوان.’
سأزوره عندما أتعافى أكثر ويتوقّف لُــو عن حذره.
بهذه الفكرة في ذهني، فتحتُ الباب.
كانت الشمس القرمزية تغرب ببطءٍ تحت الأفق.
ولهذا السبب، غمر الغرفة وهجٌ خافتٌ لغروب الشمس.
عند الخط الفاصل بين النور والظلام، كان لُــو هناك.
رأيتُه متّكئًا على النافذة، غارقًا في أفكاره.
غمر الضوء القرمزي المتدفّق وجهه جزئيًا، مُلقيًا بظلالٍ ذهبيةٍ وقرمزيةٍ ناعمةٍ في آنٍ واحد.
مشهدٌ أشبه بلوحةٍ فنية.
حدّقتُ فيه بنظرةٍ فارغة، أفكّر. لماذا يفعل ذلك في غرفتي؟
“لُــو؟”
عندها فقط، أبعد لُــو نظره عن النافذة والتفت إليّ.
“آه، شارل.”
ابتسم ابتسامةً مشرقةً كعادته عندما رآني، لكن تعبير وجهه خفت قليلًا ونظر إليّ.
“أين كنتِ؟”
“سمعتُ أن هناك ماسح أحذيةٍ أمام القصر، فوضعتُ أحذيتي هناك كتبرّع. انظروا كم هو نظيف. أليس هو الأفضل؟”
لم يكن كذبًا، لذا تمكّنتُ من الإجابة فورًا.
لمّع بينكي حذائي بالفعل.
“ملمّع أحذية …”
نظر لُــو بيني وبين حذائي النظيف، ثم ضحك.
“أعتقد أن هذا حدث من قبل.”
كان يشير إلى المرّة التي تسلّلتُ فيها من غرفة القياس. انتفضتُ قليلًا، وأنا أُمسكُ يدي خلف ظهري.
“من الجميل أنها نظيفة، كما قلتِ.”
أدركتُ أن هناك شيئًا من الحقيقة في كلماته. أجبرتُ نفسي على الهدوء ورفعتُ ذقني.
“إذن، ما الذي يحدث؟”
دفع لُــو نفسه بعيدًا عن النافذة.
وبدأ يقترب مني.
“تلقّيتُ اتصالًا من جارديان.”
“أجل.”
“لقد أُمِرتُ بالتحقيق في محاولة الإرهاب.”
كما هو متوقّع.
ظننتُ أن جارديان سيكون على علمٍ بالحادث الإرهابي.
بما أنني توقّعتُ ذلك مُسبقًا، أجبتُ بهدوء.
“حسنًا. من أين نبدأ التحقيق؟”
“لا.”
لكن لُــو هزّ رأسه بحزم.
“أخطّطُ للتعامل مع هذا التحقيق وحدي.”
“…..”
عبستُ.
“لماذا؟”
أمال لُــو رأسه وحدّق بي.
بدت عيناه الزرقاوان الصافيتان واللامعتان عادةً داكنتين وضبابيتين، كأعماق المحيط.
شعرتُ بقشعريرةٍ تسري في جسدي.
“إنها أوامر جارديان.”
رمش لُــو ببطءٍ وقال.
“لم تتعافي بعد، شارل، لذا طُلِب مني التصرّف وحدي.”
“…..”
هل هذا صحيح؟
كان لديّ شعورٌ قويّّ بأنه ليس كذلك.
“حسنًا، سأبدأ بمعرفة غرض هذا الهجوم.”
ابتسم لُــو، وكأنه لم ينظر إليّ بنظرةٍ باردةٍ كهذه من قبل، ابتسامةً مشرقةً كعادته وداعب خدي.
“لا تقلقي، شارل.”
كانت لمسته رقيقةً كعادتها ….. لكنني لم أستطع أن أستمتع بدفء لمسته.
كان من الواضح أن لو كان يشكّ بي.
شعرتُ بقشعريرةٍ تسري في جسدي.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات