* * *
كانت تستفزّني منذ مدّة.
لعقتُ شفتيّ ونظرتُ إلى سيسيل.
في الحقيقة، لستُ منزعجةً إلى هذا الحد.
مررتُ بمواقف كهذه كثيرًا عندما كنتُ في منظمة كاتاكل.
لكن …
‘هل أُخرِسُها؟’
كنتُ قلقةً بالفعل بشأن ما عليّ فعله، فقد كانت إيفلين معجبةً بي.
ظننتُ أنني إذا أظهرتُ ردّة فعلي هنا، فستنهار سمعتي الاجتماعية.
‘حسنًا، لنقبل استفزازها.’
ضحكتُ بخفّةٍ وركّزتُ نظري على سيسيل.
كان هذا حينئذٍ.
“عن ماذا تتحدثين؟”
لم تكن هذه الكلمات قد خرجت من فمي.
بل كان صوت لُــو الناعم.
“من الغريب أن تقولي هذا وخطيبتي تقف بجانبي مباشرةً.”
شحب وجه سيسيل فجأة، كما لو أنها لم تكن تعلم أن لُــو سيتقدّم.
“هاه؟ أوه، لا، هذا ….”
“آنسة سيسيل. هل أنتِ غير مُلِمّةٍ بمفهوم ‘المراعاة’؟”
أوه، يا عزيزي.
ها قد بدأ الأمر. سخرية لُــو.
“أم أنها طريقة الآنسة سيسيل الجديدة في التواصل الاجتماعي، التظاهر بأن الشخص الآخر غير موجودٍ حتى عندما يكون أمامكِ مباشرةً؟ إن كان الأمر كذلك، فهذا فريدٌ جدًا.”
هذه النبرة الساخرة الناعمة لا تختلف عن أسلوب لُــو المُتفرّد في الهجوم.
تصلّب وجه سيسيل تدريجيًا.
“ا-الأمر ليس كذلك، كنتُ أقول الحقيقة فقط. موضوعيًا، لُــو وإيفلين مُتوافقان تمامًا!”
“موضوعيًا.”
أومأ لُــو بخفّة.
“أتساءل من أين جاء هذا التحليل الموضوعي لتستنتجي أنني وخطيبتي لا نتوافق.”
تجمّعت العيون من حولهما بهدوء. مع ذلك، لم يبدُ أن لُــو تنوي التوقّف.
“أم أن عيون الآنسة سيسيل متخصّصةٌ في تقييم خطوبات الآخرين؟ إن كان الأمر كذلك، فهذا مؤسفٌ حقًا. كان من الأفضل لو أنكِ قدّمتِ تلك النصيحة ‘الموضوعية’ لأزواجٍ أهمُّ منا.”
“لـ لا، أنا …!”
“هل فكّرتِ ‘بموضوعيّةٍ’ في أنه من غير المهذّب تقديم نصيحةٍ لشخصٍ لا يرغب بها؟”
احمرّ وجه سيسيل كما لو كان يحترق. ابتسم لُــو ابتسامةً خفيفة.
“حسنًا، حتى ‘بموضوعية’، أنا وشارل مخطوبان بالفعل. سواء كنا متوافقين أم لا، فهذه مشكلتنا، أليس كذلك؟”
الفتاة على وشك البكاء ……
أتمنى لو يتوقّف، لكن لم يكن لُــو من النوع الذي يتوقّف في منتصف الطريق.
“من التقاليد الراسخة بين النبلاء الاهتمام المفرط بشؤون الآخرين. أحترم ذلك. لكن الأمر مختلفٌ قليلاً أن تُجبَر على تقديم النصيحة بهذه الطريقة. الأمر منعش، إن صح التعبير.”
قال لُــو كلماته الأخيرة كما لو كان يضرب إسفينًا.
“بالطبع، كانت نصيحتكِ تلك بلا فائدة.”
ترنّحت سيسيل، التي تعرّضت للضرب مرارًا، في النهاية، وفي الوقت نفسه، انتشر الضحك من حولها.
“أنا، أنا….”
كاد وجه سيسيل أن يبتلّ بدموعٍ توشك على السقوط. لذا تدخّلتُ بسرعة.
“حسنًا، توقّف الآن. هل علينا حقًا أن نكبّر الأمور لشيءٍ كهذا؟ ماذا عن إطلاق النار أكثر؟”
على أيّ حال، كان هذا تصرّفًا مدروسًا بالنظر إلى موقف سيسيل.
ستبكي سيسيل بشدّةٍ لو سمعت سخرية لُــو أكثر من ذلك.
لكن.
“… آنسة شارل، أطلقي المزيد لوحدكِ!”
صرخت سيسيل وغادرت.
أوه.
لماذا أنتِ غاضبةٌ مني؟
لُــو هو مَن جعلكِ نكتة.
“أوه، عزيزتي شارل.”
في تلك اللحظة، اقترب لُــو وهمس بصوتٍ خافت.
“زوجة الأخ التي تحاول إيقاف الشجار هي التي الأكثر كراهية.”
ثم ضحك.
“كم أنتِ جاهلة.”
آه.
هل عليّ أن أضربه؟
* * *
“ألم أُبلي بلاءً حسنًا اليوم؟”
في طريق العودة، ضحك لُــو منشرحًا، الذي كان يجلس في المقعد المقابل في العربة.
“شكرتني الآنسة إيفلين أيضًا. ما قالته سيسيل كان بمثابة إهانةٍ لنا جميعًا.”
في الواقع، كانت سيسيل تتّخذ إجراءً يائسًا لأنها تكرهني بشدّة.
لو لم يّتقدم لُــو، لربما ازداد غضب إيفلين.
‘لن أرى سيسيل لفترة.’
على أيّ حال، بما أنها كانت المرّة الأولى التي أراها فيها اليوم، لم أشعر بأيّ ندم.
‘بالطبع، من الغريب أنها كانت غاضبةً مني أكثر من لُــو.’
لم أفهم، لذا تجاهلتُ الأمر.
“سألتُ إن أبليتُ بلاءً حسنًا؟”
حثّ لُــو، الذي لم يتحمّل حتى فكرة ضياعي في أفكاري للحظة وتجاهله، على الاستمرار. آغه.
“أجل، أجل. أبليتَ بلاءً حسنًا. كنتَ الأفضل.”
ضيّق لُــو عينيه وحدّق بي.
“ردّ فعلكِ عديم المصداقية نوعًا ما.”
“لا. أعتقد حقًا أنكَ أبليتَ بلاءً حسنًا، لكن ..”
“لكن؟”
تردّدتُ في قول هذا أم لا.
عادةً، عندما يتردّد المرء، يفضّل ألّا يقول شيئًا، لكن بما أنه لُــو، أشعر أنه لا بأس بقول ذلك. بهذه الطريقة، سأشعر بتحسّنٍ هكذا.
“سعيدةٌ لأنكَ كنتَ بجانبي … إنه أقرب إلى هذا الشعور.”
“ماذا يعني هذا؟”
“لا. إنه أقرب إلى، لماذا أنتَ مزعجٌ جدًا مع أنكَ كنتَ تقف بصفّي؟”
هززتُ كتفي عندما تذكّرتُ سخرية لُــو المميزة.
“أردتُ حقًا أن أضربك سابقًا. كنتَ الأكثر إزعاجًا.”
رمش لُــو ببطءٍ وزمّ شفتيه.
“هل هذه مجاملةٌ أم إهانة؟”
“لا أعرف ذلك أيضًا.”
عقدتُ ذراعيّ وهززتُ رأسي.
“كان من المطمئن أن تكون بجانبي، ولكنه أيضًا مزعجٌ جدًا لدرجة أنني شعرتُ برغبةٍ في ضربكَ وأنا أستمع إليك.”
“همم، لا أريد أن أعرف المزيد على الإطلاق. هل يمكنكِ التوقّف عن الكلام؟”
“أجل. سأسكت.”
قرّرتُ التوقّف لأنني شعرتُ أنه قد نلتُ كفايتي من مضايقته.
بينما تظاهرتُ بإغلاق فمي بسحّاب، أطلق لُــو ضحكةً جوفاء.
“أخبرتُكِ أنكِ شخصٌ غريبٌ حقًا من نواحٍ كثيرة.”
مَن ذا الذي سيصدق …؟
كان الأمر سخيفًا.
“على أيّ حال، لا أعرف كيف انتهى المطاف بمَن قال إنه ذاهبٌ إلى الجنازة بالذهاب إلى ميدان الرماية مع الشابّات.”
“لا فائدة من السؤال. لا أعرف حقًا كيف انتهى بنا الأمر بالذهاب.”
“لا أعرف، لكن أريد أن أقول إنكِ قمتِ بعملٍ جيد.”
“لماذا؟”
ثم ابتسم لُــو ابتسامةً غير مباشرةٍ وانحنى إلى الأمام.
“حصلنا على دعوةٍ من الكونتيسة لوكوود.”
إذا كانت الكونتيسة لوكوود ……
– سنذهب لرماية الأطباق الطينية. لنذهب معًا. ستُعجب الآنسة شارل بالتأكيد.
إنها عائلة أغاثا لوكوود، صديقة إيفلين المقرّبة التي أوصت بها بلطف.
“يبدو أن الآنسة أغاثا كانت معجبةً بشارل.”
يا إلهي.
لو كنتُ أعلم أن هذا سيحدث، لأحدثتُ ضجةً كبيرةً وجعلتُها تكرهني.
“سمعتُ أنهم وظّفوا مؤخّرًا خبير نبيذٍ يعمل لدى العائلة المالكة في الكونتية. سيعرضون أنواعًا من النبيذ اختارها خبير النبيذ بنفسه.”
إنه تجمّعٌ لشخصياتٍ مشهورة.
رأسي يؤلمني.
“هل هذا مرتبطٌ أيضًا بالآثار المقدسة؟”
“لا أعرف شيئًا عن ذلك.”
أوه. أشعر بالارتياح.
لكنني لم أستطع إظهار ذلك، فحاولتُ الابتسام.
“لكن أليس من الأفضل إبقاء الاحتمال مفتوحًا؟”
“هذا … صحيح.”
“قد يحالفنا الحظ ونحصل على دليلٍ إذا ذهبنا.”
“نعم، صحيح.”
“أجل، فلنذهب معًا.”
إذا قلتُ أنني لا أريد الذهاب إلى هنا، فسيشتبه بي.
لماذا لا تريدين الذهاب؟
هل يزعجكِ شيء؟
ماذا يحدث؟
‘هذا ما سيقوله.’
لذا أومأتُ برأسي.
“هاهاها. سيكون الأمر ممتعًا. سيكون رائعًا.”
“تبدين مُريبة.”
“لا؟ أنا طبيعيةٌ تمامًا الآن؟ لم أكن أكثر طبيعيةً من هذا قط؟”
“شارل لا تعرف كيف تكذب أبدًا.”
هزّ لُــو رأسه قليلًا وفتح فمه مرّةً أخرى.
“على أيّ حال، كلّ هذا بفضل تقرّب شارل من الآنسة إيفلين والآنسة أغاثا.”
همم؟
“مَن مقرّبٌ مِن مَن؟”
“شارل، إيفلين، والآنسة أغاثا.”
“لستُ مقرّبةً منهما؟”
عبس لُــو قليلاً.
“إن كنتِ لستِ مقرّبةً منهما، فلماذا ذهبتم إلى ميدان الرماية معًا؟”
أملتُ رأسي.
“ذهبتُ لأنهما طلبا مني الذهاب معًا؟”
ابتسم لُــو وقال كما لو كان يُعلِّم طفلًا بعد سماعه إجابتي.
“هذا بالضبط ما يحدث عندما يخرج الأصدقاء المقرّبون. عادةً ما تطلب من أصدقائكَ الخروج معًا.”
“… حقًا؟”
“ليس لديكِ أصدقاء، لذا فأنتِ على
الأرجح لا تعلمين، شارل.”
“آوتش. لماذا تضربني بهذا؟”
نعم. ليس لديّ أصدقاء. تمتمتُ وأدرتُ رأسي. ضحك لُــو بخفوت.
“يبدو أن شارل لا تعرف نفسها جيدًا.”
وأضاف بتأنٍّ.
“أنتِ رائعة، وتجعلين الناس من حولك يرغبون في التقرّب منكِ.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 20"