رمشتُ. لم أصدق هذا الموقف.
لسببٍ ما، أفرط ماركيز بايدن في الاهتمام بي … أمسكتُ بجبهتي النابضة وتنهّدت.
“لنفكر بإيجابية.”
وحاولتُ أن أُعيدَ الأمل إلى قلبي.
“إذا فعلتُ هذا، ألن يهتم بي النبلاء الآخرون؟ حينها، سيدعوني المزيد من الناس، وسيصبح الحصول على المعلومات أسهل.”
إذا فكّرتُ في الأمر مليًّا من وجهة نظر جارديان، فسيكون الأمر هكذا.
لكن …
‘قد يكرهني كاتاكل.’
في النهاية، أليس كاتاكل هم مَن محوا ثيميس من العالم؟
ربما لا يريدون أن يعرف العالم حادث الهجوم الغريب، والآن أنا مَن أصبح في الواجِهة…
“أعتقد أنني سأقع في مشكلة.”
تسك. نقرتُ بلساني وأغمضتُ عينيّ.
ولكن حتى لو لاحظ كاتاكل، لم يكن بوسعي فعل شيء.
كان تجنّب شكوك لُــو أمامي أهمّ من القلق بشأن الكارثة.
“على أيّ حال، ألا يبدو الأمر جيدًا؟ ألا تعتقد أن جارديان سيرونه مقبولًا؟”
“حسنًا، هذا ممكن.”
لكن تعبير لُــو كان غامضًا.
أمال رأسه بشكلٍ غير مباشرٍ وحدّق بي.
كما لو كان مصمّمًا على معرفة ما أفكّر فيه حقًا.
“هل هذا حقًا ما تريده شارل؟”
اتّسعت عيناي لا إراديًا للحظة.
“مـ ماذا تقصد؟”
جلستُ فجأةً ورفعتُ صوتي.
“هل تحاول أن تقول إنه من الخطأ أن أحبّ الأشياء التي تفيد جارديان؟”
“لم أقل ذلك.”
“لـ لا؟ ظننتُ أنكَ قلتُ ذلك.”
“بحق الإله، شارل.”
مدّ لُــو يده وأمسك بذراعي. ثم جذبني نحوه وقرّب وجهه مني.
“إذا استمررتِ بفعل هذا، فسأرغب في مضايقتكِ أكثر.”
“أنت …!”
“شارل خاصتنا لطيفةٌ جدًا.”
بعد لحظة، لامست أنفاسه طرف أنفي. دفعتُ خده بعيدًا بسرعةٍ واتكأتُ إلى الخلف.
“لقد كنتَ قريبًا جدًا! كدنا نتلامس لو تحرّكنا!”
“لا بأس.”
“أكره ذلك!”
ضحك لُــو عليّ وأنا أنظر إليه مصدومةٍ وأُغرِق نفسي في الأريكة مجدّدًا.
ثم شبك ساقيه ووضع يديه على فخذيه.
“على أيّ حال، من الأفضل ألّا تخرجي في الوقت الحالي. إذا خرجتِ الآن، ستصبحين فريسةً للصحفيين.”
كما قال، كان هناك عدّة أشخاصٍ بدوا كمراسلين أمام الباب الأمامي للقصر.
لكنني هززتُ رأسي.
“كنت أخطط للخروج.”
ثم ضيّق لُــو حاجبيه وسأل.
“إلى أين ستذهبين مجدّدًا؟”
“إلى جنازة ثيميس.”
نظر إليّ لُــو بتعبيرٍ مُحتار.
“لماذا ستذهبين إلى هناك؟ لا، هل كنتِ تعرفين ثيميس؟”
“لا.”
“إذن هل ترك وصيّةً قبل وفاته؟”
“ليس كذلك أيضًا.”
“إذن لماذا أنتِ ذاهبة؟”
خدشتُ مؤخّرة رقبتي بأظافري وتجنّبتُ عينيه ببطء.
“لقد مات أمامي مباشرةً، لذا يجب أن أودّعه على الأقل.”
ثم أضفتُ بإيجاز.
“أشعر بالذنب أيضًا لعدم قدرتي على منع وفاته.”
انعقد حاجبا لُــو.
“ألا تعلمين أن شعور الذنب هذا لا طائل منه؟”
فكّ تشابك ساقيه وانحنى إلى الأمام. من تعابير وجهه المتجعّدة، بدا عليه الضيق.
“مهمة شارل الآن هي قراءة الرسائل التي وصلتكِ في المنزل وجمع المعلومات. ليس هذا وقت إضاعة الوقت في الجنازات.”
جنازة.
كيف تقول شيئًا كهذا وقد مات أحدهم؟
كان لُــو دائمًا هكذا.
إنه دائمًا بارد الأعصاب ومُدبِّرٌ لكلّ شيء.
حتى عندما لا ينبغي له ذلك.
لهذا السبب بدأتُ أشعر بالسوء أنا أيضًا.
“سأكرّرها مجدّدًا، لقد مات أمامي مباشرةً. أعتقد أنني مسؤولةٌ جزئيًا عن عدم قدرتي على منع تلك الوفاة.”
“حتى مع أنكِ كدتِ أن تموتي بسببه؟”
“لم أمت. لقد تأذّيتُ فقط.”
“وكأن هذا مختلف.”
نقر لُــو بلسانه وانحنى إلى الخلف مرّةً أخرى. أمال رأسه للخلف قليلًا ونظر إلى أعلى رأسي، وهو يتنهّد.
“هل تتظاهرين باللطف، أم أنكِ حقًا لطيفة؟”
كان صوته مليئًا بالسخرية.
في العادة، كنتُ سأُنهي الحديث هنا، لكن الغريب أنني اليوم لم أُرِد التراجع.
لو فعلتُ، لشعرتُ أنني سأخسر أمام لُــو.
هااه. أخذتُ نفسًا عميقًا.
“النفاق جيد، أتعلم؟”
نظرتُ مباشرةً في عيني لُــو وقلتُ.
“أنا أيضًا أكره ثيميس لأنه ورّطني في هذا النوع من الأمور. لكن هذا لا يعني أنه أخطأ بما يكفي لأتجاهل موته. وأريد أن أكون منافقةً وأقلق عليه.”
“….”
“هل ما زلتَ لا تفهم سبب ذهابي إلى الجنازة؟”
لم يُجب لُــو.
بدلًا من ذلك، تنهّد تنهيدةً طويلة. وأخذ نَفَسًا طويلاً وخافتًا.
“…لماذا؟”
بعد قليلٍ من الصمت، كان هذا ما خرج منه.
“لماذا تريدين أن تتصرّفي بحُسن نية، حتى لو كان ذلك نفاقًا؟”
“لأنه هكذا سيتحسّن العالم.”
أجبتُ فورًا.
هذا ما كنتُ أفكّر به عادةً.
“سبب نجاتي حتى الآن هو أنني لم أبتعد عن الخير.”
“….”
“إذا بدأتُ بالابتعاد عن الخير … سيصبح العالم موحِشًا. لا أريد أن أعيش في عالم كهذا، لُــو.”
لم يُجب لُــو. حدّق بي فقط. حدّق بي بعينيه الزرقاوين الغامضتين كعادته.
“سأخرج أولًا.”
سلّمتُ عليه بتحيّةٍ خفيفةٍ ونهضتُ.
“أتمنى أن تهدأ قليلًا ريثما أعود.”
“لستُ منزعجًا. وسأخرج أيضًا.”
لم يُجب بسرعةٍ إلّا في مثل هذه الأوقات.
ضحكتُ، ولوّحتُ للُــو، وغادرتُ الغرفة. شعرتُ بنظراته الدائمة تُلاحقني.
* * *
كانت جنازة ثيميس بسيطة.
لم يكن هناك سوى بضعة كراسي وطاولةٍ بسيطةٍ في المساحة المُعدَّة على جانبٍ من الحديقة خلف الكاتدرائية.
لم يكن هناك الكثير من الحضور.
وقف بضعة أشخاصٍ يرتدون ملابس سوداء أمام النعش، لكن لم يسمع أحدٌ أصواتهم وهم يُواسون بعضهم البعض. كانوا يُحافظون على الصمت فحسب.
انساب صوت الريح وحفيف الأوراق فوق الصمت.
‘همم.’
لا أشعر أنني بخير.
لا أعرف أيّ نوعٍ من الأشخاص هو ثيميس، لكن عندما رأيتُ أنه بدا وحيدًا حتى بعد مغادرته، ظننتُ أنه عاش حياةً وحيدةً أيضًا.
لذلك وضعتُ زهرة الأقحوان بحرصٍ على النعش وضممتُ يديّ.
‘فلتذهب روحكَ إلى مكانٍ أفضل.’
فتحتُ عينيّ اللتين أغمضتُهما للحظة، واستدرتُ.
مررتُ ببعض المعزّين وخرجتُ من الحديقة. لا، حاولتُ الذهاب.
‘هاه؟’
لفت انتباهي شكلٌ مألوف.
عندما أمعنتُ النظر، كان ذلك كاتاكل الصغير الذي التقيتُ به من قبل.
قفز الطفل الذي كان رابضًا على حافة فراش الزهور حالما رآني.
“يا إلهي! أيّها العميل!”
“آه! هل جننت!”
حالما نطق بكلمة عميل، ركضتُ نحو الطفل وغطّيتُ فمه.
“هل جننت؟ كيف تقول طلكة عميلٍ فجأة؟”
“آه! لا! لا! عليكِ أن تُبعدي يدكِ حتى أتمكّن من التحدّث!”
أوه، هذا صحيح.
أبعدتُ يدي عن فم الطفل. سعل الطفل وتراجع خطوةً إلى الوراء.
“يا لها من
قوّة! لا، يجب أن تكوني قويّة! على أيّ حال! لماذا تأتين الآن فقط؟ لقد انتظرتُ طويلًا!”
غضب الطفل، وفقد توازنه تمامًا.
“لماذا تنتظرني؟”
“لأن لديّ الكثير من الأسئلة لأسألكِ إياها!”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 16"