لحسن الحظ، كانت فوّهة البندقية موجّهةٌ نحو السماء، وليس نحوي.
كان ذلك بفضل لُــو، الذي اندفع للأمام وأمسك بذراع أدريان وسحبه.
في لحظة، انطلقت ذراعه كالبرق، محطّمةً فوّهة البندقية.
كانت القوّة المنبعثة من أطراف أصابعه مليئةً بالحزم والإلحاح في آنٍ واحد، مليئةً بالإصرار على إيقافه مهما كلّف الأمر.
بانغ!
دوّت طلقة البندقية مرّةً أخرى. أطلق أدريان طلقةً تحذيرية.
“أخبرتُكَ بذلك يا لُــوفانتي.”
زفر أدريان بهدوءٍ وحدّق في لُــو.
“دورك سيكون بعد شارل.”
تمكّن من دفع لُــو بعيدًا وتراجع.
“أم تريد الموت الآن؟”
لم يُجِب لُــو.
بدلًا من ذلك، حدّق في أدريان باهتمام.
على الرغم من حشود عملاء كاتاكل المحيطة به، بدا لُــو شجاعًا تمامًا.
كما لو أنه، في هذا الموقف، ليس لديه ما يخشاه. كمَن نسي الخوف، أو منشغلٌ بمَهمة حماية شخصٍ ما.
ظلّت عيناه ثابتتين، وعضلات فكّه المتوتّرة تشهد على عزمه.
“أنت.”
تحدّث لُــو ببطء. وظلّت نظراته ثابتةً على أدريان.
“ألم تقل أنكَ تحبّ شارل؟”
عبس أدريان. لكن لُــو تابع على أيّ حال.
“لكن لماذا تريد قتل شارل؟”
“لأنني أحبّها.”
أجاب أدريان فورًا.
“أريد قتلها لأنني أحبّها. بدلًا من تركها تموت على يد شخصٍ آخر، فإن الموت على يدي هو طريقةٌ أسرع وأقلّ إيلامًا لإنهاء الأمور.”
ارتجفت عينا لُــو. صرّ على أسنانه، وارتسمت على وجهه نظرة حيرة.
“لديكَ خيار إنقاذها. لماذا لا تختار ذلك؟”
“لا يوجد خيارٌ كهذا.”
ضحك أدريان، كما لو كان يشفق على لُــو.
“لأن العائلة الإمبراطورية ستكون ملكنا الآن.”
ثم ابتسم ابتسامةً مشرقة.
كما لو أنه لم يكن لديه أدنى شك في أن العائلة الإمبراطورية بين يديه. كما لو كان متأكدًا من أنه سيستولي عليها قريبًا ويرث العرش.
كنتُ مرعوبة. شعرتُ بتجمّد أطراف أصابعي. ضحك أدريان، والصمت الذي أعقب إطلاق النار، كلّ شيءٍ كان مرتبطًا بخوفٍ بدا وكأنه يتسلّل إلى جسدي.
كنتُ خائفةً من أن يموت لُــو هنا حقًا،
وتقع العائلة الإمبراطورية في أيديهم.
هذا لا يمكن أن يكون…
“هل تعتقد ذلك حقًا؟”
قبل أن أتمكّن من الكلام، تحدّث لُــو أولًا.
“هل تعتقد أننا لا نعلم بخططك، أو أفعالك؟”
هذا، ماذا…
في اللحظة التي توقّف فيها ضحك أدريان، وامتلأت عيناه بلمحةٍ من الحيرة.
كووونغ!
كان الاهتزاز قويًا لدرجة أنه جعل طبلة أذني ترتجف.
الانفجار، القوي بما يكفي لهزّ جدران السجن، خطف أنفاسي للحظة. سُمع صوتٌ عالٍ، تبعه صوت عشرات الخطوات وهي تركض.
“احيطوه! احموا سمو الأمير!”
“إنه أمر جلالة الإمبراطور!”
ارتطام! صوت اصطدام المعادن، وحركة الدروع، ووقع الأحذية، كلّها امتزجت وغمرت المكان.
فجأة، اندفع الجنود، مصوّبين الرماح والبنادق نحو أدريان وعملاء كتداتاكل. كانوا يفوقونهم عددًا بضعفين، مما ترك العملاء في حالةٍ من الارتباك والحذر.
“كيف هذا…؟”
“ربما لم تتحقّق مما إذا كان الحارس الذي جنّدته قد جُنِّد بالفعل.”
الآن بدا الأمر منطقيًا.
ربما جنّد أدريان الحارس للقاء بايلور.
لكن ذلك الحارس كان جاسوسًا.
لا بد أنه تنصّت على محادثتهما أو شيءٌ من هذا القبيل، واكتشف خطتهما. لقد استخدمتُ هذه الطريقة مرّاتٍ لا تُحصى في المملكة المقدسة، لذا فهمتُ الأمر بسرعة.
“حسنًا يا أدريان.”
ابتسم لُــو ابتسامةً مشرقة.
“ماذا ستفعل الآن؟”
“…..”
لم يقل أدريان شيئًا.
اكتفى بإمساك مسدّسه بإحكام، وكتفيه يرتجفان.
نظرتُ إليه، أطلقتُ نفسًا كنتُ أحبسه. وهربت مني تنهيدة راحة.
“أدريان.”
تحدّثتُ إليه.
“كان عليكَ الهرب.”
ثم تحوّل نظر أدريان ببطء. حدّق بي. رأيتُ نفسي منعكسةً في عينيه الداكنتين.
“بالتأكيد … لقد أوصلتُ هويتكَ بوضوحٍ من خلال داميان. لكن لماذا لم تهرب؟ لماذا انضممتَ إلى القائد مجددًا؟”
بصراحة، لم أفهم.
بوجود لُــو، وبدعم الإمبراطور الكامل للُــو، لم تكن لدى بايلور أيّ فرصة.
لماذا أمسك أدريان بيد بايلور مجددًا؟
“هل ظننتَ أن القائد سيفوز؟”
“…حسنًا.”
عندها فقط فتح أدريان فمه، وشفتيه متردّدتين.
“أعتقد أنه ما كان عليّ الهرب هكذا.”
ضحك ضحكةً مكتومة.
“إذن أنتَ تقول إنه كان بسبب كبرياءٍ لا طائل منه.”
عادت حدّة نظرة أدريان.
لكنني لم أتوقّف.
“نعم. كان هذا خطأك. ظننتَ أنكَ تستطيع الفوز في معركةٍ لا يمكنكَ الفوز بها.”
“هاه؟”
حدّق أدريان بي، وشفتاه مرفوعتان.
بطريقةٍ ما، بدت نظرته إليّ غريبة.
بدت عيناه أكثر اشتعالًا بالغضب مما كانت عليه عندما رأى لُــو الذي تمّت محاصرته.
“حقًا…”
أمسك أدريان مسدّسه بإحكامٍ وتحدّث مجددًا.
“لم تقولي لي شيئًا لطيفًا قط.”
“لأنكَ لم تكن يومًا لطيفًا معي.”
“شارل.”
رفع أدريان ذقنه.
“ألم تفكّري في هذا من قبل؟”
بدأ يبتسم لي بسخرية.
“هل سيحميكِ هؤلاء الجنود هنا حقًا؟
“ماذا تقصد…؟”
“لن يحموك.”
كان المسدّس مصوّبًا نحوي. كان إصبعه على الزناد.
“حتى لو قتلتُكِ.”
لم يكن هناك وقتٌ لإيقافه.
تــانـغ!
دوّت طلقةٌ نارية.
آغه، سقطتُ على ظهري. لكن هذا كلّ شيء. لم أشعر بألم الإصابة.
لماذا؟
فتحتُ عينيّ المغلقتين ببطء.
ثم رأيتُ ذلك.
“…… لُــو؟”
“سموّك!”
الجنود الذين اندفعوا نحو لُــو، أدريان الذي تمّ إخضاعه تمامًا، صوت إطلاق النار والصراخ … لم أستطع رؤية أيٍّ من ذلك.
كلّ ما استطعتُ رؤيته هو لُــو، ينزف ومُلقًى على الأرض.
لُــو، الذي أُصيب بطلقٍ ناري.
وكان ينظر إليّ.
“…شارل.”
قال.
“أنا سعيدٌ لأنكِ لم تُصابي بأذى.”
آه.
سقطتُ على ركبتيّ دون أن أُدرك. فتحتُ فمي وأغلقتُه دون كلام.غمرني شعورٌ لا يُمكن التعبير عنه بالكلمات.
لا.
لا يُمكنه أن يموت.
لا.
“إنه ينزف… كثيرًا.”
كانت كميةً هائلةً من الدم تسيل من جسد لُــو.
“لا!”
صرختُ، وعانقتُ لُــو.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات