ما كان على الأرض هو ملاحظةٌ صغيرة.

المُرسِل هو…

‘ربما داميان.’

كان الوحيد الذي يمتلك مهارات تسلّلٍ مذهلةٍ لدرجة أنه يستطيع الوصول إلى سجن القصر وترك ملاحظاته.

‘قدراته كمطوّرٍ مثيرةٌ للإعجاب، لكنه في الواقع عميلٌ استثنائي.’

جمعتُ أفكاري، والتقطتُ الملاحظة. كُتِبت جملةٌ واحدةٌ قصيرةٌ على قطعة الورق الصغيرة.

[بعد يومين، الساعة الثانية صباحًا، في هذا المكان.]

“….”

تشبّثت بالملاحظة بإحكام، ثم لففتُها ووضعتُها في فمي. وابتلعتُها.

بهذه الطريقة، لن يبقى أيّ دليل.

‘لقد قال بعد يومين، الساعة الثانية صباحًا.’

ربما أراد مساعدتي على الهرب.

في الواقع، أخبرني داميان أنه سيبتكر طريقة …

‘الهروب.’

غمغمتُ. اتّكأتُ على الحائط وفكّرتُ للحظة.

بمساعدة داميان، يمكنني الهرب. وربما حتى طلب اللجوء في بلدٍ آخر، ربما أستطيع إنقاذ حياتي.

لكن…

‘هل سيكون ذلك مقبولًا؟’

ما جدوى كلّ هذا العناء للنجاة؟ ففي النهاية، لن يكون لُــو بجانبي.

‘لا أعرف.’

هل لأن جسدي كان حطامًا بالفعل؟

هل لهذا السبب فقدتُ كلّ تعلّقٍ بالحياة؟

لا أعرف، لكنني لم أعد أملكُ الحضور الذهني الكافي للتفكير.

لذلك ضممتُ ركبتيّ وأغمضتُ عينيّ.

* * *

أخيرًا اعترفت الإمبراطورة بجرائمها.

مع ذلك، أصرّت على أن بايلور، وليس هي، هو مَن أمرني مباشرةً، وأنها مجرّد متآمرة.

كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنّب عقوبة الإعدام.

فيما يتعلّق بمحاولة اغتيال الإمبراطور، شهدتُ أن الإمبراطورة هي مَن أصدرت الأمر، وشهدت الإمبراطورة أن بايلور هو مَن أصدره.

لذلك، كان من الطبيعي أن أخضع أنا وبايلور للاستجواب.

انفتحت الأبواب الحديدية في آنٍ واحدٍ من كِلا الجانبين.

سمعتُ رنينًا معدنيًا باردًا يضرب طبلتيّ أذني، وملأ هواءٌ ثقيلٌ غرفة الاستجواب.

سُحِبتُ من الزنزانة وأُجلِستُ على كرسيٍّ بارد.

كانت معصماي لا تزالان مقيّدتين، وظهر أمامي مكتبٌ خشبيٌّ سميك. مقابل المكتب، كان هناك كرسيٌّ فارغ.

لما عرفتُ أنه سيجلس هناك، أجبرتُ نفسي على تهدئة قلبي المرتجف وشبكتُ يديّ بإحكام.

سيكون الاستجواب مع بايلور مجرّد إجراءٍ شكلي.

ينوي الإمبراطور استغلال هذه الفرصة لتفكيك كاتاكل وخلع الإمبراطورة.

ولتحقيق ذلك، ألا ينبغي أن أجعل بايلور هو العقل المدبر من خلفي؟

كنتُ سأراقب الأجواء قليلًا، ثم أترك حديثًا يفيد بأنّي كنتُ أعلم في الحقيقة أنّ بايلور أعطى التعليمات للإمبراطورة.

أجل. كان الأمر بهذه السهولة.

‘…….’

لكنني شعرتُ بعدم الارتياح.

هل كان ذلك لأنني أدنتُ بايلور شخصيًا، هو الذي ربّاني وكان بمثابة أبٍ لي؟

أم لأنني كنتُ أشعر بخيبة أملٍ من نفسي لخيانتي بايلور ومع ذلك لم أشعر بالذنب؟

مهما كان الأمر، لم أكن متوتّرةً لمواجهة بايلور.

‘اهدأي.’

عليّ فقط تجاوز هذا.

حينها سيُعاقب بايلور، وسينتهي كلّ شيء.

لذا …….

‘لا تكوني ضعيفة.’

أغمضتُ عينيّ وأخذتُ نفسًا عميقًا.

ظهر بايلور، ويداه مقيّدتان بأصفادٍ حديدية.

كان شعره أشعثًا بعض الشيء، وملابسه لم تكن أنيقةً كما كانت كالعادة.

لكن ظهره ظلّ منتصبًا، كما لو أن هذا الموقف كان سيناريوه الخاص.

حدّقت عيناه بي.

“… شارل.”

لم أستطع حتى أن أستوعب كم مرّ من الوقت منذ أن رأينا بعضنا البعض، لكن في هذه اللحظة أمام بايلور، شعرتُ وكأنني عُدتُ إلى الأيام الخوالي. 

لكننا لم نعد على نفس الجانب. لا، لم أكن يومًا على نفس الجانب معه.

لقد كان ببساطةٍ يستغلّني.

لذا، أدرتُ رأسي، متجاهلةً نظرة بايلور القاسية.

“بايلور، قائد كاتاكل، وشارل، عميلة كاتاكل. هل اسماكُما صحيحان؟”

حالما جلس بايلور، سأل المحقّق. أومأتُ برأسي، فهزّ بايلور كتفيه ردًا. كان سلوكه هادئًا نوعًا ما.

“مَن أعطاكِ الأمر باغتيال جلالة الإمبراطور؟”

نظر إليّ المحقّق وسأل.

أجبرتُ نفسي على عدم النظر إلى بايلور وأجبتُ.

“جلالة الإمبراطورة.”

“إنها نفس شهادتكِ السابقة.”

“هذا صحيح.”

حدّق بي المحقّق، ثم رفع ذقنه إلى بايلور.

“ألم يُعطِك بايلور الذي أمامكِ الأمر؟”

في الحقيقة، كان بايلور هو مَن أعطاني الأوامر، وكانت الإمبراطورة متآمرة. ولكن، لكي تُعاقَب الإمبراطورة أيضًا، كان عليّ أن أشهد بأنها هي مَن أعطتني الأوامر.

عندها فقط، ستكشفُ الإمبراطورة، وهي في أمسّ الحاجة إلى النجاة، جميع المؤامرات التي دبّرها بايلور. 

عندها فقط، سيتمكّن الإمبراطور من خلع الإمبراطورة.

لذا تعمّدتُ إظهار بعض الاضطراب وأجبتُ.

“كان هناك ذِكرٌ لمحاولة الاغتيال، لكن الأمر المُباشِر جاء من جلالة الإمبراطورة.”

“ذِكر.”

ضحك المحقّق والتفت إلى بايلور. 

“بايلور.”

حافظ بايلور على رباطة جأشه حتى تلك اللحظة. عبس المحقّق قليلاً وسأل مرة أخرى.

“شهد شاهدان بالفعل أنكَ حاولتَ اغتيال جلالة الإمبراطور. هل تعترف بمحاولة قتل جلالة الإمبراطور؟”

أمال بايلور رأسه، ثم انحنى نحوي.

“لطالما تساءلتُ.”

ثم التفت إليّ وقال.

“لماذا خُنتِني؟”

برقت عيناه بشراسة.

“لقد ربّيتُكِ جيدًا. أنا مَن جعلكِ ما أنتِ عليه اليوم. لماذا؟”

“أجِب فقط على الأسئلة التي أطرحُها. لا محادثاتٍ شخصية…”

“هل أخطأتُ الاختيار؟ لا. لم أُخطِئ أبدًا.”

“بايلور!”

“إذن المشكلة تكمنُ فيكِ.”

قبل أن يتمكّن المحقّق من إيقافه، نهض بايلور فجأة.

“كان خطأكِ أن الأمور سارت على نحوٍ خاطئ.”

ارتطام!

قفز فوق المكتب وانقضّ عليّ. خنقني. آه، لم أكن أملك القوّة حتى للمقاومة.

“الجميع، ادخُلوا! خذوه بعيدًا! بسرعة!”

بينما صرخ المحقّق، دخل عدّة حرّاسٍ الغرفة. أمسكوا بذراعيّ بايلور وأوقفوه.

“سأقتلكِ بيديّ. سأقتلكِ حتمًا، حتمًا!”

حتى بينما كان الحرّاس يسحبونه بعيدًا، كان غضب بايلور تجاهي عارمًا.

“سأقتلكِ. حتمًا سأقطِّعُكِ إربًا!”

تمتم بعدائه ونيّته القاتلة تجاهي بلا انقطاع، كما لو كان يُعلِن عن أمرٍ ما.

لكن قَسَمه لم يكن مخيفًا. لم يُشعِرني بأيّ خوف.

ما أخافني حقًا هو …

“… شارل.”

لُــو، الذي كان يراقبني من خارج غرفة الاستجواب.

كان رؤية وجه لُــو المليء بالدموع وهو يراقبني، بينما أوعيتي الدموية تتمزّق من قبضته الخانقة على عنقي، وأنا أبصقُ دمًا، أمرًا مرعبًا للغاية.

⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄

ترجمة: مها

انستا: le.yona.1