لم يكن دخول القصر مع لُــو صعبًا.
عندما سأله من حوله ‘لماذا لستَ مع شارل؟”، أخبرهم لُــو أنني عدتُ إلى مسقط رأسي منذ فترة.
لحسن الحظ، اختفيتُ عن العاصمة بعد دخول لُــو القصر، لذا لن تُكتشف كذبة لُــو.
لذا، تمكّنتُ من دخول القصر مع لُــو دون أيّ عوائق الآن.
وبالتحديد، لم يكن الأمر ‘دون أي عوائق’، ولكن…
“الآن، كيف أصف الأمر؟ أشعر وكأنني في حلمٍ من نوعٍ ما.”
قالت لُــو بصوتٍ مُرتجف.
“لماذا؟”
“لا أشعر أن ركوب العربة مع شارل إلى القصر كأنه شعورٌ حقيقي.”
ثم نظر إليّ وابتسم ابتسامةً مشرقة.
أضاء ضوء الشمس ابتسامته أكثر، وشعرتُ تقريبًا باسترخاء قلبي.
“لذا، أنا سعيدٌ جدًا الآن.”
“…..”
لسببٍ ما، اخترق وخزٌ قلبي.
تساءلتُ إن كان لُــو، الذي بدا مُغرمًا بي بصدق، يُخفي عني شيئًا ما. شعرتُ بالأسف، وغمرني شعورٌ بالذنب.
لكنني لم أستطع إظهار هذه المشاعر، لذا أجبرتُ نفسي على الابتسام وأمسكتُ بيد لُــو بإحكام.
“أنا أيضًا أحبّ ذلك.”
“حقًا؟”
ابتسم لُــو ووضع يده على يدي. كانت يده دافئة.
“إذن أعتقد أننا سنضطرّ للانتقال أسرع مما هو متوقّع.”
“الانتقال؟”
“نعم.”
ضحك لُــو، كما لو كان يُلقي نكتةً مازحة.
“إعلان شارل رسميًا كأميرة.”
“أوه، هذا…. ماذا؟”
اتسعت عيناي مندهشتين. هذا سخيف.
أمال لُــو رأسه.
“لماذا أنتِ مُندهشةٌ جدًا؟ أليس هذا واضحًا؟”
“لا، لا. لماذا هذا واضح؟ لماذا؟”
“حسنًا، نحن متزوّجان.”
أجابني بنظرةٍ توحي بشيءٍ ما، وكأنه يتساءل عن سبب حيرتي ودهشتي.
“نحن متزوّجان، وأنا الأمير، ألا ينبغي أن تكون شارل أميرة؟”
“هذا!”
صرختُ وأنا أُغمض عينيّ.
“كان ذلك بسبب رسالة المملكة المقدسة، أليس كذلك؟ الزواج نفسه كان خدعة، فلماذا …”
“شارل.”
رنّ صوت لُــو الجاد في أذنيّ. رفعتُ عينيّ ببطء، فرأيتُ تعبيرًا جادًا على وجهه.
” أنتِ أوّل وآخر شخصٍ في حياتي.”
“…..”
“وأنتِ الآن بين ذراعيّ.”
شدّ على يدي. تكلّم بحزم، وكلّ كلمةٍ تُضيف قوّةً إلى كلماته.
“هل تعتقدين أنني سأدعكِ ترحلين؟”
ابتلعتُ ريقي.
أن أُصبح أميرة؟ هذا لا يُصدَّق. هذا لا ينبغي أن يحدث. ليس لي على الأقل.
بل للُــو.
لذا حاولتُ جاهدةً إيجاد عذر.
“هل تعتقد أن الإمبراطورة… ستبقى ساكنة؟ ستفعل شيئًا بالتأكيد.”
“لا داعي للقلق بشأن ذلك.”
لكن رغم محاولاتي، ظلّ لُــو ثابتًا.
“كيف لي ألّا أقلق…”
“لا. لا داعي للقلق على الإطلاق، شارل.”
تحدّث بحزم، ولكن بقناعةٍ ما.
“سأتولّى الأمر.”
بقي لُــو صامتًا بعد ذلك، وشعرتُ بجوٍّ غريب، لذلك لم أقل شيئًا أنا أيضًا.
كنتُ بحاجةٍ إلى جمع أفكاري.
على أيّ حال، توجّهنا إلى القصر.
* * *
‘عليّ مقابلة الإمبراطور أولًا.’
كان علينا مقابلته، ونقل أمر بايلور – اغتيال الإمبراطور – ومناقشة الخطط المستقبلية.
بما أن هذا مجرّد تمثيل، ولن تكون هناك محاولة اغتيالٍ فعلية، كان علينا توخّي الحذر الشديد.
بهذه الطريقة، لن يُدرك أحدٌ أن محاولة الاغتيال كانت ‘مزيّفة’، وبعد سماع معلوماتٍ مني عن القوى التي تقف وراءها، سنتمكّن أخيرًا من القبض على بايلور.
ولم يكن كلّ شيء؟
‘لُــو هو المشكلة.’
بجدية، ليس من المنطقي أن أصبح أميرة.
إذا حدث ذلك، سيتأثّر لُــو في حال وقوع محاولة الاغتيال المستقبلية للإمبراطور.
لا يمكنني السماح بحدوث ذلك.
‘لهذا السبب عليّ مقابلة الإمبراطور بسرعة ……’
ومن قبيل الصدفة، كان الإمبراطور بعيدًا عن القصر لفترةٍ قصيرة، يتفقّد منطقةً محلّية.
لذا، لم يكن أمامي خيارٌ سوى قضاء بعض الوقت في التأقلم مع حياة القصر.
لأنني لم أكن أعرف كيف ستراقبني الإمبراطورة، كان عليّ التحرّك بحذر.
عندما وصلتُ إلى غرفتي المخصصة لي، سائرةً في ممرّات القصر غير المألوفة، كانت الخادمة تنتظرني بالفعل.
“صباح الخير، سيدة شارل. أنا ديزي، خادمتُـكِ من اليوم. من فضلكِ اعتني بي.”
نظرتُ إلى الخادمة ذات الوجه الشاب، التي انحنت بأدب.
ونظرًا للتوتر الخفيف في عينيها، بدت غير معتادةٍ على هذا النوع من المواقف.
بينما حدّقتُ باهتمام، خطرت في بالي ماردي.
أتساءل إن كانت ماردي بخيرٍ الآن.
“… سيدة شارل؟”
“آه، آسفة. كنتُ مشتّتةً للحظة.”
هززتُ رأسي مرّتين ونظرتُ إلى ديزي. تابعت ديزي ببطء.
“أُبلِغتُ أن الاستعدادات لاعتلاء منصب الأميرة ستبدأ الأسبوع المقبل.”
“…اممم.”
رفضي هنا لن يجدي نفعًا، لذا أومأتُ برأسي.
“إذن، سأُجهّز الوثائق التي تحتاجين إلى مراجعتها.”
“فهمت.”
تركتُ ديزي خلفي، التي انحنت وغادرت، ولمستُ جبهتي.
‘كان جيدًا وصولي إلى القصر.’
لكن عدم تمكّني من مقابلة الإمبراطور سرعان ما أثار قلقي.
خشيتُ أن أُعلنَ كأميرةٍ إن بقيتُ صامتةً هكذا، وهذا سيؤذي لُــو.
كان بإمكان الإمبراطورة أن تستخدمني للسيطرة على لُــو، وسيكون الأمر أخطر إذا ظهرت نقطة ضعفٍ للُــو.
هاه. هذا مُستحيل.
كلّ ما كان عليّ فعله هو التشاور سرًّا مع الإمبراطور وتنفيذ العمل المُخطّط له.
لا شيء أكثر من ذلك، قطعًا.
حتى من أجل لُــو. حتى لإثبات مشاعري.
لكن عقلي كان يزداد حيرةً. ظللتُ أتذكّر دفء يد لُــو، وكيف حرّكت ابتسامته قلبي.
كنتُ عميلةً، أعيشُ من أجل مَهمة.
لهذا السبب كان عليّ العمل من أجل هدفي، حتى لو كلّفني ذلك المخاطرة بحياتي.
لكن ……
‘مجددًا، بدأتُ أرغب في العيش.’
هااه. عضضتُ شفتي، أشدّ وأرخي قبضتيّ مرارًا وتكرارًا.
لا.
لا يمكنني أن أكون ضعيفةً هنا.
إذا تصرّفتُ بشكلٍ مختلفٍ ولو قليلًا، إذا أسأتُ التصرّف، فسيقع لُــو في ورطة.
هذا لا يمكن أن يحدث. كان عليّ حماية لُــو،
وكان عليّ أن أتصرّف من أجل لُــو.
‘يجب أن أقابل الإمبراطور. هذه أولويّتي.’
ثم …
سأتظاهر بقتله،
ثم يُقبَض عليّ وأقول إنها أوامر بايلور،
ثم …
‘إن كنتُ محظوظة، فسيتمّ نفيي. وإن كنتُ سيئة الحظ، فسيتمّ إعدامي.’
أخذتُ نفسًا عميقًا وأخفضتُ عيني.
حاولتُ أن أُهدِّئ من روعي.
عندها.
“سمعتُ أن جرذًا قد دخل القصر.”
انفتح الباب المغلق، وسمعتُ صوتًا مألوفًا. عرفتُ مَن هو دون أن أُحرِّك رأسي.
“لماذا تبقين ساكنة؟ أتقولين أنكِ لن تُلقي التحية بعد الآن؟”
عند سماعي لهذا الصوت الحاد، تنهدتُ بعمقٍ والتفتُّ. نظرتُ إلى المرأة الواقفة عند المدخل، الإمبراطورة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات