أمسك لــو بشارل وساعدها على النهوض، ثم بدأ بفحص جسدها بسرعة.
“ماذا حدث؟ هل أنتِ بخير؟”
لكن حتى دون سؤال، كان واضحًا أنها ليست بخير.
كانت كفّاها غارقتين في الدماء وكأنها كانت تمسك بنصل سيفٍ بيديها العاريتين، وكان الدم يتدفّق أيضًا من فخذها.
شعر لــو وكأن قلبه سقط من مكانه.
هل من الممكن أن… تموت شارل؟
“أوه، هذا مؤلمٌ جدًا.”
لكن تذمّر شارل الذي خرج على الفور كان كافيًا لتبديد قلقه.
هاه. تنهّد لــو بارتياحٍ وهزّ رأسه.
“بالطبع سيؤلمكِ، أنتِ تنزفين بهذا الشكل.”
“هل يجب حقًا عليكَ قول ذلك؟”
“نعم. لذا ابقي صامتة. ستؤذين نفسكِ.”
“هذا قاسٍ.”
تجاهل لــو عبوس شارل ومزّق طرف قميصه بسرعة، ثم بدأ بالضغط على فخذها لإيقاف النزيف.
“أليس هذا القميص باهظ الثمن؟”
“هل هذا مهمٌّ الآن …؟!”
غضب لــو فجأةً، لكنه سرعان ما أدرك أن شارل هي المريضة فأغلق فمه.
لحسن الحظ، لم يُصَب الشريان. على الرغم من أن الجرح كان كبيرًا، إلّا أنه لم يكن مهدّدًا للحياة.
“هوه.”
أطلق لــو تنهّدًا من الراحة وأرجع رأسه إلى الخلف.
شعر لــو وكأن قلبه، الذي كان يخفق بجنون، بدأ يعود لطبيعته تدريجيًا.
“أخبريني.”
“ماذا؟”
“أخبريني بما حدث. لماذا مات ثيميس؟ ولماذا جُرِحتِ، شارل؟”
* * *
أدارت شارل عينيها بخفّة.
السبب الذي جعل أدريان يعطيها الخنجر قبل مغادرته كان بسيطًا.
“لقد تعرّضتُ للهجوم.”
كان عليها التظاهر بأنها تعرّضت لهجومٍ من قِبَل معتدٍ مجهول.
“لا أعرف مَن كان. كان يرتدي قناعًا. جاء فجأةً وقتل ثيميس ثم هاجمني.”
في هذه الحالة، لو لم تكن شارل مصابة، لكانت قد أصبحت موضع شك.
لذا كان من الطبيعي أن يقترح أدريان أن تجرح نفسها.
وكان من الطبيعي أن تتبع تعليماته.
“كان عليّ القبض عليه، أنا آسفة.”
حدّق لــو في شارل.
كان الدم ما زال يقطر من جروحها غير الملتئمة.
لون وجهها الشاحب يوحي أنها قد تنهار في أيّ لحظة.
وتقول إنها آسفة؟ بدلًا من الاهتمام بنفسها؟
فجأة، شعر بالغضب.
كان شعورًا قديمًا، غضبًا نابعًا من التوتر والقلق الذي لم يعد لــو قادرًا على قمعه.
“لماذا تفعلين هذا بحق الإله؟”
مرّر لــو يده بعنفٍ في شعره محدّقًا في شارل.
“هاه؟ ماذا أفعل؟”
بدت شارل مزعجةً للغاية بتعبير وجهها الذي يوحي أنها لم تفهم شيئًا.
عقد لــو حاجبيه مرّةً أخرى.
“لماذا لا تهتمّين بنفسكِ أولًا؟”
رمشت شارل عينيها عدّة مرّات، ثم نظرت إلى جسدها.
إنه مؤلم، لكنه جرحٌ يمكنني تحمّله.
لقد مررتُ بأسوأ من هذا، فلا داعي للتذمّر من ألمٍ بسيطٍ كهذا.
“ليس الأمر بهذا السوء …”
لكن وجه لــو شحب تمامًا.
“ليس بهذا السوء؟ أنتِ تنزفين بهذا الشكل!”
بالطبع، هذا أمرٌ مفروغٌ منه. لأنني قطعتُ اللحم حتى نزف …
لكنها لم تستطع قول ذلك، لذا أطبقت شفتيها.
استمر لــو في الحديث.
“ليس هذا فحسب. ألا تتذكّرين عندما تسلّلتِ كخادمةٍ للدوق الاكبر للدوقية؟ عندما أُلقي القبض على أحد المتدرّبين الجدد وكاد أن يُكتَشف، بادرتِ وقفزتِ لإنقاذه. انتهى بكِ الأمر بتلقّي الطعنة بدلًا منه!”
“لو لم أفعل ذلك لكان مات.”
“وماذا عن عندما طاردتِ الزنادقة؟ لقد شربتِ السم عمدًا مع أنكِ عرفتِ أنه فخ!”
“لو لم أفعل ذلك لما وجدنا قاعدتهم.”
“هذه هي المشكلة!”
لم يستطع لــو كتم صوته المرتفع فصرخ.
“لماذا لا تعتنين بنفسكِ؟ ماذا لو متِّ يومًا ما؟”
“لــو.”
حدّقت شارل في لــو المنفعل وقالت.
“أنا لا أخاف الموت.”
كان صوتها خاليًا من أيّ تردّد.
“إن كان إنجاز ما يجب عليّ فعله، للمَهمّة قد يتطلّب موتي، فسأفعل.”
“هل المَهمّة بهذه الأهمية؟”
“إنها أكثر أهميّةً مني.”
ارتعشت عيون لــو.
حدّق في شارل للحظة، ثم أدار رأسه بسرعةٍ ونهض.
“لقد أوقفتُ النزيف تقريبًا، ابقي هنا. سأحضر جنود الماركيز.”
“يمكنني النهوض والمشي …”
“ألم تقولي أن المَهمّة مُهِمّة؟”
قال لــو بنبرةٍ ساخرةٍ للغاية.
“عليكِ أن تلعبي دور الآنسة المسكينة التي تعرّضت لهجومٍ مفاجئٍ من قبل دخيلٍ اقتحم منزل الماركيز.”
قال وهو يضرب الخنحر الملقى على الأرض بقدمه.
“بهذه الطريقة يمكننا جعل الماركيز مدينًا لنا، أليس كذلك؟”
“……”
رمشت شارل عينيها ونظرت إلى لــو.
لم يكن كلام لــو خاطئًا.
بهذه الطريقة، سيكون الأمر أكثر فائدةً لمَهمّة جارديان، ولن يُكشَف اختراق كاتاكل.
في نهاية المطاف، يمكنها التضحية بنفسها دائمًا من أجل المَهمّة.
لكن لماذا بحق الإله لــو منزعجٌ هكذا؟
وكأنه لا يستطيع التحكم في مشاعره.
‘منذ البداية كان شخصًا لا يمكنني قراءة عقله.’
لماذا بحق خالق الأرض؟
عبست شارل، بينما كانت تحدّق في المكان الذي غادره لــو للتو، متأخّرةً وتمتمت.
“على أيّ حال، إنه غريبٌ حقًا.”
ماذا عساي أن نفعل؟
عليّ أن أتكيّف معه لأنني شخصٌ جيد.
لذا استلقت شارل في العشب وتظاهرت بالألم الشديد.
* * *
“يا إلهي! الآنسة شارل!”
صرخ الماركيز بايدن، الذي وصل متأخّرًا إلى الحديقة، مذعورًا.
“ما الذي حدث هنا؟”
بينما كنتُ أخرج من الغابة مدعومةً بلــو، أطرقتُ رأسي عمدًا وسعلتُ بخفّة.
“سمعتُ صوت طلقاتٍ ناريّةٍ فجأة … ذهبتُ لأرى، فوجدتُ شخصًا قد أُصيب. هربنا معًا… لكن ذلك الشخص…”
شحب وجه الماركيز في الحال. جعلتُ تعابير وجهي تبدو أكثر ذنبًا وتظاهرتُ بالبكاء.
“حاولتُ إيقاف المهاجم بطريقةٍ ما … أنا آسفةٌ حقًا…”
انحنيتُ ثم تمايلتُ عمدًا.
“شارل!”
عانقني لــو بحركةٍ مُبالِغٍ فيها. أرحتُ خديّ على صدره الصلب وتنفّستُ بسرعة.
“لا، لا! ليس هناك ما يجب أن تعتذري عنه، آنسة شارل! هذا خطأنا لعدم تأمين الحراسة جيدًا! سأُطلِق الجنود الآن! سنقبض على ذلك الوغد بأيّ طريقة!”
لقد اندهش الماركيز، الذي وقع في فخ تمثيلي، لدرجة أنه صرخ وقفز إلى أعلى وإلى أسفل غاضبًا.
“سأقبض على هذا الوغد وأجعله يركع أمام الآنسة شارل!”
هاه؟ تقدّم الماركيز نحوّي وهو يلتقط أنفاسه.
كما هو متوقع من شخصٍ كان في الجيش، كان له مظهرٌ جيد، لذلك رفعتُ رأسي بشكلٍ طبيعيٍّ ونظرتُ إليه.
“الآنسة شارل.”
ثنى ركبتيه قليلًا ونظر في عينيّ.
“لو لم تكوني هنا، لكان ذلك المهاجم قد اقتحم قاعة الحفلات.”
… لم يكن ليحدث ذلك.
لأن هدف أدريان الوحيد كان ثيميس.
“بفضلكِ، استطاع الجميع العودة بأمان. شكرًا جزيلًا لكِ.”
لكن لا يمكنني إنكار كلامه. لذا ابتسمتُ وهززتُ رأسي.
“لن أنسى تضحية الآنسة شارل هذه.”
لكن كلماته التالية كانت غريبةً بعض الشيء.
“سأخبر الجميع عن تضحيتكِ!”
لماذا تخبرهم؟
رفعتُ يديّ محاولةً إيقافه.
“لا، لا داعي …”
“شكرًا جزيلًا لكَ على كلماتك الكريمة، سعادتك.”
لكن لــو كان أسرع مني.
“عندما تخيّلتُ هذه الجسد الصغير الضعيف الهش يحاول إمساك المهاجم، انفطر قلبي … لكنني سعيدٌ لأن الخطر قد زال لحسن الحظ.”
تابع، بعينين حزينتين قاتمتين، وكتفين منخفضتين.
“أنا حقًا خطيبٌ فاشل.”
“هذا غير صحيح!”
هزّ الماركيز رأسه بتعاطفٍ مع لــو.
“كلاكما أشخاصٌ طيبونٌ جدًا! إنكما نموذج الفضيلة في هذا العصر!”
مَن قال فضيلة؟
لو طُلِب مني ذِكر شخصٍ لا يناسب كلمة ‘فضيلة’ أبدًا، لكان ذلك الشخص هو لــو …
شهقتُ وعبستُ.
“الآنسة شارل، شكرًا لكِ مرّةً أخرى، وأعتذر. لا أعرف كيف يمكنني رد الجميل، لكنني سأفكّر بطريقةٍ قريبًا.”
قال الماركيز وهو ينحني.
مع أن لــو كان مقزّزًا لاستغلاله الماركيز، ومع أنني أعرف أن كلّ هذا من فعل كاتاكل … إلّا
أن هناك إجابةٌ واحدةٌ فقط يمكنني تقديمها.
“بالنسبة لي… يكفيني أن الجميع قد عادوا إلى منازلهم سالمين.”
وهو تمثيل دور القديسة.
“أنا بخيرٍ حقًا.”
كح، كح، كح.
وبطبيعة الحال، لم أنسَ أن أسعل عمدًا!
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "13"