بصراحة، لم يُصدِّق لُــوفانتي ما كان يحدث.
وجوده مع شارل.
وإمساكه بيدها بعفوية.
بعد محادثةٍ قصيرة، سار الاثنان جنبًا إلى جنبٍ نحو منزل داميان.
لم يتبادلا أيّ كلمة.
مع ذلك، كانت أيديهما متشابكةً بإحكام. بعنايةٍ وحزم، كما لو أنهما لن يلتقيا مجددًا إن تركا بعضهما ولو للحظة.
نظر لُــوفانتي إلى شارل التي كانت تسير بجانبه.
شعرها الوردي الكثيف، وعيناها المستديرتان الصافيتان، وشفتاها اللتان انفرجتا دون أن ينطقا بكلمة.
كان وجهًا مألوفًا جدًا، ولكنه غريبٌ وثمينٌ بطريقةٍ ما، كما لو كان يراه لأوّل مرّة.
وجهٌ لطالما اشتاق إليه.
منذ اختفاء شارل، أصبح لُــوفانتي في حالةٍ يتنفّس فيها فقط.
لم يستطع الأكل، ولم يستطع النوم، ومهما قال أحد، لم يستطع الإنصات.
حتى الإمبراطور قال صراحةً ‘لا أظنّكَ في حالةٍ واعية’، فكان ذلك صحيحًا.
إن العالم بدون شارل ليس سوى قوقعةٍ بلا حياة.
لكن الآن، اختلف الأمر.
كانت شارل بجانبه.
تدفّق دفئها بين راحتيه، ووصل إلى قلبه.
وهكذا، اقتنع لُــوفانتي مجددًا.
أحبُّ شارل، أكثر بكثيرٍ مما كنتُ أظن – هكذا فكّر.
“شارل.”
بدأ بحذر.
“أعتذر مجددًا.”
رمشت شارل بحيرة.
أمالت رأسها قليلًا، كما لو كانت تسأله عما يقصد.
كان هذا التعبير محبّبًا للغاية، لدرجة أن لُــوفانتي بالكاد كتم ابتسامةً انتشرت لا إراديًا على وجهه.
“لقد أسأتُ الفهم … أنا آسف.”
حدّقت به شارل باهتمامٍ عند الاعتذار المفاجئ، ثم ابتسمت ابتسامةً خفيفةً وهزّ رأسه.
“هذا مفهوم. كان موقفًا واردًا جدًا سوء الفهم فيه.”
لكن لُــوفانتي كان مُصِرًّا.
“لا، لا أستطيع.”
خفض صوته، وكلماته أكثر صدقًا.
“بعد معرفة الحقيقة … لا تعرفين كم ندمتُ حقًا، وكم شعرتُ بالألم لما قلتُه.”
كرّر ذلك في نفسه.
كانت الكلمات القاسية التي سكبها على شارل تتردّد في أذنيه كلّ ليلة.
كلّما عادت إليه ذكريات إيذائه لها، مدفوعًا بالعاطفة، لم يعد يحتمل نفسه، حتى أنه كان يلوم نفسه.
أراد التكفير عن ذلك بطريقةٍ ما، لكنه لم يجد طريقة.
لهذا السبب، كانت هذه اللحظة معها إلى جانبه أثمن من أيّ ترف، وأدفأ من أيّ غفران.
“أنا آسف.”
اعتذر مرّةً أخرى بحذر.
عبست شارل قليلًا، ونظرت إليه، ثم ابتسمت.
“إذن يمكنكَ أن تُقدِّم لي هدية اعتذارٍ لاحقًا.”
“بالطبع سأفعل.”
أجاب لُــوفانتي بجدية.
“ماذا لو أردتُ شيئًا غاليًا؟”
“يمكنكِ اختيار الأغلى.”
ضحكت شارل ضحكةً خفيفةً وأدارت رأسها عند سماعها هذه الإجابة.
“يا للعبثية.”
ارتسمت ابتسامة شارل الصادقةببطء.
حذا لُــوفانتي حذوها.
كانت لحظةً من المودة والسكينة العميقة، نهايةً لصراعٍ طويل.
* * *
بعد أن انتهت المحادثة نوعًا ما، عدتُ أنا ولُــو إلى منزل داميان.
“… هذا الرجل سيئٌ حقًا.”
عبس بينكي بمجرّد أن رأى لُــو.
“أكرهه.”
“وأنا أيضًا… لستُ معجبًا به كثيرًا…”
استنشق داميان وأجاب.
“لكن لا مفرّ من ذلك … نحتاجه لمحاربة كاتاكل …”
كان داميان مُحقًّا.
فقط بتضافر جهود لُــوفانتي، الأمير، يُمكننا مواجهة كاتاكل والإمبراطورة التي تقف وراءه.
“لذا… حتى لو لم يُعجبني الأمر، فقط … سأعامله كما لو أنه غير موجودٍ وأتحمّل الأمر…”
“أنا أستمع.”
قال لُــو، وقد بدا عليه بعض الدهشة.
“ماذا تُريدني أن أفعل …”
أجاب داميان بإيجازٍ ودخل المطبخ. تبعه بينكي.
نظرتُ إلى لُــو.
“أتمنّى أن تتفهّم.”
ثم بدأتُ بحذر.
“شخصياتهم ليست لطيفة.”
هزّ لُـًو كتفيه وأجاب.
“حسنًا، لقد فعلتُ أشياءً تستحق النقد، فلا بأس.”
كانت هذه الإجابة مُفاجئةً بعض الشيء، لذا خفضتُ نظري قليلًا.
عادةً ما يكون حازمًا جدًا، لكنه أحيانًا يُذِلّ نفسه هكذا.
وهذا المنظر أزعجني بشكلٍ غريب.
“مع ذلك، سنرى بعضكنا البعض كثيرًا، لذا آمل أن تتحسّن علاقتنا.”
“لُــو.”
قاطعته.
“لا ينبغي أن نرى بعضنا البعض كثيرًا.”
عند هذه الكلمات، تجهّم وجه لُــو للحظة.
لكنني لم أتجنّب نظراته. كان هذا أمرًا لا بد من معالجته.
“من الآن فصاعدًا، سأفعل ما يأمرني به بايلور. عليّ أن أُريه أنني أُطيع أوامره.”
قوّيتُ صوتي، كما لو كنتُ أُقطع وعدًا على نفسي.
“لكن بايلور لن يثق بي.”
“…..”
“لذا، سيُرسل عملاءً لمُراقبتي بالتأكيد.”
مجرّد التفكير جعل بدني يقشعرّ.
“… هل تقولين إن اجتماعنا قد يُكتَشف؟”
تردّد لُــو للحظةٍ ثم سأل بحذر.
“نعم.”
أومأتُ برأسي.
أملتُ أن يتفهّم. لا، لا بأس إن لم يتفهّم. كان عليه أن يتقبّل الأمر.
“حسنًا، سأغادر الآن. أخطّط للبحث عن غرفةٍ لائقةٍ في نزلٍ والإقامة هناك.”
“لكن.”
بدأ لُــو بقول المزيد، لكنني تحدّثتُ قبله.
“لُــو.”
نظرتُ إليه وتحدّثتُ ببطء.
“يجب عليكَ أيضًا مراقبة الإمبراطورة داخل القصر الإمبراطوري.”
إذا كانت لديّ مَهمة، فللُــو دورٌ مماثل.
“…..”
توقّف للحظة، لكنني لم أتهرّب.
“على كلٍّ منا أن يقوم بدوره.”
في هذه اللحظة، غلب الواجب على العواطف.
“هااه…”
تنهّد لُــو تنهيدةً طويلة، ثم ابتسم بمرارةْ وأمال رأسه.
“إنه أمرٌ مثيرٌ للاهتمام حقًا.”
ثم تابع.
“يبدو أن شارل كانت أكثر عاطفية، وأنا كنتُ أكثر عقلانية …”
هذا جعلني أضحك للحظة، لأنني كنتُ أعرف تمامًا ما سيحدث لاحقًا.
“الآن الأمر معكوسٌ تمامًا.”
نعم.
لُــو عاطفيٌّ جدًا الآن، وأنا أكثر عقلانية.
“أعتقد أن ذلك لأنني أحبّ شارل أكثر.”
…… لا.
ليس هذا فقط.
بل لأن لديّ هدفًا واضحًا.
‘يجب أن أُنقذ لُــو.’
ويجب أن أتأكّد من أنه يستطيع ‘العيش بسلام’.
…..حتى لو لم أكن موجودة.
“سأفعل ما تقولينه.”
قال لُــو بهدوء.
“لكن، عندما ينتهي كلّ شيء.”
تقدّم نحوي وقبّل خدي. رفعتُ رأسي لأنظر إليه.
“أرجوكِ أخبرني.”
كان صوته منخفضًا.
“ما هي مشاعركِ الحقيقية؟”
قال، وعانقني بشدّة. شعرتُ بأنفاسه الدافئة ترتجف على شحمة أذني.
“هل تحبّينني حقًا؟”
“…..”
كان بإمكاني أن أجيبه الآن.
لكن …
لا أستطيع أن أمنحه أملًا كاذبًا، أليس كذلك؟
عندما تنتهي هذه الخطة، أنا …
‘قد أموت.’
لذا لم أقل شيئًا، عانقتُ لُــو بشدّةٍ.
شعرتُ أنني لن أنسى هذا العناق أبدًا.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات