“حسنًا.”
خفض لو بصره وشدّ قبضتيه قليلًا.
“لستُ رئيس الكهنة، لذا لا أعرف لماذا تصرّف بهذه الطريقة.”
بدت الابتسامة التي ارتسمت على شفتيه مُصطنعةً وغير طبيعية. حدّقتُ به بنظرةٍ فارغة، ثم أجبتُ ببطء.
“إذن أخبِرني برأيك.”
توقّف لُــو. ضيّق جفنيه قليلاً، وأخذ نفسًا عميقًا.
بدا تعبيره وكأنه يريد قول المزيد، لكن حلقه كان مُثقلًا بمشاعر لم يكن جاهزًا للتعبير عنها بعد.
“… أعتقد أنه لم يعد بحاجةٍ إلى الآثار؟”
“….”
عبستُ قليلًا.
“هل تعتقد ذلك حقًا؟”
رفع لُــو بصره أخيرًا. نظر إليّ وتنهّد بهدوء.
“وإلّا، لتوهّمتُ أن رئيس الكهنة كان يُحبّني كإبنه ويحميني.”
ابتسم بمرارة.
“هذا يجعلني أشعر بالأسف الشديد عليه.”
“….”
أخذتُ نفسًا عميقًا وزفرتُه ببطء.
أعرف الكثير عن لُــوفانتي إليانور.
أعرف، أكثر من أيّ شخصٍ آخر عداه، أيّ نوعٍ من الطفولة قضاها، وكيف نشأ تحت رعاية رئيس الكهنة إليانور.
لا بد أن الأمر كان صعبًا على لُــو.
مع مطالبة رئيس الكهنة له دائمًا بالارتقاء إلى مستوًى أعلى.
لذا لا بدّ أن لُــو ظنّ أن رئيس الكهنة لم يكن يحبّه.
ربما كان جزءًا من ذلك صحيحًا.
لكن …
بصراحة، لم أفهم.
إذا كان الوشم على جسد لُــو أثرًا مقدسًا.
إذا كان هو الأثر المقدّس الذي كانت المملكة المقدّسة تبحث عنه …
‘ألم يكن عليه أن يقبض على لُــو؟’
لكن رئيس الكهنة ترك لُــو.
ومع كلّ أطرافه سليمة، إذًا.
السبب الوحيد الذي خطر ببالي هو هذا.
“لا أعتقد أنه وهم.”
هززتُ رأسي وقلتُ.
“كان يهتم لأمرك.”
“… أنا؟”
“أجل. لهذا السبب لم يعتقلكَ رغم ذهابكَ إلى المملكة المقدسة وحدك، ولهذا السبب تركك رغم حملكَ للآثار المقدسة.”
لم يُجِب لُــو. تأملتُ تعبير وجهه وتابعتُ.
“ربما كان عليه قتلكَ عندما كنتَ صغيرًا، لكنه لم يفعل؟”
“….”
“لا أعرف الحقيقة، لكن لنفكّر في الأمر بهذه الطريقة.”
ثم وضعتُ يدي على ظهر يد لُــو. مسحتُ جلد يده الخشن قليلًا.
“سيكون ذلك جيدًا لكَ أيضًا، أليس كذلك؟”
رمش لُــو ببطء، ثم نظر إليّ.
“شارل.”
“ماذا؟”
“هل يمكنني معانقتكِ؟”
كانت كلمة ‘لا’ لتخرج من شفتيّ لا إراديًا.
لكن تعبير لُــو حزينًا جدًا لدرجة أنني لم أستطع الرفض.
‘وكأنه جروٌ مبتلٌّ تحت المطر، ماهذا.’
نقرتُ بلساني وأومأتُ برأسي.
“هذه المرةّ فقط.”
“حسنًا.”
عانقني لُــو. دفن وجهه في كتفي وأخذ نفسًا عميقًا. كان هناك يأسٌ في قبضته وهو يتمسّك بي بقوّة. حاولتُ تجاهله وظللتُ ساكنة، ساكنةً جدًا.
“….”
حرّك لُــو، الذي كان يمسكني هكذا لفترةٍ طويلة، جسده ببطء. ثم، ووجهه لا يزال مدفونًا في كتفي، حرّك شفتيه قليلاً.
“انتهى الأمر إذن.”
“نعم.”
“الآن يجب أن نذهب إلى القصر الإمبراطوري.”
“… همم.”
انقبض حلقي عند ذكر القصر الإمبراطوري، لكنني تمالكتُ نفسي.
في النهاية، كان عليّ الذهاب إلى هناك على أيّ حال. لديّ عملٌ هناك.
“شارل.”
في تلك اللحظة، رفع لُــو عينيه وسأل.
“شارل …”
وقعت عيناه الزرقاوان على عينيّ. رمش برموشه الطويلة، مستوعباً إياي.
“أليس لديكِ ما تقولينه لي؟”
للحظة، انقطعت أنفاسي. ‘ما تريدين قوله’ لا بد أنه يعني شيئاً عن هويتي. الآن وقد اقتربنا، عليكِ أن تخبريني بالحقيقة عن نفسكِ.
لكن ……
أترك لُــو ليتكهّن ويشكّ وحده، أو أن أقول الحقيقة كاملةً بنفسي.
من بين الخيارين، كان عليّ اختيار الأول بالطبع.
“لا.”
هززتُ رأسي بحزمٍ وقلت.
“ليس لديّ ما أقوله.”
أصبح تعبير لُــو غامضاً.
بدا حزيناً، أو ربما يشعر بالمرارة.
كان هناك حزنٌ عميقٌ يختبئ خلف وجهه الهادئ.
كانت نظرة شخصٍ يتخلّى عن حقيقةٍ لم يسمعها من شخصٍ لطالما رغب بالثقة به.
لكنه ابتسم بسرعةٍ وأجاب.
“نعم.”
كما لو أنه سيثق بي مجددًا، هكذا ببساطة.
كان الموقف لاذعًا بالنسبة لي
لكن لم يكن هناك ما أستطيع فعله.
‘إذا أخبرتُكَ الآن، سينتهي كلّ شيء.’
خشيتُ أن تنتهي هذه السعادة.
في اللحظة التي أقول فيها الحقيقة، سأضطرّ لمغادرة لُــو.
* * *
‘لقد عانقتُها.’
تمتم لو، وهو ينظر إلى يده بنظرةٍ فارغة.
‘لقد عانقتُ شارل.’
ولم يفرض نفسه على شارل، التي لم ترغب بذلك، ولكن بإذنها.
رفع بصره عن يده ونظر إلى منظر شارل، وهي نائمةٌ بجانبه بسلام.
كيف يمكن للنوم أن يكون جميلًا إلى هذا الحد؟
لم يستطع لُــو كبتَ ابتسامته التي كادت أن ترتسم على شفتيه، فضحك مجددًا.
بدت حدودها أكثر ضبابيةً من ذي قبل.
حتى أنها سمحت له بمعانقتها اليوم.
‘ربما …’
هل يُمكن لشارل أن تُصارحني أيضًا؟
هل يُمكنها أن تراني كرجل، قليلًا؟
‘إن كان الأمر كذلك.’
من الآن فصاعدًا …
تذكّر لُــو اللحظة التي قرّر فيها استعادة مكانته كأمير.
عندما صفعت الإمبراطورة شارل على وجهها.
عندما هدّدت الإمبراطورة بقتلها.
في ذلك الوقت، قرّر لُــو الاستيلاء على السلطة.
شعر أنه حينها فقط يُمكنه حماية شارل.
في النهاية، كان هذا الخيار هو الصحيح.
إذا دخل القصر مع شارل، فلن تكون في خطر. لا، حتى لو كانت في خطر، يُمكنه بسهولةٍ منعه. لذا …
‘لا.’
هذا عذر.
خطر بباله أن كلّ هذا ربما كان ذريعة، وأنه ببساطةٍ أراد أن يكون مع شارل.
الآن وقد كُشِف أنه الأمير.
شعر أنه إن لم يمسك يد شارل ويدخل القصر، فستتركه.
لهذا السبب ربما أجبر نفسه على البقاء معها.
تمتم لُــو بابتسامةٍ مريرة.
«أليس لديكِ ما تقولينه لي؟»
فجأة، عاد إلى ذهنه الحديث الذي دار بينه وبين شارل سابقًا.
ماذا قالت شارل آنذاك؟
«لا.»
«ليس لدي.»
أجابت بحزم، وكأنها تسأله عن سبب سؤاله هذا.
خفض لُــو بصره وابتسم بمرارة.
ربما كانت شارل عميلةً لكاتاكل.
وكانت تعلم أن لُــو لاحظ ذلك.
ولكن مع ذلك، لم تقل الحقيقة.
‘لماذا….؟’
ألا تثق بي؟
هل تظن أنني سأتركها إذا اكتشفتُ الحقيقة؟
في الحقيقة، لا أعرف السبب.
لماذا تحاول شارل بيأسٍ إخفاء هويتها …؟
‘لا بأس.’
كان بإمكانه الانتظار، سينتظر بهدوءٍ حتى تقول شارل الحقيقة بنفسه.
حاول مواساة نفسه بابتسامة.
في ذلك الوقت.
كووونغ!
بااانغ!
سُمع دويّ انفجارٍ هائلٍ من الخارج.
لم يكن هذا انفجارًا قريبًا.
بعيدًا.
لكن ليس بعيدًا جدًا.
‘ما هذا…؟’
نهض لُــو بحذرٍ حتى لا يوقظ شارل، وسار نحو النافذة.
ووش!
أدار رأسه مرّةً أخرى باتجاه الانفجار.
“هذا…”
تجمّدت عينا لُــو.
* * *
“أوو…”
تأوّهتُ وتقلّبتُ في فراشي.
لأنّني تقلّبتُ في فراشي طوال الليل بسبب أصواتٍ تشبه الرعد آتيةٌ من الخارج.
“لا، أكان هناك مَن يطلق ألعابًا ناريّة في منتصف الليل؟”
فتحتُ عينيّ بتثاؤبٍ طويل.
“لُــو. هل سمعتَ ذلك؟”
سألتُ لُــو، الجالس بجانبي، بالطبع. لكن لم يُجب. حينها فقط استدرتُ ورأيتُ المقعدَ فارغًا.
“همم؟”
إلى أين ذهب مجددًا؟
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات