“يا للأسف، يا آنسة. لقد أُمسِكتِ بالدوق الفظّ، ولم تُتَح لكِ فرصة الاستمتاع بأوّل حفلة رأس سنةٍ في الغرب كما ينبغي.”
اقترب جيرارد مِن ليتيسيا مناديًا إيّاها بلقب الآنسة كما يفعل أمام النبلاء، بخلاف ما يفعله أمام زملائه حيث يناديها بـ آنسة ليتيسيا.
“من الآن فصاعدًا، سأقوم أنا بمرافقة صاحب السموّ. أمّا أنتِ يا آنسة، فاستمتعي بالحفلة قليلاً. الآنسة مانسفيلد والسيد ميندل بانتظارك هناك.”
مانسفيلد هو لقب كارينا، وميندل هو لقب أندراس. يبدو أنَّ بعض المساعدين مِن أصولٍ نبيلة حضروا الحفلة أيضًا.
“أنا أفضّل أنْ تبقى الآنسة إلى جانبي بدلًا مِن جيرارد.”
“حتى الأطفال الصغار يعلمون أنَّ الانتقاء أمرٌ غير مُستحبّ، فكيف يُمكن لصاحب السمو أنْ يتصرف هكذا؟”
كانت ليتيسيا تشعرُ بثقل الحفلة قليلًا، لذَلك لم ترفض عرض جيرارد اللطيف وتراجعت بهدوء.
“آنسة!”
ما إنْ ابتعدت ليتيسيا عن إيمريك حتى اقترب منها أندراس وكارينا وهما يُحيّيانها.
“تبدين رائعةً اليوم. لم أصدق أنكِ نفس السيدة التي كانت تربط شعرها عاليًا وتعمل في قاعة الاجتماعات في القصر الغربي.”
“وأنتَ أيضًا تبدو رائعًا اليوم، يا سيد ميندل.”
“هاهاها، هل أبدو كإنسانٍ الآن؟ لقد كنتُ نائمًا في المنزل حتى قبيل الحفلة مُباشرةً.”
“وأنتِ أيضًا، يا قائدة كارينا، أو بالأحرى يا آنسة مانسفيلد، تبدين جميلة اليوم!”
“ناديني بما يحلو لكِ. في الواقع، أصبحتُ غريبةً عن لقبي النبيل هذه الأيام. لا أعرف السحر، لكنني أصبحتُ واحدةً من طاقم البرج الأحمر.”
كان المساعدون في قصر الدوق، بما فيهم كارينا وأندراس، قد اعتادوا بالفعل على طريقة إيمريك في تقدير ليتيسيا، فلم يروا حضورها معه كأمرٍ غريب على الإطلاق.
بفضل تصرفهم الطبيعي والمألوف، شعرت ليتيسيا بالراحة.
ومع تراجع التوتر، بدأت تشعرُ بالجوع مُجددًا.
“ما المشروب الحلو الذي يُنصح به لترطيب الحلق؟”
“مشروب؟! لقد لاحظتُ أنّكِ لم تأكلي شيئًا طوال الوقت بجانب الدوق. تعالي، سأرشدكِ إلى الأطعمة اللذيذة.”
نظرًا لحرص النبلاء على المظهر، فإنَّ الطعام في الحفلة اقتصر على اطعمةسهلة الأكل، لكنّ طعمه ومكوناته كانت تضاهي أشهى الأطباق.
“ذَلك الداكواز، لا أعرف نوع الشوكولاتة المستخدمة فيه، لكن النكهة رائعة.”
‘كنتُ لا أتناول شيئًا في حفلات العاصِمة، فقط أرطّب حلقي بمشروبٍ خفيف.’
لم يكُن أحدٌ يكلّف نفسه عناء الحديث معها.
في حفلات العاصمة، كانت ليتيسيا دائمًا في موقعٍ غريب كزوجة مركيز مترددة، جالسةً في ركنٍ منعزل بانتظار انتهاء الوقت.
لكن هنا، حيث وجدت مَن يُحادثها ويضحك معها، بدأ الشعور بالجوع يُراودها. لم لا تتذوق القليل مِما يُنصح به؟
ومع ازدياد الارتياح، بدأت تلاحظ المزيد حولها.
‘يبدو أنْ المقبلات مِن نوع الكانابيه تحظى بشعبيةٍ كبيرة بسبب المشروبات.’
‘فساتين الغرب أكثر انفتاحًا مِن تلكَ في العاصمة، وربّما بسبب بداية السنة، فإنَّ الجميع يرتدون لآلئ.’
وأثناء تناولها بعض الطعام وتبادلها الحديث مع زملائها المساعدين، تعرفت أيضًا على بعض النبلاء مِن معارفهم.
“آنسة لوبيز، هَذهِ الآنسة ايشيا من عائلة الكونت نوديا. لديها هوايةٌ فريدة: ركوب الجمال.”
“أوه، كارينا، إنها مجرد هوايةٍ تعكس طابع المنطقة، لا أكثر.”
“ركوب الجمال؟ أتمنى أنْ أراه ذات يوم!”
“ليس بالأمر الصعب. إنْ وافقتِ، سأرسل لك دعوةً لشرب الشاي لاحقًا، وأعرّفكِ على جملي الظريف ‘ناق ناق’.”
“أنا أعمل في البرج الأحمر خلال أيام الأسبوع، لذَلك وقتي ضيّق، لكن في عطلة نهاية الأسبوع أكون متفرغة. سأنتظر دعوتكِ!”
“حسنًا، تعالي مع كارينا.”
“آه، هَذا! هل تودّين رؤية وجه رئيسكِ في العمل في عطلة نهاية الأسبوع؟”
“أوه، أعتذر! زلّةُ لسان. تعالي لوحدكِ، يا آنسة.”
“لا بأس! فالقائدة كارينا حازمةٌ في العمل، لكنها حنونة وتراعي الآخرين.”
“آه، هَكذا إذا! هَذا ما يُسمّى بالسلوك الصحيح عندما تكون في حفلة مع رئيسكِ في العمل. مُمتاز. أعطيكِ 99 من 100.”
ضحك الجميع على دعابة أندراس.
ولأوّل مرّةٍ في حياتها، شعرت ليتيسيا أنَّ الحفلة مُمتعة.
فالحفل الذي تُشارك فيه مع أناس طيبين وتضحك معهم لا بد أنْ يكون ممتعًا.
‘لو لم آتِ إلى الغرب، لما كنتُ لأعرف طعم هَذا النوع مِن المرح طوال حياتي.’
بعد أن تركت ليتيسيا جانبه، تغيّر إيمريك إلى طبعه المعتاد في الحفلات وبدأ يتعامل مع النبلاء بشكلٍ رسمي بارد، لكنّ نظره وقع على ليتيسيا في الطرف الآخر وهي تضحك بسعادةٍ مع زملائها.
بدت سعيدة.
وكان هَذا تأكيدًا لكلام جيرارد أنّها بدأت تشعرُ بثقل في الحفلة.
نظر إيمريك إلى جيرارد بنظرةٍ معقدة، فسأله جيرارد بوجهٍ متجهم:
“ما الأمر؟”
“……ألستَ مِن قلت إنّكَ لم تعِش تجربة الحبّ مِن قبل؟”
“وهل يجبُ أنْ يُحبّ الإنسان ليُدرِك هَذهِ الأمور؟ باستثناء شخصٍ فريدٍ مثلك، مِن الطبيعي أنْ يجد الناس صعوبةً في تحمّل هَذا النوع مِن الضغط. والغريب أنّك تكون في قمة البرود في مثل هَذهِ المواقف.”
“طالما أنّني في قمة البرود، فامنحني نصائح جيّدةٍ لاحقًا، حسنًا؟”
“إذا لم تختر ما تسمعه، فسأفكر بالأمر.”
وهَكذا مرّ أوّل أيام حفلة رأس السنة، مًحمّلاً للّيتيسيا بتجارب وذكريات جديدة.
وكان لزامًا على الدوق أنْ يظهر مجددًا في اليوم الثاني مِن الحفل ويؤدي الرقصة الافتتاحية، نظرًا لأنّ نبلاء المناطق الحدودية غالبًا لا يحضرون إلا في اليوم الأخير مِن الحفل.
وبما أنها خاضت التجربة مِن قبل، فقد كانت رقصة ليتيسيا في اليوم الثاني أكثر سلاسة وطبيعية.
لكن كلما زاد ارتياحها، ازدادت أفكارها تشعبًا.
‘…هَذا الغريب كيف يُمكن أن تكون الرقصات مثيرةً بهَذا الشكل.’
رُبما بسبب طبيعة الفالس التي تتطلب العناق والدوران السريع، لكن التلامس الجسدي كان طبيعيًّا وملحوظًا.
مهما كانت علاقتها بإيمريك وطيدة، لم يكُن مِن الممكن لمس خصره أو أن يضع يده على خصرها خارج إطار الرقصة.
ناهيك عن احتكاك الأرجل الخفيف أثناء الرقص.
ومع هذه الأفكار، احمرّ وجهها طوال الرقصة.
“غريب، لقد رقصتِ أفضل مِن الأمس، لكنكِ تخجلين كثيرًا!”
“أصلاً أنا خجولةٌ بطبعي!”
“مستحيل! مَن يخجل لا يرفع صوته بهَذهِ الطريقة!”
ويبدو أنّ إيمريك لاحظ ارتباكها، فقال مُمازحًا بنبرةٍ مرحة، وكأنّه كشف أمرها السريّ، فارتجف قلبها خجلًا.
“بالمناسبة، ما رأيكِ أنْ نتهرّب قليلًا اليوم؟”
ثم اقترب مِن أذنها وكأنّه يرتكبُ جريمة، وهمس بصوتٍ خافت.
“نهرب؟”
“هل تظنين أنَّ تلنبلاء وحدهم مَن يحتفل بالسنة الجديدة؟ عامّة الناس أيضًا يحتفلون بطريقتهم. في هَذهِ اللحظة، هناك سوقٌ ليلي في ساحة غراديل المركزية، وحفلٌ تنكري خارجي كذَلك.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 45"